الفصل الثامن

تدارُك المشكلات

بالنسبة إلى أي مشجِّع لفريق أتلانتا فالكونز — أو في حقيقة الأمر بالنسبة إلى أي مشجِّع للدوري الوطني لكرة القدم الأمريكية — كان المشهد سرياليًّا. في ذلك المساء البارد من يوم الحادي عشر من ديسمبر عام ٢٠٠٧، انتقلت القناة الإخبارية المحلية دبليو إكس آي إيه التابعة لقناة أتلانتا إن بي سي، إلى بثٍّ مباشِرٍ يُظهِر مدرِّبَ فريق فالكونز بوبي بترينو، ليس في أتلانتا، ولكن في فايتفيل بولاية أركنساس — معقل جامعة أركنساس — وهو يهتف بشعار تشجيع فريق أركنساس رازورباك. قبل ذلك بأربع وعشرين ساعة فحسب، كان بترينو قد قاد فالكونز إلى الخسارة العاشرة لهم ذاك الموسم، هزيمة بنتيجة ٣٤–١٤ أمام فريق نيو أورليانز ساينتس؛ والآن، يقف إلى جانب زوجته وأطفاله، رافعًا يدَيْه مشجِّعًا بحماسٍ فريقَ أركنساس رازورباك. قبل ذلك وتحديدًا في صبيحة ذلك اليوم، كان قد استقال من تدريب فالكونز، وسرعان ما عمل في منصب مدرب رازورباك. كان فريق فالكونز يلعب دون مدرِّب، على الرغم من أنه كان لا يزال أمامه ثلاث مباريات في موسم ٢٠٠٧ الكارثي.

كذلك كان الفريق قد فقَدَ علامته التجارية. توَّجَ تشجيعُ بترينو ما كان منعطفًا غريبًا من نوعه في الأحداث بالنسبة إلى حق امتياز فريق أتلانتا فالكونز، الذي لعب قبل ثلاث سنوات في المباراة النهائية للدوري الوطني لكرة القدم الأمريكية. في بداية عام ٢٠٠٧، وقَّعَ بترينو عقدًا لمدة خمس سنوات بقيمة ٢٤ مليون دولار مع فريق فالكونز، وانضمَّ وهو يحمل آمالًا عريضة. قبل ذلك، سجَّلَ بترينو — بينما كان المدير الفني لفريق جامعة لويزفيل — الرقمَ القياسي بالفوز بواحدٍ وأربعين مباراةً مقابل خسارة تسع مباريات، وكان يُعتبَر عبقريًّا في الهجوم؛ إذ كانت فِرَقه من بين أعلى الفِرَق تسجيلًا للأهداف بانتظامٍ في البلاد. جلبه فريق أتلانتا فالكونز ليكون إضافةً مهمة في الفريق، جنبًا إلى جنب مع مايكل فيك المُصنَّف كأفضل لاعبٍ في الدوري الوطني لكرة القدم الأمريكية. وبفضل ما يتمتَّع به فيك من سرعةٍ وبفضل ذراعه القوية، غيَّرَ كثيرًا من طريقة لعب الظهير الربعي في الدوري الوطني لكرة القدم الأمريكية.

في عام ٢٠٠٦، وقبل وصول بترينو بعامٍ، أصبح فيك أول ظهير ربعي في تاريخ الدوري الوطني لكرة القدم الأمريكية يجري أكثر من ألف ياردة. مع فيك، كان لدى فالكونز لاعبٌ يراه معظمُ خبراء كرة القدم أكثرَ الرياضيين موهبةً في الدوري الوطني لكرة القدم الأمريكية. بعد ذلك أصبح بترينو عبقريُّ الهجوم هو مدرِّبَ فيك ضمن فريق فالكونز.

كانت إدارةُ فريق فالكونز تتوقَّع موسمًا رائعًا، ووفقًا لما ذكره جيم سميث مدير تسويق فالكونز: «كنَّا على وشك أن نصبح واحدةً من أكثر العلامات التجارية شعبيةً في الدوري الوطني لكرة القدم الأمريكية، وكان ذلك كله مَبنِيًّا على مايكل فيك.»1 فلم يكن باستطاعتك أن تلتقط مجلةً، أو تشاهِد حَدَثًا رياضيًّا، أو تقود سيارتك على الطريق السريع؛ دون رؤية صورة فيك. كان قد وقَّعَ عقود تسويق مع شركة نايكي، وإي إيه سبورتس، وكوكاكولا، وباوريد، وكرافت، ورولينجز، وهاسبرو، وإير تران، على سبيل المثال لا الحصر. ووفق تقديرات مجلة سبورتس إلاستراتيد في نهاية عام ٢٠٠٦، بلغ دخل فيك من راتب دوري كرة القدم وعقود التسويق ٢٥٫٤ مليون دولار، محتلًّا المرتبةَ العاشرة في قائمة الرياضيين الأعلى دخلًا في العالم.2

كان كل شيء جاهزًا للمشاركةِ في مباراة السوبر بول، والقضاءِ على وصمة العار التي وصمت الفريق بكونه أضعفَ فِرَق الدوري الوطني لكرة القدم الأمريكية منذ موسم العلامة التجارية الأول عام ١٩٦٦، الذي انتهى بفوز الفريق بثلاث مباريات وخسارة إحدى عشرة مباراة. في الواقع، في واحد وأربعين موسمًا من لعبة كرة القدم للمحترفين، لم يحقِّق فالكونز موسمَيْ فوزٍ متتاليَيْن. ولكن هذا كان على وشك التغيُّر؛ فوجود بترينو إلى جانب فيك يعني بالتأكيد الفوز ببطولة السوبر بول.

لكن سرعان ما تبخَّرَتْ تلك الأحلام؛ ففي ٢٥ أبريل ٢٠٠٧، نُفِّذ أمر تفتيش أدَّى إلى اكتشاف أدلة حول إقامة مباراة لمهارشة الكلاب (مباراة شجار بين الكلاب) في إحدى ملكيات فيك في مقاطعة سري الريفية بولاية فرجينيا، وهو أمر محظور قانونًا. وسرعان ما اكتُشِف أن فيك كان مسئولًا عن مشروعٍ أدَّى إلى اعتداءٍ شنيعٍ على الكلاب وتعذيبها وإعدامها؛ وسرعان ما تبع ذلك موجةُ غضبٍ من جانب نشطاء حقوق الحيوان وغضب شعبي، واتُّهِم فيك في يوليو بارتكابِ جنايةِ إدارة مشروع قتال كلاب في أكثر من ولايةٍ، أُطلِق عليه باد نيوز كينيلز. اعترف فيك بارتكاب هذه الجريمة في ٢٤ أغسطس ٢٠٠٧، وبعد ساعات فقط أُوقِف إلى أجلٍ غير مسمًّى دون أجرٍ من قِبَل اتحاد كرة القدم الأمريكية. وفي ١٠ ديسمبر، وقبل أربع وعشرين ساعة من الرحيل الصادم لبترينو عن الفريق، حُكِم على فيك بالسجن لمدة ثلاثة وعشرين شهرًا في سجن فيدرالي. مايكل فيك، المهاجم المنقذ والضمانة الحقيقية لشهرة فريق فالكونز كفريق كرة قدم — بمعنى أن يصبح علامة تجارية مشهورة في عالم كرة القدم — قد انتهى تمامًا، وكذلك فريق أتلانتا فالكونز.

(١) إحياء العلامة التجارية

في ذلك المساء البارد من شهر ديسمبر، في فترةٍ لا تزيد كثيرًا عن أربع وعشرين ساعة، كان فريق أتلاتنا فالكونز في حالةٍ يُرثَى لها. كانت العلامة التجارية لفالكونز في أضعف حالاتها؛ يقول سميث: «حتى قبل مايكل فيك، لم تكن علامتنا التجارية قوية. كانت طريقة لعبنا لكرة القدم مناقِضةً تمامًا لما كانت قاعدة المشجعين مهتمة به. الجنوب يحب كرة القدم، لكنه يحب أيضًا كرة القدم التقليدية. تجري بالكرة، وتمرِّرها، وتلعب دور مدافع جيد. لو طلبتَ من شخصٍ تعريفَ علامتنا التجارية قبل فترة مايكل فيك، فلن يقول إنها كرة قدم جنوبية تقليدية. سيقال إن علامتنا التجارية نوعٌ مختلف من كرة القدم، وسترتبط بمواسم خاسرة. حتى مع مايكل فيك، لعبنا كرةَ قدمٍ غير تقليدية.»

كان محقًّا؛ فالعلامة التجارية لفالكونز، والأهم من ذلك، علاقتها مع قاعدة مشجعيها؛ بُنِيت على أساس ضحل من الخداع في اللعب، والمواسم الخاسرة، وسوء التخطيط فيما يخص المواهب والتدريب، وقد أدى ذلك إلى خبرة ميدانية رديئة خلال مسيرة الفريق. قبل انضمام مايكل فيك استعان الفريقُ بجيري جلانفيل كمدرِّب. كان جلانفيل غير تقليدي مثل الفريق، فكان يرتدي ملابس سوداء بالكامل، ويعتمر قبعة رعاة بقر سوداء، وألبس الفريق زيًّا أسود، كما كان يتبنَّى أسلوبًا قويًّا وفعَّالًا ومعقَّدًا يُعرَف باسم «هجوم الركض والتصويب». كان هذا الأسلوب مثيرًا للغاية. لم يمتلك الفريقُ قطُّ شخصيةَ علامةٍ تجارية من شأنها أن تجذب قاعدةً جماهيرية كبيرة على النحو المطلوب؛ لأن أتلانتا هي تاسع أكبر مدينة في الولايات المتحدة. الفترةُ التي كان فيها فالكونز أقربَ إلى تشكيلِ علاقةٍ بين العلامة التجارية والمستهلك كانت خلال بطولة السوبر بول عام ١٩٩٨ — قبل فترة مايكل فيك — التي ابتكَرَ فيها الظهيرُ المدافع جمال أندرسون رقصةً في منطقة تصويب الأهداف من الملعب، أُطلِق عليها رقصة «ديرتي بيرد». وعلى الرغم من أنها حازت إعجاب بعض شرائح قاعدة فالكونز الجماهيرية، فإنها سرعان ما اختفت عندما تعرَّضَ أندرسون لإصابةٍ في نهاية الموسم في العام التالي، وعاد فالكونز إلى مستواه المتواضع.

كان لا بد من حدوث تغيير. كان مالك الفريق آرثر بلانك رجلَ أعمال ناجحًا، وكان عازمًا على اتباع نهجٍ عملي من شأنه أن يغيِّر مسارَ العلامة التجارية. ولكَوْن بلانك مؤسِّسًا ورئيسًا تنفيذيًّا سابقًا لهوم ديبوت، كان صاحبَ رؤية، وقد أحدث ثورةً في تجارة التجزئة لمنتجات تطوير المنازل. وكان يتعيَّن عليه الآن أن يقدِّم رؤيةً لإحياء منتج وعلامة تجارية كان واضحًا أنهما يعانيان حالةً شديدة من الركود والفوضى.

بينما بدأ بلانك عمليةَ تغييرٍ في الجانب التشغيلي لفريق فالكونز، عن طريق جلب مديرٍ عامٍّ ومدرِّبٍ جديدين، كلَّفَ جيم سميث وفريقَ التسويق لديه بإعادة بناء العلامة التجارية لفريق فالكونز. يقول سميث: «على الرغم من جميع السلبيات التي نتجت عن موقفَيْ فيك وبترينو، كان ثمة جانبٌ إيجابي واضح؛ فقد مكَّنَنا ذلك من البدء في تشكيل أساسٍ للبناء عليه؛ إذ استطعنا أن نُعِيد النظر في علامتنا التجارية، وأن نفهم أنَّ ما كنَّا نفعله في السنوات السابقة التي تزيد على أربعين عامًا لم يكن مُجدِيًا. واستطعنا من خلال ذلك البدء في إعادة تعريف «علاقتنا» بجماهيرنا.»

كانت مهمة سميث الأولى هي «تحديد» قاعدة فالكونز الجماهيرية. وحتى ذلك الوقت، لم تكن قد أُجرِيت أبحاثٌ تسويقية كافية لفهم تصوُّر الجماهير للفريق. وفقًا لسميث: «لم يكن الأمر كما لو كنا مثل كوكاكولا أو بدوايزر. كان لدينا عددٌ قليل من الموظفين وميزانيةٌ محدودة، ولم نكن نمتلك حقًّا القدرةَ على فهم مَن كان ضمن قاعدتنا الجماهيرية، فضلًا عمَّا يتوقَّعه الجمهور منَّا.» وكان هذا على وشك التغيُّر.

اجتمع سميث مع فريق التسويق وخرجوا بفرضيةٍ: «تستطيع الأنديةُ تحسينَ علاقاتها مع المشجعين دون الحاجة إلى الاعتماد على نجاحٍ دائم على أرض الملعب.» من الناحية النظرية، بَدَا هذا رائعًا؛ فلم تَعُدْ حياةُ العلامة التجارية فالكونز تتوقَّف على النتائج في أرض الملعب. صاغ سميث الأمرَ على هذا النحو: «لا تُسِيئوا فهمي؛ الأداءُ في الملعب أمرٌ مهم، ومهمتنا تكون أسهلَ بكثيرٍ عندما يكون الفريق ناجحًا. ولكننا فقط لا يمكن أن نقيِّد أنفسنا بافتراضِ أن قوة علامتنا التجارية مرهونةٌ بفوز الفريق؛ فأنديةُ الدوري الوطني لكرة القدم الأمريكية لا يمكنها التحكُّم في مرات الفوز والخسارة، ولكنْ يمكنها أن تؤثِّر في كل التجارب الأخرى مع مشجعيها. إذا نظرتَ إلى أندية الدوري الوطني لكرة القدم الأمريكية صاحبة العلامات التجارية الوطنية القوية، فستجد هذه الأندية قد وضعَتْ تقاليدَ وهويات للفريق ينصبُّ تركيزُها على المشجعين.»

بدايةً، كان على سميث اختبار هذه الفرضية. كان ينبغي له هو وفريقه فَهْم ومعرفة مَن هم جماهير فالكونز، ولماذا كانوا يشجِّعونه. ما الذي كان قد فعله فريق فالكونز لجذْبِ هذه الجماهير؟ والأهم من ذلك، ما الذي يتعيَّن عليهم فعله لتعزيز هذه العلاقة وضمِّ المزيد من المشجعين إليها؟

في الوقت نفسه تقريبًا، كان الدوري الوطني لكرة القدم الأمريكية يطوِّر نظامَ تتبُّعٍ شاملًا لتحقيق فهمٍ أفضل لقاعدة مشجعيه، وقياس ردود أفعال المشجعين حيال تجربة يوم المباراة؛ فكان في حاجةٍ إلى «عينةٍ» من أجل الدراسة، وكان فريق فالكونز أحد الفريقين اللذين تقدَّمَا للاشتراك.

(١-١) مشجِّع فريق فالكونز

عندما جُمِعَت معلومات الدراسة مع البيانات الداخلية لحاملي تذاكر فالكونز، كُشِف النقاب عن بعض الديناميات المثيرة للاهتمام. بدايةً، اكتشف الفريق أن قاعدة فالكونز الجماهيرية كانت متنوِّعةً للغاية (انظر الجدول ٨-١).

على المستوى الديموجرافي، كانت القاعدة الجماهيرية متنوعة للغاية. شكلت النساء ٤٥ بالمائة من القاعدة الجماهيرية، وكانت هناك نسبة كبيرة من الأمريكيين ذوي الأصول الأفريقية، وكان النطاق العمري كبيرًا. في الواقع، لم يكن يوجد نوع واحد من المشجعين الرئيسيين يمكن أن تركِّز عليه علامةُ فالكونز التجارية تركيزًا مكثفًا. كيف يمكنهم إعادة تنشيط العلامة التجارية للدخول في علاقةٍ مع مثل هذه المجموعة المتنوعة من الأفراد؟

تمثَّلَتِ المشكلة التالية في سوق أتلانتا ككلٍّ؛ فكانت سوقًا ضعيفة لكرة القدم للمحترفين وفْقَ عددٍ من المقاييس. تأمَّلْ نِسَبَ مشاهدة التليفزيون، التي هي مسئولة عن أكثر من نصف عائدات الفريق؛ فمع عدم وجود مايكل فيك في موسم ٢٠٠٧، حلَّ فريق أتلانتا في المرتبة التاسعة والعشرين من بين اثنين وثلاثين فريقًا في الدوري الوطني لكرة القدم الأمريكية، فيما يتعلَّق بمشاهدة دوري كرة القدم الأمريكية في التليفزيون. فالخسارةُ على مدار مواسم أربعة عقود، وإيقافُ فيك عن اللعب، وضعفُ الفريق العام؛ كل هذه الأمور تسبَّبَتْ في تراجُع اهتمام القاعدة الجماهيرية.

جدول ٨-١: السمات الديموجرافية لجماهير فريق فالكونز (المصادر: الاستطلاع الرياضي لعام ٢٠٠٨–٢٠١٠ لتي إن إس/إي إس بي إن، والتقرير السوقي لأتلانتا فالكونز، والبيانات الداخلية لفالكونز).
جماهير فالكونز (في أتلانتا) (٪)
ذكور ٥٥
إناث ٤٥
أعمار تتراوح بين ٢٥–٥٤ ٥٦
الدخل السنوي > ٧٥٠٠٠ دولار ٤٧
امتلاك منزل خاص ٧٩
قوقازيون ٦٦
أمريكيون ذوو أصول أفريقية ٣٠
لم تُشِر بياناتُ مقارَنةِ القاعدةِ الجماهيرية لأتلانتا مع القاعدة الجماهيرية الكلية في الولايات المتحدة إلى نتائج جيدة أيضًا؛ فبناءً على الإجابات عن أسئلة محدَّدة، صُنِّف المشجِّعون إلى متحمِّسين (مهتمين للغاية بالدوري الوطني لكرة القدم الأمريكية)، وعاديين (مهتمين إلى حدٍّ ما)، ومشجِّعين على نحوٍ عارض/غير مشجِّعين (مهتمين قليلًا/غير مهتمين على الإطلاق)؛ انظر الجدول ٨-٢.
جدول ٨-٢: مستوى اهتمام مشجعي كرة القدم: أتلانتا مقارَنةً بالمستوى الوطني (المصادر: الاستطلاع الرياضي لعام ٢٠٠٨–٢٠١٠ لتي إن إس/إي إس بي إن، وتقرير التسويق لأتلانتا فالكونز، والبيانات الداخلية لفالكونز).
سكان الولايات المتحدة (٪) سوق أتلانتا (٪)
متحمسون ٣٤ ٢٨
عاديون ٢٣ ٣٢
مشجعون عارضون/غير مشجعين ٤٣ ٤٠
كانت القاعدة الجماهيرية لفالكونز بالتأكيد تتضمَّن عددًا أكبر من المشجعين «العاديين»، مقارَنةً بالقاعدة الجماهيرية الأمريكية الكلية للدوري الوطني لكرة القدم الأمريكية؛ وهذا فسَّرَ بوضوحٍ سببَ انصراف المشجعين عن الفريق بأعداد كبيرة في أعقاب فضيحة فيك. فلم تكن العلامة التجارية فالكونز رسَّخَتْ علاقةً قوية بما فيه الكفاية مع قاعدة مستهلكيها للاحتفاظ بالمشجعين في الأوقات الصعبة. كان السؤال: لماذا؟ بالتأكيد ساعَدَ تاريخُ مواسم الهزيمة في ذلك. ولكنْ هل توجد عوامل أخرى تؤثِّر على حماس الجماهير كانت سببًا في هذا؟ كشفَتِ البياناتُ بعضَ الأسباب المثيرة للاهتمام. في نظام تتبُّع المشجعين نفسه برعاية الدوري الوطني لكرة القدم الأمريكية، طُلِب من المشجعين تحديد الرياضة التي يفضِّلون مشاهدتها (الجدول ٨-٣).

ما أصبح واضحًا هو أن كرة القدم الجامعية — وليس كرة القدم على المستوى الاحترافي — هي التي هيمنت على سوق أتلانتا. في الواقع، نسبة الأتلانتيين الذين أشاروا إلى أن كرة القدم الجامعية هي رياضتهم المفضَّلة؛ تجاوزَتِ المتوسطَ الوطني بمقدارٍ يزيد على الضعف. مع وجود قوتين ثابتتين في عالم كرة القدم الجامعية، هما معهد جورجيا للتكنولوجيا (وسط مدينة أتلانتا) وجامعة جورجيا (على بُعْد سبعين ميلًا وتقع في أثينا)، بالإضافة إلى سبعة برامج رئيسية أخرى لكرة القدم الجامعية على مسافة تقطعها السيارة في أربع ساعات؛ فإن كرة القدم الجامعية تتفوَّق على الدوري الوطني لكرة القدم الأمريكية. ولأن أتلانتا كانت واقعةً في قلب الدوري الجامعي لتجمُّع الساحل الأطلسي، والدوري الجامعي لتجمُّع الجنوب الأمريكي؛ كانت المدينةُ قِبلَةَ كرة القدم الجامعية، وكان مشجِّعو كرة القدم في أتلانتا يقضون يومَ السبت في مشاهَدة مباريات كرة القدم الجامعية، إما في الاستاد وإما على شاشة التليفزيون؛ وهذا أعطاهم فرصةً للقيام بالمشاوير، وقضاء بعض الوقت مع الأسرة، وتخصيص وقت للأنشطة الترفيهية. فإذا كان حدَثَ أنِ اضطُروا لعدم مشاهدة إحدى المباريات من أجل القيام بأنشطة أخرى، فلن تكون هذه المباراة هي مباراة جورجيا وفلوريدا، بل ستكون مباراة فريق فالكونز.

جدول ٨-٣: الرياضات الخمس الأولى: أتلانتا مقارَنةً بالمستوى الوطني (المصادر: الاستطلاع الرياضي لعام ٢٠٠٨–٢٠١٠ لتي إن إس/إي إس بي إن، والتقرير السوقي لأتلانتا فالكونز، والبيانات الداخلية لفالكونز).
سكان الولايات المتحدة (٪) سوق أتلانتا (٪)
الدوري الوطني لكرة القدم الأمريكية ٢٣ ١٧
دوري البيسبول الأمريكي للمحترفين ١١ ١١
دوري كرة القدم الجامعي ١٠ ٢١
الدوري الأمريكي لكرة السلة للمحترفين ٧ ٣
دوري كرة السلة الجامعي ٤ لا يوجد
سباقات سيارات ناسكار لا يوجد ٣

علاوةً على ذلك، كانت مدينة أتلانتا جاذبةً للغرباء الذين كانوا يَفِدون إليها بولاءاتهم الخاصة لفِرَقهم من أجل العيش فيها. فلِكَوْنِها عاصمةً «للجنوب الجديد»، نَمَا عددُ سكان أتلانتا على نحوٍ كبير، من ٢٫٣ مليون نسمة في عام ١٩٨١ إلى ٥٫٥ ملايين نسمة عندما دخل مايكل فيك السجن الفيدرالي. و٤٠ بالمائة فقط ممَّنْ يعيشون في منطقة أتلانتا الحضرية وُلِدوا في جورجيا، وكان هذا أقلَّ عددِ سكانٍ أصليين في أي منطقة حضرية بين أكبر عشرين منطقة حضرية؛ فقد كانت المدن الأخرى تمتلك عددًا كبيرًا من السكان الذين عاشوا حياتهم كلها في الموقع نفسه؛ كانت أتلانتا حالةً شاذة. في الواقع، بالنسبة إلى كثير من مشجعي كرة القدم الأمريكية الذين عاشوا في أتلانتا، كان فريق فالكونز هو الفريق الثاني المفضَّل لديهم، باعتباره فريقَ مدينتهم؛ وذلك أمرٌ يصعب تغييره.

كان التحدي الآخر الذي واجهه فالكونز هو العدد الكبير من الخيارات المتاحة أمام الأموال التي تُنفَق على الترفيه في سوق أتلانتا؛ فكانت للمدينة علامةٌ تجارية رياضية في كل دوري، وهيمنت كرة القدم الجامعية، وضارعَتِ الحفلاتُ الموسيقية وعروض برودواي مثيلاتِها في أي مدينة أخرى تقريبًا. وإضافةً إلى ذلك، شجَّعَ الطقس المعتدل على ممارسة كثيرٍ من الأنشطة الخارجية، مثل الجولف والتنس وركوب الزوارق ونزهات المشي لمسافات طويلة في جبال شمال جورجيا والحدائق الترفيهية.

بينما كان الفريق يصارع تحديات جذب الجماهير، واجَهَ أيضًا معضلةً أكبر: ماذا «كانت» العلامة التجارية لفالكونز؟ أشار البحث إلى أن فريق فالكونز يملك بالفعل «هذا الشيء الواحد»؛ لم يكن سوى شيء لم تَعُدْ لديهم رغبةٌ أو حاجةٌ إلى امتلاكه بعد الآن. عندما أُجرِي استبيانٌ على مشجعي أتلانتا فالكونز وسُئِلوا عن أول كلمة تتبادر إلى أذهانهم عند التفكير في أتلانتا فالكونز، أجابت الغالبية العظمى من المشجعين: «مايكل فيك.» وثاني أكثر كلمة شيوعًا كانت «ديرتي بيرد»، ذاك الاسم القديم الذي اقترن بالفريق واكتسبه من المرة الواحدة التي شارَكَ فيها في مباراة سوبر بول قبل عشر سنوات. ولم يُسجَّل شيءٌ آخر. في الواقع، اختُزِلت العلامة التجارية فالكونز في رجلٍ اعترَفَ بتورُّطه في قتل الكلاب، وفي رقصة احتفالية بعد تسجيله هدفًا بلغ عمرها عشر سنوات.

هذا هو ما واجَهَه فريق تسويق أتلانتا فالكونز في ديسمبر ٢٠٠٧. تعرَّضت الجماهير للخيانة، وبدأ الموسم الثاني والأربعين وانتهى دون مواسم فوز متتالية، وكان فريق التسويق يحاول إثبات أنه يستطيع تطوير علامة تجارية دون ضمانات بأن الفريق الذي يسوِّق له سيفوز على الدوام. ولكنهم كانوا على قناعة بأنهم قادرون على تحقيق النجاح؛ فما السبب؟ كانوا يشعرون بطمأنينة من جرَّاء معلومةٍ واحدة من معلومات البحث السوقي لفريق الدوري الوطني لكرة القدم الأمريكية، الذي حدَّدَ فريق كرة القدم الأمريكي الأكثر شعبيةً في الولايات المتحدة. لم يكن فريق كرة القدم الأمريكي الأكثر شعبيةً فحسب، ولكنه كان أكثر علامة تجارية رياضية شعبية في البلاد، ووفقَ تقديرات مجلة فوربس، قُدِّرت قيمة الفريق بأكثر من ١٫٦٥ مليار دولار.3 ومع ذلك، منذ عام ١٩٩٦، لم يَفُزِ الفريق في مباريات النهائيات إلا بمباراة «واحدة». في المقابل، فاز فالكونز بأربع مباريات في النهائيات منذ عام ١٩٩٦، وشارَكَ في مباراة سوبر بول ومباراتين لنهائي دوري كرة القدم الأمريكية.

كان دالاس كاوبويز هو الفريق الأكثر شعبيةً والأعلى قيمةً في الدوري الوطني لكرة القدم الأمريكية. وكان لفريق كاوبويز تاريخ؛ خمسة ألقاب سوبر بول، لكنه لم يحقق شيئًا يُذكَر على أرض الملعب منذ فوزه في سوبر بول على بيتسبرج ستيلرز في عام ١٩٩٥. كان الفارق أن فريق كاوبويز قد بنى علامة تجارية؛ فكان لديه علاقة قوية مع قاعدته الجماهيرية، بُنِيت على تقاليد طويلة الأمد تعود إلى نشأة الفريق في ستينيات القرن العشرين. على الرغم من أن بعض أسس العلامة التجارية قد بناها نجاح النادي في سبعينيات القرن العشرين وصولًا إلى عام ١٩٩٥، فإن كثيرًا منها قد بُنِي خارج الملعب؛ فالتجربةُ الفريدة من نوعها لملعب تكساس — الذي أصبح الآن استاد كاوبويز — بسقفه المتحرك، ومشجعاتُ دالاس كاوبويز، ودائرةُ الشرف لدالاس كاوبويز، والمنافَساتُ الناشئة مع فِرَق الدوري واشنطن ريدسكينز وفيلادلفيا إيجلز ونيويورك جيانتس، وشعارُ كاوبويز الكلاسيكي الأحادي النجمة؛ كلُّها أمورٌ خلقَتْ علامةً تجارية لها قيمتها بعيدًا عن نطاق الملعب. كانت العلاقة بين كاوبويز ومشجعيه قويةً للغاية، لدرجة أنه «مهما فعل الفريق على أرض الملعب، فإنه سيظل أكثر العلامات التجارية شعبيةً؛ ومن ثَمَّ، أكثر امتيازات العلامات التجارية قيمةً في جميع الألعاب الرياضية.»

(١-٢) إعادة بناء العلامة التجارية

بدأ فريق تسويق فالكونز استكشاف ما ينبغي أن تكون عليه العلامة التجارية فالكونز، وكان الهدف بسيطًا: كان ينبغي لفالكونز زيادة عدد الجماهير «المتحمسين»، بالسحب من العدد الأكبر للمشجعين «العاديين». كان عليه خلق أو تأسيس علاقة أوثق مع القاعدة الجماهيرية، وكان ينبغي أن تكون العلاقة علاقةً يهتم فيها الجماهيرُ فعلًا بالفريق ولاعبيه ومستقبله. وفيما يتعلق بالخيارات التي لا تُعَدُّ ولا تُحصَى في مجال الرياضة والترفيه في أتلانتا، فإنهم لن يتقبَّلوا الفريقَ دون تفكيرٍ فحسب، ولكن سوف «يختارون» طواعيةً أيضًا أن يكونوا جزءًا من أسرة فالكونز.

لإحداث هذا التغيير، تعيَّنَ على فالكونز تحديد ما تمثِّله علامة الفريق التجارية، والتأكُّد من توصيل ذلك على نحوٍ صحيح ومتَّسق في كل مرة «تتحدث» فيها العلامة التجارية إلى قاعدة مشجعيها. كلُّ شيء سيتواصل، وكلُّ تواصُلٍ سيكون متسقًا مع غيره. ما الذي تعيَّن على فالكونز القيام به أيضًا لإثارة المزيد من الحماس؟ كان يجب على جيم سميث وفريقه تحديد الكيفية التي يتميَّز فالكونز بها، ليس مقارَنةً بفرق كرة القدم الأخرى فحسب، ولكن أيضًا بجميع الخيارات الرياضية والترفيهية الأخرى التي تلوح للمستهلك في أتلانتا.

أجرى فريق تسويق فالكونز تحليلًا لأبحاث المشجعين، وتحدث مع اللاعبين والإدارة، وأجرى جلساتِ عصفٍ ذهنيٍّ داخليةً لنقل القِيَم الست التالية التي تمثِّل فترةَ ما بعد كارثة مايكل فيك/بوبي بترينو. من شأن هذه القِيَم أن تحدِّد هوِيَّة فريق فالكونز، وستكون بمنزلة أساس للعلامة التجارية. في الواقع، هذه القِيَم الست ستكون بمنزلة أساسٍ لإحداث نقلةٍ نوعيةٍ للفريق.

•••

الوحدة: معًا كفريق واحد، كوحدة واحدة ذات هدف واحد، يمكننا تحقيق أي شيء نحلم به. نحن نبني الوحدةَ والتماسُكَ، جامِعِين الناس معًا للاصطفاف خلف نادينا.

•••

لن يظل فالكونز رابطًا علامتَه التجارية بلاعب واحد؛ بل سيركِّز فريق فالكونز — سواء أكان في أدائه في الملعب أم في علاقته بالمشجعين خارج الملعب — على الفريق وليس على فرد واحد، وستكون السماتُ العاطفية الثابتة للوحدة والتماسك والعمل الجماعي جزءًا لا يتجزَّأ من العلامة التجارية لفالكونز.

•••

القوة: نحن أقوى، ولدينا رغبة أكبر، ولا يستطيع أحد إيقافنا. نحن نمثِّل قوةً كبيرة في دوري كرة القدم الأمريكية.

•••

كانت القوة محورَ كرة القدم في الجنوب وأساسًا للنجاح. كان الجهاز الفني للفريق يعمل على تشكيل فريقٍ سيطبق هجومًا متحفظًا مبنيًّا على الجري بسرعة والتمريرات القصيرة والدفاع القوي، بدلًا من فريقٍ ذي نسبةِ تهديفٍ عالية يعتمد على الألعاب والتمريرات الخادعة. إن فكرةَ القوة مناسِبةٌ تمامًا كفكرة أساسية لعلامة تجارية داخل الملعب وخارجه.

•••

الشباب: نحن شباب متحمِّس، ونضيف طريقةَ تفكيرٍ جديدةً وديناميكيةً لكلِّ شيء نفعله.

•••

سيضم فريق فالكونز على أرضية الملعب العديد من اللاعبين الشباب المتوقَّع نجاحهم، مثل الظهير الربعي مات راين ومتلقي التمريرات الطويلة رودي وايت، وسوف يستمر في جلب المواهب الشابة الجديدة. ولكن هذه القيمة سوف تتجاوز اللاعبين؛ ففالكونز كمنظمة سيكون مجدِّدًا ومختلِفًا في كيفية إدارة علاقاته بالمشجِّعين، متخطيًا ما هو نموذجي ومتجاوزًا كلَّ التوقُّعات.

•••

النزاهة: سوف نسلك الطريق القويم، وسوف نعمل بجد. نحن نعلم أنه لا توجد طرقٌ مختصرة لتحقيق النجاح، وسوف نعمل طبقًا لأعلى المعايير في الدوري الوطني لكرة القدم الأمريكية.

•••

نظرًا إلى مشكلات فيك، لم يكن هناك بدٌّ من هذا. كان يجب على فالكونز التأكد من أنه يبني صورةً لفريقٍ ذي شرف وأخلاق ونزاهة داخل الملعب وخارجه؛ فلا يمكن الاستهانة بالضرر الذي أوقَعَه حادثُ فيك على المنظومة بأكملها. يحتاج فريق فالكونز إلى الإفراطِ في تقديم هذه القيمة، وإقناعِ قاعدته الجماهيرية بأن حادثَ فيك لا يعكس قِيَمَ الفريق.

•••

المجتمع: في كل مرة نرتدي فيها قميص فالكونز، نلعب لهدفٍ يتجاوز أهدافنا الذاتية بكثير. سوف نستمِدُّ قوتنا من المجتمع الذي نخدمه، وسنَهَب كلَّ ما لدينا لهذا المجتمع في سبيل جعله أكثر قوةً.

•••

لجذب جمهور أتلانتا بعيدًا عن الانتصارات والهزائم، ينبغي أن يلعب فريق فالكونز دورًا مهمًّا في المجتمع. ستمثِّل الزياراتُ والمخيمات ولقاءات التعارُف التي تُعقَد مع المشجعين والعيادات دفعةً كبيرة للخطة التسويقية لفالكونز. سيؤسِّس فالكونز علاقةً مستمرة تتجاوز المباريات التي تُقام بعد ظهيرة أيام الآحاد. كان من الضروري أن يُنظَر للفريق باعتباره مفيدًا للمجتمع.

•••

الجنوب الحديث: نحن الجيل الجديد. نحن الطاقة الجديدة. نحن فخورون بأصولنا.

•••

كان فريق فالكونز في طريقه للإقرار بأصوله الجنوبية على نحوٍ فريد من نوعه يمثِّل بحقٍّ الجنوبَ الجديد. كانت أتلانتا عاصمةَ الجنوب الحديث — محمومة ودولية وتقدُّمية ومستوعبة للجميع — وفالكونز سيكون بالمثل فريقًا لكل سكان أتلانتا. وحتى لو كان المشجِّع من بيتسبرج أو ميامي أو شيكاجو، فإن فالكونز سيُنشِئ علامةً تجارية سيكون العديد من المنتقلين للمدينة قادرين على الارتباط بها. سيطوِّر فالكونز علاقةً مع الجماهير من خلال الاحتفاء بالمدينة التي يفخرون بتمثيلها.

أخذ فريق التسويق هذه القِيَم الرئيسية وابتكَرَ «شعارَ العلامة التجارية فالكونز». أُوجِز هذا الشعار في بضع عبارات قصيرة. «كلُّ شيء» سيُقدَّم للجماهير في سياق علاقتهم بفريق فالكونز سينبع من جوهر العلامة التجارية هذا. فسوف يهيمن على الإعلانات والترويج والموقع الإلكتروني؛ كلُّ نقطةِ تواصُلٍ مع المستهلك.

«فريق أتلانتا فالكونز»:
  • جدير بالثقة: استنادًا إلى تاريخٍ ثريٍّ وجذورٍ متأصِّلة في أتلانتا، نحن الفريق رقم واحد في الجنوب.
  • جذَّاب: نحن نجذب ونوحِّد المجموعةَ الأكثر تنوُّعًا من المشجعين.
  • محفِّز: نحن نزيد من درجة استمتاعك؛ فكلُّ تجربة مع أتلانتا فالكونز مثيرةٌ.

(١-٣) إحداث تحوُّل نوعي

إن هدف فالكونز في نهاية المطاف سيكون سماع أحد المشجعين — عندما يُطلَب منه وصف أتلانتا فالكونز — يقول: «أتلانتا فالكونز يرفع معنوياتي!» وسيوصل فالكونز هذه الفكرة الأساسية عبر كل نقطة تواصُل مع المشجعين. فمن الظهور بمظهرٍ جديدٍ أمام المشجعين العاديين، إلى الحوار المتواصِل مع جماهيره المتحمسة التي تشجِّعه منذ فترة طويلة؛ سينقل فريق فالكونز هذه القِيَم الأساسية. يقول سميث: «لم نكن في طريقنا إلى تشكيل حملة، بل إحداث تحوُّل نوعي. كانت هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها النهوض من إحباطات الماضي.» سوف تصبح شخصيةَ الفريق الجديدةَ. لا وجود لجيري جلانفيل أو مايكل فيك. كان فالكونز يبتعد عن ماضيه الذي كان قائمًا على الخداع.

إن توصيلَ الرسالة الصحيحة إلى القاعدة الجماهيرية المتشككة أمرٌ حاسم؛ فبعد العديد من المحاولات، توصَّلَ الفريق إلى شعارٍ كان فعَّالًا على عدة مستويات: «أتلانتا فالكونز — انهضْ». كان موجَزًا وبليغًا وينقل معنًى كبيرًا. لقد تعاطى مع التحديات الأخيرة لفالكونز، ومع ذلك قدَّمَ صورةَ طائرٍ آخَر — طائر العنقاء — ينهض من الرماد ويصبح طائرًا كاملًا مرةً أخرى.

لنَقْل الرسالة الجديدة، احتاج فريق فالكونز متحدِّثًا باسمه متحمِّسًا وبمقدوره حشد الجماهير، ويمكن أيضًا النظر إليه باعتباره ممثِّلًا للفريق جديرًا بالثقة. ومثلما وجدت سمارت ووتر في جنيفر أنيستون متحدِّثة باسمها تمثِّل بدقة شخصيةَ العلامة التجارية، احتاج فريق فالكونز شخصًا لتجسيد علامة فالكونز التجارية المُعاد تصميمها. خلال أبحاثهم، اكتشف الفريق شخصًا تربطه علاقات بأتلانتا، والتحق بكلية مورهاوس المجاورة، وروَّجَ للعلامة التجارية في ملعب الفريق السابق؛ استاد فولتون كاونتي. من الأمور الجيدة أنه كان الممثِّل الأعلى أجرًا في هوليوود في ذلك الوقت. وبعد عدة محاولات لإقناع صمويل جاكسون من قِبَل سميث وفريقه، وافَقَ على أن يصبح واجهةَ حملة فالكون؛ «انهضْ».

تمتلك الآن العلامة التجارية المعاد تصميمها فالكونز فرصةً لإعادة تقديم الفريق لقاعدة جماهيرية في حاجةٍ ماسة إلى بعض الأخبار الإيجابية. قدَّمَتِ الحملةُ الدعائية مَشاهِدَ لفريقِ فالكونز وهم يؤدُّون لعبات رئيسية، ولحشدٍ من الجماهير يهتف في قبة جورجيا، وجاكسون مرتديًا بدلة سوداء وربطة عنق حمراء زاهية، وجوقة متعددة الثقافات ترتدي رداءً أحمر اللون تغنِّي في الخلفية. كان الإعلان مُلهِمًا ويدعو للتفاؤل، وقدَّمَ نسخةً حديثة من عِظَة يوم الأحد التقليدية، مع وجودِ الجوقة في الخلفية وتشبُّهِ جاكسون بقسٍّ من الزمن القديم. يقول سميث: «ستصبح الحملة بمثابة دعوةٍ تحفيزية للمدينة والمجتمع وفي الملعب.»4 ليس المثير للاهتمام هو ما يظهر في الإعلانات فحسب، ولكن أيضًا ما لا يظهر فيها. بدايةً، لا توجد أي إشارة للاعب معين؛ فعلى الرغم من أن الصور كانت تُظهِر الظهير الربعي الحالي مات راين وآخَرين، فإنه لم يُذكَر أحد بالاسم. في الواقع، خلال الإعلان بأكمله الذي بلغت مدته دقيقة واحدة، ظهر لاعبو الفريق في أرض الملعب لمدةٍ لم تتجاوز عشرين ثانية. قد يقول أحدهم إنه تم عرض المشجعين الذي يهتفون تحت القبة، والتجربة نفسها، بقدر ما عُرِض اللاعبون في أرض الملعب. كانت هذه الحملة الإعلانية تتضمَّن لاعبين وحركةً، ولكن كل ذلك عُرِض «في الخلفية»؛ ففريق فالكونز لا بد أن يكون أكبر ممَّا كان يجري على أرض الملعب. لا يوجد أي نقاش حول انتصارات أو هزائم، ولكن بدلًا من ذلك ثمة رسالةٌ مُلهِمة تخاطِب عواطفَ كلِّ مشجِّع من مشجِّعي الفريق.

حقَّقت الحملة الدعائية بالضبط ما كان يأمل جيم سميث أن تحقِّقه؛ فبدأت التحكُّمَ فيما لا يمكن التحكُّم فيه. يقول سميث: «دلَّتْ هذه الحملة فعليًّا على أننا أصبحنا شيئًا جديدًا ومختلفًا. لقد نهضنا — إذا صحَّ التعبير — من حيث كنَّا، من تلك الفترة البغيضة، وأصبحنا في مكان جديد. حدث تجديد ملموس في فريق فالكونز، وفي أسلوب الإدارة، وقد جعَلَنا ذلك نشعر بالتفاؤل.»

وبدأت حركة التغيير. في كل مرة يتفاعل فيها الفريق مع قاعدة جماهيره، كانت الحملة جزءًا محوريًّا في المحادثة. في الواقع، في كل مرة تواصَلَتْ فيها العلامةُ التجارية فالكونز مع المستهلكين، كان الهدف هو الاتساق في الرسالة. لم تكن مقتصرةً على فترة ما بعد ظهيرة أيام الآحاد في الاستاد أو على شاشة التليفزيون، ولكن كانت تستهدف نموَّ العلاقة مع الجماهير باستمرارٍ. طُوِّر الموقع الإلكتروني ليشمل مجموعةً من مقاطع الفيديو التي تضمُّ لاعبي فالكونز والمدرِّبين والإدارة منخرطين في مجموعةٍ متنوعةٍ من الأنشطة، التي تسمح للجماهير بالتعرُّف على الفريق بعيدًا عن مباراة الثلاث ساعات التي تقام أيام الآحاد.

بطبيعة الحال، كان منتج الفريق هو تلك المباراة التي تستغرق ثلاث ساعات، وكان يتعيَّن أن تحقِّق التجربةُ الترفيهية في الملعب هدفَها. أدخَلَ سميث وفريقُه تغييراتٍ جذريةً فيما كان قد اختُزِل نسبيًّا إلى تجربة جامدة مصاحِبة للمباراة. لم يكن ذلك مهمةً سهلةً؛ بدايةً، ركَّزَ الفريق على البيئة المحيطة. كان يجب تغيير شاشة العرض؛ إذ كان فريقُ فالكونز يمتلك أصغرَ شاشةِ عرضٍ في الدوري الوطني لكرة القدم الأمريكية. أرادت الجماهير تحسيناتٍ بصريةً في التجربة المصاحِبة للمباراة، مثل شاشات العرض الضخمة وآلية إعادة عرض بعض اللقطات، ولم يكن فريقُ فالكونز يتيح هذه التجربة؛ لذلك بذَلَ فريق التسويق جهودًا كبيرة لتصميم بعض أكبر شاشات العرض في أي ملعبٍ من ملاعب كرة القدم الأمريكية. أصبح تزويد الملعب بشاشات عرض ضخمة هدفًا رئيسيًّا من أجل تعزيز التجربة المصاحبة للمباراة. ليس من المستغرب أن إعلان جاكسون «انهض» عُرِض في بداية المباراة وأثناء المراحل الرئيسية فيها لحشد الجماهير من أجل «النهوض» وتشجيع الفريق. وشملتْ تجربةُ الملعبِ أيضًا ألعابًا نارية ورقصًا وترفيهًا — لجذب مختلف شرائح التركيبة السكانية — ترتبط جميعها بفكرة «انهض».

في نهاية المطاف، تخطَّتْ حملة «انهضْ» فريقَ أتلانتا فالكونز؛ فقد أصبحت في نهاية المطاف حركةً، وأصبحت جزءًا من المجتمع. بدأت حملة «انهضْ» في تمثيل مدينة أتلانتا ككلٍّ؛ فأصبحت مصدرًا للفخر المجتمعي والعمل التطوُّعي أيضًا؛ على سبيل المثال: أُنشِئ موقع للعمل التطوعي المجتمعي، www.riseupatlanta.com، يسمح للمشجعين بالانضمام إلى أتلانتا فالكونز للإسهام في تطوير أوضاع مدينة أتلانتا؛ من خلال حدث تطوُّعي واحد، في يوم واحد، لمدة ساعة واحدة، من وقت لآخَر.
محليًّا، كان لهذا تأثير، وقد أثبتَتْ أبحاثُ الجماهير ذلك. يبيِّن الشكل ٨-١ سحابةَ الكلمات التي تصوِّر سمعةَ الفريق على المستوى الوطني. ويشير حجم الكلمة إلى العدد النسبي لمرات ذِكْرها عندما يُطلَب من المستهلكين وَصْف العلامة التجارية فالكونز. على الصعيد الوطني، سترى أن Michael Vick (مايكل فيك) كان لا يزال مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بالفريق، مع حلول رقصة Dirty Birds (ديرتي بيرد) في المرتبة الثانية. والآن قارِنْ ذلك مع الشكل ٨-٢، وهو سحابة كلمات لتصوُّرات الجماهير بشأن العلامة التجارية في سوق أتلانتا خلال عامٍ واحدٍ من انطلاقِ حملة «انهضْ» (٢٠٠٩). تتضمَّن الكلماتُ الكبيرة في سحابة كلمات أتلانتا كلماتٍ مثل: team (بمعنى فريق)، وcommitment (بمعنى التزام)، وexciting (بمعنى إثارة)، وcommunity (بمعنى مجتمع)، بالإضافة إلى مالك الفريق الشهير Arthur Blank (آرثر بلانك).
fig4
شكل ٨-١: تصوُّرات جماهير فالكونز على المستوى الوطني (٢٠٠٩).
fig5
شكل ٨-٢: تصوُّرات جماهير فالكونز على مستوى أتلانتا (٢٠٠٩).
هل بُعِثت العلامة التجارية من جديد تمامًا؟ بالطبع لا، فما زالت هناك كلمات (مثل: inconsistent (بمعنى عدم اتساق)) سيستغرق تغييرها وقتًا. ولكنْ أحَبَّ جيم سميث وفريقُه ما كانوا يرونه. كانت الأرقام آخِذةً في التحسُّن؛ فقد انتقل فريق فالكونز من المرتبة التاسعة والعشرين إلى المرتبة الثانية والعشرين فيما يتصل بالتزام الجماهير، من بين اثنين وثلاثين فريقًا. وتحسَّنَ الفريق بأن أصبح في المرتبة العشرين بين فِرَق كرة القدم المفضَّلة في أمريكا، وتحوَّلَتْ نسبةُ خمسة بالمائة إضافية من الجماهير «العاديين» إلى جماهير «متحمِّسين». لم يتحقَّق ذلك بين عشية وضحاها؛ فعندما تمرُّ العلامات التجارية بأزمة في علاقتها مع المستهلكين، فإن إعادة بناء تلك العلاقة تستغرق وقتًا أطول بكثيرٍ من هدمها، إلا أن فريق التسويق شهد تحسُّنًا؛ كان الزخم موجودًا، وجاءت مساعدةٌ إضافية لذلك عن طريق اتفاقية بين فالكونز ومدينة أتلانتا لبناء استاد فالكونز الجديد. سيصبح سميث وفريقه الآن قادرين على التأثير في تجربة الجمهور تأثيرًا مباشِرًا من خلال إسهاماتهم في تصميم الاستاد الجديد وسماته.

(٢) إدارة الأزمة

ما الذي يمكن أن نستخلصه من قصة أتلانتا فالكونز؟ تبيِّن القصة أن بناء علاقات بين العلامة التجارية والمستهلك ليس أمرًا سهلًا؛ فهذا يستغرق وقتًا، ويتطلَّب صبرًا، ويمكن أن ينهار كلُّ هذا الجهد المبذول من جرَّاء أزمة واحدة. فما هي الطريقة التي ينبغي أن يتبعها المسوِّقون في مواجَهة أزمة العلامة التجارية؟

  • «سَلْ نفسك: هل هناك مشكلةٌ حقًّا؟» لتزامُن الأحداث التي ضربت فريق فالكونز، كان من السهل نسبيًّا تقرير أنه توجد مشكلة. ولكن أزمات العلامة التجارية نادرًا ما تكون بهذا الوضوح. والحكم أمرٌ بالغ الأهمية في تحديد هل كانت المشكلة موجودةً فعلًا أم لا؛ فآخِرُ شيء يريده المسوِّق هو إطلاق صافرات الإنذار واستثمار الوقت والموارد في مشكلةٍ غير موجودة. في كوكاكولا، كنَّا نستخدم قاعدةَ المصادر الثلاثة: فإذا سمعنا شكوى من ثلاثة مصادر مختلفة حول مشكلة محتملة، أخذنا الأمر على محمل الجد. ينبغي للمسوِّقين تحديد قاعدة العمل قبل الأزمة، وأن يكونوا قادرين على الحكم بثقةٍ وبحسْمٍ هل كانت المشكلة كبيرة بما يستدعي معالجتها أم لا.

  • «ضَعْ خطةَ عملٍ»: بمجرد تحديد المشكلة، طوَّرَ جيم سميث وفريقُ تسويق فالكونز عمليةً لتصحيح علاقة المستهلك بالعلامة التجارية. تشمل هذه العمليةُ استيعابَ الوضع، وطلبَ مساعدةٍ خارجية (الدوري الوطني لكرة القدم الأمريكية)، وإجراءَ أبحاث لفهم حجم المشكلة، واستخدامَ أفكارٍ من تلك الأبحاث لصياغة خارطة طريق شاملة لبثِّ الروح من جديدٍ في العلامة التجارية.

وفقًا للموقف، يمكن أن تتراوح خططُ العمل بين مجردِ مراقَبة الوضع وسحْبٍ أو تغييرٍ كامل للمُنتَج. ولكن تتضمن أي خطة بطبيعتها «عملًا»؛ فبمجرد اكتشاف المشكلة، يجب أن يكون المسوِّق مُبادِرًا في تشكيل فريقٍ يكون مسئولًا عن تحديدِ العواقب المحتملة، ونتائجِ مختلف خيارات حل الأزمة. وعلى غرار طريقة تعامُل فالكونز مع أزمة فيك/بترينو، سوف تضع خطةُ العمل الفعَّالة أهدافًا يتعيَّن الوفاء بها، وتحدِّد استراتيجيات لتحقيق هذه الأهداف.

  • «كُنْ صادقًا»: طوال أزمة فيك/بترينو، أُشِيد بإدارة فالكونز لشفافيتها مع المشجعين بشأن الإجراءات التي ستُتخَذ. ثمة درس قوي هنا؛ كُنْ صريحًا وشفافًا حول الأزمة مع الإدارة العليا والشركاء وخاصة المستهلكين. اعترِفْ بالمشكلة وحدِّدِ الخطوات التي تُوضَع لتصحيح المشكلة. الشعارُ التقليدي فيما يتعلَّق بالفضائح السياسية أو التجارية أو الرياضية أو الترفيهية التي حظيت بتغطية إعلامية؛ هو أنه ليس الخطأُ الأصلي نفسه هو ما يُسقِط المرء، وإنما محاولة التستُّر. فالمستهلكون لا يصبرون، وسينتقلون إلى منافِس آخَر في أقرب وقتٍ إذا ما شعروا بأن ثقتهم في العلامة التجارية قد اهتزَّتْ؛ فإذا اهتزَّتْ، فلا بد من إصلاحها بسرعةٍ.

  • «استفِدْ من الأزمة في تعزيز العلاقة بين العلامة التجارية والمستهلك»: على الرغم من أن الخروج من أزمة العلامة التجارية والمستهلكين يمكن أن يكون شاقًّا، فثمة إمكانية وجود جانبٍ إيجابي لها؛ فكما استخدَمَ فالكونز حادثتَيْ فيك وبترينو كبداية جديدة مع المستهلكين، فإن الاستجابة القائمة على الصدق والمبادرة والمشاركة حيال أي أزمة تمر بها علامة تجارية معينة ربما لا تحل المشكلة المطروحة فحسب، ولكنْ تمنح أيضًا العلاقةَ دفعةً ضرورية للغاية، وتُعِيد التواصُل بين العلامة التجارية والمستهلك على نحوٍ أوثق.

قدَّمَتْ حملةُ «انهضْ» وسيلةً متعددة الأبعاد للتواصُل مع المستهلك. بالطبع كانت هناك فكرةُ النهوض من الماضي وفكرةُ النهوض خلال المباراة، ولكن «انهضْ» تعني شيئًا أكبر من ذلك أيضًا؛ فحملة «انهضْ» يمكن أن تكون حركةً، ويمكن استخدامها شخصيًّا. كيف «نهض» جماهير فالكونز في حياتهم الخاصة؟ فأصبح «النهوض» قرارًا ورسَّخَ هذا الرابط العاطفي مع جماهير فالكونز.

  • «اجعلِ العلاقة على قمة قائمة أولوياتك»: كان لدى فالكونز هدف واحد؛ لم يكونوا ليسمحوا للاعب واحد ومدرِّب واحد أن يُسقِطَا العلامة التجارية بالكامل. كان باستطاعة فالكونز محاولة التستُّر على الحادث، كان يمكن أن يتصرفوا وفق المصلحة الذاتية لفيك أو بترينو، لكنهم لم يفعلوا ذلك؛ فقد أصبحت العلاقة مع القاعدة الجماهيرية من الأولويات. وكما ذُكِر خلال هذا الكتاب، الحفاظُ على العلاقة بين العلامة التجارية والمستهلك وتعزيزُها يجب أن يحظيا بأولويةٍ على أي نجاحٍ قصيرِ المدى فيما يتصل بالحجم أو الأرباح. إنَّ أيَّ استثمارٍ قريب سيستحق الوقتَ والتكلفةَ والجهدَ المبذول فيه إذا حُفِظت تلك العلاقة.

غالبًا ما تكون الأزمة نقطةَ تحوُّلٍ في العلاقة بين العلامة التجارية والمستهلكين. وكيفيةُ التعامل معها إما أنها تمنح العلامةَ التجارية الفرصةَ لإعادة الارتباط بقوةٍ أكثر مع المستهلكين، وإما أنها تؤدي إلى إنهاء العلاقة. في حالة فالكونز، خرجت العلامة التجارية من الأزمة أقوى ممَّا سبق. ولكن ماذا عن تلك العلاقات بين العلامة التجارية والمستهلك التي تلوح نهايتها «ببطء» في الأفق؟ كيف يمكن للمرء أن يدرك أن التغييراتِ مطلوبةٌ لصالح العلامة التجارية والمستهلك؟

عندما يبدأ ظهور علامات على أن شيئًا ما ليس صحيحًا فيما يخص العلاقة بين العلامة التجارية والمستهلك، فإن أيَّ قرارٍ سينطوي على قدر كبير من المخاطرة؛ لأنه عادةً ما ينبغي القيام بشيءٍ ما قبل أن تصبح المشكلاتُ واضحةً وضوحَ الشمس. يُواجِه المسوِّقُ مسألةً صعبة: هل يتطلَّب الموقفُ القيامَ بشيءٍ مختلف تمامًا، يحمل في طيَّاته خطرَ فشلِ الجهد المبذول، أم يمثِّل عدمُ التحرك خطرًا أكبر؛ إذ قد لا يؤدي إلا إلى تراجُع متسارع؟ يتطلَّب الأمر مسوِّقًا استثنائيًّا ليكون قادرًا على إدراك وجود شيء خطأ، بل لعل الأكثر تحديًا هو تقديم توصية مُقنِعة بالإجراء المناسب. سوف نتناول في الفصل التالي إنهاءَ العلاقة؛ كيف تدرك العلاماتُ التجارية والمستهلكون على حدٍّ سواء أن الأمر قد انتهى، وكيف يدرك كلٌّ منهما — وهو الأمر الأهم — ما الذي يفعله عندما يحدث ذلك.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤