الفصل السادس عشر

مقتل فلوريلو ماسكاني!

خرج فلوريلو ماسكاني، بعد أن أُمِرَ بمُغادرة تشيركولو فينيتسيا بقليل، إلى الشارع مرةً أخرى في حالةٍ من الغضب الشديد. وكان الكثير من ذلك الشعور العنيف سببه موقفه الضعيف الذي بدا عليه أمام رجلٍ يحتقرُه، هو لويجي فازولي. هو، نفسه، كان يُعامِل صاحب الحانة باحتقار واضح على الدوام؛ احتقار زعيم عصابةٍ تستطيع عصابته أن تُحطم المكان بكل سهولة إذا تجرَّأ الرجل العجوز على إظهار أي استياءٍ واضح. ونظرًا لمعرفته الجيدة بفازولي، فإن خبر تلقِّي فلو ماسكاني لإهانة لفظية دون أن يُحرك ساكنًا لردِّها، سوف يَنتشِر في سوهو على نحو سريع.

وقد تصاعد غضبه أكثر مع التفكير في أنه لولا الأوامر المُتعالية لذلك الخنزير الألماني التي تقضي بأن يقابله ويُقدِّم تقريره له هناك عند الحادية عشرة، لكان يرقص الآن، أو يستمتع بوقته بأي نحو آخر، مع تيسا. وبعد التفكير للحظة في هذه النقطة أدرك، في نهاية الأمر، أن الساعة لم تتجاوز الحادية عشرة إلا بقليل الآن، وما يزال لديهما وقتٌ كافٍ للاستمتاع بساعة أو ساعتَين في واحد أو اثنين من الملاهي الليلية الخاصة بالعالم الإجرامي؛ حيث تُقدم له ولأمثاله معاملة خاصة، وحيث تتَّسم أوقات الإغلاق بمرونة فائقة.

ومن ثم توجَّه نحو أقرب كشك هاتف وطلب رقم هاتف مقرِّ إقامتها في داوتي ستريت؛ إذ إن تيسا قد تركت منزل والدَيها منذ أشهر مضَت من أجل العيش في منطقة أفضل؛ فالحياة البسيطة للسيد جاكومو دومينيكو، صانع براميل النبيذ، وزوجته، لوتشيا، لم تَعُد تُناسبها في تلك الأيام.

وقد أجابت على مكالمته صاحبة المنزل الذي تسكن تيسا في غرفة مستأجَرة فيه، لتُبلغه بأنها قد خرجت منذ ساعة تقريبًا، ومن الواضِح أنها ذهبت إلى مطعمٍ أو ملهًى ليلي حيث ارتدت أفضل ما لديها من ملابس. لكنها لم تقُل أي شيء عن المكان الذي ستذهب إليه، أو الوقت الذي يُتوقع أن تعود فيه.

فاقمت طعنة سريعة من الغيرة المشاعر الوحشية المُتأجِّجة بالفعل في صدره. ونظرًا لمعرفته بها، لم يكن من المحتمَل أن تتأنَّق بهذا الأسلوب لتقضيَ ما تبقى من الليل بمفردها. فمن، إذن، الذي ذهبت لتقابله؟

ومن ثم تجوَّل في الشوارع لبعض الوقت، وبعد ذلك قرَّر تمضية ساعة أو ساعتَين في نادٍ مُعيَّن يرتاده المقامرون، والذي يحمل في اسمه أيضًا الكلمة الملائمة «تشيركولو» من أجل أسبابٍ واضحة؛ حيث جري تبجيل هذا النادي المحدَّد باسم «تشيركولو رومانيا»، على الرغم من قلَّة عدد الإيطاليين الذين يرتادونه وتباعُد فترات ذهابهم إليه. كان يحمل معه كمية كبيرة من المال، وكانت هناك مجموعة متميزة من المُقامِرين على نحوٍ دائم هناك.

ظلَّ يلعب هناك لمدة تقارب نصف ساعة ويفوز باستمرار، وبعد ذلك طلب من مالك النادي أن يطلب رقم هاتف تيسا. تذكر الرجل بعد ذلك أن الساعة قد أصبحت الثانية عشرة والنصف. وقد تلقى الرد بأنها لم تَعُد إلى المنزل بعد؛ وهو ردٌّ نتج عنه زيادة كبيرة في غضب ماسكاني.

أين ذهبت بحق الجحيم؟ ومع من خرجت؟

نخر أحد المقامرين قائلًا، بعد أن فاز ماسكاني للمرة الثالثة بمبلغ كبير في اللعب: «يا إلهي يا فلو!» وأضاف: «كما يقول الإنجليز: المحظوظ في اللعب، تعيس في الحب!»

كاد ماسكاني أن ينهض مع زمجرة، ويمسك في لحظة بعنق ذلك الساخر، لكنه تذكر فجأة أن الرجل يَنتمي إلى مافيا كامورا، وأن تداعيات العراك معه قد تكون غير جيدة على الإطلاق. فواصل اللعب، وهو يصبُّ عليه السباب بينه وبين نفسه.

لكن، على نحوٍ غريب بالقَدر الكافي، انقلب حظ ماسكاني بعد تلك اللحظة. وبدأ يَخسر حتى بشدة أكثر مما كان يكسب من قبل.

وعند الساعة الواحدة تقريبًا رنَّ جرس الهاتف، فذهب أولينتو ديلمورتي، مالك النادي، ليجيب عليه. ووجد أن المتصلة هي تيسا دومينيكو، وهي تطلب محادثة فلو ماسكاني.

وما قيل عبر المكالَمة الهاتفية لا بدَّ أنه قد أبهج رجل العصابات؛ لأنه، لأول مرة في هذه الليلة، ترك وجهه العبوس الجاثم عليه وحلَّ محله شيء يُشبه الابتسامة. وعندما عاد إلى طاولة اللعب، كان يُصفر.

وقال للرجل العجوز الذي تحدَّث معه سابقًا: «لست تعيسًا في الحب للغاية يا جاكومو.» وتابع: «إن لديَّ موعدًا بعد ساعة، لذا اعلم أني سأغادر قبلئذ.»

قال الآخر: «هكذا!» وأضاف: «لكنك تخسر في اللعب، الآن، يا فلوريلو. عندما كنتُ أتحدث، كنت تكسب كل شيء.»

ولكن، وفي مصادفة غريبة، تغيَّر حظ ماسكاني مرة أخرى. إذ خلال ثلاثة أرباع الساعة التالية، عاد ليكسب كل المال الذي خسرَه سابقًا، بل وأكثر، ونهض وهو فائز على نحوٍ جيد. وغادر النادي بإيماءة لا مبالاة وتعليق مفادُه أنهما سوف سيُنهيان المباراة في وقتٍ آخر، ثم اتجه نحو أكسفورد ستريت.

وعلى نحوٍ لا واعٍ لاحَظَ شخصًا قصيرًا عند مدخلٍ مُقابلٍ للنادي؛ بدا من ارتفاع قامته، أنه ربما يكون صبيًّا في الثانية عشرة من عمره. ومع تحرك ماسكاني عبر الشارع، تحرك هو أيضًا، لكن رجل العصابات لم يُلقِ له بالًا بعد ذلك.

وعلى نحو مفاجئ بدأ المطر في الهطول على نحو خفيف، فالتف ماسكاني تجاه زقاق خلفي يعرفه كي يختصر الطريق باتجاه ذلك الجزء من أكسفورد ستريت الذي كان يتجه إليه. وقد لاحظ، تقريبًا دون أن يُدرك ذلك، أن الشخص القصير الذي كان يتبع خطاه عبر الجانب الآخر من الشارع قد اختفى؛ ثم سمعه يُهرول عبر الزقاق أمامه مباشرة. فظن أنه أحد هؤلاء الأطفال المشردين المزعجين الذين ينامون عند المداخل الخلفية في سوهو.

ومن ثم سار عبر الزقاق، تحت الجانب المسقوف من الجدار. شيء ما، ظل، تحرك على نحو مفاجئ في المدخل المنعزل لأحد المتاجر المواجِهة له. فظن أنه هو ذلك الطفل الذي قد تفادى المطر هناك. وعندئذ، وعلى نحو مُفاجئ، وبدون أي أدنى صوت أو تحذير، سُلِّط على وجهه ضوء مصباح يدوي قوي من ذلك المدخل المواجِه، فأفقده القدرة على الرؤية على نحوٍ مؤقت. وفرد يده إلى أعلى كي يُغطِّي عينيه، وكانت هذه آخر حركة يفعلها فلوريلو ماسكاني على وجه الأرض.

إذ انطلقَت نحوه بسرعة وقوة مذهلة عبر المسافة الفاصلة سكين اخترقَت رقبته وثبتت رأسه في الباب القوي خلفه. وتبعه الرامي مثل البرق، حيث غرَس سلاحًا آخرَ في قلبه مباشرة. وظل مثبتًا هناك بلا حراك لمدة ثانية أو اثنتين، بعد أن صدَر عنه تأوُّه كان هو آخر صوت يصدر عنه، وبعد ذلك سحب ثقل وزنه السكين الأول من الباب فسقط متكومًا أسفله على الفور.

وبنفس السرعة التي يَبدو أنه كان يفعل كل شيء بها، سحب الشخص القصير السكين من عنق ضحيته واستعاد الأخرى. وبنفس الهدوء كما لو كان يتناول عشاءه، مسح كلا السلاحين في ثياب القتيل ووضعهما مرة أخرى في غمديهما. وعلى نحو مُنظم، فتَّش كل جيبٍ من جيوب ماسكاني وسلَب مُحتوياته، ثم انسلَّ خارجًا من الزقاق بلا ضجة مثلما دخله!

•••

ومِن الغريب بالقَدر الكافي أن ذلك المزعج الملعون، باولو فانادي، هو من عثر على جثة رجل العصابات. وأوضحت حقيقة أنه كان حرًّا طليقًا أن الاعتقاد الجازم لدى فازولي بأن الشرطة قد ألقت القبض على ذلك الزبون المشاكس، كالمعتاد، كان خاطئًا بالكامل.

قد يظن المرء، نتيجةً لسجله الإجرامي لدى الشرطة بخصوص الأفعال العدوانية بسبب السُّكر، أن هذا الرجل العربيد القادم من شمال البلاد سيُهرَع للبحث عن أقرب شرطيِّ دورية كي يُثبت أنه ليس له أي علاقة بالجريمة. وهناك حقيقة أخرى غريبة، وهي غريبة عندما يُؤخَذ في الاعتبار الحالة التي كان عليها منذ ما يَقرُب من ساعتين، وهي أن السنيور فانادي قد أصبَح مُتَّزنًا الآن مثل القاضي الذي يُضرَب به المثل في الاتزان، وبدلًا من اتباع ما يبدو أنه المسلك الطبيعي له كي يتبعه، بدأ يتصرف على نحو غريب للغاية.

أولًا: على ضوء مصباح يدويٍّ صغير كان يُخفيه بين طيات معطفه، فحص الجرحَين المروعَين في الجثة، ثم فتَّش هو الآخر كل جيب من جيوب ملابس القتيل، لكنه، بالطبع، لم يجد شيئًا. وبعد ذلك، بنفس الطريقة المنهجية، وجَّه اهتمامه نحو الباب خلف القتيل، فوجد ذلك الشق الذي أحدثه السكين الأول عندما ثُبِّت ماسكاني في الخشب، ووقف لبعض اللحظات يفكر.

ثم وجه اهتمامه الآن نحو المدخل المقابل والحصى بينهما، وفحصهما بعناية وبدا أنه قد توصَّل إلى رأيٍ ما بخُصوصهما. ومع السير عبر الزقاق في الاتجاه الذي كان ماسكاني يتحرك فيه، وجد أثرًا واضِحًا لقدمٍ ضئيلة غاصَت في الدماء، والذي دلَّه على أن شخصًا ما، امرأة على ما يبدو، رغم أن القدم، مع أنها قصيرة، كانت عريضة على نحوٍ استثنائي بالنسبة إلى طولها، لم يكن على مقربة من المشهد فقط، بل على مقربة شديدة من الجثة كي يخطو على بركة الدماء التي ترقد فيها.

وقد أظهرت له آثار أكثر خفَّة لنفس القدم أن صاحبها قد واصل السير حتى جريك ستريت ثم اتجه شمالًا. كما أظهر له فحص الطرف الآخر من الزقاق أكثر من أثرٍ يدلُّ على الطريق الذي أتى منه ماسكاني. وعلى ما يبدو فقد رأى ما يكفي لتشكيل نظرية في ذهنه عن كيفية ارتكاب الجريمة.

لكن كان لا يزال هناك أمرٌ يحيِّر السنيور؛ أمر صغير والذي، بالحكم من خلال الحيرة والتجهُّم على وجهِه العابس، ترك في ذهنه سؤالًا بلا إجابة، أمر لم يتوافَق مع الموقف. فعاد إلى الجثة مرة أخرى، وبنفس الطريقة الحَذِرة، أضاء مصباحه اليدوي ووجهه نحوها، وبدأ يفتش للمرة الثانية في ثياب ماسكاني؛ فلم يجد أي شيء مثل المرة الأولى. وعلى نحو مُفاجئ، رفع إحدى يدَي القتيل، والتي كانت اليُمنى، وفحَص أطراف أصابعه عن قرب. فرأى عليها شيئًا جعله يقول بعمق، ورضا: «أوه!»، لقد كان بقعة زرقاء خفيفة على طرفَي إصبعي القتيل السبابة والإبهام.

ومن ثم اختفَت الحيرة من على وجه السنيور، وحلَّ محلها حماس شديد. وبعد أن ترك الزقاق اتجه نحو أقرب كشك للهاتف وأبلغ الشرطة، بلغتِه الإنجليزية الضعيفة والغريبة، عن المكان الذي سيعثُرون فيه على جثة القتيل فلوريلو ماسكاني. بعد ذلك فعل السنيور باولو فانادي شيئًا كان سيُسعد كثيرًا مُواطِني سوهو الذين كان يستعرض بينهم سخافاته الوحشية من حين لآخر.

حيث اتجه بهدوء إلى دين ستريت، وفي البداية تأكد بشدة من عدم وجود أحد يتسكع على مقربة، ثم أخرج مفتاحًا، ودخل إلى منزل المفتش المُحقق مكارثي. وبعد حوالي نصف ساعة خرج ذلك الشخص بعد أن عاد إلى هيئته الحقيقية المعروفة عنه بصفته الضابط مكارثي وذهب عبر طريق غير مباشر إلى نادي تشيركولو رومانيا، متجنِّبًا الزقاق الذي كان يعلم أنه الآن قد أصبح خلية عمل للشرطة.

وكانت بضع دقائق من المحادثة الجادة مع أولينتو ديلمورتي — الذي كان يَخشى انتهاك القانون لأقصى درجة عندما يتَّصل الأمر بالمفتش مكارثي — كافية لمنح المفتِّش ما يُريدُه من معلومات.

أولًا: لقد جاء ماسكاني إلى النادي حوالي بعد الساعة الحادية والنصف؛ وقد أبلغ ديلمورتي أن يطلب له رقمًا محدَّدًا عبر الهاتف — والذي قد سجَّله المفتش بعناية — وهو رقم هاتف المنزل الذي تُقيم به تيسا دومينيكو في داوتي ستريت، بالقُرب من هولبرن. وكان ذلك عند الساعة الثانية عشرة والنصف، بعد مرور ساعة. وقد علم أن تيسا الجميلة لم تكن قد عادَت إلى المنزل حتى هذه الساعة.

ثانيًا: عند الساعة الواحدة رن جرس الهاتف، وعند الردِّ عليه، وجد ديلمورتي أن المتَّصلة هي تيسا دومينيكو، وقد كانت تَطلُب محادثة ماسكاني. وقد أُبلغ أن من الواضح أن المكالمة كانت بخصوص موعد للمقابلة حدَّدته تيسا لاحقًا هذه الليلة، أو، على وجه الدقة، هذا الصباح. فابتهج ماسكاني للغاية بذلك وأخبر رفاقه على طاولة المقامَرة أنه سيستمر في اللعب لمدة تقلُّ عن الساعة بقليل؛ حيث إن لديه موعدًا. ومن ثم غادر النادي عند الساعة الثانية إلا الربع تقريبًا وبحوزته مبلغ كبير من المال.

فقال مكارثي لنفسه: «وعُثر عليه على بعد مسيرة ست دقائق، مقتولًا، وجيوبه خالية!»

ومن نادي تشيركولو، أجرى مكارثي مكالمة شرطية مع إدارة التبادُل، وقد منحوه على الفور العنوان الصحيح الخاص برقم الهاتف الذي أُعطيَ لديلمورتي على أنه يخصُّ تيسا دومينيكو. وبسرعة عرف المزيد من المعلومات، التي مفادها أن المشتركة في خطِّ الهاتف كانت هي السيدة فلانيجان وهي تُؤجِّر غرفَ منزلها لمن يَرغب. هذا كل شيء.

ثم قال وهو يُودِّع مالك النادي: «حسنًا.» وتابع: «لا تُخبر أحدًا بأني سألتك بعض الأسئلة، يا ديلمورتي.»

وبينما هو يُغادر المكان، يتبعه ديلمورتي في خنوع شديد، لاحظ رجلًا يجلس بمُفرده، وهو إيطالي بُني الشعر داكن البشرة يَرتدي زي نادل، وعليه معطف يُغطيه. وكان ما لفَت انتباه المفتش بسرعة إليه أن عينيه الثاقبتَين لمحتا وجود أكثر من بقعة دماء على ياقته، وأيضًا على مقدمة قميصه. وقد زاد وضوح تلك البقع أكثر نتيجة محاولة قوية من الأخير لإزالتها!

إن أي شخص على ملابسه بقع دماء ويُوجد على مقربة للغاية من المكان الذي ترقُد فيه جثة ماسكاني لا بدَّ أنه كان يُثير اهتمامًا كبيرًا؛ وعلاوةً على ذلك، فإن وجه الرجل كان يحمل علامات تدلُّ على أنه ضُربَ بقوة، ولم يَمضِ وقت طويل على ذلك. كما أن لديه تورمًا بين رقبته وفكه يُشير إلى أنه ربما قد رفسه حصان!

فسأل، دون أن يبدو عليه أنه يعير الرجل أي اهتمام خاص: «من هذا الرجل؟»

فأبلغ ديلمورتي مكارثي، وهو يلفُّ ظهره بحرص حتى لا يشك الرجل أنه يتحدَّث عنه، بأن اسمه هو أندريا براجا، وأنه نادل.

وقال لمكارثي بصورة سرية: «لقد جاء إلى سوهو منذ فترة قصيرة.» وتابع: «إنه غير صالح، ما يمكنك أن تطلق عليه حالة ميئوسًا منها أيها المفتش. والليلة ترك العمل في فندق سبلينديد، لأنه تلاعب بباقي حساب أحد الزبائن، إنه أمر مُؤسِف أليس كذلك؟»

قال مكارثي: «إنه من ذلك النوع، أليس كذلك؟» وتابع: «لكن هذا لا يُفسر أين تعرَّض لذلك الضَّرب المبرِّح.»

قال ديلمورتي، وهو ما يزال يتحدَّث بنَبرة خفيضة: «الليلة، صادف رجلًا يدعى باولو فانادي، أظن أنك تَعرفه، أليس كذلك؟ وهو رجلٌ شرس للغاية، إذا جاز التعبير. إنه يأتي إلى هنا من الشمال كل ستة أشهر تقريبًا، ويَشرب كل النبيذ الموجود في سوهو.»

قال مكارثي، دون أن تهتزَّ له عضلة: «أظن أنني قد سمعتُ عنه.»

قال السنيور: «حسنًا، الليلة، كان فانادي مخمورًا للغاية في الشارع، وحاوَلَ براجا هذا سرقته، كي يحصل على ماله. إذ يَحمل فانادي دائمًا الكثير من المال معه عندما يأتي إلى سوهو.»

قال المفتش: «إنه أكثر حظًّا مني يا ديلمورتي.» ثم أضاف: «حسنًا، ماذا حدث؟»

هز السنيور كتفَيه.

«حسنًا، هذا هو ما حدث له. ربما يُعلمُه هذا أن يبعد يدَيه عن جيوب الآخرين.»

أومأ مكارثي. وقال بينما يتوجَّه نحو الباب: «نأمُل ذلك.» وتابع: «يجب أن أُراقب فانادي هذا جيدًا. إن لدينا ما يَكفي من المتاعب في سوهو بدون تدخُّل أمثاله. لا تنسَ أن تنسى أنني جئت إلى هنا الليلة لعمل التحريات.» وأضاف: «إلى اللقاء.»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤