الفصل الثالث

تعرَّفْ على نوعية المستهلك الذي تستهدفه

تبدو الصور البنية الداكنة السيئة الجودة غريبةً وغامضة؛ فتشعر كما لو كنت تشاهد لقطات مصورة من دولة أجنبية أو من مجموعة فيديوهات قديمة صوَّرها شخصٌ ما بنفسه. يظهر على الشاشة شابٌّ ذو لحية داكنة كثَّة، خارجًا من المحيط يحمل ما يشبه صندوق كنوز، ويتجمع الناس حوله في إثارةٍ وتلهُّفٍ لمعرفة ما جلبه من البحر. يُسمَع صوتُ المعلِّقِ الرخيمُ وهو يقول بنبرة شديدة الجدية: «يصغي الناس باهتمامٍ شديد إلى كل كلمة يقولها، حتى أحرف الجر.»

ننتقل بعد ذلك إلى مشهد ملوَّن للرجل نفسه، الذي أصبح الآن أكبر سنًّا، على قمة أحد الجبال يفكُّ حبلًا يربط بيانو كبيرًا أبيض اللون بطائرة مروحية، ويقول: «يمكنه تجريدُك من أسلحتك بنظراته أو بيديه … بأي الطريقتين شاء.»

ننتقل إلى مشهد ثالث لهذا الرجل وهو يجري بأقصى سرعة حاملًا ثعلبًا، بينما يطارده ثلاثة رجال يرتدون زيًّا أحمر اللون على ظهور الخيل. «يمكنه التحدث بالفرنسية … بلكنة روسية.» ننتقل مرةً رابعة إلى مشهدٍ للرجل في حجرةِ مكتبٍ كبيرة وهو يضع علامات على خريطة للعالم، فتقاطِعه بومة تطير في الغرفة وتهبط على كتفه. «إنه … الرجل الأكثر إثارةً للاهتمام في العالَم.»

ننتقل في نهاية المطاف إلى حانة مضاءة بإضاءة دافئة، حيث يجلس بطلنا — الذي أصبح أنيقًا الآن، ويرتدي قميصًا أبيض اللون مغلق الأزرار، وسترةً سوداء بها منديل أحمر اللون — على مائدة مع نساء جميلات أصغر سنًّا منه بأربعين عامًا على الأقل، ثم ينظر إلى الكاميرا ويقول بهدوء بلهجة مكسيكية دقيقة: «أنا لا أشرب الجعة دائمًا، ولكن عندما أفعل ذلك، فإني أفضِّل دوس إكيس.»

نشاهد لقطة جميلة لزجاجة دوس إكيس، بملصقها الذهبي اللامع وشعار XX أحمر اللون، ويقدِّم الرجل الأكثر إثارةً للاهتمام في العالَم رسالةً أخيرة: «ابقَوْا على ظمئكم يا أصدقائي.»

(١) الرجل الأكثر إثارةً للاهتمام في العالَم

أثارت مجموعة الإعلانات التي حملت عنوانًا مناسبًا تمامًا، وهو «الرجل الأكثر إثارةً للاهتمام في العالَم»، ما تسمِّيه كيرستن ريفاس — العضو المنتدب في شركة هافاس وورلد وايد — «ظاهرةً ثقافية». قدَّمت العلامة التجارية — التي كان قد مرَّ على ظهورها نحو قرن من الزمان، ومع ذلك لم تكن مشهورةً (لم يكن يعرفها غالبًا سوى الطلاب الذين يقضون إجازةَ الربيع في المكسيك) — نوعًا جديدًا من التواصُل لم يشهد مستهلكو الجعة الأمريكيون مثيلًا له. كان يختلف تمامًا عن الدعاية المَرِحة الصاخبة غير الناضجة التي كانت تمثِّل الوضعَ الراهن لمعظم إعلانات الجعة في عام ٢٠١٠.

في غضون سنوات قليلة، احتلَّتْ دوس إكيس المركزَ السادس للجعة المستوردة، وتغلغلت حملتها «الرجل الأكثر إثارةً للاهتمام» في الثقافة الشعبية إلى درجةِ ظهورها في برنامج «ساترداي نايت لايف». ومن خلال هذا النوع من التواصل، باتَتْ تلك الجعةُ التي تحمل هذه العلامة التجارية — والتي كانت علاقتُها بأولئك المستهلكين الذين «التقَوْا بها» من قبلُ علاقةً عارضةً على أفضل تقدير — الجعةَ التي يريد الجميع «إقامةَ علاقةٍ معها».

كما رأينا في الفصل السابق، كان أعضاء فريق دوس إكيس قد بدءوا يعملون من أجل «معرفة أنفسهم» على نحوٍ أفضل؛ أو بعبارة أكثر تحديدًا، من أجل فَهْم سمات المنتج والمزايا التي يحصل عليها المستهلك، والتي كانت فريدةً من نوعها بالنسبة إلى هذه العلامة التجارية. فقد اكتشفوا أن المزيج الذي يجمع بين الأصولِ الغامضة لجعة دوس إكيس، ومذاقِها الفريد من نوعه، وتراثِها المكسيكي؛ ربما يكون مفتاحًا لتميُّزها في فئة الجعة المكتظَّة بالكثير من الخيارات. ولكن كيف وصلوا من سمات العلامة التجارية الغامضة والمكسيكية إلى «الرجل الأكثر إثارةً للاهتمام في العالَم»؟ في البداية، غمسوا أنفسهم تمامًا في حياة المستهلكين المحتملين؛ شارِبِي الجعة الذكور في العشرينيات من عمرهم. (صحيح أن الإناث يشربْنَ الجعة، ولكن أعدادهن الإجمالية أقلُّ بكثير مقارَنةً بأعداد الذكور.) التزَمَ الفريق بمعرفة المزيد عن نوعية المستهلك الذي يستهدفونه.

(١-١) التعرف على شاربي الجعة من شباب العشرينيات

لمعرفة المزيد عن هؤلاء الشباب، لم يستخدم فريق دوس إكيس — بقيادة مدير العلامة التجارية العالمية ويليم يان فان دير هوفن — الدراساتِ المسحيةَ المجردة، أو إجراءَ دراساتٍ على مجموعات تركيز في بيئة اصطناعية. بدلًا من ذلك، ذهب فريقُ العلامة التجارية وزملاؤهم — وكالة هافاس — إلى حيث يوجد شارِبُو الجعة؛ ذهبوا إلى الحانات. كان هدفهم هو معرفة طبيعة شاربي الجعة هؤلاء من خلال معايَشة الحياة بنفس أسلوبهم، ومعرفة ماذا تمثِّل هذه العلامة التجارية بالنسبة إليهم. وكما قالت كيرستن ريفاس، العضو المنتدب لوكالة هافاس: «كان علينا أن نغوص في عقولهم. كان البحث الذي أجريناه من النوع غير التقليدي؛ فقد دخلنا في محادثات بالحانات، واستطعنا أن نتعرَّف على شارِبِي الجعة بصفةٍ شخصية. أردنا أن نعرف كيف كانوا يتفاعلون مع أصدقائهم، في سياق الحانة تحديدًا.»1 وهكذا أمضى الفريق ليلةً تلو الأخرى في حانات مختلفة في عدة مدن، متحدِّثين مع الرجال الذين كانوا يعتقدون أنهم يمثِّلون أكبر فرصة للعلامة التجارية. وما وجدوه كان كاشفًا.

أولًا: وفقًا لريفاس، كثير من الرجال الذين تحدَّثوا إليهم انتقدوا إعلانات الجعة؛ إذ «رأوا أن فئة منتجات الجعة كانت تخاطبهم بطريقةٍ مفرطة في التبسيط؛ فكانت أشبه بمزاحٍ سخيف بين الأصدقاء.» لم يُرِد كثير منهم أن يُنظَر إليه بهذه الطريقة؛ أنْ يكون موضعَ تهكُّم. في الواقع، خشي العديد منهم فعليًّا أن تكون نظرةُ الآخرين لهم على النحو الذي تصوِّرهم إعلاناتُ الجعة به؛ فبالنسبة إلى هؤلاء الرجال، كان آخِر شيء يريدونه في إطار المجموعة أن يُنظَر إليهم بسخرية أو احتقار؛ فهناك فرْقٌ كبير بين جعل أصدقائك يضحكون «معك»، وجعلهم يضحكون «منك». وكانت مشاركة حسك الفكاهي وآرائك وأفكارك ومعتقداتك تنطوي أيضًا على مخاطرة كبيرة.

اكتشف الفريق أن هؤلاء الشباب كانوا يخشون أن يُنظَر إليهم على أنهم أشخاص «ممِلُّون». ووفقًا لريفاس، «كان هذا الخوف شائعًا بينهم؛ كانوا يخشون أن يُنظَر إليهم باعتبارهم أشخاصًا غير مهمين، أو أن يقال عنهم إنهم ليس لديهم ما يكفي من القصص الجيدة لحَكْيها.» وأضافت ميلمو: «عندما كانوا يخرجون، كانوا يريدون في النهاية أن يكونوا جزءًا من المحادثات التي يمكن أن يتحدَّثوا فيها عن مغامرات القفز بالمظلات ورحلات المشي لمسافات طويلة. وأحيانًا كانت مصداقيةُ هذه القصص موضعَ تساؤلٍ.»2 وقال فان دير هوفن بوضوح: «توجد لدى هؤلاء الرجال رغبة في أن تكون لديهم قصة جيدة لروايتها؛ فهم يتوقون لأن يكونوا مثيرين للاهتمام. سواء أكانت القصة مُختلَقة أم حقيقية فهذا ليس مهمًّا، المهم هو أن تكون مسلية.»3

كانت فكرة العلامة التجارية الأساسية قد بدأت في التطور. هؤلاء الرجال الذين وجدهم فريق دوس إكيس جذَّابين لم يكونوا قادةً لغيرهم في هذا الاتجاه، ولم يكونوا متفردين بما يكفي ليتميزوا عن بقية الناس. لا، كان هؤلاء الرجال جزءًا من المجموعة، لكنهم كانوا جزءًا مهمًّا منها؛ كانوا هم الأشخاص المثيرين للاهتمام — وهم أنفسهم مَن سَعَوْا إلى أن يكونوا كذلك. كانوا الأشخاصَ الذين يروون القصةَ الطريفة، القصةَ التي لا تُصدَّق؛ الذين يجذبون اهتمامَ الآخرين من خلال حكايات الحب والمغامرات. كانوا هم الأشخاص الذين تحتاج إليهم المجموعة بشدة؛ فدون وجودهم ودون قصصهم وقدرتهم على رواية هذه القصص على أسماع الآخرين، ستفقد المجموعة عنصرًا رئيسيًّا؛ الغراءَ الذي أبقى المجموعةَ متماسكة، وأبقى لقاءاتهم الليلية في الخارج رائعةً. كان هؤلاء الرجال هم الذين تريد دوس إكيس إقامةَ علاقةٍ رومانسية معهم.

رأت دوس إكيس فرصةً؛ فمن الممكن أن يركِّز فريق العلامة التجارية جهوده على تمييز العلامة التجارية نفسها على نحوٍ شبه حصري من خلال التركيز على السمات الظاهرية؛ بتركيز رسالتها على ميزة عاطفية وعلى شخصية غامضة. كما بمقدورهم أن يدَعوا الفكرة العاطفية الأساسية تنقل بمهارةٍ الأصولَ الغامضة للعلامة التجارية، وطعْمَها الفريد من نوعه، وتراثَها المكسيكي؛ فهذا من شأنه أن يجعل شخصية دوس إكيس تُضفِي تميُّزًا للعلامة التجارية على العرضِ الاحترافي لأنواع الجعة الفاخرة مثل هاينكن، والرسالةِ الهزلية لأنواع الجعة المحلية مثل باد لايت. سوف «تفوز» دوس إكيس بميزة عاطفية؛ ميزة تركِّز على مفهوم «إثارة الاهتمام».

(١-٢) عرضٌ «مثيرٌ للاهتمام»

ولكن ماذا يعني بالضبط مصطلح «مثير للاهتمام»؟ وكيف ينبغي نقله في فئةٍ مكتظَّةٍ بمنتجات الجعة؟ لم يكن ممكنًا أن تتحمل دوس إكيس التكلفة الباهظة للدعاية عبر وسائل الإعلام الوطنية مثل العلامات التجارية الكبيرة؛ وذلك لصِغَر حجم الشركة؛ لذلك ينبغي أن تصل رسالة فريق التسويق للمستهلكين دون ميزة حجم وسائل الإعلام الكبيرة. قالت ريفاس: «سوف نقلب رسالةَ الجعة التقليدية رأسًا على عقب؛ فبدلًا من عرض شاربي الجعة في مواقف هزلية، ستقول العلامة التجارية: «أنت تعيش حياةً مثيرة للاهتمام، وتتبع فلسفةً تبني أسلوب حياة أكثر إثارةً للاهتمام يمكنك عيشه. ونحن في دوس إكيس نشاركك هذه الفلسفة».» إذا اقتصرَتِ الرسالة الموجودة، الموجَّهة إلى الأشخاص الذين في العشرينيات من أعمارهم فحسب، على «النساء الفاتنات، والحفلات، ومطاردة السيارات»، فإن دوس إكيس ستجذب مستهلكين أساسيين أكثرُ ما يخشونه أن يشعر الآخَرون بالملل في صحبتهم.

في واحدةٍ ممَّا يمكن اعتباره حالات الخروج عن الدعاية التقليدية لفئة الجعة، لم يعرضوا رجلًا في العشرينيات من عمره منخرطًا في أنشطة مثيرة للاهتمام، بل بدلًا من ذلك، قالت ميلمو: «لم نرغب في أن يروا أنفسهم بالضرورة، بل أن يقولوا بدلًا من ذلك: «هذا الرجل مثير للاهتمام».» كنا نرغب في محاولة الوصول إلى عقلية مستخدمٍ تقول: «أنا بحاجة إلى تجارب مثل هذه؛ هذا هو الشخص الذي أريد أن أصبح مثله.» سيتمحور التواصل حول رجل واحد، مُلقَّب بجدارة ﺑ «الرجل الأكثر إثارةً للاهتمام في العالَم»، والذي سيمثل السرية والغموض. ربما يلمح عن كونه من المكسيك، ولكن بالتأكيد لن يفرط في إيضاح ذلك. والأهم من ذلك أن هذا الرجل سيدخل في عددٍ من التجارب المثيرة للاهتمام التي تهدف إلى إثارة انتباه المستخدم. يحتاج الفريق فحسب إلى معرفة مَن كان الرجل الأكثر إثارةً للاهتمام في العالَم.

لن يكون شخصًا في عُمْر الشباب مثل المستخدمين الذين أرادت دوس إكيس جذْبَهم؛ سيكون أكبر سنًّا؛ فكما أوضحت ميلمو: «وجدنا أن أكثر الأشخاص شبابًا يفتقرون إلى الموثوقية، فإنْ كانوا في هذه السن الصغيرة، فسيفتقرون إلى المصداقية في أن يكونوا قد عاشوا كل هذه الحياة المثيرة للاهتمام.» كذلك لم يرغب الفريق أيضًا أن تسبِّب العلامة التجارية للمستخدمين شعورًا بعدم الأمان؛ الأمر الذي يمكن أن يحدث إذا كان التواصل يصوِّر شخصًا في سنهم عاش هذه التجارب المذهلة والمثيرة للاهتمام؛ ولذلك، فإن شخصًا أكبر سنًّا سيكون «الرجل الأكثر إثارةً للاهتمام في العالم». بحث الفريق في جميع أنحاء الولايات المتحدة حتى «وجدنا فجأةً (كما قال فان دير هوفن) صورةً يعلوها الغبار لهذا الرجل ذي الشعر الرمادي الذي يمتلك كل ما نبحث عنه، كان مثاليًّا.»

كان الممثل جوناثان جولدسميث يقول إنه روسي يهودي من برونكس. وأضاف فان دير هوفن: «كان من الواضح أنه لم يكن مكسيكيًّا، لكنه كان محنكًا وبَدَا وكأنه رجل قد خَبُرَ الحياة.» وأضافت ميلمو: «كان شخصًا يمكن أن يقدره المستهلكون ويطمحوا أن يكونوا مثله عندما يصلون إلى عمره. كان أشبه بعمٍّ أو خالٍ رائع يظهر في المناسبات العائلية. لم يكن يمثل تهديدًا ولم يكن جالسًا على مقاعد طاولة المستهلكين في الحانة، ولكنه كان شخصًا سيودُّون الذهاب إليه ومقابلته.»

على الرغم من أن الفريق كان متحمسًا للحملة ولفكرة الرجل الأكثر إثارةً للاهتمام في العالَم، شعر بعض من فريق إدارة هاينكن بالقلق؛ يقول فان دير هوفن: «في بعض الأحيان، يتبين أن ثمة اختلافًا تامًّا بين الشخص الذي نتصوَّر أنه يمثِّل هذه الشخصية، وبين الشخص الفعلي الذي يتبيَّن لنا أنه يمثِّلها في نهاية المطاف. كانت إدارتنا واقعةً تحت انطباعِ أنه سيكون من نوع شخصية جيمس بوند/جيسون بورن.» لم يكونوا مدركين لهذا الأمر. في الواقع، كان من الممكن أن يكون جولدسميث والد جيمس بوند.

كان العنصر الآخر المثير للجدل في الحملة هو عبارة النهاية؛ فكما ذُكِر في سيناريو الإعلان، فإن الرجل الأكثر إثارةً للاهتمام في العالم ينظر إلى الكاميرا ويقول: «أنا لا أشرب الجعة دائمًا، ولكن عندما أفعل ذلك، فإني أفضِّل دوس إكيس.» انتظر لحظةً؛ هل الرجل الأكثر إثارةً للاهتمام في العالم يقول حقًّا إنه لا يشرب الجعة دائمًا؟ تأمَّلْ طرقَ تواصُل العلامات التجارية الأخرى. هل تمنحك هذا الخيار؟ بعبارة أخرى، هل تقول أيٌّ منها: «مهلًا، نحن نعرف أنك لا تستخدم هذه الفئة دائمًا، ولكن عندما تفعل، استخدِمْ علامتنا التجارية»؟ كان هذا فِكْرًا مختلفًا اختلافًا جذريًّا. كان الرجل الأكثر إثارةً للاهتمام في العالم على وشك أن يعترف بأن المشروب الذي يختاره لم يكن «دائمًا» دوس إكيس. أضافت ريفاس: «إذا كان يشرب دوس إكيس طوال الوقت، فلن يكون مثيرًا للاهتمام بهذا القدر. عليه أن يكون جديرًا بالتصديق وصادقًا؛ فحياته كلها تتجاوز بكثيرٍ دوس إكيس؛ فجعة دوس إكيس تلعب دورًا ثانويًّا للغاية في رؤيته الكلية للأشياء.» وهكذا تحدَّتْ هذه الجملة البسيطة التفكير التقليدي، ولكنها ربما استطاعت أن تبني جسورَ ثقةٍ مع مستهلك دوس إكيس، وتزيد من روعة العلامة التجارية.

أقنع الفريق في النهاية إدارته على المضي قُدُمًا في هذه الحملة، وأُطلقت في ثمانية أسواق في الجنوب الغربي بميزانية ضئيلة. وعلى الرغم من قلة الميزانية، فإنها جذبت الانتباه. بدأ المستهلكون الحديث عنها، وشهد الفريق الكثير من الدردشة حول هذه الحملة على الإنترنت، وارتفع حجم المبيعات ارتفاعًا كبيرًا في تلك الأسواق. ووفقًا لريفاس، كشفت شركة تقييم الدعاية ميلوارد براون أن الإعلان حلَّ ضمن نسبة اﻟ ٥ بالمائة الأعلى على الإطلاق في قاعدة بياناتها، التي ضمت إعلانات تجارية تليفزيونية بلغ عددها سبعين ألف إعلان خضع للاختبار. كانت النتائج قوية، حتى إن الخطط وُضِعَت على الفور لنقل فكرة الرجل الأكثر إثارةً للاهتمام في العالَم إلى بقية أنحاء الولايات المتحدة.

(١-٣) من النجاح الإقليمي إلى إطلاق الحملة على المستوى الوطني

كُلِّف مدير العلامة التجارية الجديد بول سمايلز بمهمةِ إطلاقِ الحملة على الصعيد الوطني، مع الاحتفاظ بالزخم في الأسواق الإقليمية. كان سمايلز يرى مهمته على النحو التالي: «كان بوسعنا بالفعل نشر العلامة التجارية في بقية أنحاء البلاد، لتقديم فكرة الرجل الأكثر إثارةً للاهتمام إلى مَن لم تصل إليهم.»4 كان سيأخذ الحملة ويوسِّعها لتصبح برنامجًا تسويقيًّا شاملًا يستهدف شاربي الجعة الذين يسعون لعيش حياة أكثر إثارةً للاهتمام. وشمل هذا تفعيلَ الحملة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتفعيلَها في المتاجر، والعروض المتنقلة (أكثر البرامج إثارةً للاهتمام في العالَم)، وبرامج الرعاية الخاصة للفعاليات. ومع ذلك، لم تكن أيٌّ من أدوات التفعيل تلك لتُظهِر الرجل الأكثر إثارةً للاهتمام في العالَم؛ فقد أبقَتْه دوس إكيس محميًّا وغامضًا، مستخدِمةً إياه فقط في التواصل المباشر مع المستخدم.

فُتِنت البلاد بأسرها: ماذا سيفعل الرجل الأكثر إثارةً للاهتمام بعد ذلك؟ لم يكن شاربو الجعة فحسب هم الذين يريدون الاقترابَ أكثر من العلامة التجارية، أراد الموزِّعون وتجارُ التجزئة أيضًا المزيدَ من المنتجات والمزيدَ من الترويج، حرصًا على الاستفادة من الإثارة الفريدة وراء دوس إكيس. ووفقًا لسمايلز: «اكتشفنا حقًّا أننا كنَّا قادرين على زيادة مساحة تواجُدنا في المتاجر من خلال صفقات إضافية وإصدار نكهة الكهرمان الجديدة. ارتباطُنا بالمستهلك كان يقود شركاءَنا في العمل للسعي أيضًا وراء العلامة التجارية.»

كانت الأرقام على مدى فترة خمس سنوات مذهلةً، فوفقًا للبيانات الداخلية لهاينكن، منذ وقت إطلاق الحملة الإقليمية في عام ٢٠٠٧ حتى خريف ٢٠١١، زادت معرفةُ العلامة التجارية نحو ٤٧ بالمائة، وشهدت العلامة التجارية زيادةً في حجم مبيعاتها تتجاوز الضعف؛ فعلى موقع فيسبوك، أصبحت العلامة التجارية للجعة «دوس إكيس» الأولى في تحقيق مليون إعجاب. وفي خريف عام ٢٠١٢، عرض برنامج «ساترداي نايت لايف» محاكاةً ساخرةً لإعلان «تريس إكيس» ضمَّتْ ضيفَ البرنامج جوزيف جوردون ليفيت كابنٍ للرجل الأكثر إثارةً للاهتمام (الذي قام بدوره جيسون سوديكس).

(٢) خلق رابط

تسلِّط قصة دوس إكيس الضوءَ على أهمِّ جزءٍ في عملية تكوين علاقة بين العلامة التجارية والمستهلك؛ وهو القدرة على تحويل منتجٍ عادي ذي سمات معينة إلى علامة تجارية لها صفات بشرية، بحيث تصبح جاذبةً للمستهلك. فكِّرْ في التشابُه بين هذا وبين علاقاتك الشخصية؛ ربما تعرف نمط شخصيتك (أو على الأقل تعتقد أنك تعرفه)، ويكون لديك إدراك جيد للغاية لنوعية الأشخاص الذين ينجذبون إليك، ونوعية الأشخاص الذين تنجذب إليهم، ونوعية الأشخاص الذين تختارهم — والأهم من ذلك، الذين لا تختارهم — كأصدقاء. علاقاتُنا (خاصةً العلاقات الرومانسية) تبدأ بالانجذاب. على أكثر المستويات سطحيةً، تجذبنا سماتُ الشخص الآخر البدنية؛ مثل العينين والشعر والوجه والجسم وما إلى ذلك، وقد بدأ العديد من العلاقات اعتمادًا على الانجذاب الجسدي الصرف. ومع ذلك، لكي تصبح العلاقة دائمةً، يتعيَّن علينا أن نتجاوز السمات الجسدية إلى السمات الشخصية والقواسم المشتركة والروابط العاطفية، وإمكانية تشارُك الخبرات.

تتبع العلاقات بين العلامة التجارية والمستهلك مسارًا مماثلًا، وغالبًا ما يقع المسوِّقون في شَرَك التفكير في المستهلكين من حيث سماتهم «الجسدية» — العمر والنوع ومستوى الدخل ومستوى التعليم وما إلى ذلك — دون التوغُّل أعمق من ذلك. سَلْ مديرَ علامة تجارية مبتدِئًا عن مستهلكيه وستجده يصفهم عادةً بهذه الصفات الديموجرافية. وبالمثل، غالبًا ما يقابِل المستهلكون العلاماتِ التجاريةَ كمجموعات من الصفات أو السمات التي تجتمع معًا لتقدِّم لهم ميزةً وظيفيةً ما — أو لا تقدِّمها. بالنسبة إلى تلك العلامات التجارية التي لا يشعر المستهلكون بشيء يربطهم بها، ستكون عاطفتهم أقلَّ تجاهَها؛ وهذه هي العلاماتُ التجارية التي تلبِّي حاجةً معينة، ويمكن بسهولةٍ الاستعاضةُ عنها بشيءٍ آخر «قريب منها بما فيه الكفاية»، إذا كان هذا أكثر ملاءمةً.

لكن العلاقات الأقوى بين العلامة التجارية والمستهلك، مثل العلاقات البشرية الحقيقية، تتجاوز السمات المادية والعملية. يبدأ مديرو العلامات التجارية الساعون لهذه العلاقات في تصنيف المستهلكين ضمن مجموعات نفسية؛ وفْقَ توجُّهاتهم الذهنية ومعتقداتهم وهواياتهم ومشاعرهم. وفي أقوى العلاقات بين العلامة التجارية والمستهلك، يختبر المستهلك أيضًا العلامةَ التجارية (ويصفها)، لا من حيث ما تقدِّمه له بقدر ما يخبرها (أو يصفها) من حيث ما تبثُّه فيه من مشاعر. تتخذ العلامات التجارية القوية شخصياتٍ لا تكون جذَّابةً فحسب بالنسبة إلى المستهلكين، ولكن تكون أيضًا مُلهِمةً لهم. من خلال خبرتي، تؤدِّي العلاقة الرومانسية بين أقوى العلامات التجارية والمستخدمين، إلى شعورهم فعلًا بأن العلامة التجارية «مصمَّمة خصوصًا من أجلهم».

كان هذا هو حال دوس إكيس. حقَّقَ فريق العلامة التجارية النجاحَ من خلال الفهم الحقيقي للمستهلك الذي أرادوا الدخولَ في علاقة معه؛ فطوروا سمات المنتج المادية والمزايا الوظيفية بنجاحٍ إلى سلسلةٍ من المزايا العاطفية والاجتماعية، أوصلوها بعد ذلك عبر شخصية العلامة التجارية الفريدة. وكان عرض العلامة التجارية الجذاب — أو بعبارة أخرى المثير للاهتمام — معقَّدًا وسهلَ الفهم في الوقت ذاته.

سوف نركِّز فيما تبقى من هذا الفصل على فهم المستهلك من أجل البناءِ على سمات المنتج المادية، وتطويرِ عرضٍ شامل للعلامة التجارية من شأنه أن يخلق ارتباطًا فعليًّا بينها وبين المستهلك. وسنناقش على وجه التحديد تصميم عرضٍ ذي ميزة عاطفية واجتماعية هادفة تتجلَّى من خلال شخصية جذَّابة.

الشخصية والارتباط والعلاقة، أمورٌ تبدأ جميعها عندما نفهم ونعرف عملاءنا؛ فكيف نستطيع معرفتهم؟ الاتجاه الشائع في التسويق هو التركيز على التحليلات، فالأمل يكمن في أن «البيانات الضخمة» سوف تحل جميع مشكلاتنا وتزيد كثيرًا من تأثير كل جهودنا التسويقية. والاندفاع المجنون الحالي نحو البيانات الضخمة يذكِّرني بمشاهدة فريق الكرة اللينة — الذي تلعب فيه ابنتاي التوءم البالغتان من العمر ست سنوات — أثناء اللعب؛ إذ يضرب شخصٌ ما الكرة، وتجري جميع اللاعبات التسع في الملعب بجنونٍ وراءها. لا أحد يغطي القاعدة الأولى، فتتوقَّف المباراة. من وجهة نظري، هوس التحليلات لدى كلٍّ من الجانب الأكاديمي والجانب التطبيقي لمجال التسويق يعكس خطأً مشابِهًا؛ فهو يشتِّتنا عن اللعبة الفعلية.

لا يوجد حل سحري من شأنه أن يُحدِث تحولًا في التسويق. وعلى الرغم من أن التحليلات تمثِّل مجموعةً قوية من الأدوات الجديدة التي لها مكانها بالتأكيد في عالم التسويق، فإنها ليست الدواء لكل داء؛ فالبيانات بطبيعتها موضوعية، ونادرًا ما تمكِّننا من فهم جوهر المستهلكين. علاوةً على ذلك، تقيس التحليلاتُ فقط ما نطلب منها قياسَه. فيما يتعلَّق بدوس إكيس، صاغت كيرستن ريفاس الأمر على هذا النحو: «لو كنا اتبعنا فحسب دراساتِ التقسيم إلى شرائح وتصنيف المستهلكين على أساس قوائم تتضمن ما يحبون وما يكرهون، ما كنا لنكتشف أبدًا الفكرة «المثيرة للاهتمام»، وما كنا لنستطيع تطويرها إلى أداة ترويجية ناجحة. كانت الفكرة فكرةً اجتماعية وحوارية للغاية، ولم تكن لتظهر من خلال استخدام البيانات الضخمة أو التحليلات.» فالمستهلكون ليسوا مجرد أرقام، كما أنهم ليسوا مجرد أفراد يخضعون لدراسات استقصائية. لا تخبرنا البيانات الضخمة عن كيفية الوصول إلى عاطفة المستهلك أو روحه، والبياناتُ الضخمة لا تُقِيم علاقاتٍ مع الآخرين. لترسيخ العلاقة حقًّا، عليك التحاور، وكونك ممثِّلًا جيدًا للعلامة التجارية يتطلَّب منك أن تستمع إلى الحوارات. وإذا لم تَقُمْ بذلك، فسوف تفقد اللحظةَ الخاصة، الفكرةَ الجوهرية، العنصرَ السحري الذي يعزِّز «العلاقة الرومانسية» المحتملة.

توجَّهَ فريق دوس إكيس للبحث عن هذا العنصر السحري، فاستطاعوا التعرُّفَ على مخاوف مستهلكي العلامة التجارية المحتملين وأحلامهم، وانطلاقًا من هذه الأمور صنعوا شيئًا جذَّابًا بطبيعته، وهو درس مهم لأي مسوِّق؛ مثال كلاسيكي على الانتباه للصورة العامة والتفاصيل على حد سواء. يمكن أن تمنحنا الأرقام والنماذج منصةَ انطلاق، ولكن إذا اعتمدنا عليهما تمامًا، فسوف نغفل عن اللحظة التي ستكشف لنا شيئًا حيويًّا للغاية ومهمًّا جدًّا للمستخدمين المحتملين، فنفقد فرصتنا المثلى لإقامة علاقة هادفة وذات معنًى معهم.

(٣) المستهلك المميز

ببساطة، ثمة مستهلكون ينسجمون مع علامتنا التجارية أكثر مما ينسجمون مع خيارات أخرى. نحن نعلم أن المستهلكين يختارون العلامات التجارية، لكن العلامات التجارية كذلك تختار مستهلكيها؛ ومن ثَمَّ يجب على العلامات التجارية أيضًا محاولة التركيز على أولئك المستهلكين الذين تريد أن تُقِيم علاقةً معهم. هؤلاء هم المستخدمون الذين سوف يقدِّرون العلاقة كثيرًا لدرجة أنهم لن يقبلوا أيَّ بديل، سوف يُقاوِمون الحاجة إلى «الخيانة» عندما يقدِّم أحدُ المنافسين قسيمةَ تخفيض أو عرضًا آخَر مُغرِيًا. وأهم المستهلكين ستكون لديهم القدرةُ على التأثير على مستهلكين آخَرين؛ فستعمل توصيتهم على إقناع أصدقائهم وأقاربهم. وهؤلاء المستهلكون تحديدًا — الذين سوف أشير إليهم باسم «المؤثِّرين» — بمثابة عامل حيوي من أجل صحة العلامة التجارية عمومًا؛ تأثيرهم يلهم ويحفِّز الآخرين. وإذا سارت جميع الأمور وفقَ الخطة، فإن كثيرًا منهم سيصبحون في النهاية مروِّجين للعلامة التجارية عن طريق توصيل مزايا العلامة التجارية على نحوٍ خفي أو علني.

وكمثالٍ على تحديد الأشخاص المؤثِّرين بالنسبة إلى العلامة التجارية والتسويق لهم، تأمَّلْ تجربتي الخاصة في باوريد. تذكَّرْ أن استراتيجيتنا كانت تتمثَّل في أن يركِّز مشروب باوريد جهودَه على الجيل القادم من مستخدمي المشروبات الرياضية؛ أيِ المراهقين الذين ينضمون إلى هذه الفئة من المنتجات. كان من الممكن أن نتوقَّف عند هذا الحد، كان يمكننا محاولة تسويق منتجاتنا لتركيبة سكانية عامة من مستخدمي المشروبات الرياضية المراهقين؛ ولكنْ كما تعلم الآن، فإن خلْقَ علاقة قوية يتطلَّب أكثر من مجرد التواصُل مع تركيبة سكانية عامة من المستهلكين حول سمات المنتج على مستوًى سطحي. التركيبةُ السكانية تمنحنا منصةَ انطلاقٍ، ولكنْ علينا أن نتجاوَز السمات المادية؛ فمن أجل إقامة علاقة عاطفية فعلية مع الصِّبْية المراهقين وهم ينضمُّون إلى فئة المشروبات الرياضية، كان علينا أن نخاطِب توجُّهًا ذهنيًّا معينًا أو سماتٍ شخصيةً نفسية معينة يتشاركون فيها؛ توجُّهًا ذهنيًّا يراه الآخَرون جذَّابًا وينجذبون نحوَه.

من الواضح أن فهم الألعاب الرياضية سيكون أمرًا حيويًّا؛ ولكنْ على نحوٍ أكثر تحديدًا، كان علينا أن نفهم العلاقةَ العاطفية الأساسية بين الأطفال والرياضة. أظهرَتِ الأبحاث أنه في حرمِ مدرسة ثانوية عاديٍّ، كان يُنظَر إلى كبار الرياضيين عمومًا على أنهم «كبارُ الحَرَم المدرسي». (أشار تسعون بالمائة من الشباب الذكور إلى أن أروع الأطفال كانوا بارعين للغاية في الألعاب الرياضية.)5 كانت آراء الرياضيين تُتَّبَع؛ فقد كانوا معيارًا للروعة واعتُبِروا قادةً بين أقرانهم. في مجتمع المدرسة الثانوية العادي، ربما لا يبدءون اتجاهًا جديدًا، ولكنْ في كثيرٍ من الأحيان موافَقتُهم على الاتجاهات الناشئة تشير إلى أي الاتجاهات سينجح وأيها سيفشل. إذا لم يدعموك، فلن تكتسب شرعيةً. كان هدفنا الدخول في علاقةٍ مع هؤلاء الشباب، تقوم على أساس الالتزام القوي؛ لأنه إذا استطعنا جعْلَهم يشعرون بتحمُّس للعلامة التجارية، فإن موافقتهم من المحتمل أن تشجِّع الاستهلاكَ بين أصدقائهم. إذا استطاعَتِ العلامة التجارية الانخراطَ في علاقةٍ مع المستهلك الذي يُلهِم الآخرين، فسوف توجد فرصةٌ جيدة لأنْ تصبح العلامةُ التجارية مقبولةً بين أتباع ذلك الشخص المؤثِّر.

لا تركِّز استراتيجية الشخص المؤثِّر تركيزًا دقيقًا فحسب على دفْعِ هذه المجموعة الصغيرة الشديدة الأهمية من القادة الرياضيين في المدرسة الثانوية إلى الالتزام في علاقةٍ مع العلامة التجارية، ولكنْ تركِّز أيضًا على جعلهم ممثِّلين للعلامة التجارية بالنسبة إلى أطفال آخَرين، بما في ذلك إخوانهم الأصغر سنًّا. لتكن جاتوريد المشروبَ الرياضي للآباء، وسنكون نحن باوريد المشروب الرياضي لهؤلاء المراهقين.

(٤) تقديم مزايا عاطفية واجتماعية

لتكوين رابطة عاطفية مع هؤلاء الشباب، كان علينا أن نفهم عقلية الرياضة؛ وهذا سيمكِّننا من استنتاج الاحتياجات المحتملة التي ستلبِّيها المشروباتُ الرياضية. ثمة سؤالان كبيران بحاجةٍ إلى إجابة: لماذا يمارس الأطفال والمراهقون الرياضةَ؟ وماذا يستمِدُّون منها عاطفيًّا؟

على أبسط المستويات، تمثِّل الرياضة مرحلةً انتقالية من مرحلة الطفولة إلى مرحلة البلوغ. بالنسبة إلى الصِّبْية المراهقين، هذه هي المرة الأولى التي يُظهِرون فيها ذكورتَهم. والرياضة تعلِّم الصِّبْية مفهومَ الفوز والخسارة، كما تعلِّمهم أيضًا دروسًا أساسية عن المثابَرة، وتساعد في زيادة ثقتهم، وتكافِئ بذْلَ الجهد والعمل الجاد. سيكون ربطُ العلامة التجارية بالدوافع العاطفية الأساسية لممارسة الرياضة لدى المراهقين؛ السبيلَ الذي يُقِيم من خلاله مشروبُ باوريد علاقةً مع هؤلاء الصِّبْية. سيكون مهمًّا بالنسبة إلى العلامة التجارية أن تصبح جزءًا من روتين حياتهم الرياضية، وسيتعين علينا أن نعرض العلامة التجارية كجزء أساسي وظاهر من المعدات الرياضية التي ستكون على أرض الملعب؛ فكما سيحتاج لاعبو الكرة قفازاتهم، ويحتاج السبَّاحون نظاراتهم، ويحتاج العدَّاءون أحذيتهم الرياضية، فإن مستهلكينا المراهقين سيحتاجون باوريد.

فكِّرْ في الوصول إلى هذا الارتباط العاطفي مع علامتك التجارية؛ فعلى غرار إيجاد الميزة الوظيفية الصحيحة، فإن السبيل إلى اكتشاف الميزة العاطفية هو اكتشاف شيء يمكنك امتلاكه ويرتبط ارتباطًا منطقيًّا بميزة عاطفية. كيف ذلك؟

أولًا: «اعثرْ على الثغرة العاطفية». سوف يتشارك المستهلكون في احتياجات وظيفية متماثلة، وسيدخلون فئة منتجات معينة للحرص على تلبية تلك الاحتياجات. مفتاح نجاح العلامة التجارية في هذه الفئة هو ربط تلك الميزة الوظيفية بحاجة عاطفية مهمة تحفِّز هذه الحاجة الوظيفية. توجد حاجة قوية قائمة على العواطف لدى المستهلك في كل فئة تقريبًا، ومهمتُك هي العثور عليها. لن تكون واضحةً؛ فالبحثُ فيما وراء المزايا الوظيفية أمرٌ صعب؛ إذ يتطلَّب مهاراتِ تفكيرٍ أعلى. التحدُّث مع المستهلك المثالي والإنصات إليه والتواصُل معه؛ كلُّ ذلك سيكون أساسيًّا في تحديد المساحة العاطفية المغرية التي يمكن لعلامتك التجارية أن تتميَّز فيها.

ثانيًا: «حدِّدْ تلك المساحةَ العاطفية واستكشِفْها بدقةٍ». من نافلة القول أن الناس معقَّدون؛ فمن أجل ربطهم بفاعليةٍ بالعلامة التجارية، يجب علينا أن نفهم الطرقَ المتعددة التي ترتبط بها عواطفُهم بالفئة، وسيساعد استخدامُ أساليب نوعية محددة، مثل المقابلات التي تُجرَى مع المستهلكين وتُطرَح عليهم خلالها أسئلةٌ من شأنها إظهارُ المشاعر العاطفية الحقيقية لدى المستهلكين تجاه هذه الفئة. اطلبْ من المستهلك تقديمَ مزيدٍ من التفاصيل حول ميزة وظيفية: «حسنًا، إذن هذا المنتج يروي عطشك. ماذا يعني ذلك بالنسبة إليك؟» إذا قال: «بإرواء عطشي، يتيح لي المنتج الاحتفاظ بتركيزي في المباراة لفترة أطول.» فاسأله: «إذا ظللتَ محتفظًا بتركيزك في المباراة لفترة أطول، فماذا تجني من وراء ذلك؟» ربما يقول: «هذا يعني أنني أبذل أقصى جهدي.» فاسأله: «إذا كنتَ تبذل أقصى جهدك، فماذا يعني ذلك؟» ربما يرد قائلًا: «هذا يعني أنني يمكن أن أزيد من فرص فريقي في النجاح، وهو ما يمنحنا فرصةً أفضل للفوز.» ثم اسأله: «إذا زدتَ من فرص فريقك في النجاح، فماذا يعني ذلك؟» وهكذا دواليك. إنها عملية تكرارية، واصِلْ تلك الأسئلة المتسلسلة حتى تتكوَّن لديك بنيةُ ميزةٍ قوية تتوافق مع المزايا الوظيفية الأولية التي يراها المستهلك.

أخيرًا: «انظرْ خارج فئتك». استعِنْ بفئات مماثلة للحصول على أفكار حول كيفية ترابُط المستهلكين عاطفيًّا في إطار حالة احتياجٍ ما؛ على سبيل المثال: لاستكشاف تموضع العلامة التجارية باعتبارها «جزءًا من العتاد الرياضي»، قضى فريقُ العلامة التجارية باوريد الكثيرَ من الوقت في مشاهدة غيرهم من مقدِّمي المعدات الرياضية — نايكي وأديداس ورولينجز — لفهمٍ أفضلَ لكيفية الارتباط بالأنشطة الرياضية للمراهقين الذكور.

ركَّزَ كلُّ شيء فعلَتْه باوريد تركيزًا دقيقًا على الذكور من الشباب المؤثِّرين «المنخرطين في أنشطة رياضية». كان هذا التركيز هو جوهر استراتيجية العلامة التجارية باوريد؛ فإذا دعم القادةُ في الأوساط الرياضية بالمدارس الثانوية هذه العلامةَ التجارية، فستكون لدينا فرصةٌ أفضل لتبنِّي زملائهم في الفِرَقِ الرياضيةِ العلامةَ التجارية. تصوَّرَ فريقُ العلامة التجارية سيناريو يكون فيه شرْبُ باوريد بمثابة «شارة» للمستخدِم تقول شيئًا عنه باعتباره «شخصًا رياضيًّا». الشارة هي رمز يروي شيئًا للعالَم حول «المستخدِم». إذا اكتسبَتْ باوريد قيمةَ شارةٍ وأصبحَتْ رمزًا يشير إلى أن المستهلك يأخذ الرياضة على محمل الجد، يمكن تعزيزُ القيمة الاجتماعية للعلامة التجارية. بعبارة أخرى، لم ترغب العلامة التجارية فقط في الجذب العاطفي للذكور من الشباب النَّشِطين رياضيًّا، ولكن أرادَتْ أيضًا أن تسهم في تعزيز مكانتهم الاجتماعية بين أصدقائهم وأقرانهم.

لا يزال معظم المسوِّقين يبخسون التأثيرَ الاجتماعي الذي يمكن أن تجلبه العلامة التجارية للمستهلك قدرَه. يمكن أن تكون العلامات التجارية بمثابة شارة تقول شيئًا للآخرين حول ما يؤمن به المستهلك وتوجُّهاته الذهنية وآرائه، وتشير في نهاية المطاف إلى كينونة هذا المستهلك كشخصٍ. بدأ فريق دوس إكيس بمهمة معينة؛ أَلَا وهي تشجيع الأشخاص المؤثِّرين الرئيسيين لديهم — الذين كانوا يُعتبَرون مثيرين للاهتمام — على أن يصبحوا أكثر إثارةً للاهتمام. ورأى أتباعهم — الذين يرغبون أيضًا أن يكونوا أكثر إثارةً للاهتمام — دوس إكيس مَدْخَلًا لبدء المحادثات؛ فمن وجهة نظرهم، إذا كان الأشخاص المؤثِّرون يشربون دوس إكيس وقبلوها كعلامة تجارية، فلماذا لا يفعلون ذلك هم أيضًا؟

بالعودة بالنقاش إلى نموذج العلاقة، يكمن مفتاحُ نجاح هذه السلسلة من الحوارات والتأثيرات — الخاصة بالعلاقات — في قدرتنا على التفاعل الاجتماعي؛ فنحن كبشرٍ كائناتٌ اجتماعية، ننمو عندما نتفاعل مع الآخرين، والأكثر من ذلك أننا يجب أن نتفاعل وإلا فإننا سنتوقَّف عن أن نكون بشرًا كاملين من الناحية الوظيفية؛ هذه حقيقة أساسية قوية. إنَّ جل ما تريده دوس إكيس هو أن تكون جزءًا صغيرًا من هذا التفاعل، تريد أن تكون العلامةَ التجارية التي تبثُّ في المستهلك الثقةَ لمعرفة أنه في الواقع شخصٌ مثيرٌ للاهتمام، ويمكنه الانخراط في علاقات مع الآخرين.

لاحِظْ أيضًا أن فريق دوس إكيس اعتمَدَ على عبارة «ابقَوْا على ظمئكم يا أصدقائي»، التي تشير إلى أننا ينبغي أن نكون في بحث دائم عن مغامرات جديدة، وألَّا نكتفي أبدًا بما حقَّقْناه. إنها تشير إلى أن هدفنا يجب أن يكون عيشَ حياةٍ يمكننا أن ننظر إليها بقليلٍ من الأسف عندما نصل إلى عُمْر الرجل الأكثر إثارةً للاهتمام في العالَم، لإدراكنا أننا عشنا حياتَنا على أكمل وجه. تريد دوس إكيس أن تكون بمثابة تذكرةٍ بسيطة بأننا نمتلك خيارات طوال حياتنا، وأننا نستطيع — إذا رغبنا — اختيارَ أسلوبِ حياةٍ لا يعرف حدودًا. وقالت ريفاس: «بالنسبة إلى المستهلكين خاصتنا، الأشياءُ المادية أقلُّ أهميةً، والتجاربُ أكثرُ أهميةً. هم لا يريدون اختلاقَ تجارب، بل يريدون خوْضَها وعيشها؛ ومن ثَمَّ، نصبح علامةً تجارية تتوافق أقوالُها مع أفعالها.» هذا النوع من الإلهام هو الذي يميِّز أقوى العلامات التجارية عن بقية الخيارات، ويبيِّن الميزةَ الاجتماعية التي يمكن أن تقدِّمها العلامة التجارية.

تذكَّرْ مفهومَ قيمة الشارة. إذا مكَّنَتِ العلامةُ التجارية المستهلِكَ من تقديم بيان عن نفسه، فإن المستهلك سيجد في نهاية المطاف مزيدًا من القيمة في هذه العلامة التجارية، وقد يدفع من أجلها أكثرَ ممَّا يدفع من أجل علامةٍ تجارية لا تقدِّم تلك الميزة الاجتماعية نفسها. دَعْنا نَعُدْ إلى العلامة التجارية سمارت ووتر لنرى هذا عمليًّا.

(٥) ابتكار شارة مميزة

ظلت سمارت ووتر، منذ نشأتها في عام ١٩٩٦، تغيِّر طريقةَ تعريف فئة المياه المعبَّأة؛ فقبل إطلاقها كانت المياه المعبَّأة تمثِّل السلعة الأهم، ولم يكن يوجد سوى اختلافٍ بسيط بين العلامات التجارية التي تشكِّل هذه الفئة. كان تصوُّرُ المستهلك عمومًا هو أن المياه كانت واحدة، وبالرغم من وجود علامات تجارية متعددة ضمن هذه الفئة، فإنها بدت أشبه بالسلع. كانت معظم طرق التعبئة متماثلةً — زجاجات بلاستيكية تشبه زجاجات المشروبات الغازية، وملصقات زرقاء، وإشارات غامضة إلى بعض منابع المياه — وكانت الدعاية قليلةً؛ ونتيجةً لذلك، تحوَّلَتْ هذه الفئة إلى فئة تمتلك فيها الشركاتُ صاحبةُ أقوى توزيعٍ (كوكاكولا بعلامة دساني، وبيبسي بعلامة أكوافينا) أكبرَ حصة سوقية.

مع علامتها التجارية سمارت ووتر، كانت جلاسو تغيِّر جذريًّا طريقةَ تفاعُل فئة هذا المنتج مع قاعدة المستهلكين؛ فعندما قُدِّمت على مستوًى إقليمي في أواخر تسعينيات القرن العشرين، امتطَتْ سمارت ووتر موجةَ فئةِ المياه المعبَّأة التي كانت تحصد مكاسبَ التغييرات الاستهلاكية الكبيرة ونمو الفئة. كان الدافع وراء الموجة يعود جزئيًّا إلى الجرعة الكبيرة من الدعاية التي أُطلِقت عبر وسائل الإعلام حول مدى أهمية الماء لصحة الفرد. في ذلك الوقت، كان مستهلك المياه المعبَّأة يتلقَّى كمًّا كبيرًا من الأخبار والقصص المتعلِّقة بضرورة الحفاظ على مستوى الماء في الجسم من أجل صحة أفضل. وكانت النساء — اللاتي يمثِّلن نسبةً كبيرة من قاعدة المستهلكين — يسمعن أن تناوُل الماء بكمية أكبر يجعل الجسم رطبًا وأكثر نقاءً، الأمر الذي له فوائد تتراوح بين الإبقاء على الوزن منخفضًا والتخلص من مشكلة جفاف البشرة. فجأةً، رأيتُ النساء في كل مكان يحملْنَ زجاجات مياه في أيديهن؛ فأثناءَ السير في الشارع أو الذهاب إلى الاجتماعات أو التوجُّه إلى الصالة الرياضية، كانت النساء يحملن زجاجات مياه مثلما كنَّ يحملْنَ حقائب اليد الخاصة بهن. كانت زجاجةُ المياه تتحوَّل في الواقع إلى جزءٍ من الإكسسوارات، شيء ينبغي أن يُرى معهن. وكانت سمارت ووتر تمتلك شيئًا من شأنه أن يمكِّنها من أن تصبح قطعةَ الإكسسوار الأهم.

قبل ذلك، ردًّا على التشابُه الذي أطَلَّ بوجهه على مطوِّر علامة سمارت ووتر، داريوس بيكوف، في ممر المياه المعبَّأة؛ أشار إلى أن التعبئة (بالإضافة إلى الميزة الوظيفية الفريدة التي تحقَّقَتْ من خلال الدورة الهيدرولوجية الذكية) واحدةٌ من طرق قليلة لتمييز علامته التجارية؛ ولذلك توجَّهَ إلى المهندس المعماري ومطوِّر المنتجات الشهير فيليب ستارك لتصميم زجاجة سمارت ووتر. كان ستارك يصمِّم كلَّ شيءٍ، من العصارات إلى الديكور الداخلي للفنادق واليخوت، وكان بمقدوره أن يصمِّم زجاجةً طويلة ورفيعة وعصرية في مظهرها؛ لا تشبه بتاتًا زجاجات المياه الأخرى التي تهيمن على رفوف المتاجر.

عزَّزَتِ العلامة التجارية هذه السمات لتطوير علامة سمارت ووتر التجارية. كان لديهم اسم فريد — سمارت ووتر — وكان شديد الجاذبية بالنسبة إلى المستهلك. مَن ذا الذي لا يريد أن يكون ذكيًّا؟ كان لديهم تصميم للمنتج مختلفًا عن المياه المعبَّأة الأخرى، سواء في طريقة صناعتها أم طريقة تعبئتها. والتعبئة، التي لم تشبه تعبئة أي منتج آخر في هذه الفئة، استطاعت أن تضع أساسًا لميزة عاطفية قوية من شأنها أن تعزِّز في نهاية المطاف سمعةَ العلامة التجارية.

ولأن النساء كنَّ يحملْنَ المياه المعبَّأة كإكسسوار، فلماذا لا تُستغَل هذه النزعة؟ وكما يوضِّح مات كان، النائب الأول السابق لرئيس قسم التسويق في سمارت ووتر: «كنَّا نمتلك الإكسسوار المثالي. كانت العبوات شديدة التميز؛ فمن ناحية، كانت الزجاجة القائمة بسيطةً للغاية وبعيدةً عن التكلُّف، لكنها كانت تمتاز في الوقت نفسه بنعومة الملمس، التي مثَّلت شيئًا أنيقًا بالنسبة إلى المستهلكين.»6 وعلى غرار رغبتنا في أن يكون باوريد جزءًا أساسيًّا من المعدات الرياضية في الملعب، كان هدف مات كان أن تكون سمارت ووتر دائمًا في أيدي الأشخاص المؤثِّرين بينما هم مُنهمِكون في حياتهم اليومية. كان هدف العلامة التجارية أن تصبح أيقونةً يقول مَن يحملها: «الاهتمام بنفسي مهم بالنسبة إليَّ، وتساعدني سمارت ووتر على أن أظهر بأفضل مظهر، وأشعر بأفضل شعور.»

على غرار باوريد، طوَّرَتْ سمارت ووتر استراتيجيةً قوية للتأثير. حدَّدَ الفريقُ الشخصَ المؤثِّر بالنسبة إلى سمارت ووتر، وهي امرأة كانت تُعتبَر شديدةَ الاهتمام بصحتها، ولكنها تتمتع أيضًا بحسِّ أناقةٍ قوي. ومن الواضح أنها كانت ستحتاج إلى أن تكون مهتمة بميزة العلامة التجارية الوظيفية الخاصة بالدورة الهيدرولوجية الذكية. ولم يكن اهتمامها أقلَّ بمسألة أن يُنظَر إليها باعتبارها قائدةً لجماعة رفيقاتها؛ كانت تمثِّل الشخصيةَ التي تتطلَّع الأخريات إلى أن يصبحن على شاكلتها، وخصوصًا في مجالَيِ الصحة البدنية والأزياء؛ فإذا رأَتْ أخريات أن معها منتجًا يحمل العلامة التجارية، تزداد احتمالاتُ أن يقتنينَ المنتجَ نفسه. تركِّز الاستراتيجية على جعل الشخص المؤثِّر يرى سمارت ووتر كشارة تعكس شيئًا عن شخصيته وما يتعلَّق به؛ مثل علامة تجارية معينة لحقيبة يد أو وشاح.

(٦) البناء التدريجي

كيف استطاعت سمارت ووتر ابتكارَ شارة؟ كان مفتاح النجاح في ذلك هو الدخول في علاقة مع المؤثر بحيث يَكتشف أن العلامة التجارية أكثر من مجرد ماء. لقد رأينا أن أكثر العلامات التجارية نجاحًا تبدأ بالمنتج ذاته، لكنها لا تتوقف عند هذا الحد؛ ففي سياق العلاقة، الإعدادُ الواعي لبناء شخصية العلامة التجارية يوفر وسيلةً للتواصُل المستمر بشأن سمعة العلامة التجارية والعمل على بنائها. دَعْنا نُلْقِ نظرةً أكثر تعمُّقًا على بناء سمعة العلامة التجارية في سياق العلاقة بين العلامة التجارية والمؤثِّر.

(٦-١) المزايا الوظيفية والعاطفية

تذكَّرْ أننا نبدأ بالمنتج ذاته، وتحديدًا «مميزاته وسماته». إذا تناولنا مثال سمارت ووتر، نجد أن سمات المنتج تشمل الزجاجةَ الطويلة الملساء، وكلمةَ smartwater المكتوبة بأحرف صغيرة، والنوادرَ المكتوبة على ملصق العبوة، والإلكتروليتات المضافة، وحتى عملية تقطير البخار. والآن علينا ترجمة تلك السمات إلى «مزايا وظيفية». بمنطق البشر، تتمثَّل المزايا الوظيفية فيما يفعله الشخص لشريكه؛ إنها ما يقدِّمه الشخص ماديًّا للآخَر (على سبيل المثال: أن يكون رفيقًا له، أن يُسدِي إليه معروفًا، أن يحتضنه، وما إلى ذلك). في مثال سمارت ووتر، تشمل المزايا الوظيفية للعلامة التجارية الترطيبَ الفعَّال، والطعمَ الرائع، وكوْنَها عنصرًا أساسيًّا في النظام الصحي للمستهلكين ورفاهيتهم.

تُعرَّف «المزايا العاطفية» بأنها تلك المشاعر التي تثيرها العلامةُ التجارية لدى الشخصِ المؤثِّر. ويجب أن تكون مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بفوائد العلامة التجارية الوظيفية، وهذا هو المكان الذي يجب على العلامة التجارية أن تؤسِّس عنده ارتباطًا أعمق مع الشخص المؤثر. نحن الآن ندخل إلى نطاق العلاقة الخصبة. ما المشاعر التي تبثها العلامة التجارية في المستهلك ويشعر بها عندما يستخدمها؟ إذا كنتَ قد فعلتَ ما عليك وانخرطتَ حقًّا مع الشخص المؤثر لفهم نقاطِ شغفه واحتياجاته العاطفية، وسببِ رغبته في الدخول في علاقةٍ مع علامتك التجارية؛ ينبغي أن تكون قادرًا على اكتشاف الفوائد العاطفية. في مثال سمارت ووتر، تشمل هذه الفوائد إكساب المستهلكِ الثقةَ بالنفس للتيقُّن من أنه أنيق، و«الشعور» بأنه يفعل شيئًا مفيدًا لجسمه من خلال تنقيته.

(٦-٢) المزايا الاجتماعية

لكن لا يمكن أن يتوقَّف الأمر عند هذا الحد؛ فكما ذكرنا سابقًا، المكوِّن الاجتماعي للعلامة التجارية ضروريٌّ؛ فقدرةُ العلامة التجارية على تقديم مزايا اجتماعية للشخص المؤثر — سواء أكان عن طريق العمل كقيمة كلامية في البيئة الاجتماعية، أم كشارة تخبر الآخرين بشيء عن هذا الشخص كفردٍ — أمرٌ بالغ الأهمية للعلاقة بين العلامة التجارية والمستهلك. دَعْنا نُسَمِّ هذه القدرة «الميزةَ الاجتماعية» للعلامة التجارية؛ فمن الأهمية بمكان أن نسأل أنفسنا كيف سنعزِّز الميزة الاجتماعية للعلامة التجارية؟

تتمثَّل إحدى الطرق في «تقديم قيمة القصة». فكما أوضحَتْ حملةُ دوس إكيس، جميعنا نرغب في أن نكون مثيرين للاهتمام؛ نريد قصصًا. كانت الحملة الإعلامية لدوس إكيس تمتاز بثراء وعمق مقترَنَيْن بها لدرجة أنها كانت تثير قدرًا كبيرًا من الحديث عنها بين المستهلكين الذين كانت تسعى وراءهم. كان المستهلكون ينقلون قصص الرجل الأكثر إثارةً للاهتمام في العالَم في سعادة، وينخرطون في حوار ثري حول الرجل الأكثر إثارةً للاهتمام في العالَم ودوس إكيس. وعملت القصص ذاتها، التي تربطها دوس إكيس بالرجل الأكثر إثارةً للاهتمام في العالَم، على تعزيز الميزة الاجتماعية للعلامة التجارية دوس إكيس.

ثمة طريقة أخرى لتعزيز الميزة الاجتماعية تتمثَّل في «أن تكون شخصًا يريد الآخرون أن يراهم الناس معه». هذا هو متغير «الروعة». كيف تعرف أن شيئًا ما رائع؟ يمكن أن يبدو هذا أمرًا نسبيًّا وتقديريًّا؛ فمحاولة وصف الروعة بأنها شبيهة إلى حدٍّ ما بالوصف الكلاسيكي للمواد الإباحية: لا يمكنني أن أعبِّر لك عن ماهيتها، ولكني أعرفها عندما أراها. فالروعة لا يمكن قياسها، ولا يمكن بالضرورة إملاؤها، لكن بالرغم من ذلك يمكن استلهامها. الطريقة التي تبدو عليها العلامة التجارية أو مظهرها أو ملمسها أو طعمها يمكن أن تضيف إلى عامل الروعة المتأصِّل فيها، وتُسهِم في نهاية المطاف في جذْبِ الشخص المؤثِّر. وكما سنرى لاحقًا، الأشخاصُ الذين ترتبط بهم العلامةُ التجارية يلعبون أيضًا دورًا في تمكينها من التحوُّل إلى كيانٍ يرغب الآخرون في أن يراهم الناس معه ويتحدثون إليهم عنه.

ولكن قبل أن نتمكن من فهم الميزة الاجتماعية للعلامة التجارية على نحو تام، علينا التأكد من أن «شخصيتها» متوافقة مع الشخص المؤثر. فشخصية العلامة التجارية تحفز الروعة أيضًا. أتذكُر جنيفر آكر وجهودها فيما يتعلَّق بشخصية العلامة التجارية التي نُوقِشت في الفصل الأول؟ شخصية العلامات التجارية تُملِي لهجةَ الرسائل الموجَّهة للمستهلك وطبيعتها. يعرِّف قاموس ميريام وبستر «الشخصية» بأنها «الخصائص التي تميِّز الفرد أو الأمة أو الجماعة؛ لا سيما مجموع الخصائص السلوكية والعاطفية للفرد.» شخصيتنا تميِّزنا وتسهم كثيرًا في جعلنا تلك الكائنات الفريدة التي نحن عليها. وأنت تعرف الشخصيات التي تنجذب لها، وتلك التي تجدها بغيضة. فيما يتعلَّق بالعلامات التجارية، يجب تطوير الشخصية التي لا تساعد فقط في تمييز العلامة التجارية، ولكن تلعب أيضًا دورًا رئيسيًّا في جذب مستهلك معين. يجب أن يشعر الشخص المؤثِّر أن العلامة التجارية تناسبه شخصيًّا.

في الواقع، كما رأينا في حالة كوكاكولا، كلما زاد شعور المستهلك بأن العلامة التجارية تتوافق معه على المستوى الشخصي، زاد احتمال شرائه للمنتج الذي يحملها. ينطوي جزء من هذا على وجود شخصيات متوافقة. هذا الأمر ينطبق على مجال العلاقات الإنسانية أيضًا؛ فطريقةُ ارتباطِك عاطفيًّا بشخص آخَر ونموِّ علاقتك به تعتمد كثيرًا على مدى انجذاب شخصيةِ كلٍّ منكما لشخصية الآخَر.

وبالمثل، من خلال مظهر العلامات التجارية ورسائلها ولهجتها، تملك كلُّ علامة منها شخصيةً جذَّابة بالنسبة إلى مجموعة مختارة من الأشخاص المؤثِّرين. والعلامةُ التجارية التي تتوافق مع المستهلك المناسب لشخصيتها تحظى بفرص أفضل في خلق ولاءٍ لها لديه ليحبها في نهاية المطاف. يمكن لاختيارِ الشخصية الصحيحة والتركيزِ عليها بنجاح أن يغيِّرا جذريًّا من مسار العلامة التجارية.

•••

لنأخذ مثالًا على ذلك: الحالة الكلاسيكية لجعة «ميلر لايت»، في الوقت الذي كانت تُسمَّى فيه «لايت بير فروم ميلر»، تلك الجعة التي مكَّنَتْها شخصيتها من إحداث تحوُّل في فئة فرعية من منتجات الجعة بأكملها وتحديد معالمها. عندما استحوذت شركة ميلر بروينج كومباني على الجعة الأكثر انتشارًا على النطاق الوطني — «مايستر براو لايت» — لم يعتقد الكثيرون أنها ستصبح أكثر من مجرد مشروع صغير للجعة يستهدف شريحة صغيرة من فئة شاربي الجعة؛ وهي فئة شاربي الجعة من الإناث الباحثات عن سعرات حرارية أقل. لكن كانت لدى شركة ميلر خططٌ أخرى؛ فقد رأت أن مشروع لايت بير فروم ميلر المُعاد تسميته يمكن أن يصبح مشروعَ جعة كبيرًا واسعَ الانتشار. وللقيام بذلك، يجب أن ترتبط هذه الجعة بأكبر شريحة من شاربي الجعة؛ أيْ هؤلاء العمال الذين رأوا الجعةَ مكوِّنًا أساسيًّا للصداقة الحميمة بين الرجال. لم تكن هذه المهمة بسيطة؛ كيف يمكنك أن تجعل شاربَ جعة متشبثًا بأفكاره، وفي الثلاثينيات من عمره، يتبنَّى جعةً ذات سعرات حرارية منخفضة كانت تُعَدُّ مخصَّصةً للنساء؟ كان المنطق يقول إنه لا توجد أيُّ فرصٍ لنجاح فريق التسويق.

يصف سكوت ميلر — المدير الإبداعي السابق لوكالة ماكان إريكسون (الوكالة الإعلانية لشركة ميلر) — الأمرَ على هذا النحو: «كانت «مهمة مستحيلة». كانت للجعة دائمًا — وستكون لها على الدوام — قيمةٌ قوية مرتبطة بها؛ فما تشربه يقول شيئًا عنك مباشَرةً. في ذلك الوقت، إنْ لم يكن «طلبك في الحانة» جعةَ بدوايزر، فإن عليك أن تفسِّر ذلك؛ فرجولتك صارت على المحك.»7 بعبارة أخرى، إذا كنتَ رجلًا عاملًا قويًّا، فمن المحال أن تطلب أي شيء كان يُرى أنه جعة خفيفة. كان على فريق ماكان أن يغيِّر تمامًا من نظرة المستهلك لكي يستطيع الرجل أن يطلب جعةَ لايت بير فروم ميلر، وتظل نظرةُ الآخرين له أنه «رجل بمعنى الكلمة».

بدأ الفريق العمل، ووجد أنه بالنسبة إلى العمال الذكور، كانت الجعة جزءًا لا يتجزَّأ من لقاءات ما بعد الظهر مع الأصدقاء في الحانة ومشاهدة كرة القدم. ولكن كان هناك أمر سلبي واحد مرتبط بالجعة في هذا السياق، وهو أنها تشعرك بامتلاء المعدة. لم يكن هؤلاء الرجال يريدون أن يُفسِد الشعور بالانتفاخ ما يمكن أن يكون وقتًا مَرِحًا يقضونه بعد الظهر مع أصدقائهم في الحانة. ومن الناحية الوظيفية، ربما تمثِّل السعرات الحرارية الأقل حلًّا؛ ليس لأنها ستؤدي إلى قوامٍ أفضل للجسم أو صحةٍ أفضل، ولكنْ لأن المستهلك سيكون قادرًا على الشرب أكثر، وأن يظل فردًا مهمًّا من أفراد تلك المجموعة لفترة أطول.

كان فريق ماكان قد وجد الميزة الوظيفية، ولكن كيف سيربطونها بميزة عاطفية وشخصية جديرة بالثقة؟ قرَّرَ الفريق خلْعَ شخصيةٍ على جعة لايت بير فروم ميلر باعتبارها «صديقك في الحانة»، واستخدامَ الرياضيين السابقين الأقوياء البنية كمسوِّقين نَشِطين. في ذلك الوقت، كان محظورًا على الرياضيين المحترفين الذين يمارسون الرياضةَ تأييدُ المشروبات الكحولية، ولكن بالنسبة إلى ميلر، فإن الرياضيين السابقين كانوا مناسِبين للغاية. كان الرياضيون السابقون أقوياء؛ إذ إنهم لعبوا مبارياتهم كما ينبغي، وكانوا بمثابة المحارِبين القدامى الذين أبلَوْا بلاءً حسنًا في أرض المعركة، ولا تزال آثارُ الحرب عليهم. وبعد أن قدَّموا إسهاماتهم في اللعبة، اعتزلوها وهم الآن يجنون ثمارَ جهدهم من خلال الاسترخاء والتوجُّه إلى الحانات مثل الأشخاص العاديين.

ولكنْ كان المطلوب هو المصداقية فيما يتعلق بشخصية العلامة التجارية التي تتجاوز نموذجَ المتحدِّث باسمها. يضيف سكوت قائلًا: «تعيَّن إضفاء طابع ذكوري على العلامة التجارية. كان علينا جعلها مقبولةً لدى واحد من هؤلاء الرجال بحيث يشعر بارتياح عند طلب جعة لايت بير فروم ميلر في الحانة.» لذلك استخدموا الرياضيين السابقين مثل ديك باتكوس وبوبا سميث وجو فريزر، ليس فقط للدعاية لجعة لايت بير فروم ميلر، ولكن أيضًا للدخول في جدلٍ شديد في الحانة حول ما إذا كانت العلامة التجارية «رائعة المذاق» أو «أخف على المعدة». اتخذت العلامة التجارية الآن شخصية جديدة؛ شخصية قوية ولكنْ تتمتَّع أيضًا بروح الدعابة. باختصار، «أصبحت» العلامة التجارية صديقك في الحانة. كان هذا النهج ناجحًا؛ فقد أقبَلَ على هذه العلامة التجارية شاربو الجعة من العمال الذكور المهمين، وأصبحت الجعة مثل الأنواع الأخرى. كما مكَّنَ هذا النهجُ لايت بير فروم ميلر من أن تصبح ثاني أكثر جعة انتشارًا في الولايات المتحدة؛ إذ لم يكن يسبقها سوى جعة بدوايزر، في الفترة من أوائل ثمانينيات القرن العشرين حتى عام ١٩٩٤.8 ومن المهم أيضًا أن تعرف أن مجلة «أدفرتايزينج آيدج» اختارت حملة ماكان إريكسون الدعائية كثامن أفضل حملةٍ في القرن العشرين.9

(٦-٣) شخصيتك الفريدة

تقدِّم لايت بير فروم ميلر رؤيةً كاشفة حول الكيفية التي تخلق بها شخصيةً للعلامة التجارية تجد صداها لدى عميلك المثالي. ثمة نوعان من المبادئ الأساسية التي ينبغي أن تضعها في الاعتبار وأنت تصنع تلك الشخصية.

أولًا: «تأكَّدْ من أن الشخصية ليست جذابة فحسب، ولكنْ ملهمة أيضًا للمستهلك.» السؤال الرئيسي الذي يجب طرحه هنا هو: ما نوعية الشخص الذي يرغب الشخصُ المؤثِّر في مصاحبته؟ لا يتعلَّق الأمر بأن يكون ذلك الشخص مقبولًا فحسب؛ ولكنْ أن يكون مُقنِعًا ومثيرًا للاهتمام أيضًا. في حالة جعة لايت بير فروم ميلر، كانت فكرة «صديقك في الحانة» شيئًا من شأنه أن يجذب المستهلك المثالي؛ فبمقدورها مصاحَبة صديقٍ؛ فالصديقُ هو الشخص الذي يمكنك أن تقضي وقتًا معه، فضلًا عن تقديمه الدعم لك. جعلتْ شخصيةُ جعة لايت بير فروم ميلر العلامةَ التجارية تبدو وكأنها شخصٌ من بين الأشخاص المتردِّدين على الحانة. إذا كان الشخصُ المؤثِّر لا يستطيع التعلُّقَ بشخصية علامتك التجارية أو لا ينوي ذلك، فإما أن الشخصية ليست مناسبة له، وإما أنك تركِّز على شخصٍ مؤثِّر غير مناسب.

ثانيًا: «احرصْ على أن تكون شخصيةُ العلامة التجارية واضحةً في كل عملية تواصُل مع المستهلك.» سنناقش ذلك بمزيدٍ من التفصيل لاحقًا، ولكن ضَعْ في اعتبارك أن شعارَ العلامة التجارية والتعبئةَ وطرقَ التواصُل والألوانَ والروابطَ؛ كلها سُبُلٌ توصِّل من خلالها العلاماتُ التجارية شخصياتِها للمستهلكين. إذا كان أيٌّ من هذه الأمور غير متسق أو غير مناسب، تزداد احتماليةُ أن يُسقِط المستهلكُ العلامةَ التجارية من حساباته، وألَّا يدخل في علاقةٍ معها لأنها زائفة. لو كانت جعة لايت بير فروم ميلر انخرطَتْ في حملةٍ ذكرَتْ فقط المذاقَ الرائع والشعورَ الأقل بالامتلاء، دونَ ذِكْر الجدل الذي ثار بين الرياضيين السابقين حولها في الحانة؛ ما كانت لتنجح أبدًا. أصبح الرياضيون السابقون بتصرُّفاتهم الهزلية الصاخبة شخصيةَ العلامة التجارية. كل شيء يسهم في عملية التواصل. يجب عليك التأكد من أن كل رسالة تصل للمستهلك من العلامة التجارية تستخدِم نفسَ الشخصية والأسلوب. (بالعودة سريعًا إلى الحاضر، تعاني العلامة التجارية ميلر لايت المعاد تسميتها؛ فقد تخلَّتْ عن فكرة «صديقك في الحانة» الذكورية، لصالح رسالةِ «أكثر انفعاليةً» المماثلة لرسالةِ رائدةِ هذه الفئة باد لايت. وقبل بضع سنوات، عاد سكوت ميلر وبحث عن السبب في أن العلامة التجارية التي عمل عليها تواجِه ظروفًا عصيبةً؛ فاكتشف أن ميلر لايت قد «فقدت هويتها الذكورية» وأصبحت الآن جعةً خفيفة عادية، تعتمد على شهرتها وتوزيعها وتراثها.)

فكِّرْ في العلامات التجارية التي ناقشناها حتى الآن. لكلٍّ منها شخصيةٌ قوية: يُنظَر لدوس إكيس على أنها غامضة وطموحة، والأهم من ذلك أنها مثيرة للاهتمام. تمتلك باوريد ثقةً عالية وتوجُّهًا، وعلى الرغم من اقتراب ثقتها من حد الغرور، فإنها لا تزال أصيلةً وشديدةَ القوة. وبالتعمُّق أكثر، ربما تُخلَع على باوريد شخصيةُ الطفل الذي لا يريد أن يتوقف عن اللعب، الطفل الذي يتجاوز حبُّه للرياضة مجردَ المباراة في الملعب، الطفل الذي يسعى دائمًا لرفع أدائه. في حالة سمارت ووتر، تتمحور الشخصية حول ما هو أكثر من مجرد جودة المظهر الخارجي؛ فهذا الأمر لا يحتمِل السطحيةَ؛ فتعبئة سمارت ووتر — ليست مجرد الزجاجة الملساء فحسب، ولكنْ بطاقة التغليف الوصفية الذكية أيضًا — تساعد على التعريف بشخصيتها، التي يمكن وصفها بأنها حديثة وشابة وبسيطة وواثقة وأنيقة وتمتلك روح دعابة، وجديرة بالثقة.

(٦-٤) جوهر العلامة التجارية

سماتُ المنتج والمزايا الوظيفية والعاطفية والميزة الاجتماعية والشخصية؛ تشكِّل جميعها «جوهرَ» العلامة التجارية. يُصوَّر الجوهر كعبارة ثابتة تصف العلامة التجارية، وهذا هو «الشيء الواحد» الذي ناقشناه سابقًا. هذا هو حقًّا ما تملكه العلامة التجارية؛ فهو في حالة فولفو: «السيارات الآمنة»؛ وفي حالة ديزني: «سحر الأسرة»؛ وفي حالة كوكاكولا: «السعادة الحقيقية»؛ وفي حالة وول مارت: «الأسعار المنخفضة كل يوم»؛ وفي حالة جاك دانيلز: «الفحولة الأمريكية». وربما يتمثَّل جوهر العلامة التجارية سمارت ووتر في أنها تجعل المستهلك يشعر بأنها تساعده على أن يظهر بأفضل مظهرٍ، ويشعر بأفضل شعور. والآن، ولأنها كانت علامة تجارية أحدث، لم تكن سمارت ووتر قد شكَّلَتْ هذا الجوهر بعدُ مثل العلامات التجارية الأخرى؛ فهذا يستغرق وقتًا طويلًا وسنوات من الجهد المتواصل. ولكن بالنسبة إلى أقوى العلامات التجارية، عندما تظهر هذه العبارة البسيطة، سوف تجعل كل شخص مؤثر يعرف بالضبط ماهية العلامة التجارية.

ولتلخيص مفهوم البناء التدريجي للمزايا، دَعْنا نُلْقِ نظرةً على «هرم العلامة التجارية»، الذي يوضِّح البناء التدريجي بدءًا من سمات المنتج وصولًا إلى الجوهر الأساسي (شكل ٣-١). وعلى طول الطريق نحو الجوهر الأساسي، نرى المزايا الوظيفية والعاطفية والشخصية والميزة الاجتماعية.
fig1
شكل ٣-١: البناء التدريجي للمزايا.
دَعْنا نُلْقِ نظرة أيضًا على تطبيق هذا الأمر من خلال هرم افتراضي للعلامة التجارية سمارت ووتر، كما هو مبيَّن في شكل ٣-٢.

ما ملاحظاتك بشأن هرم العلامة التجارية سمارت ووتر؟ إنه منطقي، ومركَّز، والأهم من ذلك أن كل عناصره متناغمة معًا. العلامة التجارية القوية ستصنع خطوات منطقية تأخذ المستهلك من سمات المنتج المادية إلى شيء أعمق من ذلك بكثير. سنبدأ في هذا السياق غرْسَ بذور العلاقة مع الشخص المؤثر. لن يكتشف الشخص المؤثر عمق علامتنا التجارية على الفور، ولكن ما سنطرحه سيكون مقنعًا بما يكفي لجعل المستهلك أكثر اهتمامًا بتعقُّب علامتنا التجارية، وستكون هذه أول محاولة لنا «لجذب» الشخص المؤثر؛ ولكنْ علينا أولًا إحياء هذه الشخصية الديناميكية لعلامتنا التجارية، ويمكننا تحقيق ذلك من خلال إيجاد الروابط المناسبة.

fig2
شكل ٣-٢: هرم العلامة التجارية سمارت ووتر.

(٧) البحث عن شراكة

فكِّرْ في شخص مهم في حياتك. هل كنتَ تعلم شيئًا عنه قبل أن تلتقيه فعليًّا؟ بمَن كان يرتبط؟ ماذا كانت هواياته؟ أين كان يقضي وقته؟ كل هذه الأمور تمنحك فكرة حول شخص ربما تسمع عنه ولكن لم تعرفه فعليًّا بعدُ.

وبالمثل، فإن شراكات العلامة التجارية وسياقها وسمعتها جميعها عوامل تؤثِّر على طريقة نظر المستهلكين لهذه العلامة التجارية قبل أن يجربوها فعليًّا. يمكن أن تتنوع شراكات العلامة التجارية — وهي أي شيء يربط العلامة التجارية بطرف ثالث — من رعاية توستيتوس لبطولة فييستا بول (رابطةً بذلك العلامةَ التجارية بلعبة كرة القدم والمتابعين لها)، وصولًا إلى ارتداء ميشيل أوباما فستانًا من وايت هاوس/بلاك ماركت في برنامج «ذا فيو» (مقدِّمةً متجرَ البيع بالتجزئة لملايين الأمريكيين).10 تدخل العلامات التجارية في علاقات وشراكات مع كيانات أخرى لأننا نريد استعارة قِيَم تلك الكيانات أو شخصيتها (أو كلتَيْهما) ومواءمتها مع علامتنا التجارية.

فكِّرْ في الأمر من منظور علائقي. بمنظور بشري، تمنح شراكاتُ العلامة التجارية المستهلكين أدلةً حول مَن تقضي العلامةُ التجارية وقتَها معه وهواياتها واهتماماتها. وبالنسبة إلى العلامات التجارية، تنطوي هذه العلاقات على مخاطر؛ فبناءً على علاقات العلامة التجارية، يمكن على الفور أن تربح أو تخسر قطاعات رئيسية من المستهلكين. فالعلامة التجارية ذات الشراكات التي تعزِّز رسالتها الجوهرية تكون لديها فرصة أكبر بكثير للوصول إلى الشخص المؤثر وجذب انتباهه. والخيارات التي يتخذها فريق التسويق في هذا المجال تلعب دورًا مهمًّا. هذا هو الحال مع سمارت ووتر وإطلاقها على المستوى الوطني.

(٧-١) تجسيد العلامة التجارية

في أوائل عام ٢٠٠٥، بينما كان مات كان — الذي كان يشغل حينذاك منصب مدير العلامة التجارية سمارت ووتر — يقود سيارته على طريق فان ويك السريع متخطيًا الظلال الصباحية الباكرة لاستاد شيا، استغرق في التفكير بشأن الحملة التسويقية الوطنية الأولى من نوعها للعلامة التجارية سمارت ووتر. ولأنه كان مديرًا سابقًا من مديري العلامة التجارية كوكاكولا، فقد تعلَّم من التجارب الصعبة التي خاضها كلَّ ما يتعلَّق بالتعامل مع الفعاليات الكبرى والشراكات التسويقية المهمة؛ فكانت الألعابُ الأولمبية وبطولةُ السوبر بول وحفلُ توزيع جوائز جرامي و«أمريكان أيدول» جميعًا ضمن ترسانة الشراكات التي كانت تحت تصرُّف شركة كوكاكولا عند إطلاق العلامات التجارية. أصبح كان يعمل الآن لصالح مجموعة تجارية صغيرة ناشئة في جلاسو، حيث كانت الموارد شحيحة، وكان المطلوب هو الحنكة والكفاءة وليس الإنفاق الضخم على التسويق. ومع ذلك، أراد كان أن يخاطر ويستخدم استراتيجية المشاهير بينما كانت سمارت ووتر توسع شبكة توزيعها على الصعيد الوطني. رأى كان أن المشاهير يناسبون من الناحية المنطقية استراتيجية الإنفاق في جلاسو؛ لأنهم يحدِّدون الاتجاهات الجديدة ويتمتعون بالكثير من الحرية مقارَنةً بغيرهم. يوضِّح كان قائلًا: «كعلامة تجارية أردتُ أن تصبح إكسسوارًا عصريًّا، فإن وضعها في أيدي المشاهير المناسبين يمكن أن يصنع المعجزات. وبالنسبة إلى علامة تجارية لا تملك مالًا لابتكار حملة تليفزيونية وطنية ضخمة، فإنها ستكون طريقة فعَّالة لغرس بذور السمعة الطيبة للعلامة التجارية.»

ومع ذلك، يتمثَّل مفتاح النجاح في العثور على الشخص المشهور المناسب لتمثيل العلامة التجارية؛ ففي النهاية، الغرضُ من استراتيجية المشاهير هو اقتراض المبادئ الموجودة مسبقًا لدى الشخص المشهور ونقلها للعلامة التجارية. وضَعَ كان عددًا قليلًا من المعايير الرئيسية لإيجاد المتحدث المناسب باسم سمارت ووتر؛ متحدث باسمها يمكنه وَضْع اللبنات الأساسية للعلاقات التي ستقام مع المستهلكين على المستوى الوطني:
  • المعيار الأهم هو أن هذا الشخص المشهور يجب أن يعكس بمصداقية رسالةَ العلامة التجارية: ينبغي أن يُنظَر إليه على أنه شخص يتمتع بصحة جيدة وبمظهر جيد.

  • ينبغي أن يمتلك شخصية حقيقية وودودة، وليست سطحية ومتحفظة.

  • ينبغي أن يحتضن العلامةَ التجارية على نحو شخصي وكلَّ شيء تمثِّله.

أُخِذ عدد من الأسماء في الاعتبار. كن جميعًا من ممثلات هوليوود البارزات اللاتي كن يحظين ﺑ «أكبر قدر من الإعجاب والحب». ظاهريًّا، بَدَوْنَ جميعًا متوافقات مع المعايير الموضوعة؛ ولكن كانت هناك واحدة تتفوق على الأخريات باعتبارها أكثر ملاءمةً للعلامة التجارية. ذكر كان الأسباب قائلًا: «أولًا: كان الآخرون يرونها ودودةً؛ فكانت تمثِّل الفتاة العادية، ومع ذلك كانت جذَّابة وأنيقة للغاية. كان تناقضًا مثيرًا للاهتمام؛ من الواضح أنها كانت تعتني بجسدها؛ ونتيجةً لذلك، بدت أصغر سنًّا بكثير من سنها الحقيقية؛ وساعَدَ هذا على تعزيز حقيقة أن سمارت ووتر كانت حقًّا أول مياه معبَّأة تشدِّد على أنها تحتوي على مزيج من المعادن. كانت الممثلة تتمتع بالصحة والرشاقة؛ ولعبت سمارت ووتر دورًا بسيطًا في ذلك.»

وكان من المفيد أنها كانت واحدة من أكثر مشاهير هوليوود جاذبية، وشاركت في عدد كبير من الأفلام الناجحة، كما شاركت في المسلسل التليفزيوني الشهير «فريندز». وكان من المهم أيضًا أنها واحدة من أكثر مشاهير العالم الذين تُلتقط الصور معهم. بطبيعة الحال، حتى لو كنتَ لا تتذكر الحملة، فإنك تعلم الآن أن جنيفر أنيستون كانت الشخص الذي اختارته سمارت ووتر لتمثيل العلامة التجارية أمام العالم. وإذا استطاعت العلامة التجارية الدخول في شراكة فعَّالة معها، وإذا تبنت جنيفر العلامة التجارية وحملتها معها في كل مكان كإكسسوار؛ فإن الاستراتيجية ستؤتي ثمارها.

يقول كان: «أحبت جنيفر أنيستون العلامة التجارية حقًّا؛ فخرجت عن مسارها لتحملها معها كإكسسوار، وصُوِّرت وهي تحمل العلامة التجارية كثيرًا، وظهرت معها على نحو أكثر مما كان مطلوبًا منها بموجب تعاقدها.» فيما يخص تأسيس سمعة العلامة التجارية على المستوى الوطني، كانت جنيفر الاختيارَ المثالي. يعترف كان أن جنيفر عززت شخصية سمارت ووتر، فيقول: «ما جذبنا في جنيفر هو أنها كانت طموحة، ومع ذلك بَدَتْ ودودة. كانت أنيقة، ولكن ذوقها كان كلاسيكيًّا في الأزياء. وكانت تجتهد للحفاظ على رشاقتها، وعلى الرغم من أنها كانت تأخذ حرفة التمثيل على محمل الجد، لم تفرط في الجدية حيال نفسها، وهو الأمر الذي توافَقَ جيدًا مع بطاقة التعريف بالمنتج الموجودة على عبوتنا الأنيقة.» بعبارة أخرى، مكَّنَتْ جنيفر العلامة التجارية من تعزيز صورتها كإكسسوار، وساعدت في نهاية المطاف في صنع الشارة المميزة.

بدأت حملة قوية من الإعلانات المطبوعة والخارجية تضم جنيفر، وكان رد فعل المستهلكين لا بأس به. وتلقت العلامة التجارية ردودَ فعل إيجابية على عبارة «تساعدني على الظهور بالمظهر الأمثل، والشعور بأني في أفضل حال»، ووصفوا المنتج بأنه يحمل «علامة تجارية جديرة بالثقة»، وبأنه «أنيق». والأهم من ذلك أنه على الرغم من إطلاقها بعد العلامتين التجاريتين الأكثر شهرةً إيفيان وفيجي بسنوات عديدة، أصبحت سمارت ووتر المياه المعبَّأة الفاخرة الأولى في أمريكا. وفي أسوأ اقتصاد منذ الكساد العظيم، الذي شهد انخفاض علامات تجارية ذائعة الصيت بمعدلات كبيرة، حقَّقَ الاستثمار في سمعة سمارت ووتر الناشئة نموًّا كبيرًا عامًا بعد عام.11

(٧-٢) اقتران العلامة التجارية بالشريك

من الواضح أن مفتاح النجاح في خلق سمعة قوية للعلامة التجارية يتمثَّل في النهاية في تحديد الكيفية التي سيجري بها توصيل هرم العلامة التجارية، الذي أشرنا إليه سابقًا، إلى المستهلكين؛ واستخدامُ المشاهيرِ مجرد طريقةٍ واحدة من طرق تلك الكيفية. وكما سنرى لاحقًا، يمكن أن يتخذ الشريك أشكالًا عديدة.

إذن، كيف يمكنك أن تجد الشريك المناسب؟ إذا فكَّرْنا في هذا الأمر في سياق العلاقة، يجب أن يكون الشريك المناسب هو ذلك الذي يتوافق جيدًا مع العلامة التجارية، لدرجةٍ تجعل من اقترانه بالعلامة التجارية أمرًا ممكنًا. ثمة تدريب رائع استخدمته عدة مرات يتمثِّل في تصميم مصفوفةِ توافُقٍ بين العلامة التجارية وشريكها المحتمل. في مصفوفة التوافق، تُقارَن عناصرُ تموضع العلامة التجارية وشخصيتها مع تلك العناصر الموجودة لدى الشريك المقصود. دَعْنا نأخذ تلاؤم العلامة التجارية سمارت ووتر مع جنيفر أنيستون كمثال. كما رأينا سابقًا، المزايا العاطفية لسمارت ووتر، الناشئة تدريجيًّا من سماتها ومزاياها الوظيفية، يمكن تلخيصها على النحو التالي:
  • تُشعِرني بأني بصحة جيدة.

  • تقول شيئًا عن شخصيتي (قيمة الشارة).

  • تتعلق بما هو أكثر من مجرد المظهر الجيد.

شخصية العلامة التجارية التي توحي بها هذه المزايا هي:
  • عصرية.

  • ملساء وأنيقة.

  • بسيطة.

قارِنْ ذلك بالأحاسيس الشائعة حيال ما يمكن أن نطلق عليه العلامة التجارية «جنيفر أنيستون»:
  • جذابة.

  • تتمتع بصحة جيدة ولياقة بدنية.

  • تتمتع بروح الفكاهة.

  • تدشن اتجاهات جديدة.

  • تُلتقط معها الصور بانتظام/ذات أهمية إخبارية.

  • تعامل الآخرين جيدًا.

وشخصيتها:
  • فتاة عادية.

  • مرحة.

  • بسيطة.

  • ودودة.

  • لطيفة.

تتوافق سمات جنيفر أنيستون وشخصيتها بوضوح مع شخصية سمارت ووتر، وهذا جعلها خيارًا طبيعيًّا لتمثيل العلامة التجارية. ومن خلال مواءَمة صورة «الشريك» مع مزايا «العلامة التجارية» وشخصيتها وميزتها الاجتماعية، سنكون قادرين على نقل المبادئ أو القِيَم من أحدهما إلى الآخر. ولكن عليك أن تكون حَذِرًا؛ فحتى إذا كان الاثنان متلائمين نظريًّا، فعندما يُنفَّذ الأمر على أرض الواقع في السوق، يمكن أن يصبح مختلفًا تمامًا؛ فالمشاهير بشر، وإذا ارتبطت العلامة التجارية ارتباطًا كبيرًا بأحدهم، فإن العلامة التجارية تجني العواقب إذا أخفق هذا الشخص المشهور. أحيانًا يكون من الأكثر منطقيةً خلْقُ شراكة مع كيان وليس شخص.

بالنسبة إلى باوريد، قررنا تحديدًا ألا نستخدم المشاهير. لماذا؟ استخدم منتج جاتوريد مايكل جوردن ومجموعة أخرى رفيعة المستوى من نجوم الرياضة المحترفين، في تواصله مع المستهلكين. قرَّرنا بدلًا من ذلك أن نبدأ الرعاية الطويلة المدى من شركة كوكاكولا للأولمبياد لتصبح «المشروب الرياضي الرسمي للألعاب الأولمبية»، وهو ما أرسى اختلافًا آخَر عن جاتوريد. في حين كان يُنظَر لجاتوريد باعتباره المشروب الرياضي للرياضيين المحترفين والبطولات الرياضية، من الممكن أن يرتبط منتج باوريد بالرياضيين الأولمبيين، الذين يشاركون — شأنهم شأن المستهلكين — في ألعاب القوى من أجل حبهم للرياضة وليس حبًّا في المال.

عقد كبير مديري العلامة التجارية لاري تامان شراكةً مع شركة نايكي، من أجل تشكيل مجموعة من الرياضيين الطامحين للمشاركة في الأولمبياد تحت شعار «نادي باوريد الرياضي». كان نادي باوريد الرياضي — الذي ضمَّ الرياضيين الواعدين الذين لم تكن هناك ضمانة حتى لأنْ ينضموا إلى الفريق الأولمبي — مظهرًا من مظاهر العلامة التجارية؛ إذ ضمَّ شبابًا طموحين يمتلكون الإمكانات، ولكن يحتاجون إلى فرصة لإظهار إمكاناتهم.

أَتذكُر الجانبَ المميِّز في المنتج، «٣٣٪ كربوهيدرات إضافية»، الذي لم نكن نعرف كيف نستفيد منه؟ أخيرًا أصبح فريق التسويق قادرًا على ربط ميزة بهذا الجانب المميِّز من خلال الاستعانة بالرياضيين الأولمبيين. في استطلاع داخلي في شركة كوكاكولا، أشار الرياضيون الأولمبيون إلى أنهم يفضِّلون المزيد من الكربوهيدرات في مشروباتهم الرياضية. أخذت مديرة العلامة التجارية بارا فاوجان نتيجةَ هذا الاستطلاع وربطت بينها وبين حقيقة أن باوريد يحتوي على كربوهيدرات أكثر من جاتوريد بنسبة توازي ٣٣ بالمائة؛ وهذا أشار ضمنيًّا في النهاية إلى أن الرياضيين الأولمبيين — أفضل الرياضيين في العالم — يفضِّلون تركيبة المشروبات الرياضية المشابِهة لباوريد وليس لجاتوريد. ساعدت الشراكة مع الرياضيين الأولمبيين في إيصال الرسالة. في الواقع، ثبت أن الرسالةَ التي مفادها أن الرياضيين الأولمبيين يفضِّلون المزيدَ من الكربوهيدرات، أكثرُ إقناعًا من أي إعلان لجاتوريد، بما فيها تلك الإعلانات التي ظهر فيها مايكل جوردن الرائع.

•••

استكشفنا في هذا الفصل سبل تحديد نوع مستهلك العلامة التجارية؛ الشخص الذي ربما سيكون الأكثر اهتمامًا بالمزايا الوظيفية والعاطفية المحدَّدة للعلامة التجارية وشخصيتها وميزتها الاجتماعية وجوهرها. إذا لم يكن عرض العلامة التجارية واضحًا أو موجزًا أو صادقًا أو متوافقًا من الناحية المنطقية مع احتياجات الشخص المؤثر، فإن العلاقة محكومٌ عليها بالفشل حتى قبل أن تبدأ. عليك أن تتذكر أن هذا اللقاء الأول هو أهم مرحلة. هدفنا هو التأكُّد من أن كل شيء نستطيع السيطرة عليه مثاليٌّ بالنسبة إلى هذا اللقاء الأول، وإذا لم تَسِرِ الأمور على ما يرام، فلن يكون هناك أي احتمال لإقامة علاقة رومانسية. من الضروري مقابلة الشخص المؤثر في ظلِّ أفضلِ ظروف ممكنة، وفي الفصل التالي سنُلقِي نظرةً على كيفية القيام بذلك.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤