الفصل الأول

(قصر الملك السيف الأعظم شاه في شيراز: منظر الإيوان والعرش، وقد انتظم كبار الحاشية سيدات ورجالًا ملتفتين بعض الالتفات إلى مدخل الإيوان لاستقبال الملك والملكة وولي العهد والوزير عن جانبي العرش.)

حاشية القصر (تغني نشيد الاستقبال) :
الجلال والسيادهْ
للملوكْ * الأكابرْ
والجمال والعبادهْ
لا الشكوكْ * للأزاهرْ

•••

يا مليكًا مستعزًّا
ساد من حب الرعيهْ
عش لشعبكْ! عش لشعبكْ!
لن ينال الملك عزًّا
ومكانًا في البريهْ
دون حبكْ! دون حبكْ!

•••

الجلال والسيادهْ
للملوكْ * الأكابرْ
والجمال والعبادهْ
لا الشكوكْ * للأزاهرْ

•••

جنة الأرواح أنتِ
أنت يا خير مليكهْ
في الزمنْ!
عشت للدنيا وعشتِ
ربَّةً دون شريكهْ
للمِنَنْ!

•••

الجلال والسيادهْ
للملوكْ * الأكابرْ
والجمال والعبادهْ
لا الشكوكْ * للأزاهرْ

•••

يا ولي العهد أهلًا
بالعلى فيك وسهلَا
بالأمير (أردشيرْ)!
أنت آمال المعالي
أنت عنوان الكمالِ
يا منى الشعب الكبيرْ!

(يدخل الملك وبجواره الملكة ويمشيان ببطء، وقد حمل ثلاثة من الحاشية ذيل طيلسانه كما حمل وصائف الملكة الثلاث ذيل طيلسانها، ثم يتبعهما ولي العهد الأمير أردشير ثم الوزير العائد من السفر بعد المفاوضة في خطوبة حياة النفوس بينما الحاشية تتم النشيد. ويتوجه الملك والملكة إلى كرسي العرش بينما يقف ولي العهد والوزير مواجهين لهما.)

الجلال والسيادهْ
للملوكْ * الأكابرْ
والجمال والعبادهْ
لا الشكوكْ * للأزاهرْ
هذه أنوار عرشٍ
دائم الإشراق باقٍ
للفخارْ!
صانه من قبل جيشٍ
حب شعب في ائتلاقٍ
وازدهارْ!

•••

الجلال والسيادهْ
للملوكْ * الأكابرْ
والجمال والعبادهْ
لا الشكوكْ * للأزاهرْ
الملك السيف الأعظم شاه (غاضبًا) :
كيف هذا يا وزيري؟
كيف هذا؟ كيف هذا؟
إنني الشاهُ الأجلْ!
الوزير (مهدئًا) :
عُذْرُهُ مولايَ في الرَّ
فضِ اعتذارٌ من فتاتِهْ
فهي لا ترضى زواجًا
من مليكٍ أو أميرِ
الملك (مستمرًّا في غضبه) :
كيف لا يرضى طِلابي
صاحب الملك الصغير
وطِلابي مجده؟!
لست من يرضى الإهانه
لست من يرضى الإهانه
سوف أجزيه السعير!
ولي العهد الأمير أردشير :
مولاي حِلْمُكَ
الوزير (مهدئًا) :
صفحًا
مولاي أنت العظيم
خير لنا بذل جهد
أوفَى وسعيٍ حكيم
ليس العقاب نجاحًا
كم من قوي غريم!
الملك (عاتبًا متشددًا) :
يا وزيري كيف ترضى
لي هوانًا؟ كيف ترضى؟
منزلي الشمس وقدري
لن يداني الدهر أرضَا!
الوزير (مستعطفًا) :
سيدي عفوًا وحلمًا
الملك (منذرًا) :
سوف أزجي الجند حتى
يهدموا البُلدان هدمَا
ويذيقوه الوبال!
أيرُدُّ الغر سؤلي
وهو تشريف وأسمى
ما تمناه الرجال؟!
ليس ابني (أردشيرٌ)
غير تاجي … حين همَّا
كان نجمًا للجلال!
بنته مهما تعالت
لا تدانينا فمهما
حاولتْ تبغي المحال!
الأمير أردشير (مهدئًا) :
سيدي! والدي! مليكي! حكيمي!
لي بيان ولي رجاء البصير
إذْنَكَ الآن ثم حُكمك فيما
أرتجي حُكم سيد مستنير
الملك :
قل ما بدا لك لكن
لا تطمعن بصفحي
وكيف تطلب عذرًا
له وجرحك جرحي؟!
الملكة (مستعطفة) :
بالله دعه يفدنا
عن رأيه يا مليك
أنت الحكيم ولكن
من حقه أن يليك
وربما صاغ رأيًا
تراه قد يكفيك
الملك :
قل (أردشير)
قولًا صوابًا
كن كالمشير
يدعو مجابًا
الأمير أردشير :
مولاي ما أبغي رضًى عمن جنى
لكني أروي اعتذارًا معلَنا
ثم الذي قد عَنَّ لي خيرًا لنا
حتى نرى ما يُرتجى أو يُجتنى
الملك (راضيًا) :
قل (أردشير)!
الملكة (متوسمة خيرًا) :
قل (أردشير)!
الحاشية :
باسم المليك باسم المليكه
قل ما بدا لك!
أنت الأمير!
الأمير أردشير (متشجعًا في المشورة) :
مولاي! هل عاداك (عبدُ القادر)؟
كلا! ولكن رام عذر العاذر
ففتاتُه تَعصي لداع قاهر
الخاطبين لها وإن فاضوا غِنَى!
تأبى الزواج كأنه موت لها
لا حيلة منها وليس تألهَا
لكنه خوف تملك عقلها
خوف الرجال ولو ملوكًا في السَّنَى
فإذا بعثت له بجيش فاتح
وهدمت ملكًا بانتقام فاضح
وذبحت شيعته كبعض ذبائح
فلقد تفوز وما تنال سوى العَنا!
الانتحار لها علاج بَيِّنٌ
إن خُرِّب المُلك الذي هو هين
فتموت ثم أموت، ذاك تديُّن
للعاشق الوافي إذا فقد المُنى!
الحاشية (في تأثر) :
لا تجزعن! لا تجزعن!
أنت الأمير! أنت الأمير!
الملكة (متلهفة) :
يا حياتي لا تخف!
الملك :
قل ما بدا لك لا تخف!
ماذا ترى؟ ماذا ترى؟
الأمير أردشير :
أما أنا فأرى النجا
ح لدى التحايل لا الحُسام
ما عاب قَدْرَكَ إن حلمـ
ـتَ وإن عطفتَ على غرامي
فمشورتي سيري إلى
بلدٍ به نجوى هُيَامِي
في زيِّ فردٍ تاجر
متنكِّرًا بين الكرام
وهناك أبحث عن طريـ
ـقي للسعادة والسلام
حتى أفوز بقربها
وأنال محسودًا مرامِي!
الملكة (قلقة) :
أنا لا أجيزُ لك الرحيـ
ـل مغرِّبًا دون النصير!
الحاشية :
يا ولي العهد لا
نرضى لك البعد الطويل
كلا ولا هذا الخطر!
الملك (في لهجة المرتاح إلى شجاعة الأمير) :
إن تكن أَزْمَعْتَ حقًّا أن تسيرْ
نازحًا حيث الأماني وهَوَاكْ
لترى ما يمنح العقلُ البصيرْ
من حلول بعد هذا الارتباكْ
فلقد أظهرتَ لي نفسَ الكبيرْ
الشجاعِ الحرِّ لا يخشى الهلاكْ
إنما يأبى سكونًا كالرَّدى
يبذل الروح لمن يهوى فِدَى

(ملتفتًا إلى ولي العهد وإلى الوزير معًا):

إنما أدعو وزيري لاصطحابك
كدليل وسمير وخليل
حافظًا للسر أثناء اغترابك
ملهمًا إياك إن شق السبيل
يا وزيري هَيِّئِ الزاد كدأبك
جامعًا كل نفيس وجليل
وَأْمُرِ الغلمان كي يأتوا غدا
واختر الأصلح منهم عددَا
وابذل الجهد
وكن مثل كفيل كفلَا
ثابت العزم، سَعَى سَعْي الضَّمين الأمَلَا!
الوزير :
سيدي أمرُك المطاع وإني
لكفيل بواجبي رغم بيني
سأُوَدِّي أمانتي في خلوص
من وفاء، فلن يُغَيَّب عني
الأمير أردشير :
إني لحبكما الشكور الوافي
أبتي الأجل مثابة الإنصاف
ومليكتي أُمي التي لحنانها
تقديس وجداني نعيم كاف
الملك :
ولدي أنت كل ملكي فحاذِر!
أنت قلبي وأنت روحٌ وخاطر!
كن شجاعًا، وإنما كن حكيمًا
فالشجاع الحكيمُ يَرْقَى المخاطرْ!
الملكة :
هيا وصيفاتي١ إلى
مقصورتي حيث الغوالي
من كل فاتنة الحُلِيِّ
وكل نادرة اللآلي
ومن الجواهر والقلائد
والذخائر والحوالي
وارجعن لي مستعرضا
ت للنفاسة والجمال
هذي بُنَيَّ هديتي
لك — إن رضيت — بلا سُؤال!

(تخرج الوصائف الثلاث — بعد أداء تحايا الخضوع — لإحضار نفائس الملكة المهداة إلى ولي العهد.)

الأمير أردشير :
يا مليكي! يا ملاكي!
أنتما تاجي وكَنزي
زدتما برًّا وحبًّا
زادني مَحْسُودَ عِزِّ
سوف أمضي مستمدًّا
منكما والحب فوزي
والهدايا كالتحايا
مَثَّلَتْ للحسن رمزي!

(تدخل إحدى وصائف الملكة ومعها جارية حسناء في ثياب راقصة حاملة عقودًا وجواهر على وسادة مذهبة ومزركشة.)

الوصيفة الأولى (بعد إبداء تحايا الخضوع) :
هذي الجواهر … إنها
نُخَبُ الحُلى … مولاتي!
من كل فص باسِم
بالسحر والآيات!
من كل عقد هائم
بالحسن واللذات!
من كل قرط راقص
للشمس والجنات!
من زَيْن أسورة٢ زهت
من فتنة النظرات!
ومنوع الأحجار في
ألوانها النضرات!
بثت معاني الحب في
متألق الذرات!
الملكة (بعد أن تتأمل الوسادة وما عليها حيث تضعها الجارية الحسناء أمامها) :
أحسنتِ جدًّا يا (هُدَى)
فيما انتخبت من الهدايا
ولعلها ترضي الأميـ
ـر، كذا الوزير، ولو رِضايا
الأمير أردشير (في غبطة القرير) :
ما اخترتِ معشوق لكل عظيم
فتقبلي شكري قبول حميم
تُحَفٌ كهذي قد تُتَيِّم من أبى
للحب سلطانًا وكان خصيمي
عُدَّتْ (حياة النفوس) فما لها
تقسو وترضى أن تكون غريمي؟!
الوزير (في ارتياح الموثوق به) :
هبة المليكة والمليـ
ـك تَجِلُّ عن إطرائي
هي عالَمٌ جمع الكوا
كب فيه كالجوزاء
نُخَبُ الجواهر هذه
فتنت نجوم سماء
وأجلُّ ظني أنها
ستكون رُسْل رجائي!
الملك :
لله فَأْلَكَ يا وزيـ
ـر فقد نظرتَ إلى الأماني
وسألتَها ثم ابتدعـ
ـتَ لها شهيَّات المعاني
الله يكفل بعد سعـ
ـيك كل داع للتهاني
والآن حيِّي يا (سعا
دُ) برقصة بين الأغاني
أملَ (الأمير) وأسعديـ
ـنا والمثالثَ والمثاني!
الحاشية (ترقص سعاد رقص خطو جانبي أو جري على هذا النغم الذي تنشده الحاشية) :
حاذرْ حاذرْ حاذرْ حاذر
رميَ سهامي!
وابذلْ جهدًا يُثمر عذبًا
حُلْوَ غرامي!
لا تنهرني، لا تهجرني، دون مساع!
أنت الجاني، إن لم تسع في إقناعي!

(ثم يكرر غناء هذه القطعة والرقص على موسيقاها وفي ختامها تدخل الوصيفة الثانية ومعها الجارية الثانية الحسناء حاملة وسادة عليها أنسجة ثمينة مرصعة بالجواهر ومزركشة.)

الوصيفة الثانية :
ذاك من بعض الذي عايَنْتُه
من نسيج
جامع ما عُزِّزَتْ آياته
من بهيج
كله سحر له راياته
والأريج
للذي يغزو فؤادًا لا ينال
للذي نادى جمالًا في دلال!
الملكة (بعد استعراض نماذج النسيج المزركش ووضعه أمامها مخاطِبة الوصيفة) :
أنت مثل الجوهرية
كله خير هديه
سوف لا أبقي لنفسي
تحفة منه سنيه
الأمير أردشير (مخاطبًا الملكة) :
ما سخاءٌ غير هذا
أنتِ نفسٌ كوكبيه
زانها الله فأحيت
بالعطايا الذهبيه!
الملكة (مخاطبة الجارية الثانية التي كانت حاملة الوسادة والنسيج) :
أمتعينا يا (زكيَّه)
بين ألحان شجيه
بالذي توحين رقصًا
من معاني الأبديه
ورجاء لولي العهد معشوق الرعيه!
الحاشية (تغني هذه القطعة بينما ترقص الجارية زكية على نغماتها مكررة) :
طبع الجمال العناد
إلا لصابر
يعنو لحذق الجلاد
لا طوع زاجر
دأب الغرام
أن يكره الصبرا
لكنه الأبقى * في الحظ
لا الأشقى * لو دام
دون ملام
في أسرِهِ حُرَّا!
الوصيفة الثالثة (تدخل الوصيفة الثالثة في ختام الغناء والرقص ومعها الجارية الحسناء الثالثة حاملة على وسادة مزركشة نخبًا من تحف أثرية) :
هذي نفائس لها
مجد بأحقاب مضت
تحكي لنا أسرارها
مما رأت أو ما وعت
من حظها أو مجدها
أو عمرها أن قد بدت
أهلًا لإهداء المليـ
ـكة للأمير فأمتعت!
الملكة :
جميلة جميلة
جديرة (بأردشير)
حَرِيَّة بزينة
لدولة الحسن النضير
الأمير أردشير :
أسبغت مولاتي علي
وجزت مدح المادحين
وأبي المليك حَنَى عليَّ
بكل إشفاق ثمين
أنقذتما قلبي المُعـ
ـنَّى بالحنو من الحنين
ديني ثقيل لن يرد
وبر روحي أيُّ دِينْ
الله أسأل أن يوفـِّ
ـقني لما يوحي اليقين
فأعود في عرس السعا
دة مثل عود الفاتحين!
الملكة :
هيا ارقصي يا (ساحره)
رقص الأماني الزاهره
حَيِّيِ الأمير وزوِّديـ
ـه من المعاني الآسره
الحاشية (تغني هذه الأنشودة مكررة بينما ترقص على نغماتها الراقصة الثالثة ساحرة) :
لولا الهوى ما اعتلى
مُلْكٌ ولا سلطان
يبني المنى والورى
يزهَى على التيجان
ما عابه من درى
ما الكون والإنسان!
الملك (وهو يهم بالوقوف مع الملكة تهيؤًا لنزولهما إلى باحة الإيوان من العرش) :
والآن فَلْنَتْلُ الدعا
ء المستطاب جميعنا
لمنى الأمير
قبل الرحيل على المشقـ
ـة حيث تزجيه المنى
وكذا الوزير
الحاشية (في انتظام بشكل نصف دائرة حول الملك والملكة والأمير والوزير والراقصات الثلاث يرقصن في مقدمة المسرح) :
أمتعينا يا بلابل * رنحينا يا مثاني * رَدِّدي يا طيور
خير آمال الوداع
واقبلي منا وعودًا * لعظيمات التهاني * في بيوت وقصور
فوق حد المستطاع
عند عَوْدٍ (بحياة * للنفوس) والأماني * ونعيم وحُبُور
بعد ذاك الامتناع

(يبدأ بإنزال الستار تدريجيًّا قبيل ختام النشيد.)

١  وصيفات: جمع قياسي بمعنى وصائف.
٢  جمع سوار.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤