الفصل التاسع والعشرون

النمط الرباعي

حينما تكوِّن تقييمًا شاملًا لشيء معقد — سيارة قد تشتريها، أو صهرك، أو موقف غير واضح — فإنك تخصص قيمة أو قدرًا لسماته. وتلك مجرد طريقة أخرى للقول بأن بعض السمات تؤثر على تقييمك أكثر من الأخرى. وتحدث عملية تحديد المقدار سواء أكنت واعيًا بها أم لا؛ فهي عملية من عمليات النظام ١. وقد يضفي تقييمك العام لسيارة قيمة أقل أو أكبر على مقدار ما توفره في استهلاك الوقود، أو الراحة، أو الشكل. وقد يعتمد حكمك على صهرك بشكل أكبر أو أقل على مدى ثرائه، أو وسامته، أو موثوقيته. بالمثل، يخصص تقييمك لاحتمال غير مؤكد مقادير للنتائج المحتملة. ولا شك أن القيمة أو القدر يتلازم مع احتمالات وقوع هذه النتائج: فوجود احتمال ٥٠٪ للفوز بمليون دولار أكثر إغراء بكثير من احتمال ١٪ للفوز بنفس المبلغ. وأحيانًا ما يكون تخصيص المقدار متعمدًا وعن وعي. غير أنك في أغلب الأحيان تكون مجرد مراقب لتقييم عام يقوم به نظامك العقلي رقم ١.

تغير الفرص

أحد أسباب شهرة استعارة المراهنة في دراسة صناعة القرار أنها تقدم قاعدة طبيعية لتخصيص أوزان نتائج أي احتمال: فكلما زاد احتمال نتيجة ما، ازداد الوزن الذي يفترض أن تحوزه هذه النتائج. والقيمة المتوقعة لرهان ما هو متوسط نتائجه، والتي يقيَّم كل منها باحتمالية حدوثها. على سبيل المثال، القيمة المتوقعة ﻟ «احتمال بنسبة ٢٠٪ للفوز بألف دولار واحتمال بنسبة ٧٥٪ للفوز بمائة دولار» هي ٢٧٥ دولارًا. في عصر ما قبل برنولي، كانت المراهنات تقيَّم بقيمتها المتوقعة. وقد احتفظ برنولي بهذه الطريقة لتخصيص قِيَم للنتائج، وهو ما يعرف بمبدأ التوقع، ولكنه طبقه على القيمة السيكولوجية للنتائج. فمنفعة أي مراهنة في نظريته هي متوسط منافع نتائجها، والتي يُقدَّر كل منها باحتمال حدوثها.

ولا يصف مبدأ التوقع بشكل صحيح الكيفية التي تفكر بها في الاحتمالات المرتبطة بالتوقعات المحفوفة بالمخاطر. في الأمثلة الأربعة التالية، تتحسن فرصك في الحصول على مليون دولار بنسبة ٥٪. فهل هذا النبأ يعد سارًّا بنفس القدر في كل حالة؟

  • (أ)

    من ٠ إلى ٥٪.

  • (ب)

    من ٥٪ إلى ١٠٪.

  • (جـ)

    من ٦٠٪ إلى ٦٥٪.

  • (د)

    من ٩٥٪ إلى ١٠٠٪.

يؤكد مبدأ التوقع أن منفعتك تزداد في كل حالة بنسبة ٥٪ بالضبط من المنفعة المرتبطة بالحصول على مليون دولار. هل هذا التنبؤ يصف تجاربك؟ بالطبع لا.

يتفق الجميع على أن ٠ ← ٥٪ و٩٥٪ ← ١٠٠٪ أكثر تأثيرًا من ٥٪ ← ١٠٪، أو ٦٠٪ ← ٦٥٪. فزيادة الفرص من صفر إلى ٥٪ من شأنها تغيير الموقف، مما يخلق احتمالية لم تكن قائمة مسبقًا؛ ألا وهي تمني الفوز بالجائزة. إنه تغيير نوعي، فيما تعتبر الزيادة من ٥٪ إلى ١٠٪ مجرد تحسن كمي. فالتغير من ٥٪ إلى ١٠٪ يضاعف احتمالية الفوز، ولكن هناك اتفاقًا عامًّا على أن القيمة السيكولوجية للتوقع لا تتضاعف. والتأثير الكبير للتغير من ٠ ← ٥٪ يوضح «تأثير الإمكانية»، والذي يؤدي إلى تقييم النتائج المستبعدة إلى حد كبير بشكل غير متكافئ أكثر مما «تستحق». فالأشخاص الذين يشترون تذاكر يانصيب بمبالغ ضخمة، إنما يظهرون أنفسهم على أنهم على استعداد لدفع أكثر بكثير من القيمة المتوقعة مقابل فرص محدودة للغاية للفوز بجائزة ضخمة.

ويعد التحسن من ٩٥٪ إلى ١٠٠٪ تغييرًا نوعيًّا آخر له تأثير كبير، ويسمى «تأثير اليقين». فالنتائج التي تكون شبه مؤكدة تُعطى قدرًا أقل مما تبرره احتمالية تحققها. ولتقدير تأثير اليقين، تخيل أنك قد ورثت مليون دولار، ولكن أختك غير الشقيقة الجشعة شككت في الوصية أمام المحكمة. ومن المتوقع صدور القرار غدًا. يطمئنك محاميك أن موقفك في القضية قوي وأن فرصتك في الفوز تبلغ ٩٥٪، ولكنه تجشم عبء تذكيرك بأن القرارات القضائية لا يمكن التكهن بها بشكل يقيني تمامًا. والآن تتواصل معك شركة لإدارة المخاطر وتعرض عليك شراء قضيتك فورًا مقابل ٩١٠ ألف دولار؛ ولتقبل العرض أو ترفضه. إن العرض أقل (ﺑ ٤٠ ألف دولار) من القيمة المتوقعة لانتظار الحكم (وهي ٩٥٠ ألف دولار)، ولكن هل أنت على يقين تام من أنك سترغب في رفضه؟ إذا كنت تمر بمثل هذا الحدث في حياتك، فلا بد أن تعرف أن هناك مجالًا كبيرًا من «التسويات المنظمة» يتواجد ليمنحك اليقين مقابل سعر باهظ، وذلك بالاستفادة من تأثير اليقين.

إن للاحتمالية واليقين تأثيرات على نفس الدرجة من القوة على صعيد الخسائر. حين يخضع أحد أحبائك لجراحة، فإن نسبة ٥٪ أن يكون هناك ضرورة لإجراء بتر تعد نسبة سيئة للغاية، بل إنها أسوأ بكثير من نصف نسبة خطورة قدرها ١٠٪. فبفضل تأثير الإمكانية، نميل لإعطاء قيمة أكثر من اللازم للمخاطر الصغيرة، ونكون على استعداد لدفع أكثر بكثير من القيمة المتوقعة للتخلص منها كلية. ويبدو الفارق السيكولوجي بين نسبة خطورة قدرها ٩٥٪ لوقوع كارثة وتأكد وقوع الكارثة أكبر كثيرًا؛ فتبدو ذرة الأمل في إمكانية أن يظل كل شيء على ما يرام ضخمة للغاية. والمبالغة في تقدير الاحتمالات من شأنها أن تزيد جاذبية كل من المراهنات ووثائق التأمين.

والخلاصة بسيطة وواضحة: إن أوزان القرار التي يوليها الأشخاص للنتائج لا تتطابق مع احتمالات تحقق هذه النتائج، على عكس مبدأ التوقع. فالنتائج بعيدة الاحتمال تُعطى أهمية مبالغًا فيها؛ وهذا هو تأثير الإمكانية. أما النتائج التي تكون شبه مؤكدة، فتبخس قيمتها بالنسبة لقطعيتها الفعلية؛ وهكذا يكون «مبدأ التوقع»، الذي توزن فيه القيم بمدى احتماليتها، بمثابة سيكولوجية هزيلة.

غير أن الأمر يزداد صعوبة وتعقيدًا؛ نظرًا لوجود حجة قوية تفيد بأن صانع القرار الذي يرغب في أن يكون عقلانيًّا «يجب» أن يعمل وفقًا لمبدأ التوقع. وكانت هذه هي الفكرة الأساسية للنسخة البديهية من نظرية المنفعة التي قدمها فون نيومان ومورجنستيرن في عام ١٩٤٤. فقد أثبتا أن أي تقدير لنتائج غير مؤكدة لا تتناسب بشكل صارم مع احتمالية وقوعها يؤدي إلى تضاربات وكوارث أخرى. وقد اعتُبر على الفور اشتقاقهما لمبدأ التوقع من بديهيات الاختيار العقلاني إنجازًا ضخمًا، كان من شأنه أن وضع نظرية المنفعة المتوقعة في قلب نموذج الفاعل العقلاني في علم الاقتصاد وغيره من العلوم الاجتماعية الأخرى. وبعد ذلك بثلاثين عامًا، حينما أطلعني عاموس على عملهما، قدمه كشيء مهيب. كذلك أطلعني على تحدٍّ شهير لتلك النظرية.

مفارقة آليه

في عام ١٩٥٢؛ أي بعد بضع سنوات من نشر نظرية فون نيومان ومورجنستيرن، عقد اجتماع في باريس لمناقشة اقتصاد المخاطرة، حضره العديد من أشهر علماء الاقتصاد آنذاك. كان من بين الضيوف الأمريكيين بول صامويلسون، وكينيث آرو، وميلتون فريدمان، الذين حصلوا على جائزة نوبل فيما بعد، وكذلك عالم الإحصاء البارز جيمي سافاج.

كان من بين منظمي اجتماع باريس موريس آليه، الذي حصل أيضًا على جائزة نوبل بعد بضع سنوات. كان آليه يحمل شيئًا في جعبته، عبارة عن بضعة أسئلة عن الاختيار قام بتقديمها لجمهوره المتميز. في إطار هذا الفصل، عزم آليه على توضيح أن ضيوفه كانوا معرضين لتأثير اليقين، ومن ثم انتهكوا نظرية المنفعة المتوقعة وبديهيات الاختيار العقلاني التي ترتكز عليها تلك النظرية. والمجموعة التالية من الاختيارات هي عبارة عن نسخة مبسطة من اللغز الذي وضعه آليه. في الإشكاليتين (أ) و(ب)، أيهما ستختار؟

  • (أ)

    احتمال ٦١٪ للفوز ﺑ ٥٢٠ ألف دولار أم احتمال ٦٣٪ للفوز ﺑ ٥٠٠ ألف دولار.

  • (ب)

    احتمال ٩٨٪ للفوز ﺑ ٥٢٠ ألف دولار أم احتمال ١٠٠٪ للفوز ﺑ ٥٠٠ ألف دولار.

إذا كنت مثل معظم الآخرين، فقد فضلت الخيار الأول في الإشكالية (أ)، وفضلت الخيار الثاني في الإشكالية (ب). إذا كانت هذه هي تفضيلاتك، فقد ارتكبت خطأ منطقيًّا وانتهكت قواعد الاختيار العقلاني. وقد ارتكب الاقتصاديون اللامعون المجتمعون في باريس خطايا مشابهة في نسخة أكثر تعقيدًا من «مفارقة آليه».

لمعرفة سبب إشكالية هذه الاختيارات، تخيل أن النتيجة سوف تتحدد عن طريق سحب عشوائي من جرة تحتوي على ١٠٠ كرة؛ بحيث تفوز إذا قمت بسحب كرة حمراء، وتخسر إذا سحبت كرة بيضاء. في الإشكالية (أ)، يفضل جميع الأشخاص تقريبًا الجرة الأولى، على الرغم من أنها تحتوي على عدد أقل من الكرات الحمراء الفائزة؛ لأن الفارق في حجم الجائزة أكثر تأثيرًا من الفارق في فرص الفوز. أما الإشكالية (ب)، فتختار أغلبية كبيرة الجرة التي تضمن مكسبًا بقيمة ٥٠٠ ألف دولار. علاوة على ذلك، فإن الأشخاص يشعرون بمزيد من الارتياح مع كلا الاختيارين إلى أن يتم إخضاعهم للمنطق الحاكم للإشكالية.

قارن بين الإشكاليتين وسوف ترى أن الجرتين في الإشكالية (ب) تعدان نسختين أكثر إيجابية من الجرتين في الإشكالية (أ)، حيث يستعاض ﺑ ٣٧ كرة بيضاء عن الكرات الحمراء الفائزة في كل جرة. ومن الواضح أن التحسن الذي طرأ على الخيار الأول يفوق التحسن الذي طرأ على الخيار الثاني، بما أن كل كرة حمراء تمنحك فرصة للفوز ﺑ ٥٢٠ ألف دولار في الخيار الأول، و٥٠٠ ألف دولار فقط في الخيار الثاني. لذا فقد بدأت في الإشكالية الأولى بتفضيل الخيار الثاني، وهذا الخيار تحسن أكثر من الخيار الثاني؛ ولكنك الآن لا تزال تفضل الخيار الثاني! وهذا النمط من الاختيارات ليس منطقيًّا، ولكن هناك تفسيرًا سيكولوجيًّا متاحًا: تأثير اليقين. ففارق اﻟ ٢٪ بين احتمال ١٠٠٪ واحتمال ٩٨٪ للفوز في الإشكالية (ب) أعلى تأثيرًا من نفس الفارق بين ٦٣٪ و٦١٪ في الإشكالية (أ).

وكما توقع آليه، لم يلاحظ المشاركون المحنكون في الاجتماع أن تفضيلاتهم قد انتهكت نظرية المنفعة حتى لفت انتباههم إلى تلك الحقيقة مع اقتراب الاجتماع من نهايته. وقد عزم آليه على أن يكون هذا الإعلان بمثابة قنبلة: منظرو القرار الأبرز في العالم لم تتسق تفضيلاتهم مع رؤيتهم للعقلانية! لقد كان يؤمن بشكل واضح بأن جمهوره سوف يقتنع بالتخلي عن المنهج الذي أسماه «المدرسة الأمريكية» كنوع من الازدراء، وتبنى منطقًا بديلًا للاختيار قام هو بتطويره. وكان على وشك أن يصاب بخيبة أمل مريرة.

تجاهل الاقتصاديون الذين لم يكونوا متحمسين لنظرية القرار في أغلب الأحيان معضلة آليه، وكما يحدث غالبًا عند تحدي نظرية تم تبنيها على نطاق واسع ووُجد أنها مفيدة، أشاروا إلى المشكلة باعتبارها انحرافًا، واستمروا في استخدام نظرية المنفعة المتوقعة وكأن شيئًا لم يحدث. في المقابل، أخذ منظرو نظرية القرار — وهم مجموعة مختلطة من علماء الإحصاء، والاقتصاديين والفلاسفة وعلماء النفس — تحدي آليه بجدية بالغة. وعندما بدأت العمل أنا وعاموس، كان من بين أهدافنا الأولية تطوير تفسير سيكولوجي مُرضٍ لمفارقة آليه.

تمسك معظم منظرو نظرية القرار، ومن بينهم آليه، بإيمانهم بالعقلانية البشرية، وحاولوا لَيَّ قواعد الاختيار العقلاني ليجعلوا نموذج آليه سائغًا. وعلى مدار السنوات كانت هناك محاولات متعددة لإيجاد تبرير معقول ومنطقي لتأثير الإمكانية، إلا أن أيًّا منها لم يكن مقنعًا. ولم يكن لدى عاموس وفرة من الصبر على هذه المحاولات؛ فأطلق على المنظرين الذين حاولوا تبرير انتهاكات نظرية المنفعة «محامين للمضلَّلين». ومضينا في اتجاه آخر؛ إذ احتفظنا بنظرية المنفعة كمنطق للاختيار العقلاني، ولكن مع التخلي عن فكرة أن الناس يقومون باختياراتهم على نحو عقلاني تمامًا. وأخذنا على عاتقنا مهمة وضع نظرية سيكولوجية، من شأنها أن تصف الاختيارات التي يتخذها الناس، بغض النظر عما إذا كانت عقلانية أم لا. ففي نظرية التوقع لا تتطابق أوزان القرارات مع الاحتمالات.

أوزان القرارات

بعد عدة أعوام من نشرنا لنظرية التوقع، أجريت أنا وعاموس دراسة قمنا خلالها بقياس أوزان القرارات التي تفسر تفضيلات الأشخاص بالنسبة للمراهنات ذات المخاطر النقدية المتواضعة. وتقديرات المكاسب موضحة في الجدول ٢٩-١.
جدول ٢٩-١
الاحتمالية (٪) ٠ ١ ٢ ٥ ١٠ ٢٠ ٥٠ ٨٠ ٩٠ ٩٥ ٩٨ ٩٩ ١٠٠
وزن القرار ٠ ٥٫٥ ٨٫١ ١٣٫٢ ١٨٫٦ ٢٦٫١ ٤٢٫١ ٦٠٫١ ٧١٫٢ ٧٩٫٣ ٨٧٫١ ٩١٫٢ ١٠٠

بوسعك أن ترى أن أوزان القرارات مطابقة للاحتمالات الموازية في الأطراف: فكلاهما يساوي صفرًا حين تكون النتيجة مستحيلة، وكلاهما يساوي ١٠٠ حين تكون النتيجة شيئًا مؤكدًا. غير أن أوزان القرارات تنحرف بشكل حاد عن الاحتمالات بالقرب من هذه النقاط. ففي الطرف الأدنى نجد تأثير الإمكانية، حيث الأحداث المستبعدة مبالغ في قيمتها بشكل ملحوظ. على سبيل المثال، وزن القرار الذي يوازي احتمال نسبته ٢٪ يساوي ٨٫١. ولو التزم الناس ببديهيات الاختيار العقلاني، لصار وزن القرار ٢؛ ومن ثم فإن الحدث النادر يبالغ في تقدير وزنه بعامل قيمته ٤. وتأثير اليقين على الطرف الآخر من ميزان الاحتمالية أكثر إثارة للدهشة. فخطورة «عدم» الفوز بالجائزة بنسبة ٢٪ تقلل من منفعة المراهنة بنسبة ١٣٪ من ١٠٠ إلى ٨٧٫١.

ولتقدير التباين بين تأثير الإمكانية وتأثير اليقين، تخيل أولًا أن لديك فرصة ١٪ للفوز بمليون دولار، وسوف تعرف النتيجة غدًا. والآن، تخيل أنك على يقين شبه تام من أنك فائز بمليون دولار، ولكن هناك فرصة ١٪ أنك لن تفوز، مرة أخرى سوف تعلم النتيجة غدًا. إن القلق الذي يخلفه الموقف الثاني يبدو أكثر جلاءً من الأمل في الموقف الأول. كذلك يكون تأثير اليقين أكثر صدمة من تأثير الإمكانية، إذا كانت النتيجة تتمثل في كارثة جراحية وليس مكسبًا ماليًّا. قارن الحدة التي تركز بها على الأمل الضئيل في عملية جراحية مميتة بشكل شبه مؤكد، مقارنة بالخوف من نسبة خطورة قدرها ١٪.

إن اتحاد تأثير اليقين وتأثيرات الاحتمالية على طرفي ميزان الاحتمالية مصحوب حتمًا بحساسية غير كافية للاحتمالات الوسطى الكائنة بينهما. يمكنك أن ترى أن مجموعة الاحتمالات بين ٥٪ و٩٥٪ تقترن بمجموعة أصغر كثيرًا من أوزان القرار (١٣٫٢ إلى ٧٩٫٣)؛ أي ما يعادل حوالي ثلثي ما هو متوقع بشكل عقلاني. وقد أكد علماء الأعصاب هذه الملاحظات من خلال إيجاد مناطق بالمخ تستجيب للتغيرات في احتمالية الفوز بجائزة ما، علمًا بأن استجابة المخ لتغيرات الاحتمالات مشابهة بشكل مدهش لأوزان القرارات المقدرة من الاختيارات.

وتعد الاحتمالات بالغة الانخفاض أو الارتفاع (أقل من ١٪ أو أعلى من ٩٩٪) حالة خاصة. فمن الصعب تخصيص وزن قرار فريد من نوعه للأحداث بالغة الندرة؛ لأنها أحيانًا ما يتم تجاهلها كليًّا، بل إنها تمنح وزن قرار قيمته صفر. على الجانب الآخر، حينما لا تتجاهل الأحداث بالغة الندرة، سوف تبالِغ في تقدير أهميتها بالتأكيد. إن معظمنا يقضي أقل القليل من الوقت في القلق بشأن حوادث المفاعلات النووية، أو الاستغراق في خيالات الإرث الضخم الذي سنرثه من أقارب مجهولين لنا. غير أنه حين يصبح حدث مستبعد هو مركز انتباهنا، سوف نوليه وزنًا أكثر بكثير مما تستحق احتمالية وقوعه. علاوة على ذلك، يتسم الناس ببلادة شبه تامة تجاه تغيرات المخاطرة داخل إطار الاحتمالات الصغيرة. فنسبة تعرض لخطر السرطان تقدر ﺑ ٠٫٠٠١٪ لا يتم تمييزها بسهولة عن نسبة خطورة ٠٫٠٠٠٠١٪، على الرغم من أن الأولى تترجم إلى ٣٠٠٠ حالة سرطان بالنسبة لسكان الولايات المتحدة، فيما تترجم الأخيرة إلى ٣٠.

•••

حين تولي انتباهك لتهديد ما، يساورك القلق؛ وتعكس أوزان القرارات مدى قلقك. فنظرًا لتأثير الإمكانية، لا يتناسب القلق مع احتمالية وقوع التهديد. ولا يكفي الحد من التهديد أو تخفيف وطأته؛ فلكي يتم التخلص من القلق، لا بد من خفض احتمالية التهديد إلى صفر.

السؤال الوارد أدناه مقتبس من دراسة عن عقلانية تقديرات المستهلك للمخاطر الصحية، نشرها فريق من علماء الاقتصاد في الثمانينيات من القرن الماضي. كان استطلاع الرأي موجهًا لآباء أطفال صغار.

افترض أنك تستخدم حاليًّا مبيد حشرات يكلفك ١٠ دولارات للزجاجة، ويسفر عن ١٥ حالة تسمم عن طريق استنشاقه، وتسمم ١٥ طفلًا لكل ١٠٠٠٠ زجاجة من مبيد الحشرات يتم استخدامها.

ثم تعرف بوجود مبيد حشري أغلى ثمنًا يقلل كلًّا من الخطرين إلى ٥ لكل ١٠٠٠٠ زجاجة. كم ستكون على استعداد لدفعه كمقابل له؟

كان الآباء على استعداد لدفع ٢٫٣٨ دولار إضافية، في المتوسط؛ للحد من المخاطر بنسبة الثلثين؛ من ١٥ لكل ١٠٠٠٠ زجاجة إلى ٥. وكانوا على استعداد لدفع ٨٫٠٩؛ أي ثلاثة أضعاف، للتخلص من الخطر نهائيًّا. وقد أظهرت أسئلة أخرى أن الآباء تعاملوا مع الخطرين (تسمم الأطفال والتسمم عن طريق الاستنشاق) كمخاوف منفصلة، وكانوا على استعداد لدفع مبلغ إضافي للتخلص التام من كلا الخطرين إذا كان ذلك أكيدًا. وتلك الزيادة تتوافق مع سيكولوجية القلق، ولكن ليس مع النموذج العقلاني.

النمط الرباعي

حين بدأت أنا وعاموس العمل على نظرية التوقع، سرعان ما توصلنا إلى استنتاجين: أن الناس يلحقون قيمًا بالمكاسب والخسائر وليس بالثروة، وأن أوزان القرار التي ينسبونها للنتائج تختلف عن الاحتمالات. لم تكن أي من الفكرتين جديدة تمامًا، ولكنهما معًا نجحتا في تفسير نمط متميز من التفضيلات، أطلقنا عليه النمط الرباعي، والتصق به الاسم. والسيناريوهات موضحة أدناه:

fig13
شكل ٢٩-١
  • الصف العلوي في كل خانة يبين احتمالًا توضيحيًّا.

  • الصف الثاني يميز الشعور الأساسي الذي يثيره الاحتمال.

  • الصف الثالث يشير إلى السلوك الذي ينتهجه معظم الناس حين يعرض عليهم اختيار بين رهان وبين مكسب (أو خسارة) مضمون يوازي قيمته المتوقعة (على سبيل المثال، الاختيار بين «احتمال بنسبة ٩٥٪ للفوز ﺑ ١٠٠٠٠ دولار» و«٩٥٠٠ دولار عن يقين»). ويقال إن الاختيار يقع على تجنب المخاطرة إذا كان الشيء المضمون هو المفضل لدى الشخص، فيما يقع على السعي نحو المخاطرة إذا كان الرهان هو المفضل.

  • الصف الرابع يصف السلوكيات المتوقعة لمدعٍ ومدعًى عليه بينما يناقشان تسوية لدعوى مدنية.

يعتبر «النمط الرباعي» للتفضيلات واحدًا من الإنجازات الجوهرية لنظرية التوقع. هناك ثلاث من الخانات الأربع مألوفة؛ إذ كانت الخانة الرابعة (أعلى اليسار) جديدة وغير متوقعة.

  • الخانة العلوية إلى اليمين هي الخانة التي تناولها برنولي: فالناس يتجنبون المخاطرة حين يدرسون الاحتمالات التي يصاحبها فرصة كبيرة لتحقيق مكسب كبير. وهم على استعداد للقبول بأقل من القيمة المتوقعة لرهان ما للاحتفاظ بمكسب مضمون.

  • يفسر تأثير الإمكانية في الخانة السفلية إلى اليمين سبب رواج مسابقات اليانصيب. فحين تكون الجائزة الكبرى ضخمة للغاية، يبدو مشترو التذاكر غير مبالين بحقيقة أن فرصتهم في الفوز ضئيلة. وتعد تذكرة اليانصيب هي المثال الأساسي لتأثير الإمكانية. فبدون تذكرة، لا يمكنك الفوز، وباقتناء تذكرة يكون لديك فرصة للفوز، ولا يهم كثيرًا ما إذا كانت الفرصة ضئيلة للغاية أو صغيرة فحسب. بالطبع ما يكتسبه المرء بتذكرة يانصيب أكبر من مجرد فرصة؛ إنه يكتسب الحق في الحلم بالفوز.

  • الخانة السفلية إلى اليسار هي الحالة التي يتم فيها شراء تأمين. فالأشخاص لديهم استعداد لدفع أكثر بكثير من القيمة المتوقعة مقابل التأمين؛ وهذه هي الطريقة التي تغطي بها شركات التأمين تكاليفها وتصنع أرباحها. ومرة أخرى يشتري الأفراد هنا ما هو أكثر بكثير من حماية ضد كارثة مستبعدة؛ إنهم يتخلصون من قلق يساورهم ويشترون راحة البال.

وقد فاجأتنا في البداية نتائج الخانة العلوية إلى اليسار، فقد اعتدنا التفكير في إطار تجنب الخسارة فيما عدا ما يتعلق بالخانة السفلية إلى اليمين؛ حيث يكون التفضيل لتذاكر اليانصيب. وحين ألقينا نظرة على اختياراتنا في إطار الخيارات السيئة، أدركنا سريعًا أننا كنا نسعى للمخاطرة في نطاق الخسائر مثلما كنا نتجنب الخسارة في نطاق المكاسب. ولم نكن أول من يلاحظ وجود سعي للمخاطرة مع التوقعات السلبية؛ فقد أشار كاتبان على الأقل لهذه الحقيقة، ولكنهما لم يعيراها الكثير من الاهتمام. غير أن الحظ كان حليفنا بامتلاكنا إطار عمل جعل من السهل تفسير الاستنتاج الخاص بالسعي للمخاطرة، وكانت تلك علامة بارزة في أسلوب تفكيرنا. بل إننا قد حددنا سببين لهذه النتيجة.

الأول أن هناك تناقصًا للحساسية. فالخسارة الأكيدة منفرة للغاية؛ نظرًا لأن رد الفعل تجاه خسارة ٩٠٠ دولار تفوق حدة رد الفعل تجاه خسارة ١٠٠٠ دولار بنسبة أكثر من ٩٠٪. العامل الثاني قد يكون أكثر قوة: فوزن القرار الذي يوازي احتمالية نسبتها ٩٠٪ يساوي حوالي ٧١ فقط، وهو رقم أقل بكثير من الاحتمالية. والنتيجة أنه عندما تدرس اختيارًا بين خسارة مؤكدة ورهان يصاحبه احتمالية كبيرة لخسارة أكبر، فإن تناقص الحساسية يجعل الخسارة الأكيدة أكثر تنفيرًا، فيما يقلل تأثير اليقين من النفور من الرهان. ويعزز نفس هذين العاملين من جاذبية الشيء المضمون ويقللان من جاذبية الرهان حين تكون النتائج إيجابية.

ويساهم كل من شكل دالة القيمة وأوزان القرارات في النمط الملاحظ في الصف العلوي من الشكل ٢٩-١. غير أنه في الصف السفلي، يعمل العاملان في اتجاهات مضادة: فيستمر تناقص الحساسية في الانحياز إلى تجنب الخسارة بالنسبة للمكاسب وتفضيل السعي للمخاطرة بالنسبة للخسائر، ولكن التقدير المبالغ للاحتمالات المنخفضة يتجاوز هذه النتيجة، ويفرز النمط الملاحَظ المتمثل في المراهنة في حالة المكاسب والحذر في حالة الخسائر.

وتتكشف الكثير من المواقف البشرية سيئة الحظ في الخانة العلوية إلى اليسار، حيث يخوض الأفراد الذين يواجهون خيارات غاية في السوء مراهنات متهورة، متقبلين احتمالية عالية لتطور الأمور للأسوأ في مقابل أمل هزيل في تجنب خسارة ضخمة. وهذا النوع من المخاطرة غالبًا ما يحول الإخفاقات القابلة للسيطرة إلى كوارث، ففكرة تقبل الخسارة الكبيرة الأكيدة فكرة مؤلمة للغاية، والأمل في تحقيق الارتياح الكامل مغرٍ بالدرجة التي يتعذر معها اتخاذ القرار المتعقل بأنه قد حان الوقت لوضع حد للخسائر. وتلك هي النقطة التي تخسر عندها الشركات المعركة أمام شركات أخرى ذات تكنولوجيا فائقة بإهدار ما تبقى لها من أصول في محاولات لا طائل منها للحاق بالركب. ونظرًا للصعوبة البالغة لقبول الهزيمة، فإن الأطراف الخاسرة في الحروب غالبًا ما تحارب طويلًا بعد النقطة التي يكون فيها انتصار الطرف الآخر مؤكدًا، وتكون المسألة مجرد مسألة وقت.

المراهنة في ظل القانون

عرض الباحث القانوني كريس جوثري تطبيقًا مقنعًا للنمط الرباعي على موقفين يبحث فيهما المدعي والمدعى عليه تسوية محتملة، علمًا بأن وجه الاختلاف بين الموقفين هو قوة موقف المدعي.

كما في أحد السيناريوهات التي رأيناها سابقًا، هب أنك المدعي في دعوى مدنية أقمتها للمطالبة بمبلغ كبير على سبيل التعويض. القضية تسير على نحو جيد للغاية، ويستشهد محاميك برأي خبراء في أن فرصتك في الفوز تصل إلى ٩٥٪، ولكنه يضيف محذرًا: «ليس لك أن تعرف النتيجة حتى تدخل هيئة المحلفين.» يلح عليك محاميك لقبول تسوية قد تحصل من خلالها على ٩٠٪ فقط من المبلغ الذي تطالب به. ومن ثم فأنت في الخانة العلوية إلى اليمين من النمط الرباعي، والسؤال الذي يتبادر إلى ذهنك هو: «هل أنا على استعداد للمخاطرة ولو بقدر محدود بألا أحصل على أي شيء على الإطلاق؟ إن ٩٠٪ من المبلغ الذي أطالب به سيكون مبلغًا كبيرًا، وبإمكاني أن أحصل عليه الآن.» هناك عاطفتان يثيرهما الموقف، كلاهما يدفع في نفس الاتجاه: إغراء مكسب أكيد (وضخم)، والخوف من خيبة أمل كبيرة وندم إذا رفضت التسوية وخسرت القضية أمام المحكمة. يمكنك أن تشعر بالضغط الذي عادة ما يقود إلى انتهاج السلوك الحذر في هذا الموقف. والمدعي ذو الموقف القوي من المحتمل أن يكون متجنبًا للمخاطرة.

والآن ضع نفسك في موقف المدعى عليه في نفس القضية. على الرغم من أنك لم تفقد الأمل تمامًا في الوصول إلى قرار يصب في صالحك، تدرك أن القضية تسير على نحو ضعيف. فقد تقدم محامو المدعي بتسوية ستضطر فيها لدفع ٩٠٪ من المبلغ الأصلي الذي يطالبون به، ومن الواضح أنهم لن يقبلوا بأقل من ذلك. هل ستقبل التسوية، أم ستواصل القضية؟ نظرًا لأنك تواجه احتمالية خسارة عالية، فإن موقفك ينتمي للخانة العلوية إلى اليسار. فإغراء مواصلة القتال قوي: إذ إن التسوية التي عرضها المدعي مؤلمة بنفس قدر أسوأ نتيجة تواجهها، ولا يزال هناك أمل في أن تكون لك الغلبة في المحكمة. مرة أخرى يتخلل الموقف هنا عاطفتان: فالخسارة الأكيدة مستقبحة، واحتمالية الفوز بالقضية في المحكمة مغرية إلى حد كبير. ومن المحتمل أن يكون المدعى عليه ذو الموقف الضعيف ساعيًا نحو المخاطرة، لما كان على استعداد للمراهنة بدلًا من قبول تسوية غير مرضية تمامًا. وفي ظل المواجهة بين مدعٍ يتجنب المخاطرة ومدعى عليه باحث عن المخاطرة، يملك المدعى عليه اليد العليا. ومن المفترض أن ينعكس الموقف التفاوضي المتفوق للمدعى عليه في التسويات محل التفاوض، حيث يقوم المدعي بالتسوية مقابل أقل من النتيجة المتوقعة إحصائيًّا للمحاكمة. وقد تأكد هذا التكهن المستمد من النمط الرباعي من خلال تجارب أجراها طلاب قانون وقضاة ممارسون للمهنة، وكذلك تحليلات المفاوضات الفعلية في ظل المحاكمات المدنية.

والآن تأمل «التقاضي العابث»، حين يقوم مدعٍ موقفه واهٍ برفع دعوى للمطالبة بمبلغ كبير أغلب الظن أنها ستفشل في المحكمة. يعي كلا الطرفين الاحتمالات القائمة، وكلاهما يعرف أن المدعي لن يحصل إلا على جزء ضئيل من المبلغ المطالب به في أي تسوية محل تفاوض. وتظهر إجراءات التفاوض في الصف السفلي من النمط الرباعي، حيث المدعي في الخانة اليمنى ولديه فرصة ضئيلة للفوز بمبلغ ضخم؛ فالدعوى القضائية العبثية بمثابة تذكرة يانصيب على جائزة كبيرة. والمبالغة في تقدير فرصة النجاح الضئيلة أمر طبيعي في هذا الموقف، مما يؤدي بالمدعي إلى تحري الجرأة والعدوانية أثناء التفاوض. أما بالنسبة للمدعى عليه، فتمثل الدعوى مصدر إزعاج يحمل مخاطرة محدودة بالوصول إلى نتيجة في غاية السوء. والمبالغة في تقدير حجم الفرصة الضئيلة لتجشم خسارة كبيرة تدعم الميل لتجنب الخسارة، والتوصل لتسوية مقابل مبلغ متواضع يساوي شراء تأمين ضد الحدث المستبعد المتمثل في إصدار حكم قضائي سلبي. الموقف الآن معكوس: فالمدعي على استعداد لخوض الرهان والمدعى عليه يرغب في تحري الجانب الآمن. والمدعون ذوو القضايا العبثية من المحتمل أن يحصلوا على تسوية أكثر سخاء مما يمكن لإحصاءات الموقف تبريره.

والقرارات التي يصفها النمط الرباعي عقلانية بشكل واضح. وبإمكانك التعاطف في كل حالة مع مشاعر المدعي والمدعى عليه، والتي تقود كل منهما إلى تبني موقف قتالي أو مهادن. غير أن الانحرافات عن القيمة المتوقعة على المدى الطويل من المحتمل أن تكون مكلفة. فكر في مؤسسة كبيرة، مثل مدينة نيويورك، وافترض أنها تواجه ٢٠٠ دعوى قضائية «عبثية» كل عام، لكل منها احتمال بنسبة ٥٪ أن تكلف المدينة مليون دولار. افترض كذلك أنه في كل دعوى يمكن للمدينة أن تسوي القضية مقابل ١٠٠٠٠٠ دولار. تدرس المدينة سياستين بديلتين سوف تسريان على كل القضايا من تلك النوعية: التسوية أو الذهاب إلى المحكمة. (وعلى سبيل التبسيط، تجاهلت تكاليف التقاضي.)

  • إذا سارت المدينة في إجراءات التقاضي في المائتي قضية كاملة، سوف تخسر ١٠ قضايا، بإجمالي خسائر ١٠ ملايين دولار.

  • إذا قامت المدينة بتسوية كل قضية، سوف يكون إجمالي خسارتها ٢٠ مليون دولار.

حين تتبنى الرؤية البعيدة للعديد من القرارات المشابهة، يمكنك أن تدرك أن دفع مبلغ إضافي لتجنب مخاطرة صغيرة بخسارة كبيرة يعد أمرًا مكلفًا. وثمة تحليل مماثل ينطبق على كل خانة من خانات النمط الرباعي: فالانحرافات الممنهجة عن القيمة المتوقعة مكلفة على المدى الطويل؛ وهذه القاعدة تسري على كل من تجنب المخاطرة والسعي نحو المخاطرة. والتقدير المبالغ المستمر لحجم النتائج المستبعدة — وهي سمة من سمات الصنع الحدسي للقرار — يؤدي في النهاية إلى نتائج متدنية.

في الحديث عن النمط الرباعي

«إنه يميل لتسوية هذه القضية العبثية لتجنب خسارة استثنائية، رغم أنها مستبعدة. وفي ذلك مبالغة في تقدير حجم احتمالات ضئيلة. ولما كان من المحتمل أن يواجه العديد من المشكلات المشابهة، سيكون من الأفضل له ألا يتنازل.»

«نحن لا ندع إجازاتنا معلقة على صفقة تعقد في اللحظات الأخيرة مطلقًا. نحن على استعداد لدفع الكثير مقابل اليقين.»

«لن يقللوا من خسائرهم طالما أن هناك فرصة لتحقيق تعادل. وهذا سعي للمخاطرة في الخسائر.»

«إنهم يعرفون أن خطورة حدوث انفجار غاز محدودة، ولكنهم يرغبون في تخفيف وطأتها. إنه تأثير الإمكانية، وهم يريدون راحة البال.»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤