رومانسية الحياة الاجتماعية

قبل حوالي أربع سنواتٍ، عاشَ في حي كنتيش تاون، زوجان هما السيد والسيدة جرين.

كان السيد جرين تاجرًا يقوم بأعمال تِجارية في المدينة بالشراكة مع رجلٍ ألماني؛ كما يتمتَّع بدخلٍ جيد من متجر كان يفخر بأن يُديره.

ولم تكن قد مضَت فترةٌ طويلة على ارتباطهما بأواصرِ الزواج المقدَّسة. وعندما تزوَّج، اعتبر نفسه محظوظًا في الحصول على امرأةٍ جميلة ذات شعر بنِّي داكن، يقترب عمرها من الثلاثين عامًا، ذات خصال جيدة. وباتخاذه هذه السيدةَ زوجةً له، عاشَ السيد جرين لمدة ثلاث سنوات في حالة يسيرة ومريحة، فضلًا عن السعادة أو الهناء. ولم يُرزَق الزوجان بأطفال؛ ولكن مع هذا الاستثناء كانت لديهما كلُّ المقومات التي ينبغي أن تُسهِم في السعادة المادية والاجتماعية للبشر.

ربما كان التفاوُت في العمر بين السيد والسيدة جرين ظرفًا أسهَم في الحدِّ من مصادر العاطفة؛ ولكن، كما قال الجميع، لقد مضَيا في حياتهما مبتهِجَين، وجعلهما صفاءُ وهدوءُ حياتهما موضعَ قدرٍ كبير من الحسد.

كانت السيدة جرين ابنةَ كاتِب خاصٍّ يعمل لدى زوجها. وقد تُوفِّيت والدتها في وقتٍ مبكِّر من حياتها، وتُوفِّي والدها عندما كانت في الثامنة عشرة فقط من عمرها. وكان راتبُه في متجر السادة جرين وشناكويذر، لمدَّة طويلة قبل وفاته، وفيرًا للغاية، وربما كان بمقدوره باقتصادٍ معقول أن يُوفِّر منه بِضعَ مئاتٍ من الجنيهات لو رغبَ في ذلك. وكان يجب عليه بالتأكيد أن يتركَ بعضَ المدَّخَرات وراءه في شكلِ تأمين على الحياة، لكنه لم يفعل. لقد عاش كليًّا في مستوًى يستنفد كلَّ إمكانياته المادية أو ما يفوقها إلى حدٍّ ما. ولذا اضطُرَّت ابنتُه، الآنسة طومسون قبل الزواج، أن تعمل لكسب قوتها بعدَ وفاته، حيث عملت مُربية يومية. وكانت تَجرِبتُها في هذه المهنة، في رأيي، لا تختلف كثيرًا عن تجرِبة الفتيات الأخريات في هذا الموقف، يمكن أن يكون لدى القارئ فكرةٌ دقيقة عنها، ومِن ثَمَّ سأمتنع عن وصفها. قد يكون كافيًا أن نقول إنها كانت تجرِبةً كئيبة وصعبة ومحرجة. وقد اعترفت أن الزجر والإهانات المؤسفة، وأن التأثير المرهق للعمل المتعاقِب قد أخرَسَ وجفَّفَ ينابيعَ العاطفة الأنثوية لديها، وأضفى قدرًا معيَّنًا من الحدَّة على أفكارها، وجعلها، في الواقع، لا تثقُ في العالَم، ومُرتابةً، إن لم تكن أنانيةً وميَّالة إلى المؤامَرة.

وخلالَ طفولتِها، عندما كان والدُها على قيد الحياة، وبعد وفاته، ولكن قبل زواجها، تلقَّت السيدة جرين الكثيرَ من المعاملة اللطيفة من صاحبِ العمل الذي كان يعمل لديه والدُها الراحِل. فقد كان مرتبطًا بكاتِبه طومسون بذلك النوعِ من الارتباط، وإلى ذلك الحدِّ، الذي تُولِّده الخدمة الطويلة والمخلصة في ذهن صاحب العمل.

وعلى سبيل الإنصاف البسيط لوالدِ السيدة جرين، يجب التأكيدُ أنه لم يسرق قط، أو يختلِس، وأنه لم يكن غيرَ مخلصٍ بأدنى درجةٍ للمتجر الذي يعمل فيه، أو لأعضائه.

وقبل وفاته مباشرةً تلقَّى الكاتِبُ وعدًا من سيده، السيد جرين، بأن هيلين الصغيرة لن ينقصها شيءٌ ما دامت على قيدِ الحياة، وهو الوعدُ الذي تحقَّق الوفاءُ به خلالَ مدَّة ما قبلَ الزواج من خلال الاستفسار، كلَّ ثلاثة أشهر، بدقةٍ منهجية، عن أحوالها واحتياجاتها؛ وقد كانت تُجيب عن ذلك بصراحة في جميع المناسبات، وتطلب من التاجر بعضَ المستلزمات من جانبها كلَّ ثلاثة أشهر. إذ تطلب فستانًا أو غطاءَ رأس مرةً، وفي مرة أخرى تطلب سدادَ الإيجار الربع السنَوي لمنزلها، أو قد تطلب أيَّ شيء آخَر. ومِن ثَمَّ يستجيب الرجلُ لطلبها سواءٌ بشراء الغرض نفسه أو بمنحها شيكًا من أجل تلبيةِ ما تريد.

وبهذه الطريقة، ظلَّ الاتصالُ قائمًا منذ يومِ وفاة طومسون حتى يومِ زواج الآنسة طومسون من السيد جرين.

كانت مدَّة التودُّد من قِبَل التاجر قبل الزواج عاديةً للغاية وبعيدةً عن الرومانسية. فكم من الوقت استغرقَ اتخاذُه لقرار أن تكون هيلين الصغيرةُ زوجتَه، أو على الأقل أن تصبح لديها فرصةٌ لذلك، أظنه استغرقَ وقتًا طويلًا؛ لكن مِن المؤكَّد أنه في أحد أيام السداد الربع السنوي — أعني بالنسبة إليها — تلقَّت رسالة، دُعِيَت فيها إلى متجر التاجر. حيث قال في رسالة الدعوة إنه حريصٌ جدًّا على معرفة كيف تسير أمورها، وما هي آمالها المستقبلية؛ في الواقع، قال إنه حريصٌ على الوفاء بالوعد الذي أعطاه لأبيها المتوفَّى من خلالِ السؤال عن أحوالها، وعزمِه، إذا استطاع، على توفير حياةٍ كريمة من أجلها طَوال عمرها.

كانت الجملةُ الأخيرة هي الدليلَ الوحيدَ المقدَّم الذي يدلُّ على نية الرجل الذي يُحسن إليها. وكان هذا الدليل كافيًا. فقد أظهرَ لعقلها الفطِن والمتأمِّل ما قد تتوقَّعُه من التاجر، وهكذا كانت لديها الفرصةُ لتُفكر في وقت فراغها، قبل المقابلة المحددة، في الفرصة المتاحةِ أمامها. لقد وازنَت في عقلها بين جميعِ المزايا الواضحة وجميعِ عيوب أن تُصبح حرمَ السيد جرين.

لم يكن لديها احترامٌ كبير لشخصية السيد جرين، ومع ذلك لم يكن لديها نُفورٌ منه. لقد كان، في الواقع، واحدًا من هؤلاء الرجال المريحين، الهادئي الطِّباع، الذين لا يُثيرون العاطفةَ ولا يُثيرون النفور. لم يكن بأيِّ حال من الأحوال النموذجَ الذي رسمَته في خيالها للزوج. ومع ذلك كيف يُمكنها، وهي التي كانت مربيةً فقيرة طوالَ حياتها، أن تُطلِق لطموحها العِنانَ في هذا الصدَد؟ لقد كانت تأمُل، وفي رأيي أن معظم الشابَّات يأمُلْن هذا، أن تتزوج من رجل وسيم ومثقَّف ومهذَّب؛ ولديه ثَرْوة. كانت ستُصبح راضيةً برجلٍ يتمتع بمكانةٍ جيدة أو آفاقٍ في أيٍّ من المهن ذاتِ الدخل الوافر؛ الجيش أو البحريَّة أو القانون أو حتى الكنيسة. لكنَّ التقدير المجردَ من العاطفة لرسالة السيد جرين بدَّدَ كلَّ أوهامِ مثلِ هذا الطموح. لقد وصَلَت، من خلال تفكير عميق، إلى استنتاج أنها في المقام الأول إذا رفضَت عرض التاجر، فقد تُسيء إليه. ولم تكن هذه مسألةً خطيرة للغاية على أي حال؛ لأنها لم تكن تعتمدُ إلى حدٍّ كبير على معونته لها، ومع ذلك فهي لا تستطيع تحمُّلَ خَسارةِ صديق. قادَها هذا الاستنتاجُ إلى التفكير في الجانب المشرِق من اقتراح السيد جرين. من المؤكَّد أنها ستُصبح، بصفتها السيدة جرين، سيدةَ مؤسَّسةٍ ذات دَخلٍ وافر. ولم يكن سنُّه الكبير يشير إلى احتماليةٍ معقولة لإنجابها طفلًا. ومع ذلك، فقد رأت هذه الفتاةُ، التي أكسَبَتْها تجارِبُ الحياة قوةً، تعويضًا عن عدم وجود احتمال في الإنجاب، الذي هو أملُ المرأة الحقيقي، من خلال التحرُّر من هموم الأم ومشاكلها. وكانت فرصةً للتخلص من الكدح والعناء، والهروب من متاعب عملها الحاليِّ. قالت في نفسِها بعد تفكيرٍ مطوَّل، مقنِعةً نفسَها بالأمر: «قد أفعلُ ما هو أسوأ من أن أُصبح السيدةَ جرين.»

كانت هناك صعوبةٌ واحدة صغيرة؛ فهناك ارتباطٌ سابق. قالت لنفسها: «حسنًا، يجب أن أتخلَّص من إدوارد. وهذا ليس صعبًا جدًّا أيضًا. إذ لا أعتقد أن قلبه سينكسرُ حِيالَ ذلك. فأنا واثقةٌ من أن قلبي لن ينكسرَ إذا ما قطع ارتباطَه بي. كما أنني لا أُومن بالقلوب المنكسرة. وهو لا يُمكنه رفعُ دعوى ضدِّي بسبب الإخلال بوعد الزواج. ومن الجيِّد معرفةُ ذلك. فقد سمعتُ السيد جونز، وهو مُحامٍ، يقول لزوجته على طاولة الشاي في الليلة الماضية فحَسْب، إن أيَّ رجلٍ لن يستفيد من ذلك أبدًا، وأعتقد أنه قال إنَّ الضرر الواقعَ على الرجل جراءَ ذلك غالبًا ما يُقيَّم بسعر لا يتعدَّى ربُع البِنس. حسنًا، يُمكنني دفعُ هذا السعر ببساطة؛ وإذا رُفِعَت دعوى ضدَّ زوجي بعد أن أتزوجَه. أفترضُ أنه سيُصبح مسئولًا عنها، من بين التِزاماتي الأخرى، لكنني سأدفع هذا المبلغَ من مصروف جيبي.»

وافقَت الآنسة طومسون في قرارة نفسِها على أن تُصبح السيدةَ جرين، واستقرَّت حتى الآن على هذه المضاربة في يانصيب الحياة، لدرجةِ أنها بدَأَت في تخيُّل منزلها المستقبلي، واتخاذِ الترتيبات اللازمة لعُرسِها، في غضون عشرِ دقائق بعد اتخاذِ قرارها.

وكانت توقعاتُ الآنسة طومسون صحيحة. حيث أخبرَها الرجلُ الذي يُحسِن إليها أنه لاحظَ أنها فتاة تعمل بجِدٍّ للغاية. وأنَّ الطريقة التي تكافح بها لتظل تعيش مثل سيدةٍ من خلال دَخلها الخاص، مع القليل من المساعدة التي شعرَ أنه مُلزَم بتقديمها لها، تضفي عليها أعلى تقديرٍ ممكن. وقد لاحظَ سلوكَها؛ ويُمكنه القول إنه قد حَظِيَ بإعجابه. كما أنه لم يسبق له أنْ رأى مِثلَ هذا المزيج من كلِّ الفضائل التي تُشكِّل المرأة الصالحة كما رآها فيها. والآن، هو يأمُل ألا يُخيفَها أو يصدمَها من خلال ما سيقوله لها. فهو يعيشُ وحيدًا في الحياة، مثلما تعلم هي. إذ إنه غيرُ متزوِّج. وهي تعلم أيضًا أنه ليس لديه أختٌ يُمكنها إدارة منزله، وتقديم العناية ووسائل الراحة التي يعتقد أنه قد ينغمس فيها بشكلٍ معقول بعد أن أصبح، كما يمكنه القول، رجلًا ناجحًا للغاية في التجارة.

خلال حديثه، تلعثمَ السيد جرين قليلًا، وأظهر ترددًا غيرَ عادي. وعند هذه النقطة أصبحَ لديه صعوبةٌ أكبرُ في النطق.

ومع ذلك، مضى يقول إن إعجابه بها وإيمانه بفضائلها والظروف الأخرى التي ذكَرها، دفَعَته إلى أن يُقدِّم لها يدَه وقلبه.

تصرَّفَت السيدة مثلما يُمكن لجميع السيدات أن يتصرَّفْن، وأعتقدُ أن يفعلن، في مثل هذه الظروف.

حيث تحدَّثَت حديثًا لطيفًا للغاية، تدرَّبَت عليه عدةَ مرات في حُجرة نومِها، وعلى الرصيف وهي تمرُّ مِن أمام متجر السيد جونز، والذي كانت، كمربية نهارية، معتادة على العبور أمامه، وكذلك في أوقاتٍ وأماكنَ أخرى. وقد استخدَمَت كلمةَ الامتنان كثيرًا خلال حديثها. ثم قالت إنها لا تعرف كيف تقبل عرض الزواج الذي قدَّمه لها، وبعد وقفةٍ ماهرة عن الكلام أو اثنتَين، ختمَت حديثها بأنه لا ضررَ من تأجيل بسيط في الرد (بيني وبين القارئ دعني أُضِفْ، أنها أصبحَت مقتنعةً بعدم وجود احتمال بأنه قد يسحب العرض)، والتمسَت منه المزيدَ من الوقت للتفكير في عرضه النبيل؛ ليس من أجلها، لأنها لو كانت أنانيةً، لقالت نعَم على الفور؛ ولكن لأنها نادرًا ما شعرَت بأنها مكافئة لهذه المكانة، ولأنَّ هذه النقلة الكبيرة في حياتها تُذهل دماغها الصغيرَ وتُربكها.

كان هذا هو مُجملَ حديث الآنسة طومسون وجوهره.

لقد أخبرتُ القارئ بالفعل أنَّ السيد جرين والآنسة طومسون قد تزوَّجا، ولذا يُمكن لخياله الربطُ في السرد بين المقابلة الأخيرة وتحقيقُ هذا الحدث.

وخلال الحياة شبهِ الرَّتيبة التي عاشها السيد والسيدة جرين، كانت هناك بالطبع لحظاتُ انزعاجٍ صغيرةٌ من حينٍ لآخَر. لا لأنهما تشاجَرا. إذ لا شيءَ من هذا القبيل قد يُفسد سعادتَهما.

كانت المضايقات التي تحدَّثتُ عنها من أبسط الأنواع وأكثرِها اعتياديةً. فقد وعدَهما أحدُ الأصدقاء بالحضور وتناوُل الطعام معهما، ولم يَفِ بهذا الوعد. لم يكن التجار ملتزِمين بالمواعيد في تسليمِ بضائعهم. كان تاجرُ النبيذ يخدع السيدَ جرين من حينٍ لآخَر، مما تسبَّب له في الانزعاج. ولم يكن الخياطُ أو صانع القبعات دقيقًا تمامًا كما ينبغي في تنفيذِ أوامر السيدة جرين. كان هذا النوع من الأشياء هو ما قد يُزعج أحدَهما أو الآخَر.

ثم ظهرَ مصدرُ إزعاجٍ آخرُ في هذا المنزل — من خلال ما أطلَق عليه السيد هنري مايهيو أكبرَ وباءٍ في الحياة — وهو الخادمة السيِّئة. إذ كان لديهم واحدةٌ أو اثنَتان من الخادمات السيِّئات، وقد أبْدَت السيدة جرين هذه الملاحظة عدة مراتٍ، وعلى ما أعتقد، ليست هي وحدها؛ فهذا النوعُ من الملاحظة، من ناحية أخرى، قدَّمَته سيداتٌ أخريات، وأعتقدُ أنها ستُقدم مرةً أخرى؛ حيث إنه كان من المستحيلِ الحصولُ على خادمة جيِّدة.

ومع ذلك، حصَلا على خادمةٍ جيِّدة في نهاية الأمر. كانت فتاةً في الرابعة والعشرين أو الخامسة والعشرين من عُمرِها. وكانت جميلةً إلى حدٍّ ما. لقد سمعتُ مَن يصفُها بأنها جميلة. وعندما رأيتُها في النهاية، اعتقدتُ أنها جميلةٌ للغاية. علاوةً على ذلك، لم تكن فتاةً أُميَّة بأيِّ حالٍ من الأحوال. لقد تلقَّت قدرًا لا بأسَ به من التعليم؛ تعليم أفضل بكثيرٍ مما تتلقَّاه الفتيات في مثل مُستواها الاجتماعي عادةً.

ونظرًا إلى الأخلاق الكريمة لهذه الفتاة، حَظِيَت بنصيبٍ كبير من الثقة والاحترام من قِبَل سيدها وسيدتها، وسُمِحَ لها بقدرٍ من السلطة التقديرية في ترتيبات المنزل التي لا تُمنَح أو يُسمَح بها عادةً في مثل هذه الحالات. وفكرَت السيدة جرين، بموافقة زوجها، في توظيف خادمةٍ ثالثة، وترقيةِ هذه الفتاة إلى وظيفةِ وصيفةٍ خاصة لسيدة المنزل.

بعد مرور بعضِ الوقت على طَرْح هذه الفكرة، اكتُشِفَت سلسلةٌ جديدة من أسباب الإزعاج في منزل السيد جرين. حيث فُقِدَ عددٌ من المنقولات القيِّمة. وبرَز لغزُ اختفائها كأحدِ أعظم الألغاز البشريَّة الممكِنة. وبدا حلُّه مستحيلًا، وكان انزعاجُ الزوج مفرِطًا. عِلاوةً على ذلك، استخدمَت زوجته أقسى العبارات ضدَّ اللص الذي لم يُقبَض عليه حتى الآن.

وقد اتفق السيد والسيدة جرين على وضع كلِّ أنواع الفِخاخ. ونفَّذا ذلك بالفعل، لكنهما لم ينجَحا في القبض على أيِّ شخص متلبسًا بالجريمة.

سيتخيَّل القارئُ كيف سارت هذه القضية. لم تبدأ الشكوك فقط بأدنى الخادمات الثلاثِ في المنزل وتنتهِ بأعلاهِن، ولكنها طالت إلى كل واحدٍ من الأصدقاء القلائل الذين جاءوا لزيارة السيد أو السيدة جرين، وبعد الفشلِ في اكتشاف الجاني، أو الحصول على ما يشكِّل الأساس لشكٍّ عقلاني ومقبول، بدأَت الزوجةُ في التلميح إلى الوكالات التي تتعاملُ مع الحالات الخارقة للطبيعة. ومع ذلك، فقد كانت دائمًا تُقدِّم تلميحاتِها من هذا النوع إلى زوجها كما تُقدِّم النساءُ أفكارهن من هذا النوع، بإعلانِ أنها ليست مؤمِنةً بالخرافات، ولكن إذا كانت كذلك، فسوف تفعل كذا وكذا.

بعد مدَّة، أدى فقدانُ الساعة الذهبية، التي قدَّمها السيد جرين لزوجته عند زواجهما، مع سلسلةٍ ذهبية، إلى دفع هذا الرجل إلى حدِّ الجنون. إذ ثار للغاية عندما علم الأمرَ لأولِ مرة. وصاح وشتمَ متلفظًا بلغةٍ لم تسمعها زوجتُه من قبلُ تصدرُ عنه ضدَّ مجهول أو مجهولين، وتعهَّد بأشدِّ الانتقام من الجاني. وأعلن أنه إذا كان الجاني هو أخاه أو أختَه (وهو أمرٌ مستحيل، لأنه ليس لديه أخٌ أو أخت)، فسوف يسحقُه أو يشنقه. وقال أيضًا إن أسوأ ما يُميز القضية هو الاستحالةُ الكاملة لتعقُّب اللص. ولم يكن يحبُّ أن يُهزَم بهذه الطريقة. وكان أمرًا مزعجًا للغاية عدمُ معرفة ما حلَّ بهذه الأغراض، ومَن الذي سرقَها. كان مِن الصعب للغاية الشكُّ في جميع الخدم وفي أصدقائهما. هل كان عليه أن يطردَ كلَّ الخدَم؟ إذا كان الأمر كذلك، فكيف سيتأكَّد أنه قد تخلَّص من السارق؟ هل كان ليطردَ جميع أصدقائه من منزله؟ فكيف سيعرفُ أن صديقًا زائفًا هو مَن كان يسرقهما؟ انتهى مع بعض التَّمْتمات، التي، على الرغم من عدم إمكانية ذِكْرها بدقَّة، يُمكن تفسيرُها على أنها إهاناتٌ وتهديدات رهيبة.

وعلى هذا الحال كانت محادثتُه مع زوجته ذاتَ مساء مشتَّتة؛ وفي ختام الهتافِ غيرِ المترابط، نهضَ على قدَمَيه كما لو كان قد توصَّل إلى اكتشافٍ كبير. ثم قال: «يا إلهي، من المؤكَّد أن الجانيَ هو أحدُ الموجودين في المنزل. من المؤكَّد أنها إحدى الخادمات. من المؤكَّد أنها تلك الفتاةُ التي دلَّلتِها وقرَّبتِها منكِ. تلك الحقيرة ناكرةُ الجميل! إذا اكتشفتُ أنها هي، ويجب أن أكتشفَ ذلك، فسوف يُقبَض عليها، وتُحاكَم، وتُسحَق.»

كانت زوجته مرعوبة. إنَّ فكرةَ مقاضاة هذه الفتاة المسكينة، التي تُشبه حياتَها في كثيرٍ من النواحي حياتها هي شخصيًّا — لكن كانت نقطةُ الاختلاف الرئيسيَّة بينَهما، في الواقع، أنها لم تكن قادرةً على اتخاذ تاجر زوجًا لها — جعلت السيدة جرين تتعاطفُ معها. ومع ذلك، كما قالت لزوجها إنه لو كان على حق، فمن الجحودِ المروِّع أن تسرقها تلك الفتاةُ؛ هذا إن كانت فعَلَت ذلك.

قالت الزوجة: «ولكن لِنَفترِضْ أننا مُخطئان، فيا لقسوة الشُّكوك التي وجَّهْناها إليها!»

صاحَ الزوج: «قسوة! أجَل، إذا كنا مخطئَيْن. ولكن كيف يُمكن أن نكون مخطئَيْن؟»

وراحَ يُعدِّد الملابسات التي فُقِدَ في ظلِّها العديدُ من الأغراض القيِّمة، ليُبينَ أنه لا يُمكن لأي صديقٍ أو أحد المعارف سرقتُها.

كان السطو مستحيلًا بسبب تَكْرار السرقة، وطولِ الفترة الزمنية والمناسبة، وصِغَر حجم الشيء المسروق.

من المؤكَّد، في جميع الأحوال، أنها واحدةٌ أو أكثرُ من الخادمات؛ وشعَر أن مهمته هي التحقيقُ في الأمر بدقَّة. وهو مُصرٌّ على القيام بذلك. كان من واجبهما تجاهَ نفسيهما والخادمات الأُخرَيات وجميع أصدقائهما وللعالَم أن يجري الكشفُ عن هذا اللص.

قالت السيدة جرين إنها لن تسعى لإبلاغ الشرطة. وأن أقصى ما ستفعله في جميع الأحوال هو طردُ الخادمة التي ستَثبتُ عليها الجريمة. كانت القضية بالتأكيد سيئة للغاية، وسيستحقُّ اللصُّ كلَّ ما يُعاقَب به.

تمسَّك الزوجُ بقرارِه. ربما، إذا اعترفَت الحقيرة، فقد يُقرِّر الاستماعَ إلى التماسِها الرحمةَ. وإذا تجرَّأَت تلك الفتاةُ (لأنه أصرَّ على أنها هي) على تكذيب الدليل الذي سيثبتُ ضدَّها، فلن يندم على شنقها.

بهذا النوع من التسرُّع أو الحماقة التي يرتكبُها الرجال في مثلِ هذه الظروف، التفتَ إلى زوجتِه، وقال لها على نحو غيرِ منطقي: «الآن يا عزيزتي هيلين، يجب أن تكتشفي اللصَّ من أجلي. أنا واثقٌ من أنها تلك الفتاة. والآن، اكتشفي أمرها.»

من بين الحُليِّ الصغيرة التي تمتلكُها السيدة جرين سِوارٌ ومدلاة، لم يُسرَق أيٌّ منهما حتى الآن.

وقد شاهدتُهما هي وزوجَها منذ يومين قبل المحادثة الحاليَّة. وقد سُرِقا، كما أوضحتُ بعد ذلك، في اليوم التالي لهذه المحادثة. كان مِن الغريب جدًّا أن يختفيا في ذلك الوقت. من جانبها، كانت ستتَستَّر، إذا استطاعت، على الجاني؛ لكنَّ إلزام زوجها لها لم يترك لها أيَّ سلطةٍ تقديرية. كان عليها أن تكتشف اللِّص. وهي لا تعلم ماذا يجب عليها أن تفعل. فكَّرَت في تفتيش خِزانة ملابس الفتاة؛ أو أن يتولى شرطيٌّ تفتيشها. كلا، هي لن تفعلَ ذلك. كما كانت تأمُل ألا يُبلغ زوجُها الشرطةَ والنيابة. ولذلك اكتفَتْ بإبلاغ السيد جرين بهذه الخَسارة الإضافية، وأوضحَت له أنها عازمةٌ على الاستمرار في مراقبة هذه الفتاة.

كان السيد جرين، عند عودته إلى المنزل، مضطربًا ومنفعلًا. يبدو أن شيئًا ما قد ضايقَه في المدينة. أعتقدُ بسبب الإخطار الذي تلقَّاه متجره في ذلك الصباح ليُبلغ الشركةَ بإفلاس أحد التجَّار المتعاملين معه في هامبورج. أدت هذه الحقيقةُ إلى تعكُّر مِزاج التاجر، وأثارت رغبتَه في الانتقام.

ولذا عندما أبلَغَته زوجتُه بشكوكها، أصرَّ على الفور على تفتيش الفتاة وخزانة ملابسها.

في هذه اللحظة، أو قبل تنفيذ القرار، حضرَ صديقٌ لزيارتهما. ولاحظَ تجهُّمَ وجهِ التاجر، وبدأ في المزاح معه لإخراجه مِن هذه الحالة. حيث أراد الزائرُ معرفةَ ما إذا كانت أخبارُ شركة جرين وشناكويذر ستُنشَر في صحيفة «جازيت» الثلاثاءَ المقبِل، وما الذي يُعكِّر صفوَه. لم يهتمَّ بالإعلان عن خَسارته في المدينة، ووجدَ تفسيرًا كافيًا لخسائره في المنزل.

اقترحَ هذا الصديقُ أن تفتيش خزانة ملابسِ الفتاة ربما هو أمرٌ حكيم؛ لكنه انضمَّ أيضًا إلى التماس الزوجة للرحمة، وقال إنه يعتقد أن الخُطَّة الأفضل ستكون طرْدَ الفتاة وإرسالَها إلى أصدقائها، إذا كان لديها أيٌّ منهم، وأنه لا ينصح بملاحقتها قضائيًّا نظرًا إلى المصاريف والمتاعب المرتبطة بذلك.

ومع ذلك، أوضحَ التاجرُ أسبابَ عدمِ قَبوله للاقتراح الأخير، وقرَّر التفتيش.

استُدعِيَت الخادماتُ الثلاث إلى الغرفة التي يُطلِق عليها السيد جرين اسم مكتبته، واستجوَبَهن في حضور صديقه وزوجته. فنَفَين كلُّهن الجريمةَ بشدة. وذرَفْن الدموع وبكَيْن وطالَبْن بإجراءِ تحقيق. وأبدَين استياءَهن من الاتهامِ باعتباره قاسيًا وغيرَ عادل. وأظهر صبيٌّ يعمل خادمًا ومساعد مطبخ تحدِّيًا، وألْمَح على نحو غامض إلى أن أباه وأمَّه لن يتحمَّلا ذلك، وأنَّ السيد جرين سيتلقَّى شكوى بخصوص الأمر، وأنه لن يمكثَ في المنزل ولو للحظةٍ بعد تفتيش خِزانة ملابسه.

بدأ البحثُ بخِزانة ملابس الصبي ولم يُعثَر فيها على شيء.

ثم بحثوا بعد ذلك في خِزانة ملابس الوصيفة المفضَّلة ذاتِ الجمال الفائق والعِلمِ والخلُق. فعثَروا على واحدةٍ من هذه الحليِّ ونسخة من الأخرى.

أصبحَ غضبُ السيد جرين بلا حدود. وعبثًا، اعترَضَت الفتاة وحاوَلَت تأكيدَ براءتها، وأعلنَت أنَّ هذه حيلةٌ شرِّيرة من بعض الحقراء لتدميرها، أو مؤامرة مروِّعة من قِبَل بعض الأعداء المروِّعين لتشويه سُمعتها وإهانة والديها المسكينَين، حيث دسُّوا الأدلة ضدها.

فأخبرها التاجر أنها إذا اعترفَت بجريمتها فقد يغفر لها. لكنها قالت إنها لن تعترف بجريمة لم ترتكبها.

اعترَضَت السيدة جرين على عِناد الفتاة، ونصَحَتها بأنها من الأفضل أن تعترف بجريمتها الواضحة، مع وجود الأدلة التي كان من المستحيل دَحْضُها ولو للحظةٍ واحدة. فناشدت الفتاةُ تعاطُفَ سيدتها، على أملِ ألَّا تعتقد — على الأقل — أنها مذنبةٌ في الجريمة المنسوبة إليها، على الرغم من أنَّ الأدلة الظاهرة كانت ضدَّها بشدة.

وفي النهاية، تحت ضغط سيلِ الاتهام من جانب هؤلاء المتهمين، جلست الفتاة، التي ما زالت ترفض الاعتراف، على كرسيٍّ، وبنبرةٍ من الألم، ناشَدَت الله أن يشهد أنها لم تأخذ شيئًا لا يخصُّها من أيِّ إنسان.

قال السيد جرين إنَّ هذا كان أكثرَ مما يستطيعُ احتمالَه. مثلُ هذا النفاق المروِّع، مثلُ هذا الرياء الفظيع، مثل هذا التَّجْديف، كان أعنفَ إهانةٍ للسماءِ رآها على الإطلاق. ومِن ثَمَّ أمر الصبيَّ أن يُحضِر شرطيًّا، فذهب الصبيُّ بسرور. ووُضِعت اللِّصة المدانة مسبقًا في عهدة الضابط، ونُقِلت إلى قسم الشرطة، وحُبسَت.

وفي اليوم التالي، عُرِضت أدلة هذه الوقائع أمام قاضي التحقيق في المحكمة الابتدائية. ولم يستطع سمسارُ الرهن الذي رُهن الشيءُ المسروق لديه أن يقول إنَّ السجينة هي تلك السيدةُ التي رهَنَت الشيءَ المسروق لديه؛ لكنه قال إنها كانت في حدود طولِ السجينة وعمرها ومظهرها، لكنه لن يُقسِمَ على ذلك. وقال إنَّ ذاك الشيء رُهن في حوالي الساعة الثانية عشرة صباحًا؛ واستُدعِيَت السيدة جرين للإدلاء بأدلة عن تحرُّكات خادمتها، بهدف إثباتِ أو شكوك سمسار الرهن أو نفيها — حسَب الحالة — فاضطُرَّت إلى القول إنها قد أرسلت إليزا في مهمة بين الساعة الحادية عشرة والثانية عشرة من اليوم المشار إليه.

كان المشهد في المحكمة الابتدائية تلك مِن أكثر الأمور المؤلمة التي شهدناها على الإطلاق. فالسجينة لم تحصل على مساعدة محامٍ محترف. فلم يكن هناك محامٍ خبيرٌ للوقوف بجانبها. كلُّ ما فعلته، وكل ما قالَتْه، هو تَكْرار ما قالته لسيدتها وسيِّدها وصديقِهما في تلك الليلة. وأصرَّت على أنها بريئةٌ براءةَ الذئب من دمِ ابن يعقوب؛ وأنها رُبِّيَت من قِبَل والديها (اللذَين تُبجِّل ذِكْراهما، واللذين أحبَّاها بحنان) على الأمانة؛ وأنها لم ترتكب هذه السرقاتِ مطلقًا. وناشدَت سيدتَها أن تمنح المحكمةَ الدليلَ من خلال معرفتها بشخصيتها العامة. (لم يكن السيد جرين في المحكمة.) فأقرَّت سيدتُها بأنها شخصية جيدة بشكلٍ عام، وأعرَبَت عن حزنها وحزن زوجها لاكتشاف المسروقات في خِزانة ملابسها.

فطرحَ القاضي سؤالًا أو سؤالين على السيدة، التي بدَت وكأنها تكشف فكرة أنَّ أحدَ الخدم الآخرين، أو أحدَ الأصدقاء، كان هو اللِّص؛ أو على الأقل أنَّ المتهَمة ليست السارقةَ، على الرغم من أنها لم تقل الكثيرَ بعبارات واضحة.

من الواضح أن نبرةَ الفتاة وأسلوبَها قد أثَّرا في القاضي باعتقاد أنها ليست في مكانها المناسِب داخل قفص الاتهام أمامه كمُجرمة. ومع ذلك، أشار إلى أن القضية في موضع شكٍّ جدِّيٍّ للغاية، وأنه يجب عليه تأجيلُ البتِّ فيها لمدة أسبوع حتى يُمكِنَ إجراءُ تحقيقاتٍ بهدف الحصول على مزيد من الأدلة بشأنها.

وقد كانت المتهمة تتطلَّع إلى مُثولها أمام المحكمة باعتباره الاختبارَ الذي سيُثبت براءتها. ولم تكن أبدًا تشكُّ للحظةٍ في أن قاضيَ المحكمة سيكشف الغموض، ويُحول تيارَ الشكِّ الزائف بعيدًا عنها. لكنها عندما سمعت الكلماتِ الأخيرةَ تنطلق مِن شِفاه ممثِّل العدالة، وتأكَّدَت من أنها ستُعاد إلى ما يُشبه الزنزانة البغيضة التي حُبِست فيها الليلةَ الماضية، تراجعت معنوياتها. ومِن ثَمَّ أطلقَت صرخةً تُمزق القلب، وأُغمِيَ عليها، ونُقلت من قفص الاتهام فاقدةَ الوعي.

سرَدَت السيدة جرين بعنايةٍ للسيد جرين ما حدث في المحكمة بعد ظهر ذلك اليوم، وبدقةٍ كبيرة، وهو يرتشف نبيذه بعدَ العَشاء. وأثناء قيامها بذلك، أعتقدُ أنه كان شبهَ نادمٍ على تقديم هذه الفتاة المسكينة للمحاكمة، على الرغم من عدم وجود ذرةِ شكٍّ واحدة في ذهنه حول جريمتها. وقال إنه يعتقد أنه من المؤسف أنها لم تعترف. ومع مرور الوقت، واقترابِ موعد النوم، وكان على وشك الدخول في هَدْأةِ الليل — عندما؛ وهذا ما أميلُ إلى الاعتقاد فيه، ترتقي الأفكار الجيدة عند الرجال إلى صدارة تفكيرِهم (أي، ما لم يكن المفكِّر ينتوي ارتكابَ جريمة) — اعترَف الرجلُ بأنه لا يعرف ماذا يفعل؛ إنه يعتقد أن الفتاةَ المسكينة يجب أن يُوكَّل لها محامٍ؛ وأنه سيُقابل محاميَه في الصباح ليُحدثه في الأمر.

وفي صباح اليوم التالي بعد الاطلاع على رسائله، ذهبَ السيد جرين لاستشارة السيد سكراول، محاميه الخاص، بشأن توكيل محامٍ آخرَ في الدفاع عن الفتاة. ولكن، السيد سكراول نظر إلى القضية بمنظورٍ مُغاير. فعندما سمعَ عن حُسن الخلق السابق للمتهَمة؛ وعندما أُبلغَ بإصرارها الجديِّ على براءتها في المنزل؛ وعندما اتضح أن الصبيَّ قد ركض لإحضار الشرطي بمثل هذا الابتهاج، غيرِ المبرَّر، والسرعة؛ وعندما قيل له إن القاضيَ قد تأثَّر بإعلان الفتاة عن براءتها، اقترحَ السيد سكراول على موكله، السيد جرين، أن خادمته ربما تكون ضحيةً لما يُسميه اللصوص «دليلًا مدسوسًا»؛ أي إنَّ أحدَ الخدم (ربما هذا الصبي) قد يكون هو اللصَّ، وربما وضعَ الأشياء في خزانة ملابس الفتاة بغرض توجيه الشكِّ إليها. لم يعتقد السيد جرين أنَّ محاميه ربما يكون على صواب، بسبب الصعوبة التي سيُواجهها الصبيُّ في الوصول إلى الغرفة التي أُخِذَ منها الحُليَّ، لكنَّ محاميَه ردَّ على ذلك وقال إنه لم يُفكِّر كثيرًا في مثلِ هذه الحُجة؛ لأن اللصوص يستطيعون تحين الفرص للحصول على ما يُريدون حتى في ظلِّ أكثرِ الظروف معاكسةً أو صعوبة. ثم أوضحَ المحامي أنَّ السيد جرين نفسه قد يقع في مشاكلَ بشأن هذه المسألة.

دفَعَ العديدُ من الأسباب، ولا سيَّما السبب الأخير، السيدَ سكراول إلى تأييدِ اقتراح موكله، بضرورة تزويدِ الفتاة بالمساعَدة القانونية، على نفقة المدَّعي؛ وعندما جرَت تسويةُ هذه النقطة، أخبرَ السيد جرين محاميَه أنه يعتقد، في نهاية الأمر، أن الفتاة قد عُوقِبَت بما فيه الكفاية، وأنه ليس لديه أيُّ اعتراض على إطلاق سراحها، إذا كان من الممكن ترتيبُ ذلك، على الرغم من أنها فتاة جاحدة وعنيدة؛ لعدم اعترافها بالجريمة.

وافقَ السيد جرين، الذي كان حريصًا إلى حدٍّ ما، دَعْنا لا نقُلْ بخيلًا، مع تردُّدٍ كبير، على إعطاء محاميه سلطةَ اتخاذ الإجراءات التي قد يراها ضرورية، إما لمتابعةِ الدعوى أو الانسحاب منها، للدفاع عن الفتاة، ولكشف غموض القضية، وترتيبها إن أمكَن، أو إن وجَد أن هذه الخطوة مناسبة.

ومِن ثَمَّ أرسلَ محامي السيد جرين، في هذه المرحلة من القضية، كي يستعينَ بي. فحصلتُ على إذن لمرافقةِ المحامي الذي وُكِّل للدفاع عن الفتاة (بصفتي كاتِبَه) إلى مقر الاحتجاز، حيث أجرينا مقابلةً مع الفتاة المسكينة. وقد كان من أكثر المشاهد التي مررتُ بها إيلامًا. حيث أثَّرت الفتاةُ في مسئولة السجن والسجَّانات، اللواتي اعتَدْنَ على التعامُل بانتظام مع الجريمة، ومِن ثَمَّ لم يكنَّ يؤمِنَّ بسرعة بأيِّ نظرية عن براءة السجين؛ وبرغم ذلك كنَّ يعتقدن أن هذه الفتاة بريئةٌ تمامًا، ومن واقع خبرتي بالطبيعة البشرية، تيقَّنتُ على الفور أنها بريئة.

كان واضحًا لي، مثلما أخبرتُ محاميَها، أنَّ هناك مَن دسَّ الأدلة ضدها.

لكنه عندما خرجَ من مكان الاحتجاز، مثل وغدٍ حقير، قال لي: «يجب ألا تدَعَ القضية تنتهي بسرعة؛ لأنه يجب أن نحصل أنا وأنت على المزيد من الرِّبح منها.» وبصعوبة منعتُ نفسي من الإمساك بالرجل من رقبته وخنقِه. ومع ذلك، كبحتُ اشمئزازي وسخطي، ولعبتُ معه دور المنافق بما يكفي للإيحاء بأنه سيكون أمرًا جيدًا إذا تمكَّنَّا من إخراجها في الحال. وجادلتُ بأننا سنحوز قدرًا أوفر من الفضل والتقدير مما لو حكَم القاضي على الفتاة بعد عدة جلسات للمحاكمة، وأخرجها محامي جناياتٍ من محكمة الجنايات المركزية، ونُسِب إليه الفضلُ كلُّه. أما بالنسبة إلى التكاليف، فقد اقترحتُ أنه على الأرجح يمكن إجراء بعض الترتيبات للحصول على مبلغ ثابت، حتى يتمكنَ من كسب المبلغ نفسِه الذي كان سيحصل عليه من خلال عدة جلساتِ محاكَمة في جلسة محاكمة واحدة. أقنعَت هذه الحججُ المحاميَ، وسرعان ما اتفقَ معي في الاعتقاد بأنه من الأفضل أن نُنهي القضية بأسرعِ ما يمكن.

بِناءً على اقتراح المحامي الخاص للسيد جرين، ذهبتُ لمقابلته في منزله، بهدف التشاور معه مباشرةً بشأن وقائع هذه القضية.

قادتني إحدى الخادماتِ على الفور إلى المكتبة، حيث وجدتُ التاجر وزوجته يتحدَّثان؛ وقادني السيد جرين إلى غرفة الاستقبال الرسمية، من أجل توضيحِ الأمر لي أو للتأثير عليَّ، حسَبما أظن.

ترَكْنا السيدة جرين في المكتبة. وبينما بدأ السيد جرين، في غرفة الاستقبال الرسمية، يَرْوي لي اقتناعَه بأنَّ الفتاة مُدانة، استقرَّت عيني على بيانو رائع، كان غِطاؤه مغلقًا، واكتشفتُ بعد ذلك أنه مغلقٌ بمِفتاح، ولكن كان محشورًا فيه ما اعتقدتُ أنه طرَفُ رسالة.

قلتُ لنفسي: هذا دليلٌ ما. هناك شيءٌ مخبَّأ في ذلك البيانو، وحسبما أظن فإنَّ هذا بغرض تقديمه لسمسار الرهن، أو لتاجر الحُليِّ، فيما بعد. في مخيلتي، ميَّزتُ على نحو طفيف، من خلال الغطاء الخشبي للبيانو، شيئًا ملفوفًا في ذلك الظرف الذي كان طرَفٌ منه مرئيًّا على نحو واضح.

لم أغامر بالكشف عن أفكاري دفعةً واحدة للسيد جرين. إذ لم أكن أعرف تأثيرَ أيِّ مفاجأة عليه. ولم أكن واثقًا أنه قد لا يُفسد خطتي ببعض الحماقة من جانبه، إذا قدَّم تفسيرًا فجأة، أو ما إلى ذلك. تركتُه يتكلم، وتكلمت؛ لكنني مع ذلك كنتُ أفكر.

وهكذا استغرقتُ في التفكير بينما كنَّا نتجاذب أطراف الحديث. هل يمكن أن يكون هذا طرَفَ مظروف، أم أنه قطعة عادية من الورق؟ قد يكون دليلًا أو لا يكون. قد لا يكون شيئًا، في نهاية الأمر، سِوى قطعةِ ورقٍ وقَعَت داخِلَه بمحض المصادفة؛ أو ربما أوراق تخصُّ السيدة جرين، وضَعَتها هناك من غير قصد.

كلا، لقد كان دليلًا. لا يمكن أن تكون حِلْية. قد تكون رسالة. كنت مرتبكًا ومتشوقًا، بل، اسمحوا لي أن أعترف بذلك، كنت لا أطيق صبرًا على فتحِ غطاء ذلك البيانو.

لكن السيد جرين قد يسعى إلى تدمير الدليل، من أجل إثبات ظنِّه، إذا أدى الدليل، مثلما لم يكن لديَّ أدنى شكٍّ، إلى اتجاهٍ معاكس لما اتخذَتْه شكوكُه؟

في نهاية المقابلة، دارت بيننا هذه المحادثة؛ حيث سألتُه: «هل يُمكنك يا سيدي أن تتحمَّل أيَّ كشفٍ مفاجئ بخصوص هذا الأمر، الذي ربما يُظهر أنك مخطئٌ في شكوكك؟»

قال السيد جرين: «يا سيدي، أنا رجل أمينٌ ومستقيم. لا أعتقدُ أنني مخطئ؛ ولكن إذا كنتَ تستطيع أن تُثبت أنني مخطئ، فسأقرُّ بذلك، وسأُقدِّم كلَّ تعويض في استطاعتي.»

«لا شكَّ يا سيدي؛ لكن يجب أن تعذرني على حذَري. عندما يُواجه السادةُ أمرًا مفاجئًا فإنهم لا يكونون دائمًا حكيمين كما هم في المناسبات العادية، ومن المؤكَّد أنه أمر غير سارٍّ أن تشعر بأنك أصبحتَ طرَفًا في معاقبةِ شخص بريء على جريمة ارتكبها سارقٌ آخر.»

وقبل ذلك كان السيد جرين قد فكَّر بجدِّية في احتمالية أن يكون قد ظلَم خادمته وجرَحها. كان قد عزَّى نفسه بفكرةِ أنه، كما قد تصرف بحُسن نية، لا يمكن أن يلحَق به أيُّ لوم كبير؛ وإذا حدثَ هذا الاكتشاف، فقد عقَدَ العزم على متابعة المسار المشرِّف لإعادة الفتاة المجروحة، بقدر استطاعته، إلى مكانتها في المجتمَع. وقد أكد لي مرةً أخرى هذه الحقيقة.

تابعتُ قائلًا: «إذن ستمنحني ثقتَك بالكامل خلال هذا التحقيق. وسأطلب منك السماحَ لي بالبحث في هذا المنزل من أعلى إلى أسفل، وفي كل زاوية وركن.»

لم يُوافق السيد جرين على ذلك. فقد فاجأتُه إلى حدٍّ ما، وعرَّضتُه للحرج.

فقال: «لا أعتقد أن ذلك أمرٌ ضروري.»

قلت: «أعتقدُ أنه ضروري، وأنت تعلم أنَّ لديَّ الكثيرَ من الخبرة. أخشى أنه قد مُنِحَ الوقتُ الكافي بالفعل لتدمير بعضِ آثار الجريمة؛ لكنني متأكد من أن كل ساعةٍ تمر، تُسهِّل تدميرَ ما تبقى من آثارها.»

قال التاجر: «إذن، كما تشاء يا سيدي.»

«إذن سأطلب منك مرةً أخرى أن تُحصِّن نفسك ضدَّ اكتشاف أي شيء يُثير الدهشة، وأن تتصرف بحرص، كما أُناشدك ألَّا تُصعِّد الأحداث في وجودي. إذا كان لا بد من مطاردة الصبي أو خادمتك الأخرى، نتيجةَ تحقيقاتي، هذا المساء، فسوف أطلب منك عدمَ اتخاذ أيِّ خطوات لعقوبته أو عقوبتها، إلا بعد أن يصبح لديك وقتٌ للتفكير. وفي غضون ذلك، سأعتني بالبراهين.»

«اتفقنا إذن، يا سيدي.»

«أقترح أن نبدأ البحث في هذه الغرفة، بما أننا موجودون فيها.»

«ليكن يا سيدي.»

توجَّهتُ نحو البيانو، وكنت على وشك رفع الغطاء، الذي بالطبع لم يستجِبْ لمحاولتي.

«هل لديك مِفتاحُ هذا البيانو؟»

«كلا؛ إنه مع زوجتي. من الأفضل أن تطلبه من السيدة جرين يا سيدي.»

ومِن ثَمَّ استدعى زوجته.

وقال: «عزيزتي، إنَّ هذا الرجل هو محققٌ خاص. وقد أخبرتُه أننا حريصون على إجراء تحقيقٍ كامل، وسيكون من دواعي سرورنا حقًّا إذا ثبَت أن خادمتك المحتجزةَ بريئة، رغم أنني أشعر أن ذلك مستحيلٌ تمامًا. ومع ذلك هو يعتقد أنه سيتمكَّن من الحصول على بعض الأدلة التي من شأنها تحويلُ الشك عن إليزا إلى أحد الخدم الآخرين.»

قالت السيدة جرين: «حسنًا، إنه لأمرٌ مزعج أن تُقتحَم خصوصية منزل المرء بهذه الطريقة؛ لكنني أظن أن ذلك أمرٌ لا يمكن تجنبُه.»

أومأتُ برأسي موافقًا على كلام السيدة.

ثم سألتُها: «هل تسمحين بإعطائي مِفتاحَ هذا البيانو؟»

قالت في تردُّد: «البيانو يا سيدي! إنه البيانو خاصتي. لماذا تريد مِفتاحه؟» بينما امتقعَ وجهُها بطريقةٍ أخبرَتني أنني قد اكتشفتُ اللص الحقيقي ليتضحَ أنه زوجةُ التاجر.

تواردَت الأفكارُ في ذهني بالسرعة التي تُنقَل بها الرسائل عبر أسلاك التليغراف المعلَّقة فوقَ أسطح المنازل، أو داخل الأرض الصُّلبة، أو تحت سطح البحر. كان هذا مثالًا صغيرًا غريبًا على هوس السرقة. كان التكتُّم المَرَضيُّ لدى الزوجةِ المسكينة، أو الولَعُ بالاستحواذ، أو أي جزء من الدماغ قد يعتقد مختص علم فراسة الدِّماغ أن له تأثيرًا في سلوك المرء، مُفْرطًا على نحو كبير. أشفقتُ عليها. هل يمكنني التخلي عن البحث عند هذه النقطة، وتركُ جريمة السيدة المسكينة لغزًا أو حقيقةً غيرَ مكتشَفة؟ كلا؛ هذا لن يكون منصفًا. إنها قد سمحَت، على الأقل، بتوجيه اتهامٍ إلى الخادمة، موكلتي. كنت أعرف عُمق دهاءِ المرأة. وأعرف إلى أي مدًى يتشبَّث المرءُ بعنادٍ بالمظاهر الخارجية للاحترام والفضيلة. كما أعرف كيف يُصبح المجرم منعدمَ الضمير بشكلٍ فظيع عند محاصرته، مع وجود فرصة لديه لتضليل العدالة. إنَّ أثر التهاون وعدم اليقظة من جانبي سيكون وخيمًا بالنسبة إلى موكلتي البريئة، إذ قد تُزوِّر سيدتُها السابقة، التي هي اللصُّ الحقيقي، أدلةً أخرى تؤدي لإدانة الفتاة البريئة.

لماذا أُجادل مع نفسي هكذا؟ ألا ترتجف البراءة وتفقد تماسُكَها تحت وطأة أبعد اشتباهٍ في ارتكاب جريمة؟ ألا تُحافظ الإدانة، كقاعدة عامة، على تماسكها، وتنظر بوقاحةٍ إلى مخاطرِ موقفها؟ أجل. عادةً ما أرى في الارتباك مؤشرًا، ليس على الإدانة، بل على البراءة. لكن في حالة السيدة جرين كان هناك ثباتٌ مع الارتباك. كان هناك تعبيرٌ لا أستطيع وصفه بالكلمات. كان هناك خوفٌ واضح مني في محاولةِ إخفاء هذا الخوف. كان هناك حَدْس لا يُمكن وصفه، اعتملَ في ذهني كدليلٍ أخلاقي.

«لن أضغط من أجل الحصول على المفتاح يا سيدتي، إذا كنتِ لا ترغبين في السماح لي بالحصول عليه.»

«أنا معترضةٌ فقط يا سيدي؛ لأنني أعتقد أنه طلبٌ وقح.»

فأجبتُ: «سيدتي، لا يمكن أن يكون أيُّ طلب وقحًا ما دام تُبرِّره حقيقةُ أنني أجمع الأدلة لإنقاذ إنسان بريء من الأذى والعار.»

«لن أُعطيَك مفتاح البيانو خاصتي.»

«مرةً أخرى يا سيدتي، أقول إنني لن أضغطَ عليكِ من أجل ذلك؛ لكنني سأُصرح، في حضور زوجك، أنني أعتقد أنَّ من الضروري معرفةُ ما تحتويه قطعةُ الأثاث هذه.»

كان السيد جرين مصعوقًا ومذهولًا إلى حافة الجنون. وبرقَت فكرةٌ في ذهنه، لم أَعِها آنَذاك. فقد تذكَّر، كما أخبرني بعد ذلك، أنه قبل أقلَّ مِن أسبوع، وعند دخوله غرفة الاستقبال الرسمية، من أجل مقابلة زوجته، عند عودته من المدينة قبل نصف ساعةٍ من الوقت الذي اعتاد العودة فيه، وجَدها جالسةً بجانب البيانو. لكنها أغلقت غطاءه فجأةً عندما فُتِح الباب.

لقد مرت دقيقةٌ أو دقيقتان بعد أن تذكَّر تلك الواقعة قبل أن يستعيدَ تركيزه بما يكفي ليتكلم.

كان أولُ سؤال صامت دار في خَلَدِه هو كيف يُنقذ نفسه من الخزي من خلال التغطية على فضيحة زوجته؛ لكن هذه الرغبة امتزجَت بالسخط والاشمئزاز من أنها، على الرغم من توفير كل متطلباتها — حتى فيما يتعلق بمصروف جيبها — تجرؤ على سرقة منزلها. وقال لنفسه إنَّ هذا جنونٌ إجرامي. ومع ذلك قرَّر أن يُخفِيَ هذه الأفكارَ، ويُربكني إذا استطاع ذلك.

«أنا لا أفهم لماذا تريد أن تفتح بيانو زوجتي، أو لماذا ترغب في فحص قطعة الورق، إذا كانت قطعةً من الورق، كما ترى، وهو الأمر الذي لستُ متأكدًا منه.»

فقلتُ بحزم: «يا سيد جرين، أنا أُصِر على فتح هذا البيانو. وسأكسر غِطاءَه إذا لم أحصل على المفتاح. لقد وُضِعَت فيَّ ثقةٌ لا تَعدِلُها ثقة، وحُمِّلت أمانةً لا تَعدِلُها أمانة. من عادتي يا سيدي أن أقوم بواجبي؛ وفي هذه القضية الحاليَّة، لن يدفَعَني أيُّ اعتبار على وجه الأرض للربح أو المكافأة إلى التخلِّي عن أدنى دليلٍ لتبرئة المرأة التي يمكن القولُ إن مصيرها بين يدَي.»

كان الوضعُ محرجًا للغاية لجميع الأطراف.

واعتقدتُ أن الخُطة الأفضل هي أن أتصرَّف بنفسي، ومِن ثَمَّ أُعفي السيدة جرين من المزيد من الرفض لمنحي المفتاحَ، ومِن ثَمَّ أخذتُ أداة صغيرة من جيبي، قويةً بما يكفي لكسر القفل. وقد فعلت هذا، بينما لم يجرؤ الزوجُ ولا الزوجة على مقاومتي.

عندما رفعتُ الغِطاء، كانت هناك رسالةٌ بالداخل. فنظرَت إليها السيدة جرين، في محاولةٍ منها لالتقاطها من فوق لوحةِ مفاتيح البيانو.

كنتُ قد توقعت مثلَ هذا الفِعل من جانبها، ولمَّا شعرتُ بمقاومة ذراعي اليمنى، أخذتُها بيدي اليسرى.

«هذه رسالةٌ تخصني يا سيدي.»

«ربما يا سيدتي؛ لكن يجب أن أعرف ما تضمَّنَته.»

فسألَت زوجها: «هل ستسمح له بذلك؟»

قال: «إنَّ رسائل زوجتي تخصُّني أنا. ولا تخصك بالتأكيد، لكنها تخصني.»

«لا أُنازع مطلقًا يا سيدي، حول مَن تخصُّه الرسالة؛ لكن محتواها، حسَبما أظن، يخصُّ شابةً تعيسة تقبع الآن في السجن بتهمةٍ أنا واثق من أنها بريئةٌ منها مثلما أنت بريء تمامًا.»

قالت الزوجة: «لا أعرف كيف ستُفيدك هذه الرسالة في معرفة الحقيقة.»

قلت: «ولا أنا كذلك، بكلِّ صراحة، لكنني أعتقد أن هذه الرسالةَ ستُساعدني في حل لغز القضية برُمَّته.»

وبدا لي مرةً أخرى أنني يجب أن أُخرِج التاجر وزوجته من الحَرج اللحظي من خلال بعضِ التصرفات من جانبي.

فقلتُ: «سأحتفظ بهذه الرسالة حتى يوم الإثنين المقبل، حيث سأسلِّمها، إذا كنتما تصران، إلى القاضي؛ ولكني أعتقد، بكل صرامة، أنني يجب أن أقرَأها في الحال، وإذا كانت ذاتَ صلة بالقضية، فسأسلِّمها إلى محامي السجينة.»

قال السيد جرين: «لا أسمح لك بذلك، عليك أن تُسلمها لي.»

كما طلبت زوجته ذلك بشدة.

«مع كل الاحترام لك يا سيدي، ولكِ يا سيدتي، سأتحمل مسئولية احتجازها.»

عندئذٍ طلبَ الزوجُ، الذي كان طَوال هذا الوقت فريسةً لمشاعرَ مؤلمةٍ للغاية، من زوجته أن تتركَنا وتُغادر الغرفة، قائلًا إنه سيتفاهم معي؛ وبعد تردُّد كبير، فعلت ذلك. وبينما كانت تُغادر الغرفة، اعتقدتُ أنه يُمكنني أن أتتبَّع بوضوح، في ملامحِ ذلك الوجه الجميل، الإشاراتِ الخارجيةَ لعقلٍ يعتصره ألم الجريمة.

عندما غادرَت، جلستُ على كرسي، وفعل السيد جرين الشيء نفسَه.

ومِن ثَمَّ قلتُ: «إنَّ هذه الرسالة يا سيدي، قد تكون رسالةً عادية، ولا تحتوي على أيِّ شيء يمكن أن يُؤثر على وضع السجينة التعيسة؛ وإذا كان الأمرُ كذلك، فسأكون مستعدًّا تمامًا لتسليمها إليك في الحال، لكني سأطلب الآن، إذا سمحت، من قبيل الكِياسة، أن تسمح لي بقراءتها.»

«إنها رسالة تخصُّ زوجتي يا سيدي!»

«أجل، إنها رسالة تخصُّ زوجتك، ولا يُمكنني أن أعِدَك بالتكتُّم على محتواها إلا بعد أن أعرفَ ما تحويه. وإذا لم يكن محتواها ضروريًّا لمصلحة السجينة، ولا يتطلب الأمرُ استخدامَه، فإنه مهما كان السرُّ الذي تحويه هذه الرسالة، فلن تحصل أيُّ نفسٍ حية على أدنى فكرةٍ عن هذا السرِّ مني. ولكن، من ناحية أخرى، إذا كان المحتوى سيُقدم صلة مادية في أدلة براءة تلك الفتاة التعيسة، فلن تدفعَني أيُّ اعتبارات، أو مراعاةٍ لموقفك أو ظروفك أو سعادتك، إلى الامتناع عن استخدامها من أجل إطلاق سراح الفتاة.»

قال الزوج في رعب: «أعتقد أنه يجب أن تدَعَني أقرَؤها أولًا.»

«يجب أن تسمحَ لي بعكس ترتيب الاطلاع. إذ يجب أن أقرأَها أنا أولًا.»

نهضَ السيد جرين وراحَ يجوب الغرفة جيئة وذهابًا. فجلست أفكر وأراقبه. وفي النهاية استدار وقال:

«أعلم أنه يمكنني الاعتمادُ على حكمك يا سيدي.» ثم جلسَ بجانبي. فقرأتُ الرسالة بصوتٍ عالٍ بما يكفي ليسمَعها، لكن لم أترك أيَّ جملة أو كلمة تمر عبر ثقب المفتاح في باب غرفة الاستقبال الرسمية.

قرَّبنا كرسيَّينا بينما كنتُ أقرأ الرسالة. كانت الرسالة موجَّهةً إلى زوجة التاجر بخط يدِ الطرف الذي كان قلبُها معلَّقًا به، والذي لم ينفصل عنه قلبُها قط. لقد سعَت عبَثًا إلى فِطام عواطفها عنه بمجرد أن تلقَّت عرض الزواج من زوجها الحالي؛ لكنها لم تنجح في ذلك. لقد جعلتها التجرِبةُ الصارمة، فاترةً، متشكِّكة، حذِرة، لكنْ ظلَّ هناك في صدرها ما يكفي من عنصر الحبِّ البشري الذي يدفعها إلى الحنين إلى ارتباط أيامها الأكثرِ نقاءً. وهي لم تستطع لفترة طويلة أن تستجمع شجاعتها كي تخبر الحبيب بأنها ستتزوَّج. وعندما فعلَت ذلك، استقبلها بما أسماه «الاستغناء الفلسفي». فقد أعلن أنه سيستغني عنها، ولا شك أنه قد فعل، وتركها لما أسماه وتصوَّر أنه سيُصبح «زواجًا أكثرَ إرضاءً». ومع ذلك، حدث اتفاقٌ بين العاشقَيْن على أن العلاقة بينهما يجب أن تستمرَّ على أساس الصداقة؛ لكن بسبب المشاعر الكبيرة الخالصة، ونظرًا إلى كونهما في الواقع صاحِبَي طبيعة متدنِّية إلى حدٍّ ما، لم يستطيعا الإبقاءَ على تلك العلاقة الفاترة التي ربما تجد حتى العقولُ الواعية أنه ليس من السهل الحفاظُ على عَفافها الفاتر. حيث تحوَّل ارتباطُ الصداقة إلى حبٍّ محرَّم قبل أن يأخذ التاجرُ السيدةَ إلى الكنيسة ليعقد القِران. ومِن ثَمَّ استمرَّت تلك العلاقة المحرَّمة بعد الزواج. وأصابَ الحظُّ السيئ الحبيبَ بمجرد أن نَعِمَت المرأة التي كان سيتزوجها بالحظِّ الجيد، والتي أصبحَت زوجةً لشخص آخر. فطلبَ منها مساعدتَه من نقودها. وقد فعلت ذلك بكل النقود التي أمكَنها الحصولُ عليها من زوجها؛ والتي ادَّخرَتها من النفقات المنزلية. إلا أن المطالب من الزوجة من هذا المصدر زادت كما زادت حُريتها أو رغبتها في إشباعها. وقد أنفقَ العشيقُ المالَ، الذي حصل عليه بسهولة ودون وجهِ حق من عشيقته، بمنتهى السرعة. وما كان يُطلَب في البداية مع نبرات التوسُّل المتواضع، أصبحَ يُطلَب تحت التهديد بالفضيحة.

وقد حملَت الرسالةُ المأخوذة من البيانو طلبًا من العشيق بالحصول على مبلغ ١٠ جنيهات، حتى يتمكنَ من سداد ما أطلق عليه «دَيْن شرف» في غضون ثلاثة أيام. وقال إنه يجب أن يحصل على المال، وسيحصل عليه بأيِّ شكل. كان لدى ذلك الحقير وقاحةٌ وحشية ليقول لهذه المرأة التعيسة التي يسيطر عليها: «إنَّ لديكِ الكثيرَ لتخسريه بسبب الفضيحة أكثر مما لديَّ لأخسرَه؛ واحذري، إذا لم تُعطيني المال.» وهو المبلغ الذي لم تستطع المرأةُ البائسة الحصولَ عليه. حيث كانت قد أعطته مبلغًا مماثلًا قبل نحوِ أسبوع، وكانت مَطالبه منها مؤخرًا قد أصبحَت ثقيلة للغاية لدرجة أنها كانت في حالةِ تخوُّف يومي من اكتشاف زوجها لسوء تصرفها في الأموال التي يُعطيها لها لتسيير شئون منزله. فالفواتير التي زعمَت أنها سددتها ظلت غيرَ مسدَّدةٍ بالفعل. كما اختلست عدةَ مئات من الجنيهات بدلًا من إنفاقها على النحو المشروع الذي اتفقَت مع زوجها عليه. ومِن ثَمَّ، فقد أعطته في هذه المرة، كما فعلت في بعض المرات الأخرى عندما كانت في وضعٍ مشابه، بعضَ مقتنياتها التي يمكن بواسطتها، من خلال سمسار الرهن، أو بطريقةٍ ما من هذا القبيل، جمعُ الأموال التي يحتاجها لأغراضه غير الشريفة؛ ويستخلص مرةً أخرى، من خلال قبضته الإجرامية على عقل الزوجة وضميرها وجسدها، الأموالَ التي يُنفقها في الفجور. فقد أعطت الزوجةُ الساعةَ والسلسلة وبعض الحُليِّ الأخرى إلى عشيقها، الذي تصرَّفَ فيها وحصلَ على نقودٍ مقابلها.

قد يكون من السهل تصورُ التأثيرِ الذي أحدثَته هذه الرسالةُ على التاجر أكثرَ من وصفه. يكفي أن أقول إنَّ هذا الرجل ذا التفكيرِ الحصيف، الذي تمالكَ نفسه جيدًا طوال المقابلة التي وصفتُها منذ قليل، قد انهار عند هذه النقطة، وفقدَ أعصابه تمامًا. ومِن ثَمَّ وضعَ نفسه تحت إرشادي، وخرجَ من المنزل معي في ذلك المساء، تاركًا السيدةَ جرين هناك وحدها.

وفي اليوم التالي تقابلتُ مع السيد جرين في مكتب محاميه، الذي سلَّمتُه نسخةً من الرسالة؛ كما قدَّمتُ نسخةً إلى محامي السجينة. وحدث اتفاقٌ بين محامي السيد جرين وموكله من أجل إرسال شخصٍ للاستحواذ الفوري على المنزل في كنتيش تاون، الذي كان قد أخلاه في الليلة السابقة.

واكتشفَ الرجل المكلَّفُ بالمهمة، عند وصوله، أن السيدة جرين قد هربت. حيث غادرت المنزلَ في وقتٍ مبكر من ذلك الصباح. وأخذَت معها ما خف وزنُه وغلا ثمنُه. وقد عبأت خِزانة الملابس الضخمة في صناديق. أخذت جميع المجوهرات، التي يمكن تحويلها بسهولة إلى نقود. وكان السيد جرين قد تركَ لها، بِناءً على اقتراحي، عشرة شيكات مسحوبة على بنكه الخاص، بقيمة خمسة جنيهات لكلٍّ منها، وكلٌّ منها مؤرَّخ بتاريخ لاحقٍ ويفصله سبعة أيام عن سابقه. وقد أخذَتْها بالطبع معها. ولم تترك أيَّ عنوان خلفها. كما لم تأخذ أيًّا من الخدم برفقتها. لا أحدَ يعرف أين ذهبت، ولم أهتمَّ أنا شخصيًّا.

وأُجرِي لقاءٌ بين محامي المدعي ومحامي السجينة؛ في سرية ودون تحيز.

وحدثَ التواصل بحرية في ظل تلك الأجواء. ومِن ثَمَّ قيل للفتاة المسكينة إنه سيُقدَّم طلبٌ للإفراج عنها، عند عرضها على القاضي في الجلسة القادمة، في ظل الظروف التي ستُوضَّح لها بعد ذلك. كما أُبلغت أنَّ سيدها واثقٌ من براءتها؛ وأنَّ الجانيَ قد حُدِّدت هويته، لكنه لن يُقدَّم للمحاكمة. وبالنسبة إلى الضرر الذي تعرضَت له على يديه، الذي يعترف آسفًا بأنه كان نتيجةً لدوافعه المتهورة، فقد طلبَ منها العفو، الذي منحَته إياه على الفور.

وفي الجلسة التالية أمام القاضي، قال محامي المدعي، الذي ظهر للمرة الأولى، إنه قد حدث تحقيقٌ في القضية منذ الجلسة السابقة، وإنه يطلب إذنَ القاضي الموقَّر للسماح له بالانسحاب من القضية. استدار القاضي على الفور إلى محامي السجينة، وسأله عما إذا كان لديه أيُّ اعتراض على هذا المسار، وتلقى ردًّا بأنَّ موكلته ليس لديها اعتراضٌ على إطلاق سراحها دون شروط.

وهكذا أُطلِقَ سراح الفتاة المسكينة، ونُقِلت لتعيش تحت رعاية إحدى قريباتها، وقد جرى تزويد قريبتها بكل الموارد وتلبية كلِّ متطلباتها من أجل توفير كل سبل الراحة الفورية للفتاة. وكان السيد جرين هو مَن قدَّم تلك الموارد.

سمعتُ عن السيدة جرين بعد ذلك. حيث أُسنِدَت إليَّ مهمة تتبُّعِها، وكان دليلي في المهمة هو دليلًا قدَّمَته هي بنفسها. حيث وكَّلت محاميًا بعد نحوِ شهرين من هروبها من كنتيش تاون، تواصلَ مع المحامي الخاصِّ بزوجها، وناشده، لأسبابٍ إنسانية، منحها المال. توسَّل إليه المحامي أن يُفكر في الخزي الذي قد يلحق بالسيد جرين إذا تعرضَت المرأة التي تحمل اسمه إلى ضائقةٍ وحرمان مطلَق وربما تدخل إلى ملجأ الفقراء. وبعد عدة مشاوراتٍ مع محاميه، رفضَ السيد جرين منحها أيَّ شيء. وأعلن عدم اهتمامه التامِّ بما حدث للمرأة التي لا قيمة لها عنده؛ وردًّا على تهديدٍ، طرَحه بلطفٍ أو ألمح إليه محاميها بعد ذلك، بأنها ستصبح مصدرَ إزعاج لزوجها، أبلغَ محامي السيد جرين زميلَ مهنته أنَّ موكله لن يتردَّد في تسليمها إلى الشرطة إذا فعلَت ذلك. وهكذا انتهت المفاوضات.

مضى بعضُ الوقت منذ إطلاق سراح السجينة. واستمر السيد جرين في الاهتمام بشكلٍ كبير برفاهيتها. وكثيرًا ما كان يزور منزل خالتها في كامبرويل، وكشفَ عن اهتمامٍ وعطف تجاه الفتاة. وفي الواقع، فإن العطف هي الكلمة الصحيحة لاستخدامها للتعبير عن الرعاية في هذه الحالة.

وذات يوم استدعى التاجرُ محاميَه، واجتمعَ معه طويلًا. ومن دون إقحام القارئ فيما جرى في هذا الاجتماع من بدايته إلى نهايته، يُمكنني أن أُبلغه أنَّ السيد جرين كان مُصرًّا على أن يتخذ السير كريسويل إجراءاتِ تفكيك روابط زواجه الكنَسيَّة، إذا أمكن تقديم دليلٍ قانوني على خيانة زوجته، وتخيَّل أنه لن تكون هناك مشكلةٌ كبيرة في الحصول عليه. إذ ستصبح الرسالة التي اكتُشِفت في البيانو مهمةً للغاية بالطبع، لكنها لم تكن كافية في حدِّ ذاتها.

وبِناءً على ذلك استعانَ السيد جرين بخدماتي، ووجدتُ أن تتبُّع تلك الخيوط سيقودني للعثور عليها. ولم يمر وقتٌ طويل قبل أن أكتشف أن السيدة جرين أصبحت «عاهرة» تتجول في واترلو بليس كلَّ ليلة، مرتديةً الملابسَ التي اشتراها لها السيد جرين، زوجها؛ وعلمتُ أيضًا أنها، من نقود خطيئتها، كانت تُحافظ على «الارتباط السابق».

عندما جمعتُ كلَّ هذه الأدلة وعرَضتُها على دكتور جينكس، وهو محامٍ بارعٌ للغاية — وهذا هو السبب الذي دعاني إلى معرفته — يُمارس المحاماةَ في المحكمة، حتى صار مؤخرًا تحت رئاسة السير كريسويل، وعندما طُلِب منه أن يُدلِيَ بدلوِه بشأن «القضية»، التي لم يكن هناك مجالٌ للشكِّ في أن المحكمة ستمنح السيد جرين الطلاقَ من زوجته الزانية، زار هذا الرجل خالة إليزا، وشرحَ لها شعوره بأنه ملزمٌ بالتعبير على الفور عن إحساسه بجدارة ابنة أختها وفضائلها، ورغبته في تقديم أكبر تعويض في استطاعته عن الأضرار التي لَحِقَت بها، من خلال عرضه أن تحلَّ محل سيدتها السابقة في أقربِ وقتٍ بمجرد الحصول على قرار المحكمة بوقوع الطلاق.

وبعد ذلك قضت المحكمة بوقوع الطلاق على الفور. وكانت معارضة الزوجة ما هي إلا مقاومة زائفة. كان دفاعًا من محامٍ، لم يكن ليُقدم أبدًا لو أن القانون، في احترامه للمرأة تحت جميع الظروف، لم يسمح لها، رغم أنها مفلسة، بوضع يدَيها في جيب الزوج المتضرِّر كي تنالَ منه أيَّ تكاليف تكبَّدَتها، وكذلك نفقتَها خلال الدعوى. إذ بمجرَّد أن رفعَ السيد جرين دعواه، كان عليه أن يمنح زوجته ٦٠٠ جنيه سنويًّا إلى أن يحصل على مرسومه بفسخ الزواج، وكان عليه أيضًا أن يدفع لمحاميها ١٥٠ جنيهًا و٤ شلنات و٦ قروش.

وبعد أن دُفِعت هذه الأموال، واتُّخِذت هذه الإجراءات، وبعد مزيدٍ من الانتظار لانقضاء الوقت المنصوص عليه بموجب القانون للطرَف الآخَر — أي للسيدة جرين — ضدَّ قرار المحكمة، لم يُرفَع هذا الاستئناف، ومِن ثَمَّ لم يَعُد يحقُّ للمرأة الزانية استخدامُ اسم التاجر؛ إذ لم تعد، في نظر القانون، زوجتَه بأي شكل من الأشكال؛ وأصبحت إليزا هي السيدة جرين، بموجب القانون وكنيسة إنجلترا.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤