الفصل السابع

بالبُنْط العريض: مسئولياتنا على المدى الطويل

الجمهور هو العنصر الأكثر توقيرًا في المسرح؛ فلا وجود لمسرح دون جمهور.1
فيولا سبولين

في كتاب «الارتجال في المسرح»، والمعروف لدى الممثلين في كل أنحاء العالم بأنه «الكتاب المقدس في المسرح الارتجالي»، نقلت الراحلة فيولا سبولين الحكمة السابقة لقرائها. إنَّ إرث السيدة سبولين واضح للغاية، حيث تُتداول مئات الآلاف من نسخ كتابها في الوقت الحالي في كل أنحاء العالم؛ فقد أكدت على كل جيل جديد من الممثلين أن يتبنوا المسرح كوسيلة يدفعها الجمهور.

هل يمكن أن نقول الشيء نفسه عن التسويق؟ هل نقدِّر تمام التقدير أهمية الجمهور لشركاتنا على المدى الطويل؟

استنادًا إلى تجربتي ودون تحفظ، سأجيب ﺑ «لا». الجماهير الخاصة هي فكرة لاحقة بالنسبة إلى الشركات، ولا يوجد ما يوضح هذا أكثر من سحابة الكلمات في شكل ٧-١. أنشأت شركة إي كونسولتانسي (@Econsultancy) وشركة أدوبي (@Adobe) هذه السحابة كجزءٍ من تقرير الاستخبارات الرقمية رُبع السنوي لعام ٢٠١٣، وهي تمثل الإجابات عن سؤال: «ما الذي تراه فرصة التسويق الأكثر أهميةً في الوقت الحالي؟»2 كُتِبت الأجوبة الأكثر تداولًا بخطٍّ أكبر وأغمق.
ما الذي لاحظته للوهلة الأولى؟ انجذبَ انتباهي على الفور نحو كيف أن كلمات content (المحتوى) وmobile (الأجهزة المحمولة) وsocial (الاجتماعية) كانت من بين أكبر الكلمات حجمًا؛ حيث إن عبارات تسويق المحتوى، والتسويق عبر الأجهزة المحمولة، ووسائل التواصل الاجتماعي تُمَثِّل أكبر العناوين الرئيسية في مجال التسويق اليوم.
fig6
شكل ٧-١: سحابة كلمات مكوَّنة من الإجابات عن سؤال: «ما الذي تراه فرصة التسويق الأكثر أهميةً في الوقت الحالي؟»
هل لاحظتَ ما هو ناقص من سحابة الكلمات؟ إذا كانت الإجابة هي كلمة audience (الجمهور)، فستحصل على نجمة ذهبية نظير جهدك. مع ذلك، الحقيقة هي أن كلمة audience (الجمهور) ليست ناقصة فعليًّا من سحابة الكلمات؛ إنما هي صغيرة للغاية حتى إنك ستحتاج إلى عدسة مكبِّرة لرؤيتها. دعنا نكبِّر صورة سحابة الكلمات قليلًا؛ ٤٠٠ بالمائة، تحريًّا للدقة (انظر شكل ٧-٢).
fig7
شكل ٧-٢: بتكبير حجم الصورة بنسبة ٤٠٠٪ (وبمساعدة حاسة بصر قوية)، نجد كلمة (الجمهور audience) في سحابة كلمات فرص التسويق في الوقت الحالي.
يا له من أمرٌ غريب! صحيح أن كلمة audience (الجمهور) هنا مطمورة ومكتوبة بخط صغير مما يجعلها تبدو كإبرة في كومة قش، لكنها على الأقل نجحت في الوصول إلى سحابة الكلمات، رغم صعوبة قراءتها.

بطبيعة الحال، يؤكِّد حجم الكلمة، التي بالكاد يمكن رؤيتها، كيف يقلِّل المسوِّقون من أهمية «تنمية الجماهير الخاصة» في الوقت الحالي؛ فهم يركِّزون بدلًا من ذلك على تطوير المحتوى ضمن قنواتٍ محددة؛ الأمر الذي يترك فجوة عملاقة في جهودهم التسويقية، في حين أنه مفهوم تمامًا. لماذا؟ لأن أكبر مجالات الممارسة في سحابة الكلمات المتمثلة في «تسويق المحتوى» و«وسائل التواصل الاجتماعي» و«التسويق عبر الأجهزة المحمولة» جميعًا بحاجة إلى هذه الكلمة الصغيرة — الجمهور — من أجل تحقيق النجاح.

إذا أردنا أن نحقِّق الوصية النهائية التي تستوجبها «حتمية الجمهور» واعتناق «تنمية الجماهير الخاصة» على المدى الطويل، فلا يمكن أن نتبنى عقلية الحل السريع. مهمتنا ليست مهمة تُؤَدَّى لمرة واحدة وتنتهي؛ فهي تتطلب رؤية والتزامًا وتنفيذًا ما دامت شركتنا قائمة.

من الواضح أن ثمة الكثير من القوى التي تعمل ضدنا. إننا نعيش في ثقافة سريعة الإيقاع يهيمن عليها الشباب حتى إنه في كثير من الأحيان من الصعب التفكير فيما يتخطى هذا الأسبوع، ناهيك عن الفترة رُبع السنوية القادمة، أو العام القادم، أو العَقد القادم. نحن عالقون في فِرق تعزِّز معارك «نحن» مقابل «هم» بينما نبقي عملاءَنا منتظرين. علاوةً على ذلك، نحن نعمل في مجال التسويق، ذلك المجال الذي يقدِّم مكافآتٍ ممتازة للحملات الإبداعية المحدودة، ولكن لا يحتفي بأولئك الذين يبنون جماهير كأصول دائمة.

إذا كنت تريد التغلب على هذه القوى، فلا بدَّ أن تكون مستعدًّا لما يأتي:
  • (١)

    تَقَبُّل التغيير على نحو دائم.

  • (٢)

    التخلص من التوجُّه الذهني الذي يقول «ليس هذا من مهام عملي».

  • (٣)

    إعادة تدريب وكالاتك.

  • (٤)

    الاستجابة للنتائج، وليس العناوين.

  • (٥)

    عدم التوقف أبدًا عن التعلُّم.

إنها بالتأكيد مهمة صعبة. دعنا نتناول كل نقطة منها بمزيد من التفصيل.

(١) تَقَبُّل التغيير على نحو دائم

رأينا بالفعل أنه ينبغي على مسوِّق العصر الحالي التعامل مع أكثر من ٥٠ طريقة مختلفة للوصول إلى المستهلكين مقابل تسع طرق فقط عندما جابَ دون درابر الأرض. ومما يزيد من ذلك التعقيد توفر خيارات وسائل الإعلام المتلاقية داخل كل قناة. يقدِّم فيسبوك وحده أكثر من ١٠ أنواع مختلفة من الوحدات الإعلانية، وهو العدد الذي يبدو بسيطًا عندما تدرك أنه حتى وقتٍ قريب كان يمتلك أكثر من ٢٧ وحدة.3 وعندما تصبح الأجهزة المحمولة أكثر انتشارًا في كل أنحاء العالم على مدى العَقْد القادم، فسوف يظهر المزيد من الأساليب، وربما تظهر قنوات جديدة تمامًا.

إذا كان ثمة شيء واحد يجب أن تعتنقه لتوجيه الطاقة نحو «تنمية الجماهير الخاصة» داخل شركتك، فهو أنَّ: «التغيير هو الثابِت الوحيد في التسويق في الوقت الحالي.» ففي الوقت الذي تتحوَّل فيه القنوات وتنمو وتتشارك وتندمج، سوف يتمكَّن أولئك الذين يستطيعون اعتناق التغيير والتكيُّف معه من إحراز نجاح أكبر مقارنةً بأولئك الذين لا يستطيعون. لكي تحقِّق «تنمية الجماهير الخاصة» النجاحَ، يجب أن يدافع عنها الأفراد الذين لا يَخْشَوْنَ التغيير؛ لأنهم يستمرون في التركيز على الهدف المهم؛ وهو توليد المبيعات بأكبر فعالية ممكنة من حيث التكلفة.

***

التغييرُ هو الثابِت الوحيد في التسويق في الوقت الحالي.

***

(٢) التخلص من التوجُّه الذهني «ليس هذا من مهام عملي»

دون درابر في يوم عمله العادي:
  • وصلَ إلى العمل عندما أرادَ.

  • جلسَ يُجِيل في ذهنه أفكارًا عميقة وإبداعية.

  • أعطى أوامره لفريق إبداعي متفانٍ تولى تنفيذ أفكاره.

  • انْسَلَّ لتناول الغداء وثلاث كئوس من المارتيني.

  • انخرطَ في علاقاتٍ خارج نطاق الزواج. «كثيرًا».

لم يُضْطَرَّ دون درابر لتشغيل مطبعة، أو قراءة إعلان على الهواء، أو بناء تليفزيون من أجزائه لإذاعة إعلان تجاري. وبمجرد أن جَمَعَ فريقه عناصر الإعلان الإبداعي، نقله قسم الاتصالات إلى الصحيفة أو المحطة الإذاعية أو شبكة التليفزيون في الحال وقُدِّمَ الإعلان. قرأ القُرَّاء، واستمع المستمعون، وشاهَد المشاهدون، الإعلانَ على مستوى البلاد. ثم بدأت الأموال تتدفق من كل أنحاء أمريكا، كما لو كان هذا بفِعْل السحر. أمريكا دون درابر. أمريكا وسائل الإعلام المدفوعة.

إذا كان أي شخص قد طلبَ مِنْ دون كتابةَ منشورٍ أو تغريدة أو تدوينة، لسدَّد إليه لكمةً في أنفه. ولم يكن الأمر أنه ليس لديه متسع من الوقت ليفعل هذه الأمور؛ بل كان هذا العمل أدنى من منزلته؛ فقد كان «شريكًا». ولم يكن هذا من مهام عمله.

في البيئة التسويقية حاليًّا، أي شخص يكتسب عقلية «ليس هذا من مهام عملي» يستحق أن يُفصَل من العمل؛ فبفضل وسائل التواصل الاجتماعي والأجهزة المحمولة، فإننا جميعًا في قارب يستوعب وزن قنوات المستهلكين الإضافية وتوقعاتهم، وسوف يحتاج الأمر إلى تعاون جميع الموجودين على متن القارب ليظل طافيًا. وبناءً على ذلك، للمضي قدمًا في توصية «تنمية جماهيرك الخاصة»، عليك أن تكون مستعدًّا لإعطاء القليل من أجل الحصول على القليل، والتعاون كلما أمكن ذلك، والابتعاد عن الخطوط الجامدة التي يُمليها المخطط التنظيمي لشركتك. وهذا ما يحدث بالفعل في عالَم إدارة علاقات العملاء؛ حيث يجري الآن تفكيك المصطلح الذي كان يُستخدَم ليكون مرادفًا «للمبيعات» فحسب ليصبح ما هو عليه بالفعل — إدارة علاقات العملاء — وهو مجالٌ يحتاج إلى التعاون بين فِرق «المبيعات» و«الخدمات» و«التسويق».

باختصارٍ، مهمتك هي أن تفعل كلَّ ما هو ضروري لمساعدة شركتك على النجاح. إذا كان ثمة شيء «ليس من مهام عملك»، فكُنْ مستعدًّا لقضاء فترة طويلة دون عمل.

(٣) إعادة تدريب وكالاتك

لا يزال الكثير من المسوقين يضمرون في أنفسهم رغبة دفينة في أن يكونوا دون درابر. ومَن يمكن أن يلومهم على ذلك؟ فقد كان دمثًا وواثقًا في نفسه والأذكى بين أقرانه. كانت لديه وظيفة واحدة، وهي: الإبداع. كان الساحر، والراوي، والشخص الذي يتوجَّه الجميع إليه لاستقاء الحملات الإعلانية الملهمة المنسوجة من خياله فحسب.

لا يزال يوجد الكثير من هذه العقول المبدعة في مجال التسويق حاليًّا، وستظل موجودة دائمًا. في عصر المنافسة غير المسبوقة حول جذب انتباه المستهلكين، فإنك بحاجة إلى أشخاص يمكنهم التوصل إلى أفكار حملات إعلانية ثورية لعلامتك التِّجارية. مع ذلك، في الوقت الراهن، يجب أن تنتشر هذه الأفكار على النطاق الكامل لوسائل الإعلام المتلاقية. تأمَّل الأهداف الأساسية للتسويق:
  • (١)

    إجراء عملية البيع.

  • (٢)

    خدمة العملاء.

  • (٣)

    بناء العلامة التِّجارية.

  • (٤)

    تحسين وسائل الإعلام المدفوعة والمملوكة والمكتسبة.

  • (٥)

    بناء الجماهير الخاصة.

من بين هذه الأهداف، لم يهتم دون درابر حقًّا إلا بالهدفَيْنِ الأول والثالث. كان رجل وكالة يحاول إقناع الشركات بإلحاح، وإذا نجحَ في ذلك، كان يصمِّم حملة إعلانية مُبتكرة تلو الأخرى على أمل تسديد فواتيره. وإذا أصبح أيُّ عميل كثير المطالب للغاية، كان يسعَد بالتخلص منه؛ لأنه توجد دائمًا شركة جديدة يمكنه استقطابها.

لا يزال نموذج الوكالة هذا منتشرًا في كثير من الفِكر التسويقي والهياكل التسويقية حاليًّا. وتكمن المشكلة في أنه يسمح للوكالات بالعمل نحو تحقيق «أهداف المبيعات القصيرة المدى» دون النظر إلى «الأهداف الطويلة المدى». ربما يكون هذا أمرًا لا بأس به عندما لا تمتلك الشركات جماهير خاصة. ومع ذلك، فإنه يُمَثِّل كارثة محققة في الوقت الحالي. رَدِّدْ معي: إذا لم تُرَكِّزْ على تنمية الجماهير الخاصة، فربما تُهدِّد وجودها.

هذا هو السبب في أنه من الضروري لك إعادة تدريب وكالتك (أو وكالاتك) حتى تشارك في أهداف «تنمية جماهيرك الخاصة». لا أقترح أن تكون كل حملة دعائية مدفوعة بالشعار اليائس «اضغط اشتراك! إعجاب! متابعة!» ولكنك بحاجة إلى إطلاع وكالتك أولًا بأول على الإيرادات التي تُدِرُّها الجماهير الخاصة على نتائجك النهائية. ومن خلال هذه المعرفة، يمكن أن تساعد في جعل بعض الحملات الإعلانية المدفوعة تبني جمهورك، بدلًا من إبعاده.

(٤) الاستجابة للنتائج، وليس العناوين

إذا كنت تريد إلزام شركتك وحياتك المهنية بممارسة «تنمية الجماهير الخاصة»، فإنك تحتاج إلى إعداد نفسك وتحصينها لمواجهة قوة تدفع عددًا كبيرًا للغاية من أولويات التسويق اليوم.

«التضليل.»

إذا أراد شخصٌ ما بناء آلة لا تفعل أي شيء سوى نشر الأكاذيب، فربما لا يمكنه صنع أي شيءٍ أفضل من الإنترنت. يستطيع أي شخص لديه اتصال بالإنترنت نشر «حقائق» مغلوطة، وتقديم ادعاءاتٍ غير مدعومة بسند أو دليل، ونشر صور مُتلاعَب بها ليراها العالَم أجمع. الإنترنت شبكة معلومات، وليست جهازًا لكشف الكذب، وتعتمد على البشر في تمييز الحقيقة عن الخيال، ونحن لا نجيد دائمًا أداء هذه المهمة.

ربما تتذكر خدع الإنترنت الحديثة هذه:
  • صورة بيل جيتس التي يعرض فيها ٥٠٠٠ دولار للشخص الذي يشارك الصورة على فيسبوك؛ خدعة على غرار سلسلة البريد الإلكتروني لعام ١٩٩٩.4
  • التغريدة الصادرة عن حساب أسوشيتد برس الرسمي (@AP) على تويتر التي سبَّبت انخفاض أسعار الأسهم بما يزيد عن ٢٠٠ مليار دولار في دقائق فحسب؛ والتي ظهر أنها خدعة من أحد قراصنة الكمبيوتر.5
  • فيديو «العُقاب الذهبي» الذي يختطف طفلًا صغيرًا في حديقة مونتريال.6 تَبَيَّنَ لاحقًا أنه مشروع فيديو فيروسي لأحد الطلاب. (كانت هذه الخدعة الثالثة هي الوحيدة التي انطلت عليَّ. من الواضح أنه ثمة شيء مظلم في نفسي يريد أن يؤمن بوجود عالَم تختطف فيه الطيورُ الجارحة العملاقة الأطفال الفرنسيين الكنديين.)

على الرغم من الأكاذيب العارضة، فإن المسوقين عادةً ما يكونون ماهرين للغاية في اكتشاف هذه الخدع؛ فأنماط حياتنا المرتبطة بالإنترنت أجبرتنا على اكتساب شكوك صحية تجاه المال السهل الكسب، والقصص الجيدة لدرجة لا تُصدق، والتفسيرات الملائمة لدرجة لا تُعقَل. ومع ذلك، فنحن المسوقين نعاني بالفعل خللًا كبيرًا في أداة كشف الهُرَاء لدينا، وهو: «الشيء الكبير التالي.»

إنَّ نعمة ونقمة جيلنا من المسوقين هو أنك إذا انتظرت طويلًا بما فيه الكفاية، فسوف يظهر «الشيء الكبير التالي». أولًا، كان البريد الإلكتروني، ثم الإعلانات الترويجية على مواقع الويب، ثم جوجل، ثم جوجل آدووردس، ثم لينكد إن، ثم فريندستر، وماي سبيس، وسَكند لايف، ثم فيسبوك، ثم تويتر، ثم آيفون، ثم إنستجرام، ثم آي باد، ثم جوجل بلَس، ثم بينترست، ثم فاين، ثم سناب شات، ثم نظارة جوجل (جوجل جلاس)، وما إلى ذلك …

المحصلة النهائية لهذا الفيض الذي لا يتوقف من «الأشياء الكبيرة التالية» هو أننا نقع فريسة لخبراء التسويق والعناوين التي تعلن أن القناة التي نحبها للغاية اليوم قد «ماتت»؛ قُتلت على يد قناة جديدة برَّاقة. تأمَّل وحسب هذا الاستعراض الناجح من عناوين الصحف منذ عام ٢٠١٠:
  • «ألم تسمع؟ مات البريد الإلكتروني» (يونيو ٢٠١٠).7
  • «ماتت مواقع الويب» (أغسطس ٢٠١٠).8
  • «تويتر يُحْتَضَر؛ وهذا كله خطؤك» (أكتوبر ٢٠١١).9
  • «مات فيسبوك بالنسبة إلى جيل الألفية» (نوفمبر ٢٠١١).10
  • «مات التدوين» (ديسمبر ٢٠١١).11
  • «موت تحسين محركات البحث» (يوليو ٢٠١٢).12
  • «مات التسويق» (أغسطس ٢٠١٢).13
  • «مات منصب كبير مسئولي التسويق» (نوفمبر ٢٠١٢).14
  • «ماتت الدعاية» (مارس ٢٠١٣).15

أعلمُ أن الثقافة الشعبية اليوم مفتونة بالموتى الأحياء (الزومبي)، ولكنه أمرٌ يدعو للسخرية قليلًا؛ فلا يزال منصب كبير مسئولي التسويق موجودًا وناجحًا في إدارات التسويق في كل أنحاء العالم. كما يسرُّني أيضًا أن أخبرك أنه لا قناة من القنوات المذكورة السابقة قد ماتت أو تُحْتَضَر. في الواقع، لم تختفِ أي قناة من تلك القنوات المذكورة سابقًا في هذا الكتاب، التي يزيد عددها عن خمسين قناة. فلا يزال يوجد أشخاص يسوقون عن طريق إرسال الفاكسات الجماعية. نعم، فاكسات جماعية، وأشخاص!

إنَّ عناوين «مات ويُحْتَضَر» في التسويق تمثل نتيجة ثانوية لعَامِليْن، هما: «الرابط الطُّعْم» و«متلازمة الأشياء الجديدة البرَّاقة». يعرف الكتَّاب والمحرِّرون أن إعلان «موت» أية قناة لا بد أن يثير غضب المحترفين الذين يعملون في هذا المجال؛ ومن ثَمَّ يُولِّد مزيدًا من الروابط الواردة، ويزيد نسبة استخدام الشبكة، ويزيد حجم المناقشة. وهذا ما يُسمَّى «الرابط الطُّعْم». ولكن إليك شيئًا مضحكًا: إذا قرأت أيًّا من تلك المقالات المذكورة سابقًا، فستجد أن عددًا منها يشير إلى عكس ما تُعْلِنه عناوينها الرئيسية. وكما ترى، الحقيقة تصبح مرنة للغاية عندما تكون نسبة الإحالة على الشبكة على المحك.

نحن البشر نحبُّ أيضًا مطاردة الأشياء الجديدة البرَّاقة. في عصر الإنترنت، بنى عددٌ لا يحصى من الأشخاص حياةً مهنية بأكملها على حالة الاستخدام المبكر للقنوات الجديدة بدلًا من الخبرات الحقيقية التي يحرِّكها العائد على الاستثمار. وتُحَقِّق هذه القنوات البرَّاقة نسبة استخدام سريعة وسهلة للشبكة وتغذِّي الرغبة العميقة في العديد منا بأن نكون من مستخدمي أحدث الوسائل التكنولوجية بدلًا من أن نستخدم الوسائل التكنولوجية القديمة التي لم يعد يُلْتَفَت إليها.

ومع ذلك، بقيامهم بهذا، ساعَدَ هؤلاء الخبراء في تنشيط «ثقافة المبالغة» في التسويق التي تُوصَف فيها كلُّ شبكة اجتماعية جديدة أو كلُّ تطبيق جديد للأجهزة المحمولة بأنه «قاتل» لشيءٍ آخر. اسمح لي أن أضع حدًّا نهائيًّا لهذا. «الميت» ميت؛ ففيسبوك لن «يقتل» البريد الإلكتروني، وتويتر لن «يقتل» فيسبوك. وبدلًا من قراءة العناوين، يجب أن نُرَكِّز على «نتائجنا التسويقية الفعلية» ونستخدمها لإرشادنا.

***

«الميت» ميت؛ ففيسبوك لن «يقتل» البريد الإلكتروني، وتويتر لن «يقتل» فيسبوك.

***

إذا كنت جادًّا في «تنمية الجمهور الخاص»، فعليك إذن أن توجِّه الطاقة في قسم التسويق الخاص بك نحو تتبع كلِّ ما تستطيع وقياسه وتحليله واختباره. كلما زادت البيانات التي يمكننا معالجتها، أصبحنا أفضل استعدادًا للآتي:
  • إعطاء الأولوية لاستثماراتنا على أساس الأداء بدلًا من «الشعور الحَدْسي».

  • تخصيص الرسائل على أساس الأفكار مقابل الملاءمة.

  • إبراز قيمة جماهيرنا الخاصة.

والآن، فإنَّ إقناعي لك بأن عناوين «الموت» قد ماتت من وجهة نظري نقرةٌ، وإقناعُك للإدارة عندما يرسِل إليك أحدهم المقال التالي بعنوان «مات …» نقرةٌ أخرى. إذا حدث هذا (وعندما يحدث)، فافعل ذلك:
  • (١)

    ضَعْ علامة على هذه الصفحة لسهولة الرجوع إليها في المستقبل.

  • (٢)

    اقرأ المقال الذي أُرسِلَ إليك بعناية، وليس العنوان فحسب.

  • (٣)

    ميِّز الأماكن التي لا يدعم فيها المقال العنوان بالفعل.

  • (٤)

    جهِّز أحدث الإحصائيات المتعلقة بأداء القناة المذكورة بالنسبة إليك.

  • (٥)

    يمكنك بعد ذلك أن تمشي متبخترًا بإقناعهم.

الحقيقة هي أنك لن تتمكَّن أبدًا من تفادي الصداع الذي يسبِّبه لك سوءُ الفهم التسويقي في بعض الأحيان. كلُّ ما يمكنك القيام به هو التركيز على ما يهم؛ قنوات «تنمية الجماهير الخاصة» التي تحقق لك النجاح.

(٥) لا تتوقف أبدًا عن التعلُّم

إنَّ حقيقة أنك قد وصلت إلى هذه النقطة في هذا الكتاب تشير إلى أنك ملتزم بالتعلُّم المستمر مدى الحياة الذي يتطلبه التسويق اليوم. من الأمور التي كان يصعب عليَّ فهمها عندما تخرجت في الكلية عام ١٩٩١ أنه سيكون على المسوِّق الإلمام بلغة ترميز النص التشعبي (إتش تي إم إل)، أو التصميم المتجاوب، أو تطوير تطبيقات الأجهزة المحمولة. ومع ذلك، هذا هو بالضبط ما نحن فيه.

نحن نتعامل مع مجموعة مُذهلة من التقنيات الاستهلاكية التي قد تصيب دون درابر بالدوار. المطبوعات والإذاعة والتليفزيون تُسْتَهْلَك في الوقت الحالي من خلال قنواتها الأصلية وكذلك على أجهزة الكمبيوتر المحمولة، والهواتف الذكية، والأجهزة اللوحية، وحتى وحدات التحكم في الألعاب. لم يعد بإمكان المسوقين «بث إعلان تجاري» وحسب، بل يجب صناعة إعلانات تتوافق مع شكل الجهاز بطرق تحقق الاستفادة القصوى من النقاط الفريدة للتفاعل مع المستهلك في كل جهاز، على الأقل إذا كانوا يريدون تحقيق أقصى قدر من الاستجابة.

الطريقة الوحيدة للبقاء كمسوِّق هي ألا تتوقف أبدًا عن التعلُّم. ولكن، عليك أثناء تَقَدُّمك أن تقوم بما هو أكثر من مجرد التركيز على «ما هو جديد»، رَكِّزْ على «ما يحقِّق نتائج» وما «هو دائم». ثمة سببٌ لحماستي الشديدة حيال «تنمية الجماهير الخاصة». وأعتقدُ بشدة أنها أصبحت الآن جزءًا من الأساس الذي تقوم عليه مسئوليات التسويق التي تشمل الإعلان وإنشاء العلامات التِّجارية وتسويق المحتوى وخدمة العملاء وتوليد الطلب وتطوير المنتجات والمبيعات. اكتشِفْ طريقة تقديم الجماهير التي تغذِّي هذه المبادرات وسوف تساعد حقًّا في تشكيل ملامح «عصر التسويق الهجين».

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤