الفصل الرابع

الأعداد

الأعداد تحمل نوعًا من السحر لمعظم الناس. وقد دُرسَت باستفاضة لعدة قرون ولا يزال هناك بعض الأسئلة البسيطة عن الأعداد العادية التي لا يعرف إجاباتِها أحد. وبعض هذه الأسئلة حاسمة لفروع كاملة من الرياضيات، بينما بعضها لا تزيد عن كونها أسئلة فضولية لا يترتب عليها شيء. وسوف أقدِّم عينةً من هذه الأسئلة لاحقًا في هذا الفصل.

الصعوبة في دراسة الأعداد أن هناك أعدادًا لا نهائية منها وكلها مختلفة. هذه قد تبدو ملاحظة بسيطة وتافهة، ولكن سوف نعرض لمثال بسيط عن الصعوبات التي تسببها. العدد هو عدد «زائد»، بمعنى أن مجموع عوامله (باستثناء ) أكبر من العدد نفسه: . فهل يوجد أي أعداد فردية «زائدة»؟ قد تقنعك تجربة بسيطة مع الأعداد الفردية الصغيرة أن الإجابة هي: لا. ويمكنك بعد ذلك أن تُمضيَ من الوقت ما تشاء للبحث عن برهان لإثبات هذه المسألة التقديرية، ولن تجد أبدًا برهانًا؛ لأن هناك فعلًا أعدادًا فردية زائدة؛ كل ما هناك أنك تحتاج للبحث بعمق أكثر مما تتوقع لإيجاد هذه الأعداد. وأعتقد أن العدد الأول — من الذاكرة — هو ، حيث مجموع عوامله:
وحتى اليوم لا يعرف أحد هل يوجد عدد فردي «مثالي»، أي عدد فردي يساوي بالضبط مجموع عوامله. توجد أعداد زوجية مثالية مثل و و ويمكنك التحقق من ذلك بنفسك. الأعداد الزوجية المثالية متفق عليها منذ أن أثبت أويلر في القرن الثامنَ عشرَ أنها في تناظر واحد لواحد مع ما يسمى أعداد ميرسين الأولية: وهي الأعداد الأولية التي تأخذ شكل حيث نفسه عدد أولي. إذا أُعطيت عدد ميرسين أوليًّا يمكنك إيجاد عدد زوجي مثالي، وقد أثبت أويلر أن كل عدد زوجي مثالي ينشأ بهذه الطريقة. ويعود الربط بين الأعداد المثالية وأعداد ميرسين الأولية إلى إقليدس، ومع ذلك، من غير المعلوم ما إذا كان هناك عدد لا نهائي من الأعداد الأولية من هذا النوع الخاص أم لا.
لعلكم تدركون أن تركيب الأعداد مرتبط بالأعداد الأولية؛ ومن ثَم ستكون هذه هي النقطة التي نبدأ منها. وموضوع هذا الفصل هو مجموعة أعداد العد الموجبة . حتى لن يدخل ضمن حدود مناقشتنا إلا بدعوة صريحة.
العدد يكون أوليًّا إذا كان لديه عاملان فقط أحدهما نفسه والآخر هو . أما العدد فهو لا يحسب مع الأعداد الأولية لأن له عاملًا واحدًا فقط ومن ثم فإن الأعداد الأولية الأولى هي: و و و و و و و أما العدد الذي له أكثر من عاملين، فيُسمَّى: «عددًا مؤلفًا».
الأعداد الأولية هي لَبِنات البناء الضربية في أعداد العد لأنه من الواضح أن أي عدد إما أن يكون أوليًّا أو يمكن كتابته كحاصل ضرب أعداد أولية؛ فمثلًا: . ويمكننا أن نقول هو تحليل العدد إلى عوامل أوليَّة. فكيف نعرف أنه لا يوجد تحليل آخر؟ ربما كان من الممكن أن نحلل بعض الأعداد كحواصل ضرب لأعداد أولية بطرق مختلفة تمامًا. وأنا أعتقد أن معظم الناس متأكدون من أن هذا ليس هو الحال والواقع أنهم ربما يشعرون بالاستغراب عند الاستماع لهذا الاقتراح الغريب: لأنه لو كانت الأعداد تسلك هذا السلوك الغريب فإنهم من المؤكد أن يكونوا قد سمعوا بذلك من قبل. وهذا صحيح تمامًا، ولكن مسألة وجود تحليلٍ وحيدٍ لأي عدد هو مسألة غير واضحة، رغم أنها قد تكون مألوفة. وهذا يتوقف على الخاصية التالية للأعداد الأولية.

•••

تمهيدية إقليدس: إذا كان العدد الأولي هو أحد عوامل حاصل ضرب فإن يكون عاملًا من عوامل تحليل أو (وربما هو عامل من عوامل تحليل كليهما).

•••

الأعداد المؤلفة ليس لديها هذه الخاصية؛ فمثلًا هو عامل من عوامل تحليل ولكنه ليس عاملًا من عوامل تحليل العدد أو العدد . وقد استخدمت تمهيدية إقليدس بطريقة ملتوية قليلًا في الفصل الثاني، حيث أثبت أن عدد غير نسبي. وقلت إنه إذا كان عاملًا من عوامل ، إذن فالعدد نفسه يجب أن يكون عددًا زوجيًّا. ونحصل على ذلك من تمهيدية إقليدس بوضع ، وهو العدد الأولي الزوجي الوحيد، ووضع . إن استخدام تمهيدية إقليدس، في الحقيقة، يجعل من السهل تعميم حجة أن عدد غير نسبي؛ ومن ثَم إثبات أن عدد غير نسبي لأي عدد أولي .
إذا أخذنا تمهيدية إقليدس كمُسلَّمة، فإن من السهل أن نُقنع أنفسنا أنه من المستحيل أن نجد أربعة أعداد أولية مختلفة و و و ، بحيث تحقق أن . لنفترض أن هذا يمكن أن يتحقق. فبما أن أحد عوامل فإنه أيضًا عامل من عوامل ، وباستخدام إقليدس فإن يكون عاملًا من عوامل أو . فلنفترض أنه عامل من عوامل . ومع ذلك، فإن أي عدد أكبر من لا يمكن أن يكون عاملًا من عوامل إلا إذا كان يساوي لأن عدد أولي؛ ولهذا فإن ويمكننا حذف العامل المشترك في المعادلة ونحصل على أيضًا. ومن ثم فقد تبين لنا أن تحليلَي العددين الأوليين هما نفس الشيء. وهذا يمكن تعميمه لأي عدد من العوامل الأولية دون أي صعوبة حقيقية: افترض أن: حيث كل الأعداد وكل هي أعداد أولية، وافترض أننا قد رتبنا كل الأعداد و ترتيبًا تصاعديًّا. (هذا لا ينفي احتمالية أن يكون عددان أو أكثر من الأعداد متساويين، ونفس الشيء بالنسبة للأعداد .) باستخدام تمهيدية إقليدس، يمكن أن نستنتج أن كما سبق. عندئذٍ نقوم بالحذف ونكرر هذه الحجة من المرات للحصول على النتيجة أن العدد ، وهو عدد العوامل الأولية في الطرف الأيسر، يجب أن يتطابق تمامًا مع العدد ، وهو عدد العوامل الأولية في الطرف الأيمن وأن: و و

نستنتج من ذلك، شريطة أن تكون تمهيدية إقليدس صحيحة، أنه لا توجد إلا طريقة واحدة لتحليل أي عدد كحاصل ضرب أعداد أولية.

بعد قليل سوف أثبت تمهيدية إقليدس بطريقة غير متوقعة، من خلال استخدام خوارزمية إقليدس لحساب القاسم المشترك الأعظم لعددين. ولكن قبل أن أتناول هذا الموضوع، سوف أناقش مسألة أخرى. يوجد بالتأكيد عدد لا نهائي من الأعداد الأولية.

هذه المسألة ليست بالوضوح الذي قد تتخيله. فلا يكفي أن نقول إنه بما أنه يوجد عددٌ لا نهائي من الأعداد وكلٌّ منها عبارة عن حاصل ضرب أعداد أولية، إذن لا بدَّ أنه يوجد عددٌ لا نهائي من الأعداد الأولية. فهناك عددٌ لا نهائي من قوى العدد مثل و و و و و… ولكن يوجد فقط عدد أولي واحد موجود في التحليل الخاص بكل هذه الأعداد. لذلك لا يتضح فورًا أنه يوجد عدد لا نهائي من الأعداد الأولية. من المحتمل أن يكون هناك عددٌ ثابتٌ من الأعداد الأولية، مثلًا عشرة، حيث يكون كل عددٍ عبارةً عن حاصل ضرب من هذه الأعداد الأولية العشرة، رغم أن الأعداد الضخمة جدًّا ستكون عبارة عن حاصل ضرب هذه الأعداد الأولية مرفوعة لقوى كبيرة. وأنا على يقين أنك لا تزال تعتقد أن لا شيء من هذا القبيل صحيح، لكن بما أنه لا توجد قائمة لا نهائية من الأعداد الأولية يمكننا أن نعود إليها، فكيف يمكننا التأكد من أن الأعداد الأولية لن تنتهيَ بعد وقتٍ ما؟ نحن نعلم ذلك، نظرًا للحُجة البسيطة التالية التي ساقها إقليدس.
لتكن و و و ترمز لعدد من الأعداد الأولية الأولى؛ فمثلًا إذا كانت هي فإن هذه القائمة ستكون و و و و و و و و و . ضع هي حاصل ضرب الأعداد الأولى من الأعداد الأولية واعتبر . والآن كل عدد، ومن بينها، ، له واحد على الأقل من العوامل الأولية. ومع ذلك، بالنسبة لكلٍّ من الأعداد الأولية في قائمتنا، عدد صحيح (لأن أحد عوامل تحليل العدد )؛ ومن ثم فإن ليس بعدد صحيح. ونستنتج من ذلك أنه بالرغم من أن له على الأقل عامل أولي واحد، فلن يكون أي من الأعداد الأولية و و… و ؛ ومن ثم فهو يجب أن يكون أكبر منها كلها. ينتج من ذلك أنه يوجد عدد أولي بقسمة بحيث إن . بشكل خاص، هذا يثبت أنه في أي قائمة للأعداد الأولية و و و ، يوجد دائمًا على الأقل عدد أولي ليس في القائمة؛ ومن ثم فإن مجموعة الأعداد الأولية يجب أن تكون لا نهائية.

(١) إيجاد القاسم المشترك بالطرح

تعلمنا جميعًا في المدرسة القاسم المشترك الأعظم لأي عددين و . فمثلًا القاسم المشترك الأعظم للعددين و هو . نشأت الفكرة عند البحث عن أقل مقام مشترك حتى نجمع عددين يحتويان كسورًا. فإذا كانت المقامات هي و فإن أقل مقام مشترك هو حاصل ضرب العددين و ، وهو يساوي . وفي مثالنا السابق هذا يساوي .
كيف نوجد ؟ أنا شخصيًّا لا أذكر أن أحدًا أوضحَ لي كيف أوجده، مع أن يمكن التعبير عنه ببساطة شديدة باستخدام التحليل لأعداد أولية لكلٍّ من و . فعلى سبيل المثال إذا كانت: و فإن: ، العوامل الأولية ﻟ هي بالضبط العوامل الأولية المشتركة لكلٍّ من و . والقوة المرفوع إليها كل عدد أولي موجود في تحليل هي أقل القوتين للعدد الأولي في تحليل و . ورغم أن هذا يحل المسألة، فإنه يتطلب عملًا أكثر من اللازم. ومن الممكن إيجاد دون تحليل أو ، وهذا مهم لأنه في الحالة العامة من الصعب جدًّا إيجاد المعاملات الأولية للأعداد الكبيرة مع أنه — ومن حيث المبدأ — يمكن عمل ذلك بالتجربة والخطأ.
تسمى عملية إيجاد القاسم المشترك الأعظم للعددين و خوارزمية إقليدس وتتم على النحو التالي:
  • (١)

    اطرح العدد الأصغر من الأكبر.

  • (٢)

    اترك العدد الأكبر وكرر الخطوة (١) مع العددين الباقيين.

  • (٣)
    استمر حتى يصبح العددان المتبقيان متساويين؛ وهذا العدد النهائي هو .
لنطبق هذه الخوارزمية لزوج الأعداد . أزواج الأعداد التي نحصل عليها تظهر كالآتى:
ومن ثمَّ في هذا المثال كما حُسبَت سابقًا باستخدام العوامل الأولية في التحليل. أي إننا أوجدنا دون تحليل العددين و . نلاحظ أن أعلى عدد في العددين يقل في كل زوج عن الزوج السابق له، وتكون الحدود العليا هي:

ربما تكون خوارزمية إقليدس هذه هي أقدم نموذج حقيقي للخوارزميات وهي طريقة ميكانيكية للبت في مسألةٍ ما. في عصر الحاسبات، أعتقد أن هذا موضوع جذاب للمدارس الثانوية لإعادة اكتشافه. لماذا تنجح؟

ربما أول سؤال يسأله علماء الحاسبات عن أي خوارزمية هو «هل تتوقف هذه الخوارزمية؟» إنها تأخذك إلى حلقة أو مجموعة متكررة من الأوامر التي يتم تنفيذها لعدد من المرات، ومن المؤكد أننا لا نريد أن نكرر هذه الأوامر إلى الأبد. ومع ذلك، يجب أن تتوقف؛ فنبدأ مع عددين موجبين وفي كل مرة نذهب للخطوة (٢) يقل العدد الأكبر في العددين. وهذا لا يمكن أن يستمر للأبد؛ لأن العدد الأكبر يمكن أن يقل ليصل إلى . هذا يحدث إذا — وفقط إذا — كان العددان في خطوة ما متساويَين (راجع المثال)، وعندها تتوقف الخوارزمية. وعندئذٍ تنتج الخوارزمية عددًا، ولكن لماذا هو بالضرورة العامل المشترك الأعظم ؟
السبب هو أن هذه الطريقة تحفظ جميع العوامل المشتركة للرقمين في كل مرحلة، كما سنشرح. فلنفترض أننا بدأنا بالعددين و ، وأن هو أكبر العددين. عندئذٍ نقوم بالخطوة الأولى مثلًا ونستمر مع الزوج و بدلًا من و . فإذا كان أي عامل مشترك بين و ، حيث و على سبيل المثال. فإذن، ، أي إن أحد عوامل أيضًا. بنفس الطريقة يمكنك التحقق باستخدام المعادلة أن القاسم المشترك بين و هو أيضًا أحد عوامل . من ذلك نستنتج أن مجموعة العوامل المشتركة للعددين و هي نفسها مجموعة العوامل المشتركة للعددين و . وبشكل خاص، أكبر عنصر في هذه المجموعة للعوامل المشتركة، ويطلق عليه العامل المشترك الأعظم، للعددين و يساوي العامل المشترك الأعظم للعددين و . وفي كل مرة تنفذ فيها الحلقة؛ على الرغم من أن العددين يتغيران، فإن العامل المشترك الأعظم للعددين يظل كما هو. وفي النهاية، كما رأينا بالفعل، يكون العددان كما هما، والعامل المشترك الأعظم لعددين متساويين هو العدد نفسه.
يوجد شيئان مهمان جدًّا حول خوارزمية إقليدس، أودُّ أن أطرحهما، أحدهما تطبيقي والآخر نظري. لنفترض أننا نستخدم الخوارزمية على العددين . تتطلب الطريقة التي تحدثنا عنها أن نطرح من أكثر من مرة:
عدد مرات طرح بهذه الطريقة سوف يكون مرة، وهو العدد الذي يتم ضرب فيه لتقترب من . ومن الواضح، أننا نستطيع إسراع العملية بقسمة على وطرح المضاعفات المتعددة ﻟ في خطوة واحدة:
ومعنى ذلك أننا نكرر تنفيذ الحلقة مرة قبل أن يصبح هو أكبر العددين وفي هذه الحالة يكون الباقي . عندئذٍ يكون والباقي ، وهذا يعني أننا بعد تنفيذ الحلقة مرتين أخريين، سوف يصبح الباقي . وهذا يدل أنه في المرة الأخيرة التي تم فيها تنفيذ الحلقة كان الرقمان متساويين، وكانا يساويان ، وهو العامل المشترك الأعظم للعددين و . أي إن:

ويتم تنفيذ الخوارزمية عمليًّا بهذه الطريقة؛ ومن ثم تكون الحسبة كما يلي (في كل مرحلة نضع خطًّا تحت العددين المستخدمين):

أوجد العامل المشترك الأعظم للعددين و :
ولأن الباقي هو فإن العامل المشترك الأعظم المطلوب هو .
أما من الناحية النظرية، فنحن نستطيع استخدام هذه المعادلات للتعبير عن العامل المشترك الأعظم (في هذه الحالة ) باستخدام الزوج الأصلي من الأعداد كما سنوضح. سنبدأ بالمعادلة قبل الأخيرة ونكتب:
(4-1)
يمكننا الآن استخدام المعادلة الأولى للتعبير عن الباقي المتوسط بدلالة العددين ، :
(4-2)
بتعويض )4-2( في )4-1( نحصل على:

أي إن:

(4-3)
ونلاحظ هنا شيئين. أولًا: مع أننا لا نتعامل إلا مع أعداد موجبة فإننا اضطررنا لضرب عددين سالبين أي . إذا أزعجك هذا فثق بأننا سوف نعود لبرهان هذا الموضوع في الفصل القادم. في هذه الخطوة لا نحتاج إلا لملاحظة ما حدث وأن المعادلة النهائية )4-3( صحيحة ويمكنك اختبارها بنفسك.
ثانيًا: بالعمل على معادلات خوارزمية إقليدس في الاتجاه المعاكس ترى أنه يمكن دائمًا إيجاد عددين صحيحين و بحيث إن ، مع أنهما قد يكونان غير موجبين كما رأينا في المثال السابق و فحصلنا على و و . بفرض أن العددين و أوليان فيما بينهما بمعنى أن العامل المشترك الأعظم بينهما هو . (مثلًا العددان ، أوليان فيما بينهما ولكن العددين و غير أوليين فيما بينهما لأن العامل المشترك الأعظم بينهما هو .) ومن ثم توجد أعداد صحيحة و تحقق المعادلة . وتتيح لنا حقيقة أننا نستطيع تمثيل العدد بهذه الطريقة أن نعود لإكمال برهان تمهيدية إقليدس التي تنصُّ على أنه إذا كان حاصل ضرب العددين و يقبل القسمة على العدد الأولي فإن أحد العددين على الأقل يقبل القسمة على .
لنفترض أن عدد أولي وأنه عامل من عوامل حاصل ضرب ، حيث . لنفترض أن ليس عاملًا من عوامل تحليل العدد . (إذا كان عاملًا من عوامله، نكون قد أثبتنا ما نريد.) إذَن، لأن عدد أولي فإن القاسم المشترك الأعظم للعددين و يجب أن يكون ، وباستخدام خوارزمية إقليدس يوجد عددان و يحققان: . والآن:
وبما أن فالمعادلة السابقة تصبح:
وهذه المعادلة توضح أن عامل من عوامل ، وهو بالضبط ما نريد إثباته. ومن ثم تثبت خوارزمية إقليدس.
تعليق أخير: قوة النتيجة الرياضية ليست دائمًا واضحة. خوارزمية إقليدس تسمح لنا بكتابة القاسم المشترك الأعظم في الصورة . من النظرة الأولى، قد يبدو أنه ليس هناك سبب لذلك. ولكن حقيقة أنه كان من الممكن كتابة في صورة في البرهان السابق هي التي سمحت لنا بإثبات تمهيدية إقليدس.

(٢) بعض الأشياء القديمة والجديدة اللافتة للنظر

لأن هذا الكتاب للفضوليين فسوف أعرض لبعض من المسائل الشهيرة التي لم تحل أو على الأقل صعبة الحل عن الأعداد.

(٢-١) حدسية جولدباخ

في القرن الثامن عشر اقترح جولدباخ أن كل عدد زوجي أكبر من يمكن كتابته على شكل مجموع عددين أوليين. ويبدو أن هذا صحيح وعادة توجد طرق كثيرة لتوضيحه، فمثلًا ، ويمكن أن تجرب بنفسك بعض الأعداد. هناك حالات أبسط من هذه الحدسية أمكن إثباتها، لكن الحدسية الأصلية لا تزال دون برهان. وأنا أشعر أنني غير مؤهل للحكم على أن حدسية جولدباخ مسألة «خطيرة»، لأنني لست متخصصًا في نظرية الأعداد. لقد سمعت أنها رفضت لمجرد أن الأعداد الأولية لم يكن الهدف منها أبدًا هو جمعها. وربما كان ذلك صحيحًا، ولكن مثل هذا الرد عليها يبدو ردًّا محبطًا إلى حدٍّ ما.

(٢-٢) مبرهنة فيرما الأخيرة

كانت مبرهنة فيرما الأخيرة واحدة من المسائل التي أخذت بجدية شديدة. وهذا يتطلب مقدمة صغيرة.

من الممكن أن يكون لديك مثلث قائم الزاوية أطوال أضلاعه أعداد صحيحة. على سبيل المثال، حتى قدماء المصريين قدروا أن المثلث الذي أطوال أضلاعه هو مثلث قائم الزاوية؛ وهذا طبعًا يستنتج من نظرية فيثاغورث التي أثبتناها في الفصل الثالث، حيث إن . ويمكننا توليد أكثر من ثلاثي فيثاغورثي من هذا النوع بضرب الأعداد السابقة في أو أي عامل آخر. ومع ذلك، يعتبر المثلث الذي أطوال أضلاعه مشابهًا للمثلث ؛ إذ إن له نفس الشكل لكنه ضعف الحجم. أي إن الاختلاف بين المثلثين ليس إلا في الحجم. ولكن يوجد ثلاثيات فيثاغورثية مختلفة تمامًا، مثل و . ومن هنا نطرح سؤالًا: هل يمكن وصف كل ثلاثيات فيثاغورث حيث و و ليس بينها عامل مشترك غير ؟ الإجابة نعم وإليك التفاصيل.
ها هي الطريقة. خذ أي عددين أوليَّين فيما بينهما و حيث ويكون أحدهما عددًا زوجيًّا. ضع ، و ، و . عندئذٍ يكون الثلاثي هو ثلاثيًّا فيثاغورثيًّا حيث الأعداد ليس بينها عامل مشترك. هذا من السهل إثباته؛ وبالتأكيد إذا كنت بارعًا في الجبر فيمكنك التأكد من أن: . الجزء الصعب هو إثبات أن العكس أيضًا صحيح: أي لأي ثلاثي فيثاغورثي من الأعداد ليس بينها عامل مشترك يوجد عددان صحيحان أوليان فيما بينهما، و ، وأحدهما عدد زوجي حيث تعطى بالمعادلة السابقة. إلا أن كل ذلك قد تم إثباته من زمن طويل ولن نكرر التفاصيل هنا مع أنها ليست صعبة جدًّا.
نحن نبحث الآن عن قوى أكبر من . ما أكده فيرما في أوائل القرن السابع عشر هو أنه من المستحيل إيجاد عددين مكعبين مجموعهما عدد مكعب آخر، ومن المستحيل إيجاد عددين مرفوعين للقوة ويكون مجموعهما عددًا مرفوعًا للقوة . أي إن لأي لا توجد أعداد صحيحة كحل للمعادلة:

فيرما ادَّعى أن لديه برهانًا رائعًا لهذه الحدسية التي ظهرت كملاحظة على هامش واحدة من مخطوطاته. وأضاف أن الهامش صغير جدًّا لاحتواء الإثبات، ولهذا لم يحدث قطُّ أنه كتب البرهان. وقد كتب فيرما عددًا من الملاحظات المماثلة على الهوامش كلها تم برهانها إلا هذه الحدسية؛ ولهذا سُميت بهذا الاسم: «مبرهنة فيرما الأخيرة».

للوهلة الأولى لا تبدو هذه المسائل ذات أهمية خاصة، لكن سيكون هذا حكمًا سطحيًّا خاطئًا تمامًا لأن الكثير من الرياضيات الرائعة قد نتجت من دراسة مبرهنة فيرما الأخيرة أكثر من أي مسألة أخرى. ولحسن الحظ فإن المسألة قد حُلت تمامًا، كما تنبأ فيرما، بواسطة أندرو وايلز في التسعينيات من القرن العشرين، من خلال إثبات حدسية عميقة جدًّا عمَّا يسمى المنحنيات الإهليلجية والأشكال النمطية، التي ليست لها صلة واضحة بمبرهنة فيرما. ويعد البرهان الذي لاقى ترحيبًا هائلًا على أنه برهان القرن، برهانًا شديد العمق لدرجة أن عددًا قليلًا جدًّا — يُعَد على أصابع اليد — من الناس يستطيعون ادعاء أنهم فهموه تمامًا. وقد كان ثمة نسخة مبكرة من البرهان، أعتقد أنها كاملة، ولكن تبين أن بها خطأ جوهريًّا، وقد نجح وايلز في حل هذا الخطأ وإثبات المبرهنة فيما بعد. ويمثل عمل وايلز مؤكدًا جهدًا ملهمًا للعبقرية البشرية حتى لو كان الإعجاب به من بعيد.

من المؤسف أن أندور وايلز لن يُكرَّم على هذا الإنجاز بالحصول على جائزة نوبل. فلا توجد جائزة نوبل للرياضيات.

وماذا عن برهان فيرما الأصلي؟ برهان وايلز يعتمد على عدد هائل من إنجازات الرياضيين في القرن التاسع عشر والقرن العشرين؛ ومن ثَم فهو خارج أي شيءٍ كان يمكن لفيرما الوصول إليه أثناء حياته. وأيًّا كان ما كان بيير دو فيرما يفكر فيه عندما كتب ملحوظته على الهامش فإنه سيظل غامضًا، ربما للأبد.

(٢-٣) صيغ الأعداد الأولية

إنني لا أنصح القارئ بالانغماس في التنقيب لإيجاد إحدى هذه الصيغ، على الرغم من أنه من الطبيعي لأي شخصٍ أن يبحث عن نمطٍ بين الأعداد الأولية. ونقصد بالصيغ الخاصة بالأعداد الأولية نوعًا من الدوال، ، حيث إن لأي عدد طبيعي هو العدد الأولي الذي ترتيبه . مثل هذا القانون يجب أن يبدأ بالقيم:
نحن نعرف، على نحو قاطع (ولكنه غير مجدٍ) ما هي : هي قيمة العدد الأولي ذي الترتيب . المزعج في الأمر عامة أنه ليس لدينا طريقة سهلة لحساب . يمكننا أن نبدأ بهدف أكثر تواضعًا وهو التأكيد على أن قيمة الدالة لكل هي عدد أولي أكبر من العدد الأولي . بعبارة أخرى، يمكننا أن نرضى بصيغة تنتج تسلسلًا متزايدًا من الأعداد الأولية، حتى إذا كان بعضها مفقودًا.
من المؤكد أن صيغة مثل لا يمكن أن تكون صحيحة. (فهي تثبت خطأها لأول مرة عند .) فلنأخذ أي صيغة في الصورة حيث و أعداد صحيحة. ومن الميئوس منه أخذ لأن هذه الصيغة تعطينا كل عدد ابتداء من فصاعدًا حيث ، وكل عدد ابتداء من فنازلًا إذا كانت ؛ ولهذا لنفترض أن . عندئذٍ فإن ومن ثم فهو عدد مؤلف إلا إذا كانت ومع ذلك قد يكون عددًا أوليًّا. ولنفترض عندئذٍ أن . في هذه الحالة، يمكن أن نحصل على عدد مؤلف بوضع لأن:
وهو عدد مربع، ومن ثَم فهو عدد مؤلف. (على سبيل المثال، إذا كان ، فإننا نحصل على: .) وإذا جربنا ، سوف نجد صعوبة عند وضع . (على سبيل المثال، إذا كانت نحصل على: .)
ربما تحدوك الرغبة في تجربة الصيغ التي تحتوي على قوى أعلى ﻟ مثل ، ولكن من الممكن دائمًا، باستخدام طريقة أكثر تعقيدًا إلى حد ما من الطريقة السابقة، أن نجد مدخلًا ينتج مخرجات صحيحة. هذا المثال للدالة التربيعية، وفقًا لأويلر، هو مثال رائع، من منطلق أنه يعطي الأعداد الأولية لثمانين عددًا صحيحًا متتاليًا: . فمثلًا بأخذ نحصل على العدد الأولي . ويمكنك اختبار ذلك لقيم المختلفة. على الرغم من ذلك، فإن الصيغة تفشل عندما تكون لأن: . ويمكنك أن تتوقع هذا إذا استخدمت التحليل البسيط التالي:
لنلقِ نظرة على بعض المسائل الأخرى في موضوع الأعداد الأولية. من المحتمل أن نجد، على نحو عشوائي، سلسلة طويلة من الأعداد المتتالية لا تحتوي على أي عدد أولي. وينطوي أحد البراهين على استخدام المضروب. العدد ! (ويقرأ مضروب ) هو حاصل ضرب:
(على الرغم من أننا نستطيع الاستغناء عن الضرب لأنه لا يؤثر). ويزيد المضروب بسرعة كبيرة؛ فمثلًا ، وبسرعة نصل إلى مليارات عديدة. تظهر هذه الدالة باستمرار في المسائل التي تنطوي على العد والاحتمالات، مثل إيجاد احتمالات الفوز في اليانصيب القومي (حوالي في ، انظر الفصل السادس). نستخدم حقيقة أن ! له عوامل عديدة بما فيها كل الأعداد ، لتكوين متتابعة من من الأعداد المؤلفة المتتالية لأي عدد . لنأخذ الأعداد التالية في الاعتبار:
توجد أعداد متتالية عددها في هذا التعبير. العدد الأول يقبل القسمة على ؛ لأن الحدَّين و كلاهما عدد زوجي؛ والعدد الثاني يقبل القسمة على لأن أيضًا أحد عوامل ولا شك أنها عامل من عوامل تحليل ؛ وهكذا بحيث يكون العدد الأخير أحد عوامله هو . بشكل خاص، لا يعتبر أيٌّ من هذه الأعداد عددًا أوليًّا. ومن ثَم فإن المتتابعة تمثل قائمة تحتوي على من الأعداد المؤلفة المتتالية.
هذه المتتابعة تستخدم أيضًا لإثبات أنه لا توجد متتابعة بالصيغة تتكون فقط من أعداد أولية لأن الفرق المشترك بين أي حدين متتاليين في هذه المتتابعة يكون دائمًا العدد ، لكننا أوضحنا أن الفجوة بين عددين أوليين متعاقبين يمكن أن تكون كبيرة جدًّا.
يُعرف الكثير عمومًا عن وتيرة ظهور الأعداد الأولية. يوجد على الأقل عدد أولي واحد بحيث يكون لأي ، والرمز (حيث ترمز لعدد الأعداد الأولية الأقل من أو التي تساوي ) هي نسبة تَئول إلى عندما تكبر بلا حد، وتسمى اللوغاريتم الطبيعي للعدد .

توجد صيغ للأعداد الأولية: إحداها تعد أقربَ إلى إعادة صياغة المسألة مما ينتج صيغة، ورغم أن هذه الصيغة تبدو رائعة، فإنها لا يمكن استخدامها إلا إذا كنا نعلم جميع الأعداد الأولية من الأساس. أما الثانية فهي صيغة حقيقية، لكنها تتطلب كمًّا هائلًا من الحسابات لاستخدامها، ومن ثَم فهي لا تقوم بالعمل أيضًا.

وحيث إنه لا توجد صيغة مفيدة للأعداد الأولية، فإننا نعرف أكبر عدد أولي متاح في أي لحظة. ويعد العدد الفائز في أي مرحلة هو العدد الأولي لميرسين، أي العدد الأولي على الصورة حيث عدد أولي أيضًا. ورغم أنه من المعروف أن أعداد ميرسين ليست دائمًا أولية (على سبيل المثال، العدد يقبل القسمة على ، و ، و )، فيمكن إثبات أن أي قاسم لعدد ميرسين يكون على الصورة للعدد الصحيح الموجب. وهذا يجعل هذه الأعداد مرشحة لأن تكون أعدادًا أولية. على سبيل المثال، فلنختبر عدد ميرسين لنعرف إن كان أوليًّا أم لا.
أولًا: تجدر الإشارة إلى أن أي عدد مؤلف لا بدَّ أن يكون له عامل لن يكون أكثر من لأن العوامل تظهر في أزواج، ومن المستحيل أن يزيد أيٌّ منها عن ؛ لأنه في هذه الحالة سيزيد حاصل ضربهما عن . فمثلًا حيث عامل من عوامل تحليل أقل من الذي يقع بين و . ولأن أي عامل هو نفسه له عامل أولي، فمن ثَم لأجل إثبات أن عدد هو عدد أولي، يكفي أن تتحقق أنه ليس له عوامل أولية أقل من أو تساوي . ولكي نتحقق مما إذا كان عددًا أوليًّا أم لا، نحتاج فقط لاختبار قابلية القسمة على أعداد أولية بالصيغة أقل من حيث . يوجد فقط عدد أولي واحد، بوضع نجد أن هو العامل الأولي الممكن. فعلًا إذا قسمنا على نحصل على . في الحقيقة العدد هو أول عدد مؤلف من أعداد ميرسين. (يلاحظ أن أيضًا على الصيغة .)
حتى عدد ميرسين الكبير نسبيًّا يمكن إثبات أنه عدد أولي بالحسابات اليدوية. في هذه المرة نبدأ بملاحظة أن ؛ ومن ثم فالأعداد الأولية بالصيغة التي لا تزيد على يجب أن يتم اختبارها. وفقط قيم تُعطى هذه الأعداد الأولية، ويتم تنفيذ القسمة ست مرات.
ليست جميع المسائل البسيطة التي لم نجد لها حلًّا مسائل قديمة. فقد لوحظ حديثًا أنه بالبدء بأي عددٍ طبيعي يبدو أن الطريقة الآتية تنتهي دائمًا بالعدد . إذا كان عددًا زوجيًّا، فاقسمه على ، وإذا كان عددًا فرديًّا، فاضرب في وأضف . على سبيل المثال، إذا بدأنا بالعدد وتتبعنا القاعدة السابقة نحصل على المتتابعة التالية:
بلا شك جرى اختبار هذه الحدسية لكل قيم حتى عدد كبير جدًّا، لكن حتى الآن لم يحصل أحد على سبب حدوث هذا في كل مرة.

(٣) مثلث باسكال والمجموعات الفرعية للعد

ثمة نوع أساسي من الأعداد يُطلَق عليه اسم «المعامل ذو الحدَّين». وسبب هذه التسمية سوف يتضح في الفصل التالي. أمَّا الآن، فسوف نستخدم عددًا ذا حدَّين ، لعدد المجموعات المختلفة المكونة من كائنات التي يمكن اختيارها من مجموعة كائنات . هذه الأعداد تحولت لتصبح طيِّعة للاستخدام للإجابة عن أسئلة لم يكن من الممكن الإجابة عنها دونها. فمثلًا حاصل ضرب أربعة أعداد صحيحة متتالية هو دائمًا مضاعف ﻟ أي إن:
بالمثل فإن حاصل ضرب خمسة أعداد متتالية هو مضاعف للعدد وعامة دائمًا ما يكون عاملًا من عوامل حاصل ضرب أي عدد من الأعداد الصحيحة المتتالية. وسوف تتضح صحة هذا إذا علمنا قليلًا عن تكوين الأعداد ذات الحدَّين.
كما سأبين لك، تظهر جميع الأعداد ذات الحدين في المصفوفة التي يُطلق عليها مثلث باسكال (شكل ٤-١)، وسوف نرى أن الصف ذا الترتيب ، عند قراءته من اليسار إلى اليمين، يتكون من الأعداد: . وسوف أشرح كيفية توليد صفوف المثلث بعد قليل، مع أنك قد ترغب في اكتشاف النمط بنفسك.
fig28
شكل ٤-١
يمكننا بسهولة اختبار بعض الصفوف الأولى للمثلث بالفحص. فمثلًا العدد في منتصف الصف الرابع مثلًا يعني أن ، وهذا صحيح لأنه يوجد ست طرق لاختيار شخصين (زوج من الأشخاص) من مجموعةٍ مكوَّنةٍ من أربعة أشخاص ، وستكون الأزواج الستة بدون ترتيب هي: .
ثمة تماثل واضح في مثلث باسكال؛ حيث يمكن قراءة كل صف من الخلف تمامًا كما يقرأ من الأمام. وفيما يتعلق بالأعداد ذات الحدَّين، نجد أن ؛ فمثلًا العدد الذي ظهر مرتين في الصف الأخير يوضح أن . ومع ذلك، فهذا الأمر ليس مفاجئًا إذا فكرت فيه: عندما تختار ثلاثة أشخاص من مجموعة تحتوي على ثمانية أفراد، فأنت في الوقت نفسه تختار خمسة أشخاص؛ وهم الخمسة الذين ستتركهم. ومن ثَم فإن عدد طرق اختيار ثلاثة من ثمانية هو نفسه عدد الطرق لاختيار خمسة من ثمانية.
ما قاعدة كتابة الصف التالي في مثلث باسكال؟ كل عدد في الصف (بعيدًا عن أعداد البداية والنهاية التي هي دائمًا ) يمكن الحصول عليه بجمع العددين في الصف الأعلى منه مباشرة. فمثلًا العدد في الصف الثامن يأتي من جمع . ماذا يوضح لك ذلك عن الأعداد ذات الحدين؟ إنه يوضح أن: وعمومًا:
إذا استطعنا تفسير لماذا يحدث هذا، يمكننا استنتاج أن مثلث باسكال يعطينا بالفعل كل الأعداد ذات الحدَّين. لنبحث حالة ، على الرغم من أن ما سأقول ينطبق أيضًا على الحالة العامة. لتبسيط الأمر، لتكن المجموعة المكوَّنة من ثمانية عناصر هي . والمجموعات الثلاثية التي يمكن اختيارها من هي من نوعين مختلفين: المجموعات التي تحتوي على والمجموعات التي لا تحتوي عليه. لاختيار مجموعة من النوع الأول نأخذ العدد ثم نأخذ عددين من إلى : من التعريف توجد من الطرق لعمل ذلك. من ناحية أخرى إذا لم نأخذ ليكون أحد اختياراتنا يمكن اختيار الثلاثة الأعداد من السبعة الأولى، وهو ما يمكن القيام به باستخدام من الطرق. فإذا جمعنا الاحتمالَين معًا فسنحصل على النتيجة المذكورة . وهذه الحجة تنطبق أيضًا على الحالة العامة؛ فكل ما عليك أن تفعله هو التعويض عن بالعدد ، والتعويض عن بالعدد في المعادلة السابقة.
مثلث باسكال يمدنا بطريقة لحساب أيٍّ مِن الأعداد ذات الحدين ، رغم أننا يجب أن نجد أولًا الأعداد في كل الصفوف السابقة. وسيكون من الأفضل أن نجد صيغة للعدد ، أي أن نجد تعبيرًا للعدد بدلالة و فقط. والهجوم المباشر على المسألة يُسفر عن هذه المكافأة. مرة أخرى دعونا ننظر إلى .
عدد طرق اختيار ثلاثة كائنات بالترتيب من ثمانية هو ؛ حيث إن نفس الكائن لا يمكن اختياره مرتين؛ أي إن عدد الاحتمالات الممكنة لاختيار الكائن التالي تقل بمقدار في كل مرة. وكل مجموعة من ثلاثة كائنات تعطي من الترتيبات؛ أي إن عدد المجموعات المختلفة المكونة من ثلاثة هي:
يسمح لنا استخدام نفس هذا المنطق بشكل عام، باستنتاج أن يساوي حاصل ضرب من الأعداد الصحيحة المتتالية من تناقصيًّا مقسومًا على . بعبارة أخرى:
(4-4)
يلاحظ أن آخر حد في البسط هو وليس لأن أول حد هو وليس ؛ فمثلًا عند و فإن الحد الأخير ، كما رأينا سابقًا.
لأننا أحرار في اختيار أي عدد أكبر من أو يساوي ، فإن البسط في التعبير )4-4( يمكن جعله كحاصل ضرب أي من الأعداد الموجبة المتتالية. ولأن بلا شك عدد صحيح وليس كسرًا فإن حاصل ضرب أي من الأعداد الصحيحة المتتالية يقبل القسمة على . فمثلًا حاصل ضرب هو مضاعف للعدد بوضع و في )3-1( نحصل على:
تعبير آخر مختصر للتعبير )4-4( يمكن الحصول عليه بملاحظة أن البسط يساوي . مرة أخرى بأخذ المثال حيث و ، نقول إن:
ونحصل عليه فورًا من خلال الحذف. وهذا يعطي التعبير القياسي ﻟ :
(4-5)
هذا الشكل من الأعداد ذات الحدَّين أيضًا يوضح أن: عندما نبدل بالعدد في الطرف الأيمن من )4-5( ونحصل على نفس التعبير لأن: .

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤