الفصل الثامن

برامج العمل الخيري النسائي وحلقات العطاء

تنطبق المعلومات الواردة في هذا الفصل على بيئاتٍ متعددة. وعلى الرغم من أن هياكل المنظمات وأهدافها قد تختلف، تنطبق الأسس على الجمعيات المختلفة مثل صناديق جمع التبرعات الخاصة بالمرأة، وجمعيات الخدمة الاجتماعية، والجمعيات الدينية، وكليات البنات، ومنظمات الخدمة النسائية، ومنظمات الرعاية الصحية النسائية، وبرامج الأنشطة الرياضية للمرأة.

(١) برامج العمل الخيري النسائي: طاقة جديدة للمؤسسات غير الربحية

لقد منحني برنامج العمل الخيري النسائي أسلوبًا جديدًا ومثيرًا للتواصل مع الجامعة؛ فباستطاعتي أن أطرح أولوياتي الخاصة بالعمل الخيري على طاولة مجالس الإدارات، وأُدرك أنها سوف تُحدِث الفارق، وتحظى بقبول جميع النساء النشطات والمثيرات للإعجاب ممن لهن الميول نفسها. وخلال عدة سنوات قليلة، تحوَّلتُ من امرأة لم تقم بزيارة الحرم الجامعي على مدار ثلاثين عامًا إلى أخرى مستغرقةٍ تمامًا في المهام الخاصة بمجالس الإدارة والعمل الخيري.1
دوريس ويسبرج، الرئيس الفخري للمجلس النسائي للعمل الخيري، مؤسسة جامعة ويسكونسن؛ والأستاذ الفخري في كلية مدينة نيويورك؛ ومؤسِّسة قناة الطعام

لقد عززت برامج العمل الخيري النسائي المنظمات في أنحاء البلاد وخارجها. وقد تبلورت هذه البرامج في صورة منظمات معنية بالصحة، والخدمة الاجتماعية، وتطوير المجتمع، والأديان، والأنشطة الرياضية، والتعليم العالي. إن برنامج العمل الخيري النسائي عبارة عن نشاط منظَّم داخل منظمة أو مؤسسة غير ربحية تعمل للصالح العام.

ويركز هذا القسم من الفصل على البرامج التي تُمثل جزءًا من المؤسسات غير الربحية التي تهدف إلى خدمة المجتمع بأكمله، وليس النساء فحسب. وسوف نقوم باستعراض مكونات إنشاء برنامج ناجح في بيئة ذات تعليم مختلط مع عرض أمثلة على ذلك. وسوف تكون الأمثلة الأساسية من التعليم العالي، الذي كانت له الريادة في برامج العمل الخيري النسائي.

(١-١) البرامج: واسعة الانتشار وهادفة

أصبحت برامج العمل الخيري النسائي واسعة الانتشار في أنحاء البلاد؛ فعندما تتحدَّث إلى المتطوعين أو العاملين المنخرطين فيها، تجدهم مفعمين بالحماس ويتناولونها بروح متميزة. ويرى المتطوعون أن هذه البرامج تفتح آفاقًا جديدة أمام المنظمات والمؤسسات التي كانت فيما سبق منغلقة عليهم أو يكتنفها الغموض على أقل تقدير. فمن خلال هذه البرامج، تتعلم المرأة أنها ذات قيمة. ولا يؤثر وجود هذه البرامج إيجابيًّا على المشاركين فيها فحسب، بل ويبث رسالة مفادها أن المنظمة تقر بدور المرأة وإسهاماتها وأن المرأة محل تقدير كذلك.

تذكر النساء أن برامج المرأة أصبحت مصدرًا حقيقيًّا للبهجة والتواصل في حياتهن؛ لأنها تركز على المتبرعات وعلى إنشاء علاقة واعية مع المؤسسات على نحوٍ تشعر معه النساء بالاطمئنان. كما أن البرامج تخلق علاقات هادفة فيما بين النساء، يكون العمل الخيري جزءًا منها، حيث تقابل النساء بعضهن بعضًا ويتعلمن أثناء الجلسات التثقيفية من خلال أساليب جديدة ومبدعة.

ويتضح حماس العاملين ونشطاء العمل الخيري تمام الوضوح. وقد قالت الناشطة في العمل الخيري جودي جورجينسن من ميلووكي عن لوري راب، وهي الموظفة التي استعانت بها في المجلس النسائي للعمل الخيري بجامعة ويسكونسن: «إنه لشيء مذهل أن يُغيِّر فنجان من القهوة وحوار مع شخصٍ آخر حياتَك ويضيف بُعدًا لم تكوني تعلمين أنك بحاجةٍ إليه! إنني جد ممتنة!»2

لن تجذب برامج العمل الخيري النسائي النساء كافة، ولكنها طريقة أخرى لإشراك النساء في حياة المنظمة. بعض النساء لا يملن إلى الاستماع إلى الخطب التي تُلقى بملتقيات الخريجين الاعتيادية التي تنظمها الكليات والجامعات، ويفضلن برامج حقيقية موجَّهة إلى المرأة.

وتتضمَّن برامج العمل الخيري النسائي الناجحة الأهداف الخمسة التالية:
  • «العمل الخيري»: زيادة عطاء المرأة في العمل الخيري من حيث الوقت والموهبة والمال.

  • «القيادة»: زيادة عدد النساء في مواقع القيادة التطوعية.

  • «التعليم»: توفير فرص تعليمية في مجالات العمل الخيري، والشئون المالية، والمؤسسات غير الربحية، والقضايا الاجتماعية.

  • «الصداقة»: توفير بيئة لتكوين الصداقات والتواصل.

  • «البهجة»: إيجاد بهجة العطاء.

العمل الخيري

قد تكون زيادة العمل الخيري النسائي لصالح المؤسسة، من حيث الوقت والمال، هي الهدف الداخلي الرئيسي للمؤسسة. عليك أن تكون واضحًا فيما يتعلق بالهدف من البرنامج، وهو زيادة الأعمال الخيرية لصالح المنظمة. عندما تكون كلمة «العطاء» أو «العمل الخيري» متضمَّنة في اسم الجمعية، تكون المهمة أكثر وضوحًا، ومن المهم أن تقوم الجمعيات التي لا تُدرج كلمة «عطاء» أو كلمة «العمل الخيري» في لقبها، بتوصيف العمل الخيري كجزءٍ من هدفها في الواجهة الخاصة بها. وإليك بعض أسماء جمعياتٍ كمثالٍ على ذلك: مبادرة القيادة النسائية، حلقة العطاء النسائية، التواصل النسائي، المرأة والعمل الخيري. ونوصي كذلك بإطلاق اسم شامل على برنامجك أو مبادرتك، وليس فقط التركيز على مجموعة الأفراد القيادية لتكون اسمًا. ويتعين على الجمعيات الجديدة التفكير في أسماء من قبيل: منظمة [اسم المنظمة] للمرأة والقيادة، منظمة [اسم المنظمة] للمرأة والعمل الخيري، نساء من أجل [اسم المنظمة].

تفشل برامج المرأة عندما لا تعلن في واجهتها أن التبرع هو الهدف الأساسي للمنظمة. لا تنزلق إلى منعطف إنشاء جمعيات بهدف تكوين علاقات طيبة فقط مع أهل منطقتك من خلال التعليم. يجب أن يكون العمل الخيري جزءًا أصيلًا وواضحًا في المعادلة؛ فلا أحد يريد أن يُنظر إلى برامج العمل الخيري النسائي على أنها مجال للمنافسة الداخلية أو عناصر إضافية مهمشة. إن برامج العمل النسائية هي أنشطة حيوية تُحقِّق إضافة للمنظمات ذات التعليم المختلط التي تقوم بنشر قِيَمها. سوف تحتاج المتبرعات أحيانًا إلى توجيه الطلاب أو أطقم العمل، ونوصي بأداء تلك الأنشطة من خلال اتحادات الخريجين، وليس من خلال برنامج العمل الخيري النسائي.

إن الدائرة الداخلية للقادة هي المجموعة الأولى من النساء المنوطة بها زيادة العطاء، والمجموعة الثانية هي دائرة أكبر من الأعضاء أو المشاركين في البرامج. وينبغي أن يهدف برنامجك إلى زيادة الرقم الإجمالي من التبرعات النسائية للمنظمة. وثَمَّةَ هدفٌ ثانٍ يتمثل في زيادة عدد النساء اللاتي يتقلدن مناصب قيادية في مجالس الإدارة خارج برامج المرأة. وهدف أخير هو زيادة العدد الكلي للنساء اللاتي يتولَّيْن رئاسة هذه المجالس. ضع وسائل لقياس هذه الأهداف وأطلع الجمهور في الداخل والخارج على هذه الأهداف.

وبإمكان الراغبين في تنفيذ برنامج نسائي داخل مؤسسة تعليم مختلط حضور محاضرات عن التسويق والتنمية بكليات المرأة. تقول باتريشيا جاكسون، نائب رئيس كلية سميث للتنمية عن كليات المرأة: «نفكر كثيرًا في طريقة حياة النساء، وندرك أنهن معنيات بالعالم وبما سيتركنَه من ميراث. ونحاول أن نحقق توازنًا بين الحنين إلى كلية سميث وما نحتاجه اليوم. يحصل ستون بالمائة من طلابنا على منح دراسية يحتاجونها بالفعل، والعديد منهم يُمثلون الجيل الأول في الكلية. إن دخول معترك التعليم العالي شيء مهم لنا. وهدفنا هو أن تتحول كلية سميث إلى قضية أكثر من كونها مؤسسة؛ فنحن نركز على الدور المنوط بنا؛ وهو إعداد قيادات نسائية عالمية، من أجل العالم.»3

إن المفهوم الرئيسي في هذا الصدد هو أن المؤسسة بمنزلة قضية تُلقي بأثرها على العالم. وهذا النهج من شأنه أن يكون مصدر جذب للمرأة.

القيادة

تُمثل تنمية القيادة التطوعية جزءًا كبيرًا من برامج العمل الخيري النسائي قاطبة؛ فقد تنتقل عضوات البرنامج النسائي إلى المجالس واللجان الأخرى داخل المنظمة. وقد يكون البرنامج النسائي كذلك مكانًا ملائمًا لإشراك النساء اللاتي أنهينَ الخدمة بمجلس آخر أو لجنة أخرى. وعلى الجماعة النسائية أن تتعرَّف على النساء خارج عضويتها لضمهنَّ إلى مجالس ولجان أخرى. على سبيل المثال، عندما تعقد جامعةٌ ما ملتقًى يخص برامج المرأة في إحدى المدن في حضور مرشحة جديدة لعضوية مجلس الكلية، يتعين على طاقم العمل وضع المرأة في دائرة اهتمام زملائها في الكلية. إن أحد الأهداف المشتركة لكافة البرامج النسائية هو زيادة عدد النساء في المواقع القيادية.

قدمت شيريل أُلتينكيمر، نائب رئيس جامعة بوردو المساعد للتنمية، تقريرًا عن تنمية القيادة النسائية أثناء الحملات المكثفة لجمع التبرعات؛ ففي المدن الكبيرة في أنحاء البلاد، قامت بعقد اجتماعات على مدى خمس سنوات لكبريات المتبرعات من النساء عند مستوى ١٠٠ ألف دولار، وقد عُقدت هذه اللقاءات في المنازل وتضمَّنت أحيانًا محاضراتٍ عن العطاء المخطط. تحدثت كل سيدة من الحضور عن تأثير جامعة بوردو عليها، وما نوع الميراث الذي تريد أن تتركه، وأي نوع من العمل الخيري تمارسه. وقد حرصت النساء على حضور جميع الملتقيات الخمسة التي تم عقدها لشعورهن بمدى الاستفادة منها.

كان الهدف الداخلي لاجتماعات بوردو هو دعوة النساء المرشحات لتقديم منح بمليون دولار. وذكرت أُولتنكيمر: «لم نُغيِّر رأينا عن إمكانات المرأة إلا بعد أن تلقينا منحًا بمليون دولار.» وقد رفعت إحدى السيدات تبرعها إلى ٥ ملايين دولار. وقد أسفرت زيارات المتابعة ﻟ ٢٥٠ امرأة حضرن الاجتماعات في أنحاء البلاد عن الحصول على منح قيمتها ١٥ مليون دولار. كثير من النساء جئنَ هذه الملتقيات لكي يصبحن قادة للحملات. وقد نشأ عن نشاط الحملات جماعة نساء من أجل بوردو؛ وهي جماعة واسعة الانتشار على صعيد الجامعات ومعنية بالعمل القيادي.4
لعبت ليندا ماكجورن، رئيس مؤسسة جامعة فلوريدا، دورًا فعالًا في تأسيس مؤسسة نساء جامعة فلوريدا؛ وهي مبادرة ملهمة في القيادة والعمل الخيري. وتشعر ماكجورن بالفخر لما أنجزته المبادرة من تعليم: «لقد حصل طاقم العمل لدينا على تدريب لكي يصل إلى النساء، غير أننا ما زلنا في حاجة لتعريف باقي أعضاء الجامعة بأن المرأة لها من الإمكانات ما يؤهلها للانضمام إلى المجالس والأكاديميات الاستشارية، وعلى الآخرين أن يطلبوا منها ذلك. والمؤشرات تُفصح عن الحقائق؛ فمثلًا نسبة الخريجات من النساء تتعدى ٥٠ بالمائة في العديد من الكليات، ولكن نسبة تمثيلهن بالمجالس لا تقترب من هذا الرقم مطلقًا. والكثير من النساء الخريجات لا يعرفن شيئًا عن المجالس، ولا يُطلب منهن المعرفة.»5

كان أحد أهداف مؤسسة جامعة فلوريدا هو تعيين مزيد من النساء في المجالس التطوعية. وفي الوقت الحالي، يضم مجلس إدارة المؤسسة في عضويته ثمانيَ عشْرةَ امرأةً وثلاثة وعشرين رجلًا، وتوضح ماكجورن أنه على الرغم من أن المتوقَّع من أعضاء مجلس الإدارة أن يُقدِّموا منحًا كبيرة للجامعة، فإن إمكانية العطاء لها نفس أهمية المنحة ذاتها. وهذا يختلف عن الكثير من المؤسسات التي تنتهج سياسة «دفع المال قبل لعب الأدوار». وتُعَدُّ جامعة فلوريدا رائدة الحركة القيادية النسائية لما أقرَّتْه من حق المرأة في المشاركة قبل تقديم منحٍ كبيرة.

التعليم

تنضم المرأة عامةً إلى البرامج النسائية بغية مساعدة المنظمة ولتحقيق الرضا الذاتي. ويأتي جزء من هذا الرضا من التحفيز الفكري، وهذا التحفيز الفكري يأتي من التعليم. فيجب أن تركز المادة العلمية للبرامج أولًا على الأنشطة الخيرية والجوانب المالية، المتعلقة بهدف الجماعة. ويمكن أن يشتمل التعليم أيضًا على برامج مرتبطة بقضايا تهم المجتمع، خاصةً المتصل منها بعمل المنظمة. وربما تحتوي هذه الموضوعات على تحليل للسياسات، وتاريخ الفنون، والخدمات الاجتماعية للأطفال، والحياة الطلابية، وقضايا المرأة الصحية، والقضايا الروحية والدينية. وأخيرًا، ينبغي أن يتضمن التعليم مكونات المنظمة غير الربحية أو مؤسسة التعليم العالي ذاتها. وقد تشمل الأمثلةُ على ذلك الاستماعَ إلى رئيس المنظمة بشأن الخطة الاستراتيجية أو الحصول على معلومات من الأفراد داخل المنظمة؛ من طبيب مثير للاهتمام ينقذ حياة إنسان في المستشفى، أو أخصائي اجتماعي في ملجأ للمشردين، أو فنان عظيم من أعضاء الكلية.

وتتضمَّن صيغ التعليم الأخرى القضايا المتعلقة بالقيادة والتطوير والتوجيه الوظيفي، وكذلك الخطوات التي تنتهجها المرأة في رحلة العمل الخيري: المعرفة، والحركة، والقيادة والإرث (انظر الفصل التاسع). ويتعين إدراج هذه الجوانب في كل برنامج تعليمي.

تمثل البرامج التعليمية جزءًا أصيلًا من كل برنامج عمل خيري خاص بالمرأة وهي تأخذ بزمام المبادرة مقارنةً ببرامج ومجالس التنمية الأخرى. ويتمثل الشكل العام للبرامج في مؤتمر سنوي أو ندوة سنوية عن العمل الخيري، والجوانب المالية، والقيادة، والموضوعات ذات الاهتمام التي عادةً ما ترتبط بهدف المنظمة غير الربحية أو المؤسسة التعليمية. ومن بين العناوين المقترحة لهذه الملتقيات: «قمة القيادات النسائية»، و«منتدى المرأة والعمل الخيري»، و«ندوة المرأة والقيادة».

الصداقة

ثَمَّةَ جانب آخر يُميز مبادرات العمل الخيري النسائي وهو أن هدفها يتركَّز في التواصل وتيسير الصداقات. ويُعَدُّ تكوين الصداقات الشخصية فيما بين أعضاء برنامج المرأة نتيجة ثانوية للنساء اللاتي يجمعهن عمل واحد؛ ففي خلال فترةٍ تتراوح بين عامين وعشرة أعوام، أو خمسة عشر عامًا، تتحوَّل مجموعة من الغرباء إلى أصدقاء. نسمع المرأة في جمعٍ من النساء تقول في بداية تكوين جماعةٍ ما: «إنني مثقلة بالأعمال لدرجة أنه ليس لديَّ وقت لتكوين صداقات جديدة.» وبعد مُضِيِّ عامين نجد هؤلاء النساءَ أنفسَهنَّ يتبادلن الزيارات الاجتماعية الأسرية. معظم النساء يحببن فكرة الالتقاء بنساء جديدات وإمكانية تكوين صداقات. وتوضح ليندا ماكجورن الأمر على النحو التالي: «كثير من صديقاتنا في جامعة فلوريدا تعرَّفنا عليهن من خلال ممارسة الرياضة، والآن نتعرَّف على نساء منخرطات في أنشطة من مستوًى آخر. هذا المستوى الجديد يتضمَّن اجتماعات النساء الإقليمية للتواصل مع الجامعة. ونحن نخطط لدعوة العمداء، وهيئة التدريس، والطلاب للقاء بالنساء، بالإضافة إلى أن هذه الملتقيات ستكون فرصة للنساء للاجتماع والتعارف.»

ثَمَّةَ هدف آخر لبعض الجمعيات، وهو التواصل والدعم الوظيفي، حتى لو لم يكن هذا الأمر يحظى بحقه من التقدير. وتُشدد برامج التعليم العالي أحيانًا على هذا الجانب في برامجها، مثل جامعة كاليفورنيا الحكومية في فولرتون التي تبني منهجها على مجموعة قيادية من النساء المتميزات في وظائفهن.6
وتستضيف كذلك كلية لوثر في ديكورا، بولاية أيوا، ندوة تعليمية سنوية عن العمل الخيري النسائي، بالمشاركة مع أربع منظمات محلية تابعة للكلية. ومن بين ٨٠ إلى ١٠٠ سيدة يشاركن كل عام، كان العديد من السيدات قد حضرن البرنامج في الماضي. وتقول جيني لوفيل، مدير العلاقات التِّجارية والمؤسسية، إن إحدى ثمار هذه المشاركة المستمرة هي الصداقة والترابط بين النساء المشاركات. وتضيف: «تستمتع النساء من خلال التعلم بعضهن مع بعض، وعندما يمررن بتجربة إيجابية، يقمن بنقل ذلك إلى صديقاتهن ويقمن بدعوتهن للحضور في العام المقبل. وقد كان هذا النوع من التسويق الشفهي عاملًا أساسيًّا في تطور البرنامج.»7 كما تُبيِّن لوفيل أن النساء غالبًا ما يُكَوِّنَّ صداقات من بين الوجوه المألوفة النشطة في هذا البرنامج التعاوني. وعلى الرغم من أنهن قد يرَيْن بعضهن بعضًا مرات قليلة فقط كل عام، فإنهن يشتركن في الحماس تجاه معرفة المزيد عن العطاء الخيري والإدارة المالية اللازمة لتعظيم الدعم الموجَّه لمنظماتهن وقضاياهن المفضلة.
تأخذ الصداقات والتواصل كذلك شكل التوجيه؛ فبعض جمعيات، مثل جمعية تواصل سيدات نوتردام التابعة لمكتب خريجي جامعة نوتردام، تركز على التواصل بين الخريجات بعضهن مع بعض وتوجيه الطالبات. كما أن نوتردام بصدد تأسيس جماعة قيادية من نشطاء العمل الخيري من مكتب التنمية، وستشمل نساءً ساهمن بمبلغ ١٠٠ ألف دولار فأكثر، كما تقول لين هابرت، مدير التنمية الإقليمية، ميدوست، جامعة نوتردام.8 يكمل كلا جانبي البرنامج أحدهما الآخر؛ إذ يركز من جانبٍ على تضمين النساء، ومن جانبٍ آخر على المنح الكبرى. إن توجيه الطالبات نشاط مكثف للغاية ويتعين القيام به فقط بواسطة المنظمات التي تحظى بعاملين يكرسون وقتهم لخدمة هذا النشاط.

البهجة

يمكن أن تعمل النساء وطاقم العمل معًا لتصميم برامج هادفة في مجال العطاء للمساهمين. ويجب أن تكون كل منحة من الأهمية والاستحسان بمكانٍ بحيث تؤدي إلى البهجة والرضا جراء الانضمام إلى برامج العمل الخيري النسائي. وقد يكون البرنامج الهادف للعطاء في صورة تعاون المتبرعة مع المنظمة لكي تجعل منحتها ملائمة للمجال الذي تهتم به داخل هذه المنظمة. ومثال ذلك منظمة المرأة والعمل الخيري في جامعة كاليفورنيا، بلوس أنجلوس؛ حيث تشجع أعضاءها على التبرع لأي مجال في الجامعة يعكس قيم المرأة. وبعد ذلك تقوم جامعة كاليفورنيا، بلوس أنجلوس، من خلال إصداراتها وموقعها على شبكة الإنترنت، باستعراض كافة طرق تبرع المرأة. وترى المتبرعات أن هذا النمط يعمل بشكل مثالي في المؤسسات التعليمية الكبرى؛ نظرًا لأن الصبغة الشخصية والعلاقات تنمو عندما تقوم المتبرعة باختيار مشروع معين والتبرع له.9
وفي الكليات الأقل حجمًا، قد ترى المنظمات أن المنحة الهادفة تأخذ صورة المنحة الجماعية المنظمة. وهنا تعمل النساء مع المنظمة من أجل التبرع لصالح مشروع تعرفنَ عليه في صورة مجموعة. وهناك مثال على ذلك في وحدة تواصل المرأة التابعة لمستشفى ووكيشا التذكاري؛ حيث تساهم النساء بمنحة سنوية لصالح قائمة مشروعات مجمعة يقمن بتمويلها ضمن إطار عمل المستشفى. وتقول كريستن فرايبرج، مسئولة التنمية بمستشفى ووكيشا التذكاري، إن المنحة الجماعية تؤتي ثمارها فيما يتعلق ببرامج المرأة التي تتطلع إلى مزيد من المتبرعين في مجتمع قد لا تربطه علاقات بالمنظمة.10
وطبقًا للبحث الذي أجراه معهد العمل الخيري النسائي بعنوان «دع العمل الخيري يقوم بدوره: كيف تغير النساء العالم»،11 تقوم مجالس القيادة النسائية التابعة لمنظمة يونايتد واي بتعزيز مفهومٍ مفاده أن كل منظمة تابعة ينبغي أن تشتمل على برنامج للمرأة. وذكرت كاي فوكس، رئيس مجلس القيادة النسائية الوطنية التابع لمنظمة يونايتد واي العالمية: «نعلم جيدًا أنه عندما يكون لدى منظمة يونايتد واي المحلية برنامج للمرأة، فإن إدارة تنمية الموارد تتفوق على النظام بأكمله.»12 إن البرامج الأكثر نجاحًا هي تلك التي تركز على جمع التبرعات لأغراض خاصة، تسمو على البرامج المعتادة لمنظمة يونايتد واي وتختلف عنها، ولكن يتم تصميمها بالتعاون مع المنظمة. في ماديسون، ويسكونسن، يجمع مجلس القيادة النسائية لمنظمة يونايتد واي أموالًا لصالح «مدارس الأمل»، وهي عبارة عن برنامج لمساعدة الأطفال في المدارس العامة من خلال التوجيه وتنمية مهارات القراءة.

وتلعب القيادة التطوعية النسائية كذلك دورًا رئيسيًّا في إيجاد المتبرعة المبتهجة التي تُبدي حماسها في الاجتماعات والمُلتقيات العامة. وفيما يتعلق بالملتقيات السنوية العامة الكبيرة، يقوم رؤساء العمل التطوعي بضبط الإيقاع وتأسيس الثقة اللازمة للتبرع للمنظمة من خلال البهجة التي ينقلونها للجمهور.

وترى باتريشيا جاكسون أن: «النساء يجدن متعة حقيقية عندما يقدمن منحة كبيرة لمؤسستنا. وتقول كلٌّ منهن: «إنني أقدِّم هذه المنحة لأنني أشعر بالسعادة لقدرتي على فعل ذلك.» وهن يرغبن في أن يكنَّ مثالًا وقدوة في السلوك، مثلهن مثل الأب أو الأم.» وترى كذلك أن التجربة الأولى المفيدة سوف تُمكِّن النساء من النظر إلى أنفسهن بوصفهن من ناشطات العمل الخيري. وتضيف قائلة: «لن يكون من المستغرَب أن تقول المرأة: «إنني ناشطة في مجال العمل الخيري.» وهي تتذكر منحتها الكبرى الأولى والشعور بالبهجة عند العطاء؛ فهي تعيش شعورًا لا يُصدق بالبهجة، إحساسًا لا يُصدق بالتمكين.»

(١-٢) تصميم برنامج للعمل النسائي الخيري

سوف نشرح لَبِنات البناء اللازمة لتصميم برنامج ناجح بعد قليل. ولكن نحتاج أولًا للحديث عن عناصر الفشل، وهي من البساطة والوضوح بمكان. وقد أوضحت ليزا جونسون وأندريا ليرند ذلك الأمر في كتابهما «لا تفكر بطريقة وردية»13 عندما قالتا إنه لكي تجذب المرأة المستهلكة أو المتبرعة، لا يكفي أن يكون لديك منتج دائم وتصبغه باللون الوردي. ويذكر مايكل سيلفرمان وكيت ساير في مقالهما «اقتصاد المرأة» في عدد سبتمبر ٢٠٠٩ من مجلة هارفرد لشئون التِّجارة، المثال الخاص بالجهود اليائسة لشركة دِل من أجل التسويق في أوساط النساء؛14 فقد قامت الشركة بطلاء أجهزة الكمبيوتر التي تنتجها باللون الوردي، وزوَّدت موقعها على الإنترنت بوصفات لطهي الطعام ونصائح بشأن السعرات الحرارية. وكانت النتيجة أن شعرت النساء بالنفور. إن محاولات إعداد برامج نسائية للعمل الخيري بنفس عقلية «الطلاء باللون الوردي» عن طريق الترويج لبرنامج تبرعات منتظم تحت اسم «العمل الخيري النسائي» وانتظار أن تتبرع النساء لهذا البرنامج؛ إنما هي محاولات فاشلة تمامًا. إن العمل الخيري النسائي ليس نشاطًا يُفَاض من أعلى، بل عليك القيام بالجزء الصعب من العمل والاستماع إلى النساء القائدات والمناصرات اللاتي تحاول أن تستميلهن. يجب أن تكون القيادة لهن وليست لك. وتذكَّر أن أحد «المعايير الستة الأساسية والثلاثة الإضافية» الخاصة بالعمل الخيري النسائي هو «الابتكار». فالمرأة تحب المشاركة في تأسيس المنظمة أو المبادرة. نعم، هي تريد الاستجابة لاحتياجات المؤسسة غير الربحية، ولكنها ترغب كذلك في البهجة الناشئة عن صياغة الشكل الذي ستكون عليه هذه الاستجابة. امنحها البهجة وسوف تكون داعمة ومُخلصة لمنظمتك على الدوام.
لاحظ أن طبيعة برنامج العمل الخيري النسائي سوف تعتمد على متطلبات العطاء. وتتراوح المبالغ المطلوبة بدءًا من عدم تقديم أي منحة، مرورًا بمنح سنوية بين ٢٥٠ و٢٥٠٠ دولار، وصولًا إلى منح كبرى بقيمة ٢٥٠٠٠ دولار.15 وبعض البرامج تطلب منحة سنوية بقيمة ١٠٠٠ دولار لخدمة أهداف الجماعة، ثم منحة كبرى للمجال الذي تختاره المتبرعة من خلال المؤسسة. وتقول تراسي بايلز، مدير منظمة الخدمات الخيرية إنه، على سبيل المثال، أطلقت منظومة مستشفيات الرحمة في ولايات كانساس، وأركنساس، وأوكلاهوما، خمسة برامج للعمل النسائي الخيري. وتُعد هذه هي أول مجموعة معروفة من البرامج على مستوى عدة مؤسسات، وهي تطلب منحًا سنوية بقيمة ١٠٠٠ دولار.16
وقبل البدء أو التوسع في برنامج العمل الخيري النسائي، نوصي بالتأكد من توافر العناصر التالية لضمان النجاح:
  • «التزام العاملين والإدارة»: يضع فرد أو فردان (أو أكثر) من العاملين تصورًا عن دور برنامج المرأة في المؤسسة مع اتخاذ قرار بتحويل هذا التصور إلى مشروع. أضفتْ بعض المنظمات الطابع الرسمي على «فرقة عمل الأنشطة الخيرية النسائية»، وكلفت عددًا من العاملين بالعمل في هذه الفرقة الداخلية. ويتعيَّن على الإدارة التصديق على الجهود المبذولة ودعمها فيما بعدُ بالعاملين والميزانية. وتُعَدُّ معظم برامج العمل الخيري النسائي أعمالًا إضافية للمرء الذي يعمل في المنظمة والذي عبَّر عن رغبته في العمل مع النساء المتبرعات. ونادرًا ما يُكتب للبرامج البقاء لمجرد عزم أفراد الإدارة على إطلاق البرنامج وتعيين أحد العاملين لهذا الغرض، بل على أعضاء طاقم التنمية أن ينظروا إلى برنامج المرأة بوصفه أولويةً ويعتقدوا أنه خطوة جيدة للمنظمة لكي تزيد من الأنشطة النسائية الخيرية. ونقترح أن يعمل لصالح البرنامج على الأقل اثنان من العاملين جزءًا من الوقت. وهذا أفضل من وجود شخصٍ واحدٍ يعمل بمفرده طوال الوقت. وكلما كان البرنامج جزءًا من مسئوليات جميع أفراد طاقم التنمية، كان ذلك أفضل.

  • «مجموعة رئيسية للقيادة التطوعية النسائية وكبار المتبرعين»: قبل البدء في البرنامج، عليك معرفة المعلومات التي تملكها هذه المجموعة. قم بعملية عصف ذهني مع أفراد المجموعة عن كيفية إشراك النساء في مؤسستك. تعرَّف على ردود أفعال الأفراد واطلب منهم ترشيح قادة لتصميم برنامج معين. كل ما تحتاجه هو عدد يتراوح بين أربعة وستة قادة رئيسيين للعمل كمجموعة استشارية أساسية. بعض البرامج تبدأ عندما تطلب النساء المتبرعات إنشاء هذه البرامج، كالتي تمت بجامعة كونيكتيكت، غير أن معظمها يبدأ بواسطة فرد أو اثنين من طاقم العمل الواعدين. وفي جامعة أوريجون الحكومية، تتألف لجنة التوجيه من ثلاث عشرة امرأة. ويوجد لدى ولاية أريزونا أعضاء من الجنسين ولجنة تختص بشئون العضوية، والاستثمارات، والتعليم.17
  • «الرؤية والرسالة والأهداف والقيم الواضحة»: تضمن هذه العناصر نجاح البرنامج على المدى البعيد؛ وهذه العناصر جميعًا بمنزلة ممارسات قياسية لأي مركز تنمية. وعلى القادة المتطوعين والعاملين العمل معًا لصياغة الأهداف، ومن المهم التعرُّف على عدد النساء المتبرعات للمنظمة، وحجم الأموال المتبرَّع بها، ومستوى التبرُّع.

  • «خطة العمل وأسلوب التقييم»: ليكن لديك خطة عمل وتحليل لمدى ملاءمة البرنامج لعملية التنمية. ويشمل هذا التحليل الداخلي مؤشراتٍ لتقييم مدى التقدُّم. قد يكون التقييم الصحيح أصعب العناصر في برنامج العمل الخيري النسائي لأنه عادةً ما يكون البرنامج مجرد جزء واحد فقط في العلاقة بين المتبرع والمنظمة. ومع ذلك، فإن هذه المؤشرات فعالة حتى إذا وضعنا في الاعتبار الثقة المشتركة مع الأفراد الآخرين في طاقم العمل. وتتضمَّن هذه المؤشرات عدد النساء المتبرعات في المواقع القيادية، ومبلغ المساهمة، والعدد الكلي للمنح والمبالغ المقدَّمة من جميع النساء المتبرعات، وعدد النساء في المناصب القيادية.

  • «الثقافة التنظيمية التي تدعم عطاء المرأة»: عليك القيام بمراجعة داخلية كاملة للعمليات، ودور النساء في منظمتك، وإمكانية انضمام النساء كأعضاء في المنظمة. يجب أن تحترم إجراءاتُ التشغيل القياسيةُ في المنظمة النساءَ وآراءهن. ويتناول الفصل السادس المراجعة الداخلية وكيفية إعداد برامج تنمية تلتزم الحياد تجاه الجنسين. وعلى المنظمة منح النساء والأقليات فرصًا في القيادة وضمن أطقم العمل.

(١-٣) استمع وتحدَّث: التركيز على أفكار المتبرعات

سواءٌ أكان برنامج العمل الخيري النسائي في مرحلة الانطلاق أم التطوير، فإن الاستماع والحوار مع المتبرعات من الضرورة بمكان. وعندما تعمل النساء المتبرعات مع غيرهن من المتبرعين من أجل إطلاق البرنامج، أو إذا كان انطلاق البرنامج نتيجة شراكة بين طاقم العمل والمتبرعات، فإن المعلومات الواردة من أفراد خارج الدائرة الداخلية للمؤسسين ذوي الرؤى المستقبلية تصبح لازمة لفهم كيفية صياغة البرنامج. كما أن خطوة الحوار تجذب الأعضاء والمتبرعات المحتملات للمشاركة في الجماعة والتواصل مع المنظمة؛ فقط من خلال الاستماع والتحاور.

سوف تساعد المقابلات التي تتم مع كبار قادة الرأي وكبار المتبرعات المحتملات أو الحاليات على تزويد قادة التطوع من النساء وطاقم العمل بردود الأفعال المتعلقة بنوعية البرنامج المزمع تنفيذه. ما هي أهداف برامج العمل الخيري النسائي التي لها صدًى لدى المرأة؟ يتعيَّن على الجماعة مناقشة الحاجة إلى مجموعة خاصة بمتطلبات المنحة، أو منحة سنوية، أو مجموعة للعطاء الجماعي أو مجموعة للمنح الكبرى.

تُعَدُّ مجموعات الاستماع كذلك وسيلة جيدة للحصول على ردود الأفعال من أجل البدء في برنامجك أو تطويره. وقد تكون هذه المجموعات في صورة تجمعات صغيرة من ثلاثة إلى ستة أشخاص بهدف مناقشة ما يمكن إدراجه بالبرنامج. كما تُعَدُّ الدراسات الاستقصائية وسيلة ممتازة لجمع المعلومات من المتبرعات.

وتتمثل الطريقة الأكثر نجاحًا لإطلاق برنامج وجذب المشاركات المحتملات في مجموعات النقاش. وسواءٌ قمت بإعداد مجموعات النقاش بنفسك أو استأجرت جهة خارجية معاوِنة، فقد ثبت أن مجموعات النقاش وسيلة ممتازة لجمع قدر كبير من المعلومات عن نوعية البرنامج المزمع تنفيذه، في الوقت الذي تُحفز فيه اهتمام المشاركين في البرنامج. ومجموعات النقاش عبارة عن مناقشات رسمية بالإضافة إلى مجموعة من الأسئلة يثيرها كافة المشاركين. ويمكن مقارنة الإجابات فيما بين المجموعات.

استخدم مجموعات النقاش عندما تنوي تصميم برنامج يشمل المنظمة بأكملها أو القيام بنشاط جديد مستقل يتضمَّن مجموعة جديدة من النساء. انظر المصدر «أ» للتوصيف الكامل لمجموعات النقاش والأسئلة.

من النتائج غير المتوقعة لبعض مجموعات النقاش المستوى المرتفع من حماس المشاركات. أما الجانب السلبي فيتمثل في أنك يجب أن تستجيب لبعض الإجراءات التي تقترحها النساء في مجموعات النقاش، وإلا فسوف يُصَبن بالإحباط، وقد لا يرغبن في الاستمرار في المشاركة. وأحيانًا ما تكون تلبية التوقعات أحد التحديات. وقبل البدء في تكوين مجموعات النقاش، ضع في ذهنك عددًا قليلًا من البدائل الأساسية الخاصة بالبرامج حتى تستطيع المنظمة تنفيذ بعض الأفكار التي تثيرها النساء في مجموعات النقاش. وكُنْ على استعدادٍ للعمل بنصيحتهن.

(١-٤) إنشاء جماعة القادة

أحد الأجزاء الأساسية لبرنامج العمل الخيري النسائي هو جماعة القادة من النساء المتطوعات، المنوط بهن بذل جهود في هذا الصدد. ويجب أن تعمل القيادات النسائية في الداخل والخارج معًا من أجل تطوير البرنامج.

وتعمل جماعة القادة على زيادة الوعي وتعميق الرؤية لدى النساء اللاتي تضمهن منطقة جغرافية واحدة. وتقوم هذه القيادات بدورها بوصفها نماذج للعطاء. تُنشئ بعض الجماعات منحًا تغلب عليها روح التحدِّي. وقد يعمل أعضاء جماعة القادة في صورة لجنة للبرامج التثقيفية أو قد يقود هؤلاء الأعضاء حلقات عطاء نسائية. وكذلك تقدم المرأة القائد العون في إطار دورها بوصفها منسقة إقليمية تقوم بإعداد البرامج وتدعيم التواصل في منطقتها. ومن أمثلة ذلك منظمة يونايتد واي لمجالس القيادة النسائية الأمريكية، وحلقات تيفاني التابعة للصليب الأحمر، والبرامج الجامعية كتلك التي تُعقد بجامعات ويسكونسن، وبرينستون، وفيرجينيا، وفيرجينيا للتكنولوجيا.18

ومن الجوانب المهمة للغاية في تنمية القيادة علاقة المتبرعات بالإدارة العليا بالمؤسسة، خاصةً العناصر النسائية. وتمثل هذه الشراكة بين القادة أهميةً للمتبرعات كي يدركن أنهن مساهِمات حقيقيات في المنظمة. وقد يؤدى هذا التآزر بين القادة من النساء إلى إنتاج مشروعاتٍ إبداعيةٍ تُمولها منح النساء. ومن العلاقات الأكثر أهميةً في برنامج العمل الخيري النسائي بجامعة ويسكونسن العلاقة بين المتبرعات وهيئة التدريس النسائية والإداريين. ويقوم مجلس العمل الخيري النسائي بويسكونسن بتمويل الجوائز والمؤتمرات للارتقاء بالمرأة في الحرم الجامعي نتيجةً لهذه العلاقة.

(١-٥) الجمعيات الإقليمية: نشر الكلمة

تُمثل الجمعيات الإقليمية نواةً للمنظمات الكبيرة ذات الامتداد الوطني أو الإقليمي. وتُشكل كبريات المتبرعات وكبريات قائدات التطوع لب هذا النشاط. أوجد التواصل بين منظمتك وجمهورك من خلال أحد المتحدثين التابعين للمنظمة. ولتكن برامجك مزيجًا من تصميمات مختلفة.

ولإطلاق برنامج يرتكز على المنطقة الجغرافية، قم بالتعرُّف في المنطقة المعنية على اثنتي عشرة امرأة مرشحة لتكون قائدة ومتبرعة بمنح كبرى. هذه الجماعة الأساسية هي مفتاح النجاح. تتواصل نساء هذه الجماعة بعضهن مع بعضٍ ومع غيرهن من النساء في المناطق التابعة لهن. قم بإشراك هؤلاء السيدات في أنشطة المنظمة، وساعدهن على المزيد من التواصل وتحديد مجال اهتمامهن بالمؤسسة. اعقد أنشطة لتوسيع حلقات التواصل بين مجموعات أكبر من المتبرعات/المرشحات لتقديم منح كبرى في المناطق الجغرافية. وإذا كانت منظمتك عبارة عن كلية، فقُم بدعوة قادة الجماعة الأساسية لحضور الأنشطة بالحرم الجامعي. وفيما يخص المؤسسات الكبيرة التي تتناثر أطقم عامليها في مناطق جغرافية متعددة، قم بإشراك أعضاء أطقم العمل الإقليميين في البرنامج المزمع تنفيذه.

قد تكون الخطوة الأولى هي إنشاء مجموعة نقاشية كي تتمكن المشاركات المحتملات من تكوين آرائهن بخصوص البرامج المفضلة واتجاهاتهن بشأن العمل الخيري. والطريقة الأكثر شيوعًا هي الربط المستمر بين الجماعة الأساسية وغيرها من خلال أشكال العروض التي تقدمها النساء؛ حيث يقوم أعضاء الجماعة الأساسية بالمعاونة في اختيار المتحدث والمكان، كما يقومون بدعوة الآخرين لحضور هذه الحوارات الفكرية.

في جامعة ويسكونسن، يقوم أعضاء هيئة التدريس والعمداء من النساء بالتحدُّث عن موضوعاتٍ مطلوبة في حينها. وقد شملت آخر الموضوعات أبحاث الخلايا الجذعية، والديمقراطية في الشرق الأوسط، ونطاق الفنون الثقافية بالجامعة. ويُعَدُّ جذب هيئة التدريس النسائية جزءًا من رسالة البرنامج حيث تتواصل النساء المتبرعات معهن، وأحيانًا ما يستمر الاتصال فيما بعد الملتقى.

ثَمَّةَ جانب آخر لإبراز دور هيئة التدريس النسائية، وهو معايشة هيئة التدريس لتجارب في التنمية؛ حيث إن ذلك مهم للغاية من أجل الارتقاء بها. وفي الأغلب، لا يتم منح هيئة التدريس مثل هذه الفرص إلا من خلال هذه الوسيلة. أما أشكال البرامج الإقليمية الأخرى فهي عبارة عن مناقشات لمجموعات صغيرة بشأن العمل الخيري. وتُعَدُّ اجتماعات الغداء والعشاء مع أعضاء الجماعة الأساسية حاسمة في هذا الصدد.

في المدن ذات الأولوية مثل نيويورك، يمكن أن تنظم الملتقى الخاص بك سنويًّا. أما في المدن الأخرى، فيتعيَّن أن يكون الملتقى الذي يمثل وجهة لهيئة التدريس دوريًّا، مع عقد المزيد من اجتماعات الغداء للجماعة الأساسية، وتوجيه دعوات لحضور الملتقيات الأخرى.

(١-٦) المناطق الجغرافية: إشراك المنظمة بأكملها

من المهم التعرُّف على نطاق اهتمام المرأة المتبرعة بوصفها فردًا بالمؤسسة وربطها بالمدرسة، أو الكلية، أو البرنامج الذي قد يؤدي إلى مشاركتها وتقديمها منحة كبرى. وينبغي على فريق العمل التعاون مع زملائهم لجذب النساء المتبرعات لحضور البرامج الخاصة بهن. ويتم إشراك قائدات التطوع بوصفهن قائدات، وكبريات مشرفات، وراعيات. وتشمل الأنشطة توفير قوائم بريدية، ودعوة المتبرعات لحضور الملتقيات، ومتابعة النساء المشاركات، وتقديم المشورة للنساء بشأن التسويق، والتحدُّث في البرامج الخاصة؛ على سبيل المثال، المرأة في القيادة التنفيذية للمشروعات التِّجارية، ووجبات إفطار الأطفال بالمستشفيات، والمحاضرات الخاصة بالدراسات الدولية، وملتقيات كبار الشخصيات للمحاضِرات الزائرات، وعلم البيئة البشرية، والتمريض، وملتقيات النساء الفنانات، وتاريخ المرأة، والتعليم، والآداب والعلوم، وصحة المرأة، والأنشطة الرياضية النسائية.

(١-٧) الأهداف الخاصة لجمع التبرعات: لكل امرأة على حدة

تسعى بعض البرامج لتحقيق أهداف محددة تتعلق بجمع التبرعات مثل الدعم الخاص بالمنح الدراسية أو أهداف خاصة تتعلق بالخدمات الاجتماعية. تجمع جامعة مسيسيبي التبرعات من أجل المنح الدراسية. ويسعى مجلس القيادة النسائية التابع لمنظمة يونايتد واي بماديسون لجمع التبرعات لصالح برامج خاصة بالمدارس العامة. وجامعة دريك تجمع التبرعات لخدمة المكتبة. كما يقدم مركز المرأة والعمل الخيري في أوهايو هباتٍ لصالح المنح الدراسية وقروض الطلاب.19
ولدى برنامج المرأة في القيادة والعمل الخيري بجامعة فيرجينيا كتيب مصوَّر على شبكة الإنترنت يضم قائمة مختارة تشتمل على أفكار محددة تطرحها الجامعة بشأن المنح. وقد تغطي المبالغ المقترحة التكلفة الكلية لمبادرة ما، أو تساهم بأفكار بشأن المنح المشتركة. وتشمل الأشكال الأخرى حلقات العطاء لخدمة مشروعات محددة، والتي سنقوم بتناولها بالتفصيل.20

(٢) حلقات العطاء: ذكاء ومتعة وعمل جماعي

على مدار التاريخ، تتجمع النساء معًا — في البيوت والكنائس، وساحات المدن، ومحلات البقالة الصغيرة — من أجل مداواة مجتمعاتهن. ربما ليس من قبيل المصادفة أن اجتماع السيدات يأخذ شكل حلقة؛ فنحن نقف أو نجلس يدًا بيد وكتفًا بكتف، كلٌّ منا مساوية للأخرى ولا ترى فقط أعين من حولها، ولكن ترى الروح التي تكون لها العين بمنزلة نافذة. إنها تلك الحلقة التي نجمع فيها شتات نفوسنا، بعضنا مع بعض، وحكاياتنا، وأهدافنا. إنها تلك الحلقة التي نستمد منها الغذاء والتشجيع والقوة. إنها تلك الحلقة التي فيها نحتفل وننمو.21
روزي موليناري، مؤسِّسة حلقة دي لوز، ديفيدسون، نورث كارولينا
أعتقد أن حلقات العطاء مهمة لأنها تُشرك النساء اللاتي لم يسبق لهن المشاركة، فينخرطن على الفور في عملية التبرع.22
يوجين تمبل، رئيس مؤسسة جامعة إنديانا والمدير التنفيذي الأسبق لمركز العمل الخيري بجامعة إنديانا

على مدار العقد الماضي، أخذ العمل الخيري صورة جديدة ومثيرة تبنَّتها النساء. وعلى نحوٍ متزايد، تتوافد النساء معًا للتبرع بشكلٍ جماعي؛ إذ يتَّفقن على القضية، أو المسألة، أو المنظمة التي سيدعمنها وأين تتوجَّه المنح. وتأتي حلقات العطاء النسائية في أشكالٍ عديدة، بدءًا من توفير الطعام وانتهاءً بالمنح السنوية التي تبلغ آلاف الدولارات.

بدأ الإعلام في التحدُّث عن حلقات العطاء النسائية للمرة الأولى في عام ١٩٩٨ عندما كُتبت مقالات عن كولين ويلوبي ومؤسسة واشنطن للمرأة التي أسستها، في مجلة بيبول.23 ومنذ تلك اللحظة، زادت حلقات العطاء النسائية بصورة استثنائية لعدة أسباب: زيادة العمل الخيري النسوي؛ وظهور متبرعات جديدات ونساء تزيد أصولهن الاستثمارية عن مليون دولار، وهن اللاتي أردن العثور على طرق جديدة لمكافأة المجتمع الذي يمكن أن يساهمن فيه بصورة فعالة؛ والرغبة المتزايدة من جانب الأفراد في المشاركة الكبيرة في قرارات وملكية المشروعات الخيرية. وكانت النساء مثل ويلوبي، التي بدأت واحتضنت العطاء المشترك وجذبت اهتمام الصحافة، ذوات دور محوري في المعاونة في إرساء هذا الاتجاه.

(٢-١) الوصول إلى نقطة التحوُّل

عندما اشْتَهَرَ مفهومُ حلقات العطاء، سُرْعانَ ما وصل إلى اللحظة السحرية التي تبلغ فيها فكرةٌ أو اتجاهٌ متعلق بالسلوك الاجتماعي نقطةَ التحوُّل وتنتشرُ انتشارَ النَّارِ في الْهَشِيم.24 كانت قدرة النساء على العطاء جزءًا من هذه اللحظة السحرية، غير أن النساء في معظم الأحيان تراودهن فكرة إنشاء منظمتهن الخاصة، ليتبرعن معًا، ويحشدن أموالهن، ويحددن وجهتها. في عام ٢٠٠٠، نشر معهد المرأة للعمل الخيري كتيبًا قصيرًا تحت عنوان «إنشاء حلقة عطاء نسائية»،25 وهو يُعد الكتاب الأساسي في هذا الموضوع، والمعين على إنشاء الكثير من الحلقات الأخرى.

مع ارتفاع العدد من نحو مائة مركز عطاء فقط في عام ٢٠٠٠ إلى ما يزيد عن خمسمائة مركز تمنح ملايين الدولارات سنويًّا، بعد ما يقرب من مُضِي ثماني سنوات، تحوَّلت النساء من لقاءات تبادل الأحاديث وأندية الكتب وحلقات الكنيسة وجمعيات الاستثمار، إلى ميدان العمل الخيري. كان ذلك منطقيًّا؛ لأن المرأة تحب القيام بالأشياء بطريقةٍ لا تخضع للتسلسل الهرمي؛ والحلقة هي الشكل الملائم لهذا السلوك. الحلقة ليست مثلثًا يعلوه فرد بينما يقبع بقية الأفراد في الجزء الأسفل؛ وهو ليس مربعًا ذا زوايا حادة منقسمة. بل الحلقة سلسلة لا تنتهي يحظى فيها كل فرد بنفس القدر من الملكية والسلطة.

وتشترك حلقات العطاء في بعض القواسم المشتركة؛ فكل امرأة غالبًا ما تتبرع بالمبلغ نفسه من المال وتشترك في اختيار مركز المنح وتقديم الهبات سنويًّا. عادةً ما يكون هناك عدد قليل من الاجتماعات، وقدر كبير من التواصل الاجتماعي، وقليل من الهيكلة. والفروق ليست كبيرة، على الرغم من أن بعض حلقات العطاء النسائية يكون لديها أوقاف، وتعهدات لعدة سنوات، وفئات ومبالغ تبرُّع مختلفة، وقدر كبير من الهيكلة. ويبقى المفهوم الدائم هو أن النساء يفعلن الخير معًا في جميع حلقات العطاء.

وقد احتضنت حلقات العطاء النسائية مجموعة «المعايير الستة الأساسية» كلها والخاصة بعطاء المرأة: التغيير والابتكار والالتزام والتواصل والتعاون والاحتفال. وليس ثَمَّةَ دليل أوضح على تأثير هذه «المعايير الستة» من حلقات العطاء. وبالطبع فإن الحلقات قد ساهمت إلى حدٍّ كبيرٍ في «المعايير الثلاثة الإضافية»: التحكم والثقة والشجاعة.

(٢-٢) عبور الحدود: الأجيال الممتدة

إن جماعات متعددة الأجيال والأعراق من النساء تتلاقى معًا وتتخذ قرارات التمويل بشكل جماعي. البعض يتقابل شهريًّا في حجرة معيشة، والبعض الآخر يلتقي على غداء أو في أي تجمُّع اجتماعي آخر. ومعظم النساء يُجرين حوارات مُفْعَمَة بالحياة بشأن احتياجات مجتمعهن ويعقدن جلساتٍ تثقيفيةً للاطِّلاع على مجالات اهتمام كلٍّ منهن. ثم يُقَرِّرْنَ وِجْهة استثمار أموالهن.

وقد استخدمت بعض النساء مفاهيمَ مُسْتَقاةً من ثقافتهن عند تأسيس الجماعة التي يُردنها، وقمن بصياغتها لتكون حلقة عطاء من نوع خاص. وإليك مثالين على ذلك، وهما: حلقة عطاء هالي لي الآسيوية الأمريكية للمرأة، وحلقة عطاء لين ماكنير الأفريقية الأمريكية للمرأة (المذكورة في الفصل العاشر). وقد اختارت هالي لي «الجيه»، وهو مفهوم مصرفي اجتماعي مستخدم في جنوب المحيط الهادي؛ أما عضوات حلقة ماكنير فيؤكدن على الميراث الأفريقي لكلٍّ منهن.

نشأت روزي موليناري في بيئة ثقافية لاتينية، وكانت لديها أفكار متضاربة عن الأنوثة. تُجسِّد هذه الثقافة النساء الجميلات بوصفهن عذارى في البيوت ورمزًا للجنس في المجتمع. وقد أنشأت موليناري حلقة العطاء الخاصة بها تحت اسم دي لوز لتقديم منح دراسية للفتيات اللاتينيات في الصف السابع، واللاتي تخرجن في المدرسة الثانوية.

(٢-٣) صناعة ناشطات العمل الخيري

تشتمل معظم حلقات العطاء النسائية على نساء من كافة الأجيال: أمهات، وبنات، وجدات، وأمهات لأطفال صغار. وقد قالت لنا النساء إنهن مسرورات على نحو استثنائي لكونهن جزءًا من حلقة العطاء؛ لأنهن تعرفن من خلالها على نساء لم يعرفنهن من قبل.26
ليندا ستراب، حلقة عطاء الأمل، ريستون، فيرجينيا

إن أحد الأهداف المدروسة للكثير من حلقات العطاء النسائية هو صناعة ناشطات العمل الخيري النساء، والبعض يطلق على هذا «تنمية النساء بوصفهن ناشطات في العمل الخيري.» ويظهر هذا الهدف بجلاء في البيانات الخاصة برسالة المؤسسة ويُعَدُّ جزءًا من رؤية المؤسسين. ومن أجل تلك الغاية، فإن الحلقات يغلب عليها الالتزام ليس فقط بجدول أعمالٍ تعليميٍّ بشأن مسائل تقديم المنح، ولكن تلتزم كذلك بجدول آخر مهم لمساعدة العضوات في إدراك قوة العمل الخيري والتمثيل في المواقع القيادية.

تُشرك حلقات العطاء المتبرعات وتشجعهن على أن يصبحن ناشطات في العمل الخيري من خلال وسائل ممتعة وخلاقة؛ الأمر الذي يدل على مرونتها وطبيعتها المتجاوبة. وصناعة ناشطات العمل الخيري هي جزء من رسالة حلقة العطاء النسائية بمقاطعة هوارد في ولاية ميريلاند.27 وإحدى الوسائل لتحقيق هذا هي من خلال «شبكة التجاوب» التي أُنشئت استجابةً للعضوات اللاتي يرغبن في مساعدة غيرهن من النساء الْمُعْوِزات. وبصفتها صُندوقًا تابعًا لمؤسسة كولومبيا، تقوم حلقة العطاء النسائية بمقاطعة هوارد بإرسال رسائل بريد إلكتروني بصفة دورية إلى ما يزيد عن ألف متبرعة بخلاف أفراد آخرين، لطلب مساهمات تفي باحتياجات محددة لنساء تم التعرف عليهن بواسطة وكالات غير ربحية متميزة معنية بخدمة الفتيات والنساء بمقاطعة هوارد. وفي عام ٢٠٠٩، قررت حلقة «نساء موسكو يتبرعن معًا» في موسكو، بإيداهو، أن تركز تبرعاتها على المنظمات والمشروعات المجتمعية التي تجاوبت مع احتياجات المجتمع المتفاقمة جراء الانكماش الاقتصادي الأخير باستخدام حلول خلاقة لعلاج المشكلات الصعبة وترسيخ إحساس الانتماء إلى المجتمع.28 وهذا التركيز فتح الباب لأنواع كثيرة من المشروعات، بدءًا من الفنون، إلى الإسكان، إلى الأمن الغذائي، مع استمرار الحلقة في تركيزها على الوفاء بالاحتياجات الملحة واستغلال المال لتحقيق أعظم الآثار الممكنة.

(٢-٤) النساء يتبرعن أكثر

ندرك أن النساء يلتحقن بحلقات العطاء لإحداث فارق في مجتمعاتهن. والآن نعرف أن حلقات العطاء لها تأثيرها الحقيقي على عطاء العضوات ومعارفهن ومشاركتهن المدنية.29
جيسيكا بيرمان، مستشارة حرة وإحدى المحققات الرئيسية لمجموعة مقالات «أثر العطاء المشترك»
ويُشير تقرير حديث أصدرتْه جامعة نبراسكا في مدينة أوماها بالاشتراك مع منتدى الاتحادات الإقليمية لمقدمي المنح، ومركز العمل الخيري بجامعة إنديانا، إلى أن المتبرعين في حلقات العطاء يتبرعون بمقدار أكثر، ويوجهون تبرعاتهم توجيهًا استراتيجيًّا، وينخرطون بصورة أكبر في مجتمعاتهم المحلية.30 وعلى الرغم من أن التقرير لم يكن موجهًا على نحوٍ محددٍ للنساء، وحلقات العطاء النسائية،31 فإن معظم أعضاء حلقات العطاء هن من النساء؛ الأمر الذي يجعل النتائج التالية وثيقة الصلة بالموضوع:
  • تؤثر حلقات العطاء على الأعضاء من حيث تقديم المزيد من التبرعات الخيرية وتوجيه التبرعات توجيهًا استراتيجيًّا.

  • ينخرط أعضاء حلقات العطاء في مجتمعاتهم بصورة كبيرة. وتزيد حلقات العطاء من معارف أعضائها عن العمل الخيري، والمؤسسات غير الربحية، واحتياجات المجتمع.

  • يتبرع أعضاء حلقات العطاء لعدد أكبر من المنظمات، مقارنةً بغيرهم من المتبرعين.

  • يميل أعضاء حلقات العطاء إلى التبرع أكثر للمجالات التي تستقبل تمويلًا أقل من جانب العمل الخيري المنظم، مثل المنظمات التي تقوم على خدمة النساء والفتيات، والجمعيات العرقية والأقليات، وتلك التي تُعنى بالفنون، والثقافة، والتوعية العرقية.

  • يمكن أن تمارس حلقات العطاء تأثيرًا أكبر في هذه الأوقات ذات الظروف الاقتصادية الصعبة؛ حيث يمكن للأعضاء جمع تبرعاتهم وتوجيه منح أكبر للمؤسسات غير الربحية على نحو يفوق الجهود الفردية، وهم بذلك يمهدون الطريق لوسائل مبتكرة في العطاء.

(٢-٥) المؤسسات غير الربحية وحلقات العطاء النسائية

نظرًا لأن حلقات العطاء أصبحت وسيلة واسعة الانتشار على نحوٍ متزايد للمؤسسات غير الربحية بهدف إشراك المتبرعات بطرقٍ ممتعة وخلَّاقة، فإن معظم هذه المنظمات والمؤسسات والاتحادات يمكن أن تقوم بدور المُضيف الفعال.

ويوجد عدد من المزايا المحتملة للمؤسسة غير الربحية التي اختارت أن تكون مضيفًا لحلقة العطاء، تشمل الرؤية المجتمعية المتنامية، والمتبرعات الجديدات والمتنوعات، والمزيد من إشراك المتبرعات الحاليات، وتصميم برامج لتقديم المنح والأوقاف، وتعميق ثقافة العطاء.

وعن طريق تدشين حلقة عطاء نسائية، فإن المؤسسة غير الربحية لا تقوم فقط بتثقيف النساء في مجال العمل الخيري وتشجعيهن على بذل المزيد، ولكن أيضًا توفر التدريب في مجال القيادة وتفسح الطريق أمام النساء لكي يصبحن متطوعاتٍ لدى المؤسسة وعضواتٍ في مجالس الإدارة في المستقبل.

ومع ذلك، من المهم أن تكون انطلاقة حلقة العطاء من جانب النساء المتطوعات وبدعم من المؤسسة غير الربحية؛ فالنساء يُرِدْنَ الابتكار وليس الإملاء. وأكثر حلقات العطاء نجاحًا هي تلك التي يرأسها متطوعات نشطات ومخلصات ينظر إليهن المجتمع بعين التقدير. ابدأ العمل بعددٍ من النساء يقل عن خمس، وحافظ على دور المنظمة، ودع لجنة التوجيه تطلب من الأصدقاء الانضمام إليها، ثم راقب الحلقة وهي تنمو مع مشاركة أكثر اتساعًا (بالتطوع والتبرعات) في المنظمة.

(٢-٦) حلقات العطاء النسائية والمستقبل

ما مستقبل حلقات العطاء النسائية؟ تقول د. أنجيلا أيكنبيري، الأستاذُ بجامعة نبراسكا، ومؤلفة كتاب «حلقات العطاء: العمل الخيري، والاتحاد التطوعي، والديمقراطية»، والمحقق الأساسي الآخر لمجموعة مقالات «أثر العطاء المشترك»: «إن إحدى النتائج التي توصلت إليها الدراسة التي قمنا بها هي أن الأفراد في حلقات العطاء يتبرعون بدرجة أكبر كلما زادت درجة وفترة مشاركتهم في حلقة العطاء. ويُبيِّن هذا أننا على الأرجح سوف نرى تأثير حلقات العطاء المتنامي في المستقبل.»32
وللمعلومات والموارد دورها كذلك في مستقبل حلقات العطاء؛ حيث يوجد الآن عدد من المنظمات والشبكات تساعد الحلقات بطرق متنوعة. ومن الأمثلة على ذلك ساندي بيتجر من واشنطن العاصمة؛ فبعد قراءتها عن حلقات العطاء في الواشنطن بوست في عام ٢٠٠٤، أدركت بيتجر أنها قد وجدت بُغيتها، ورأت أنها لكي تُحدِث تغييرًا هادفًا على مدار فترة كبيرة من الوقت، فإن عليها أن تبدأ من خلال المنظمات ذات القاعدة الشعبية. وتساءلت: «وأي شيء أفضل من حلقات العطاء لتقوم بهذا الدور.»33

ولأن رسالة ماجستير بيتجر كانت عن قيادة التغيير الهادف وخلق الاستدامة في المنظمات، فقد بدأت تفكر بجدية في كيفية تطبيق هذا على حلقات العطاء. لقد آمنت أنه عن طريق تدشين جماعة لدعم وتطوير حلقات العطاء، فإنها سوف تكون قادرة على خلق الاستدامة كذلك. ومن هنا كان مولد شبكة حلقات العطاء في عام ٢٠٠٥، وهي شبكة يمتد نشاطها في أنحاء البلاد.

(٣) معلومات سريعة

تُعَدُّ برامج العمل الخيري وسيلة ممتازة للمؤسسات غير الربحية لكي تحصل على دعم إضافي من النساء. كما تُعَدُّ البرامج سُبُلًا واسعة الانتشار لجذب متبرعات جديدات وإعادة إنعاش الداعمات الحاليات. وهذه البرامج شائعة في مجالات التعليم العالي، والرعاية الصحية، ومؤسسات المجتمع.

إن حلقات العطاء لها تأثيرها من خلال البرامج الخاصة التي تقوم بتمويلها، ولكونها عاملًا مساعدًا لنمو العمل الخيري بصفة عامة. بالإضافة إلى ذلك، فإنها أثبتت نجاحها بوصفها «حضَّانات للعمل الخيري» يستعين بها الأفراد الذين يرغبون في استغلال المال من أجل إحداث أثر عظيم، في الوقت الذي يعرفون فيه المزيد عن المجتمع، وعن صناعة المنح، والقضايا ذات الأهمية لديهم. ومن المتوقَّع استمرار اتجاه النمو الحالي، مع وصول الكثير من الوجوه الجديدة إلى طاولة العمل الخيري بمجالس الإدارة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤