تصدير الترجمة العربية

هذا كتاب جديد في المكتبة العربية. جديد في موضوعه وأسلوبه وفي أهدافه. أَجَل، استقرَّ التسليم بأهمية العلم والثقافة العلمية، ونَشْر منهج العلم وأصول التفكير العلمي، وبِدَوْر فلسفة العلم المُميَّز دون سائر فروع الفلسفة المعاصرة والمستقبلية. ولكن على كثرة ما قيل ويقال عن العلم، يأتي هذا الكتاب في سعيه نحو واقع أفضل للعلم ولدوره الحضاري، لينطلق من أكثر مَواطن العلم تقدُّمًا واتِّقادًا، يستشرف آفاقه المستقبلية، مُستنِدًا إلى أبعاده التاريخية، ويُفاجئنا بحديث جديد مختلف تمامًا عن الأحاديث المعهودة في أروقة العلم والثقافة العلمية وفلسفة العلم ومنهجه، حديث مختلف في مَبْناه ومعناه وما يَتغيَّاه.

ومن الناحية الأخرى، استقر أيضًا ضرورة التمكين للمرأة ومَنْحها حقوقها، وعلى رأسها حق التعليم، والعمل، والمشارَكة في البحث العلمي، وكَثُر الحديث عن حيثيات قضية المرأة وأسانيدها لحد المَلالة والسَّأم. ثم يأتينا هذا الكِتاب أيضًا بحديث مختلف تمامًا عن كل ما عهدناه في هذا الصَّدد.

قد يبدو للوهلة الأولى أن الكِتاب انتصار لقضية المرأة في المجال العلمي وربَّما يَصدُق هذا إلى حدٍّ ما، من زاوية جزئية، لكنه ليس لُبَّ الموضوع ولا غايته ولا هو السؤال المحوري.

السؤال المحوري الذي يُجيب عنه الكتاب مطروح صراحة في الفصل الأول، وضمنًا في سائر فصول، بل سطور الكِتاب. ومُفادُه أن العلم أكثر حيوية وفاعلية وجاذبية من أي منشط إنساني آخر، فلماذا يبدو صعبًا ثقيل الظِّل عَسير المِراس؟ لماذا تُجرِّدُه النظرة الشائعة من أبعاده الإنسانية، حتى إنه يُوضَع كمُقابِل، كَضِدٍّ صريح، للإنسانِيَّات، في حين أنه أكثر إنسانية من أي منشط. لماذا يَشعر العلماء المُتكرِّسون أنهم بِمعزل عن نبض الحياة الدافقة؟! حتى باتَت الصورة النمطية للعالِم الجِهْبِذ أنه لا يشعر ولا ينفعل، ولا شأن له بِتيَّار الحياة المُضْطَرِم خارج أبواب المختَبَر أو حتى في أعماق النَّفْس البشرية المُتفانية داخل المُختَبر؟! والأدهى والأخطر من كل هذا: كيف يَنتُج عن العِلم دمار بيئي يُهدِّد الحياة على سطح الأرض، فَضلًا عن إنتاجه أسلحة الدمار الشامل الصريحة، وبعض ممارَسات تَعصِف بإنسانية الإنسان؟

ويمكن أن نطرح السؤال بعبارة أخرى تَستخدِم مُفردات اللغة التطبيقية التي تَفرِض نفسها على هذا الكِتاب وعلى الفلسفة النِّسْوية إجمالًا، فنقول، أو بالأحرى، قالتِ المؤلِّفة: «لماذا تَتزايَد أعداد طلَبة وطالبات يَفرُّون من دراسة العلوم إلى دراسة الإنسانيات، لا حُبًّا في الإنسانيات، بل كُرهًا في العلوم؟!» والإجابة التي يَتقدَّم بها الكِتاب هي أن هذا يعود إلى أن العلم يبدو جَهمًا جافًّا، والعلم يبدو هكذا بِسبب مِن سيادة الثقافة الذُّكورية بطول الحضارة الغربية وعَرْضها التي رَبطَت العقل بالرَّجُل والعاطفة بالمرأة. ولأن العلم هو نجيب العقل الأثير، وفارس الحَلْبة المعرفية الآن، فقد صَبغَتْه السُّلطة الذُّكورِيَّة بقِيَمها وسيمائِها وملامِحها، واستبعَدَت منه الأُنوثة، والخصائص والخبرات الأُنْثَوية، واعتبَرتْها ضد العلم ولا علم، عَملتْ على حَجْبِها ليبدو الرجل هو الفاعِل الوحيد للعلم ولكل فِعل حضاري مَهما كانت خسائر هذا الزعم.

ليس الرجل هو الإنسان، وليست الذُّكورِيَّة مُرادِفة للإنسانية، وليست المرأة جنسًا آخر أو نوعية أدْنَى من البشر. إن الذُّكورة والأنوثة هُما الجانبان الجوهريان للوجود البشري، لكل منهما خصائصه وسِماتُه ودَورُه، وتَتكامَل جميعها في سائر جوانب الحضارة الإنسانية، وعلى رأسها أمضى الجوانب وأشدُّها فاعلية وحسمًا؛ أي العلم.

وحين نكشف النقاب عن حقيقة العِلم والمُمارَسة العلمية، العِلم بوصفه كيانًا تتكامل فيه سائر الخصائص الإنسانية الإيجابية، الذُّكورِيَّة والأُنْثَوية على السواء، وليس الذُّكورِيَّة فقط كما هو سائد الآن، سوف يبدو لنا العلم أكثر جاذبية وحيوية، أكثر كفاءة وفاعلية وتحقيقًا للأهداف المُجْمَع عليها، يُؤدِّي إلى حصائل أكثر سخاءً وتوازنًا وأقل أضرارًا جانبية؛ من قبيل تدمير البيئة، وتصنيع أسلحة الدمار الشامل، واتخاذه أداة لقهر الثقافات والشعوب الأخرى …

يُحاوِل الكِتاب الوصول إلى هذا الهدف؛ إلى إظهار الجانب الحي المحجوب أو المَخفِي المطمور من العلم عن طريق البحث عن عناصر الأُنْثَوية في واقع الممارَسة العلمية، وفي البحوث والكشوف العلمية الراهنة.

تَتطرَّق المؤلِّفة أحيانًا إلى مَضامِين النَّظريات وتَصل إلى مستوى العلاقات بين العلماء، وبينهم وبين مؤسَّساتهم العلمية، بل ومُنطلقاتهم ومَشاعرهم وأحاسيسهم إبَّان مُمارَستهم للبحث العلمي والعمل في رحاب العلم. وهي في هذا تَكشِف أمامنا دَخائل الواقع العلمي في أمريكا وتُسلِّط الضوء على مَثالِبه، وتُتيح لنا فُرصة نادرة للتعرف على خباياه حتى نَشعر أحيانًا أننا نَحتَسِي معهم الشاي، ونستمع إلى أحاديثهم الجانبية ومشاكلهم الشخصية وتطلُّعاتِهم، وطبيعي أن نَندهِش نحن، وهي تهيب بالعلماء أن يُخفِّفوا الوطء في بحوثهم، أو تتحدَّث عن ضخامة الأموال التي تنفقها الدولة على البحث العلمي، أو تتساءل لماذا تَتفشَّى سُلطة العِلم وتَستأسِد هكذا في المجتمع؟

المؤلِّفة عالِمة كيمياء حيوية، تستند على مَتابَعة جيدة لفلسفة العلم ودراسة عميقة لعِلم نَفْس يونج، وتستفيد من الأساطير القديمة وحضارات الشَّرق، في نَقدِها لفلسفة العلم المطروحة. تَلجأ إلى إيزيس تجسيدًا لقِيَم الحب، والنماء، والوفاء، ولَملَمة الأشلاء، ومُحارَبة الشَّر، في إشارة بارعة من المؤلِّفة إلى أن الحضارة الفرعونية قد تدارَكَت هذا الذي أفْلَت من العِلم الحديث، أدرَكَت قيمة المرأة، وحقَّقتْ هذا التوازن بين الجوانب الذُّكورِيَّة والقيم الأُنْثَوية، فكانت من أعظم الحضارات وأكثَرها إثارةً للعَجب والإعجاب. تَستعين بهذا، وبالطاوية في الحضارة الصينية القديمة وسواها؛ لتنتهي إلى أن ما صاغَتْه فلسفة أرسطو من سيادة وعُلُو الذُّكورِيَّة، وانفرادها بالفعل الحضاري والذي هَيْمَن بدوره على الحضارة الغربية، ليس شرطًا ملازِمًا للوجود الإنساني، بل هو اعْتِوار طالَ السكوت عليه، وآنَ الأوان لتعديله.

وعَبْر صفحات الكِتاب تجري المُوازَنة بين القِيم الذُّكورِيَّة السائدة في العلم والمُقابِل الأُنْثَوي المَطمور المَخفِي المحجوب، وجَدْوى العمل على إظهاره، وكيف سيغنم العِلم مغنمًا وفيرًا منه ومن التكامل بين الجانبين.

في مُقابِل العقلانية العِلمية والتَّجرُّد من القيمة والهَوى والانفعال بكل صنوفه ثَمَّة العاطفة، والشُّعور، والانفعال بموضوع البحث، والذوب فيه، والارتباط الوجداني به، ثَمَّة البحث العلمي الذي يدفعه الحب. وفي مُقابِل فرْض القوانين والفروض العلمية على الطبيعة واستجوابها، ثَمَّة التَّلقِّي بمعنى الانفتاح عليها، والإنصات العميق لها كصديق يَحكي لك عن نفسه … كزَهْرة تتفتَّح أمامك. وفي مُقابِل الموضوعية التي اشتهر بها العِلم، ثَمَّة العالِم الذي يشعر بذاته ويُؤكِّدها في بحثه، فيندفع إليه بحماس وعزْم أكيد يَصل إلى ذروته حين يكتشف العالِم ذاته من خلال التجربة المعملية التي يجريها. وفي مُقابِل التَّراتُب الهَرَمي (الهيراركية) الذي يَسود العِلم، تراتُب العلماء، وتراتُب فروع العلم، وتراتُب المُؤسَّسات العلمية … ثَمَّة نسائج من التفاعلات بين عناصر مُتعدِّدة لا يعلو أيُّها الآخَرَ ولا يَبخَس من شأنه. وفي مُقابِل العَجَلة وسرعة الإنجاز وأسبقية الكَشْف والنَّشر ثَمَّة الرعاية والتَّعهُّد والمُقارَبة طويلة المَدى التي تكشف بالتأكيد عمَّا لا تكشف عنه عشرات البحوث العَجْلى، وفي مُقابِل التَّنافُس المحموم ثَمَّة التعاون والعمل في انسجام وتناغُم. وفي مُقابِل التَّفتِيت والتحليل ثَمَّة الترابطية ورؤية الكل المُتكامِل. إن المُنطَلق الأهم لكل هذا هو وظيفة الشعور في مُقابِل وظيفة التَّفكير، والترابطية في مُقابِل التَّجزئة. وبهذه القيم الحميمة تَتحدَّد المسئولية الاجتماعية للعِلم التي قد تستشعرها النِّساء أكثر.

إن الأُنْثَوية صفات كامنة في المَوجود البشري، كما ذكرنا، ويُمكن للعلماء أجمعين رجالًا ونساءً أن يبحثوا عن هذه الجوانب ويَعمَلوا على إذكائها؛ نُشدانًا لعلم أكثر دفئًا وإنسانيةً، وأسخى عطاءً؛ ما دام سيغدو أكثر تكاملًا وتوازنًا. وهكذا، ليس المقصود إطلاقًا علمًا أُنْثَويًّا مُقابِل العلم الذُّكُوري، لِتكُون الحرب العِلمية بين الجنسين مُعلَنة بعد أن كانت مُضمَرة. العكس تمامًا هو الصحيح، المقصود عِلم يتكامل فيه الجانبان، مُداوَاة لانفراد الذُّكورِيَّة بما حمَلَه من نواتج سلبية.

والمؤلِّفة في حماسها المَشبوب لقَضيِّتها، ولكونها أساسًا عالِمة تجريبية، أرادتْ أن تجعل الذُّكورِيَّة السائدة هي الفَلسفة المفروضة على العِلم بينما الأُنْثَوية واقِع محجوب نَكتشِفه برَفْع اللثام عنه. فأتى الكِتاب بِغَوصه في الواقع والوقائع لِيحْمِل إقناعًا بدعاوى فلسفة العلم النِّسْوية أقوى من عشرات العروض النَّظرِيَّة للأسانيد والمُنطلَقات.

وفي هذا نجد الأُنْثَوية Feminine بمثابة اكتشاف الذات، وهي مرحلة متقدِّمة من النِّسْوية Feminism، بعد أن بَلغَت ذروة النُّضج والنَّماء حين قدَّمَت في العَقدَين أو الثلاثة الماضية الفلسفة الخاصة بها. لقد باتَت فلسفة العلم النِّسْوية من الاتجاهات اللافِتة الواعدة بالجديد في هذا المضمار، من حيث باتت النِّسْوية من أبرز تيارات الفِكر الغربي الراهن والفلسفة المعاصرة.

•••

النِّسْوية بشكل عامٍّ هي كل جهد نظري أو عملي يَهدِف إلى مراجعة واستجواب أو نَقْد أو تعديل النظام السائد في البنيات الاجتماعية، الذي يَجعَل الرَّجل هو المركز، هو الإنسان، والمرأة جنسًا ثانيًا أو آخر، في منزلة أدنى، فتُفْرَض عليها حُدودٌ وقيود، وتُمْنَع عنها إمكانيات للنَّماء والعطاء، فقط لأنها امرأة. ومن ناحية أخرى، تُبْخَس خبرات وسِمات فقط لأنها أُنْثَوية، لتبدو الحضارة في شَتَّى مَناحيها إنجازًا ذكوريًّا خالصًا، يُؤكِّد ويُوطِّد سُلطة الرجل وتَبعِيَّة أو هامِشيَّة المرأة.

بدأت الحركة النِّسْوية في الفكر الغربي في القرن التاسع عشر، حتى صِيغ مصطلح النِّسْوية Feminism لأوَّل مرة العام ١٨٩٥م لِيعبِّر عن تيار تَرفِده اتجاهات عِدَّة، وتَشعَّب إلى فروع عدة.

كانت الغاية النهائية للنِّسْوية في مَوجَتها الأُولى هي نَيْل المرأة بعضًا من الحقوق العامة التي يَتمتَّع بها الرَّجُل؛ لذلك دأبت على تأكيد المساواة بين الجنسين وأن الفوارق النوعية للمرأة هامشية لا تجعلُها أقل، ولا تَحُول دون تَلقِّيها العلم، ومَمارستها العمل والحياة السياسية، والتصرف في أموالها مثل الرجل. أي عَمِلَت على الاقتراب بالمرأة من النموذج الذُّكُوري السائد كنموذج حَضاري للإنسان، وسارَت في مَسار التحجيم والطَّمس للخصائص الأُنْثَوية المَميِّزة، وكان هذا هو السبيل الأوحَد لِفَك إسَار المرأة.

وكما هو معروف احتدَم الجدال في طيَّات هذه المَوجة ووصَل رَجْع صَداه إلى المشرق العربي على يد الرُّواد؛ أمثال: رفاعة الطَّهْطاوي، وقاسم أمين، ونظيرة زين الدين، وهدى شعراوي … إلخ، وجرى العمل — وما زال — على صِياغة التصور الإسلامي لتحرير المرأة العربية. على العموم أخذَت الحرب العالمية الأولى في خَنادِقها الرجال من أنحاء أوروبا، واضْطُرَّت المرأة إلى النُّزول لمواقع العمل التي خلَت منهم، وأدَّتْه على أكمل وجه، فيما يمكن اعتباره حسمًا للجدل في الفكر الغربي، وظَفرَت المرأة بحقوق المُواطَنة في إنجلترا، ونيوزيلنده، وأمريكا، والاتحاد السوفيتي … إلخ، وبدَا الطريق ممهَّدًا لكي تنالها في البقاع الأخرى. وارتفع حق تعليم المرأة كمثال أعلى في أنحاء شَتَّى من العالَم بدرجات متفاوتة. هذه المَوْجة النِّسْوية الأولى في الفكر الغربي حركة اجتماعية سياسية أولًا وأخيرًا، غير ذات مَضامين فكرية أو أطروحات فلسفية تتجاوز المُطالبة بتلك الحقوق. ومع العام ١٩٢٠م كانت قد حقَّقَت كثيرًا من أهدافها. ودخلت النِّسْوية في مرحلة كمون وهدوء نسبي، خصوصًا وأن العالم الغربي منشغل آنذاك ببوادر الحرب العالمية الثانية المُقبِلة ثم عواقبها، ويواجه الكفاح الباسل ضد الاستعمار المُمهِّد لحركات التَّحرُّر القومي في العالم الثالث.

ثم كانت الستينيات ليشهد الفكر الغربي الموجة الثانية من النِّسْوية، أساسًا في أمريكا. ظَلَّت مرتبطة بأصولها الاجتماعية والسياسية. فقد نشأت في إطار الأجواء المَوَّارة لهذه الحقبة: اشتداد عُود الليبرالية الأمريكية التي تدعو إلى المساواة في الحقوق بعد نجاح تحجيم التفرقة العنصرية، والأصوات المناهضة لحرب فيتنام وحركة الطلاب الشهيرة، التي شهدت مُظاهرة لحرق الكعوب العالية، ومَشدَّات الصدور، والثورة ضد مسابَقات ملكات الجمال، وسائر ما يَقبُر المرأة في أنوثتها. وكانت أيضًا لها أهدافها الاجتماعية. نلاحظ أن بعض الحقوق التي كانت المرأة الأمريكية في الستينيات تكافح من أجْلِها، كانت المرأة آنذاك قد ظفرت بها بالفعل في بعض الأقطار العربية كمصر وسوريا وتونس، من قبيل المساواة بين الجنسين في الالتحاق بالجامعات والمساواة في فُرص مُمارَسة العمل المهني والبحث العلمي، والأجر المتساوي للجنسين لقاء العمل نفسه، واضطلاع الحكومة بتوفير حضانات لأطفال العاملات إبَّان ساعات العمل الرسمية، فلا ينبغي أن نَكتَرِث الآن كثيرًا بطَنْطَنة الشرق الأوسط الكبير والمزعوم لتحرير المرأة العربية.

لكن الخطورة في تلك الموجة الثانية الأمريكية التي تُسمَّى بالنِّسْوية الجديدة أنها اكتسبت نُضجًا فكريًّا، فهدفَت إلى البحث عن إطار نظري أعمق وأشمل من مُجرَّد المُطالَبة بالمساواة مع الرجال وطبقًا للنموذج الذُّكُوري السائد للإنسان/الرجل. فلا بُدَّ من إعادة اكتشاف النساء لأنفسهن كَنِساء، ثم صياغة نظرية عن هذه الهُوِيَّة النِّسْوية؛ أي الأُنْثَوية، وتُحوُّلاتها الممكنة. وأمكن تحقيق هذا بفضل التَّطوُّر المعرفي، وتَنامِي مناهج البحث، وجحافل النساء الأكاديميات القادرات على إخراج بحوث مُعمَّقة تُعزِّز الأطروحة، فضلًا عن الرجال المنتصرين لها.

استَلهمَت هذه المَوجة الكتاب العُمْدة للفيلسوفة الوجودية الفرنسية سيمون دي بوفوار «الجنس الثاني» ١٩٤٩م، وإعلانه أن المرأة لا تُولَد امرأة بل تصبح امرأة، إشارة إلى الدور الكبير الذي يقوم به المجتمع في صياغة وضْع الأنثى. إن بوفوار الأم الكبرى للفلسفات النِّسْوية المعاصرة بأسْرِها. لكن النِّسْوية الجديدة تَختلِف عن الفلسفة الوجودية في أنها لا تهتم بالخبرة الحية المُعاشة للذات الفردية، بل بالتَّنظيرات الكبرى التي يَتَّسع مَداها يومًا بعد يوم، وتَتوغَّل من فرع معرفي إلى آخَر في العلوم والآداب واللغويات والإنسانيات والفنون، حتى كادت تشمل كل جوانب الإنتاج الثقافي.

وما دام الزَّخَم المعرفي النِّسْوي بكل هذا البَذَخ كان لا بُدَّ أن يواصِل مَساره ليصل إلى أصول النظرة الشاملة، فتظهر الفلسفة النِّسْوية منذ السبعينيات مُبشِّرة واعدة. بدأت بما يُسمَّى بفروع الفلسفة اللَّيِّنة السهلة، وهي السياسة والأخلاق والجمال. ومع الثمانينيات كانت قد وصلت إلى ما يُسمَّى بفروع الفلسفة العسيرة الشَّاقَّة وهي الميتافيزيقا والإبستمولوجيا (= نظرية المعرفة)، وفلسفة العلوم. وكأن النِّسْوية بهذا تصل إلى كَبِد الحقيقة وقَلْب الأوضاع من جذورها.

والنِّسْوية في كل هذا فلسفة نَقْدِية للحضارة، لا تُوضَع إلا في سياق نَقْد الحضارة الغربية. من هنا كان ارتباط النِّسْوية الجديدة بفلسفة ما بعد الحداثة، التي هي في جوهرها موقِف شَكْي نقدي من مُنطلَقات الحداثة. كانت الموجة النِّسْوية الأولى إحدى تَجلِّيات الحداثة التنويرية — التي كانت أيضًا أيديولوجيا الاستعمار— بمثلها العقلانية التي تُجسِّد الذُّكورِيَّة؛ فعَمِلَت على طمس خصوصيات المرأة، والاقتراب بها من هذا النموذج الذُّكُوري؛ لكي تَنال بعض حقوق الإنسان / الرجل. أما الموجة الثانية؛ أي النِّسْوية الجديدة نسوية ما بعد الحداثة فأبرز ما يُميِّزها هو نقد هذا النموذج العقلاني الذُّكُوري للإنسان، ورَفْض انفراده بالميدان كمركز للحضارة الغربية التي جعَلها المد الاستعماري نموذجًا للحضارة المعاصرة بأَسْرِها. إنها تختلف بل تتناقض مع الموجة الأولى في تأكيدها على اختلاف النِّساء عن الرجال، والعمل على اكتشاف وإبراز وتفعيل مَواطن الاختلاف، وما يُميِّز الأنثى، والخبرات الخاصة بالمرأة التي طال حَجْبُها وطَمسُها بما أدَّى إلى خَلَل واعتوار أصاب الحضارة، وعسى أن يؤدي هذا الاكتشاف والتفعيل إلى إحداث توازن مَنشود يعالج بعضًا من أَوجُه الخَلل. إن النِّسْوية الجديدة اكتشاف وبلورة للأُنْثَوية.

هكذا كان المُنطلَق الأساسي للنِّسْوية الجديدة ما بعد الحداثية هو نَقْد ورَفْض مركزية النموذج الذُّكُوري للإنسان التنويري الحداثي العاقل، الوجه الآخَر للمركزية الأوروبية، ومركزية الحضارة الغربية التي سادَت العالَمِين. وفي تجسيد لمرمى التصويب اصطنعوا مصطلح «مركزية العقل الذُّكُوري» phallogocentrism الذي يبلور القيم الذُّكورِيَّة المُتسَيِّدة المهيمنة على الحضارة، وكانت وسيلة الرجل الأبيض لقهر العالَمِين وإحداث المصائب والويلات التي تعاني منها الحضارة الإنسانية في أركان الأرض الأربعة والتي تَتلخَّص في أن مركزية العقل الذُّكُوري الغربي قد قَهرَت ثالوث الأطراف، قهرت المرأة، وقهرت الطبيعة، وقهرت شعوب العالم الثالث. ومن جَرَّاء هذه القهر خَسِرت الحضارة الإنسانية والتجربة البشرية خسرانًا كبيرًا، آن الأوان للعمل على وقْف نزيفه.

من هذه الزاوية تبدو النِّسْوية الجديدة من أنْضَر وأنْبَل تيارات الفِكْر الغربي المعاصر؛ لأنها فلسفة للمرأة، بقَدْر ما هي فلسفة للبيئة، بقَدْر ما هي فلسفة لتحرُّر القوميات، ولم تألُ الحركة جهدًا في معالَجة هذه القضايا الثلاثة باعتبارها مُتشابكة متداخلة، إن لم تكن داخلة في هُوِيَّة واحدة، هُوِيَّة ضحايا مركزية العقل الذُّكُوري التي جعَلَت نفسها روح الحضارة الغربية.

هكذا تُقدِّم الفلسفة النِّسْوية الجديدة ذاتها بوصفها فلسفة بَعْد استعمارية post-colonial philosophy، من حيث هي فلسفة بَعْد حداثية. لقد انتهى عصر الاستعمار الذي يُمثِّل أقوى تجسيد للفلسفة الذُّكورِيَّة، انتهى عصر المركز والأطراف، عصر قَهْر الآخَر وتوجيهه وفَرْض الوصاية عليه ليسير وفقًا لرُؤى ومَصالح الأقوى أو السَّيِّد. لا بُدَّ من ظهور فلسفة جديدة تَنقُض تلك المركزية الجائرة، وتُقِر بقيمة وحقوق كل الأطراف، وبالتالي تصون الحقوق التي أُهدِرت للمرأة، وللطبيعة، ولشعوب العالَم الثالث. وعلى تَعدُّد تيارات النِّسْوية الجديدة وتَبايُنها واختلافها بل تناقضها في الكثير من القضايا تكاد تُجمِع على هذا المُنطلَق.
وفلسفة العلم بدورها منذ الربع الأخير من القرن العشرين تَسير في اتجاه عدم الاقتصار على منهج العلم ومنطقه، وتَعمل على النَّظر إليه أيضًا في ضوء حَركِيَّته العُظمى عَبْر التاريخ، باعتباره مؤسَّسة ثقافية اجتماعية تُؤثِّر في باقي المؤسَّسات المُشكِّلة للحضارة، وتتأثَّر بها. وبالتالي انفتحَت الأبواب أمام فلسفة العلم النِّسْوية الناشئة آنذاك التي تَنطلِق من النَّظر إلى العلم كمؤسَّسة حضارية، ولا بُدَّ من كَسْر احتكار الرَّجل الغربي لها، وأبرز مَعالِم بداياتها كتاب ساندرا هاردنج S. Harding «سؤال العلم في النِّسْوية» ١٩٨٦م. ومن مُنطلَق ما بعد الاستعمارية تُؤكِّد النِّسْوية على ديمقراطية العِلم وتَعدُّديَّته، وأنه إنجاز إنساني مُشترَك مفتوح أمام أية حضارة، غربية كانت أم شرقية، وأمام أي إنسان، رجلًا كان أم امرأة.

إن الفلسفة النِّسْوية بعامة قامَت لترفض مركزية العقل الذُّكُوري؛ أي التفسير الذُّكُوري الواحد والوحيد المطروح للحضارة، وبالمِثْل ترفُض فلسفةُ العلم النِّسْوية التفسيرَ الذُّكُوري المطروح للعلم، وتُحاول تقديم تفسير آخَر يُبرِز دور المرأة وقيمها الأُنْثَوية. وهذا الكتاب المطروح بين يدي القارئ العربي من أَثْرى وأنْضَر تلك المحاوَلات.

•••

وبعدُ … لا بُدَّ من الاعتراف بأني لم أكن أبدًا نِسْوية، وما زلت هكذا أذكر إحدى المنتديات الثقافية حين انفَلتَت أعصابي، وهتَفتُ في وجه رائدات للحركة النِّسْوية: «الصهاينة سوف يَبتلعونَنا رجالًا ونساء ولا مجال لهذا الآن، ثَمَّة ما هو أهم وأكثر إلحاحًا.» وبينما يشتهر صعيد مصر بالموقِف المُتزمِّت من المرأة، فإني كُلما زُرتُ إحدى جامعاته لغَرض أو لآخَر أُلاحظ أن الطالبات أكثر عددًا من الطلاب في تخصُّصات مختلفة، وبالمِثل أَجِد عضوات هيئات التدريس والإداريَّات والموظَّفات. وشبيه بهذا ما رأيتُه في جامعات بسوريا ولبنان والأردن، ولاحظتُه في زياراتي الخاطفة لبعض جامعات الخليج العربي. بل إني في نوفمبر من العام ٢٠٠١م حضرتُ المؤتمر الدولي الأول للفلسفة في جامعة الكويت لأجد مديرة الجامعة سيدة أستاذة كيمياء، وعميدة كلية الآداب سيدة أستاذة فلسفة ولها إسهامات في فلسفة العلوم، ونائبتها سيدة. مثل هذا يبدو لي حلًّا مقبولًا لقضية المرأة العربية. فما دام باب التعليم قد انفتح إلى هذه الدرجة أمامها، فلا بُدَّ أن باب اكتساب المهارات والقدرات قد انفتح، ويستحيل الحيلولة دون استغلالها وتوظيفها بشكل أو بآخَر لينفتح مسار الحياة بأبعادها المختلفة وتكتسب جِدَّة وخصوبة. ربما توجد بعض المُعوِّقات الموضعية أمام المرأة العربية، وبعض الممارَسات غير العادلة أو حتى القوانين الجائرة، ويحتاج كل هذا إلى جهود دَءوبة، لكن القضية في حدِّ ذاتها تبدو لي محسومة وقطعَتْ شوطًا مقبولًا وتمضي قُدمًا، فلم تكن أبدًا من أولوياتي ولا مَثار اهتماماتي. قضايا الإنسان العربي ومُستقبل الحضارة العربية في صراعاتها الضارية مع مَكامِن التَّشرذُم والتَّخلُّف من الداخل، والقوى الإمبريالية والصهيونية من الخارج، وبقاء هُوِيَّة الثقافة العربية … مثل هذا بدَا لي أكثر أولوية وإلحاحًا.

ولكن حين ذهبتُ إلى الولايات المتحدة الأمريكية في العام ١٩٩٦م، كنتُ مُحمَّلة بالميراث التقليدي لفلسفة العلوم، وأبحث عمَّا بعدَ الوضعية المنطقية، والإبستمولوجِيِّين الكبار؛ كارل بوبر، وتوماس كون، وفييرآبند وما إليه، ووجدتُ الاهتمام المُستجِد في عديد من الجامعات هنالك يَتَّجه إلى هذا الاتجاه الثَّري المضمون الجديد حقًّا، وهو الإبستمولوجيا، وفلسفة العلم النِّسْوية المُتوشِّحة بفلسفة البيئة. بات من الضروري مُتابعته كإضافة حقيقية لعنايتي بفلسفة العلوم، وبحثتُ عن أدبيات هذه الفلسفة، وهالَني غَزارة الإنتاج فيها من كُتب، وأبحاث، ودراسات، ومقالات، ودوريات، وأهمها مجلة «هيباثيا» المُسمَّاة باسم فيلسوفة الإسكندرية وعالِمة الرياضيات في القرن الرابع، فضلًا عن المَعاجم والقواميس ودوائر معارف الفلسفة النِّسْوية أو النساء العالِمات في التاريخ … إلخ. هكذا بدأ اهتمامي بها.

جذبني بشدة في النِّسْوية الجديدة بعامة نَقدُها الجذري العميق للاستعمارية الغربية في أصولها وممارساتها ونواتجها على السواء. وما كنتُ أُعْنَى إلا بفلسفة العلم. وأرْوَع ما في فلسفة العلم النِّسْوية النظرة النقدية للعلم، وطرْح السؤال: لماذا لا يكون العلم أفضل؟ إنه ككل نشاط إنساني وفعالية إنسانية يمكن دائمًا أن يكون أفضل. هكذا تحمل فلسفة العلم النِّسْوية ما طال اشتياقُنا إليه، ألا وهو التَّحرُّر من النظرة الطفولية المُنبَهرة بالعلم بوصفه الكمال المُطلَق الذي لا تَشوبه شائبة، ولا يدانيه باطل من بين يديه ولا من خلفه، ولا سبيل إلا التَّبتُّل له وإن أدَّى هذا إلى استبدادية العلم وقَهْره للأشكال الثقافية الأخرى أو نَحْرها على مَذبَحه المجيد. كنتُ أرى دائمًا ضرورة تجاوُز هذه النظرة القاصرة، ليكون العلم بابًا للثراء الحضاري الشامل، وليس الثراء في جانِبٍ مُقابِل العقم والإجداب في جانبٍ آخَر. وخَتمتُ كتابي «فلسفة العلم في القرن العشرين» الصادر في طبعته الأُولى عن سلسلة عالم المعرفة المرموقة، والذي أَعتزُّ به كثيرًا، بفقرة أؤكد فيها ضرورة تجاوز «مرحلة الافتتان والانبهار بالعلم وسر عظمته إلى مرحلة حُسن تشغيله وتوجيهه، وتطويعه وترويضه لمواجَهة مشكلات مُستجدة بفعله، من قبيل مشكلة البيئة، واستنفاد الموارد، ومصار الطاقة المخزونة، وتراكُم النُّفايات، والتكنولوجيات التَّرفِيَّة الفارغة، ومشروع الجينوم البشري، وأخلاقيات الاستنساخ والتَّحكُّم في الصفات الوراثية للإنسان. والتعاظم المُتوالي في أسلحة الدمار الشامل …» وسوف يرى القارئ إلى أي مَدًى تسير فلسفة العلم النِّسْوية في هذا المسار، لتكون فلسفة العلوم التقليدية التي تنحصر في منهج العلم ومنطقه تُحاوِل جميعها أن تبلور إيجابيات العلم وتستفيد منها، أن تأخذ من العلم، إلا الفلسفة النِّسْوية، أو بالأحرى الأُنْثَوية؛ فهي تُحاوِل أن تُضيف إلى العلم ما ينقصه ويجعله أفضل. هذا فضلًا عن عناية النِّسْوية باجتثاث فلول نظرة نُيوتن الحتمية الميكانيكية للكون، ليكون انفتاح الإبستمولوجيا المُعاصِرة على مِصراعيه أمام التطورات الثورية الراهنة في العلم. وهذا بدوره من أُولى قضايا فلسفة العلم التي انشغلتُ بها، بل كانت موضوعًا لرسالتي للدكتوراه.

تعاظَم اتهامي بفلسفة العلم النِّسْوية، قرأتُ فيها كثيرًا، وتراكمَت عندي نصوصها، ودفعتُ بعض طلابي في الدراسات العليا إلى العمل فيها. لقد استقر عزمي على تقديمها للمكتبة العربية. وأتت البداية بترجمة هذا الكتاب بداية طيبة ميمونة الطالع؛ لأنه أصلًا من مقتنيات مكتبة أستاذ جيلي الدكتور فؤاد زكريا، وطويلًا ما تحاورتُ مع الأستاذ الجليل في انشغالي بفلسفة العلم النِّسْوية لأتعلَّم المزيد، وقع عليه اختيار سيادته، واضطلعْتُ بترجمته لسلسلة عالَم المعرفة.

كانت الترجمة مُرهِقة حقًّا وليست في سهولة ويُسر ترجماتي السابقة. وكثيرًا ما التجأتُ إلى الدكتور فؤاد زكريا فيما استشكل من مُفردات ومصطلحات وتعبيرات، فرَضَها ضخامة قاموس المؤلِّفة وتَنوُّع وثراء مُفرداتها وصياغاتها المُبتكَرة في التعبير. إنه أسلوب أدبي راقٍ حافِل بالصور المَجازية، والاستعارات الجمالية، والألفاظ الموحية خصيبة الدلالة، فضلًا عن التراكيب غَير المألوفة، ونَحْت مصطلحات مُستحدَثة، وألفاظ غير واردة في الخطاب العلمي التقليدي. ولا غَرو ما دام مرادًا بها التعبير عن أبعاد خبيثة مَطمورة في الظاهرة العلمية. وما أرْهَقَني حقًّا هو التجاؤها أحيانًا إلى العامية الأمريكية حين اقتباسها للأقوال والأحداث الجارية لتنقل واقع العلم بِفجاجَته أو زَخمه، هذا مع تسليمي القاطع بأن العربية الفصحى ستظل الأفصح دائمًا عن أي تعبير مكتوب. ولا أملك إلا أن أجعل الفصحى هي الموائِمة دائمًا. ولكن كان من الضروري أن يأتي عنوان الكتاب بشيء من التصرُّف؛ لأن الترجمة الحرفية له «رفع الحجاب: الوجه الأُنْثَوي للعلم» ستحمل في العربية دلالات غير مقصودة بالمَرَّة ولا علاقة لها بموضوع الكتاب. إنها سيمانطيقية اللفظ. والحق أن التصرف جاء في العنوان فقط، ثم بذلتُ قصارى الجهد لتأتي ترجمة الكتاب بأسْرِه دقيقة ومطابِقة نصًّا وروحًا بأقصى المستطاع. هكذا كانت الترجمة مُرهِقة؛ لكن بقَدْر ما كانت مُمتِعة بِجدَّتها، وتمَيُّزها، وخصوبة مضمونها. وأرجو أن تكون هكذا للقارئ العربي وهي تَعرِض أمامه جانبًا آخر من جوانب التفكير العلمي، مِثلما تعرض جانبًا مختلفًا مِن جوانب الوجود الأُنْثَوي.

وأخيرًا … وتَكتمِل المنظومة الأُنْثَوية لهذا الكتاب، بِشكري الجزيل للأستاذة هدى صالح الدخيل؛ فقد انشغلَتْ على مدار عام بمتابعة أمْر هذا الكتاب ليخرج إلى القارئ في النهاية بالصورة المعهودة، لا سِيَّما وأنها من دارسِي الفلسفة النابهين، وتفخر بأنها تلميذة نجيبة لأستاذنا جميعًا الدكتور فؤاد زكريا. والآن تَتحمَّل بجدارة أعباء تحرير سلسلة عالَم المعرفة لتواصل السلسلةُ عطاءها المرموق للثقافة العربية التي نَرومُها دائمًا وحدة حضارية واحدة، قادرة على التعامل النَّقدي الواعي مع كل جديد.

يمنى طريف الخولي

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤