الفصل العاشر

حكاية هائلة عن الحيتان

أعضاء أثرية، وحيتان تسير على أقدام

الأعضاء الأثرية أو الضامرة أو المُجهَضة؛ الأعضاء أو الأجزاء التي نجدها في هذه الحالة الغريبة وقد حملت طابع عدم الاستخدام، شائعة جدًّا في الطبيعة. منها على سبيل المثال الحلمات الثديية الأثرية التي نجدها شائعة إلى حد كبير لدى ذكور الثدييات، وأنا أفترض أيضًا أن «الجُنيح» في الطيور يمكن اعتباره بثقةٍ تامةٍ بمثابة إصبع أثرية، وفي كثيرٍ من الثعابين يكون أحد فصَّي الرئتين بدائيًّا، وفي ثعابين أخرى توجد بقايا أثرية في الحوض وفي الأطراف الخلفية. إن بعض حالات الأعضاء الأثرية مثيرةٌ جدًّا للفضول، كأن تنمو لأجنة الحيتان أسنان، في حين أنها عندما تكبر لا تكون لديها سنٌّ واحدة، ووجود أسنان لا يُقدَّر لها أن تخترق اللثة أبدًا في الفك العلوي للعجول التي لم تولد بعد. الأغرب من ذلك أنه قد وردَنا عن مصادر موثوقة أنه يمكن رؤية آثار أسنان في مناقير بعض أجنة الطيور. وما من دليل أوضح على ذلك من أنَّ الأجنحة شُكِّلت للطيران، وليس نادرًا أن نرى حشرات قد تقلصت أجنحتها لأحجام صغيرة للغاية؛ بحيث أصبحت عاجزة عن الطيران، وكثيرًا ما تكون قابعة أسفل أغطية الأجنحة ملتحمة بعضها ببعض على نحو محكَم!

تشارلز داروين، «أصل الأنواع» (۱۸٥۹)

من أقوى الأدلة التي قدَّمها داروين على صحة التطور النماذجُ المتعددة لأعضاء متضائلة، أو عديمة الفائدة، أو لم تعد تعمل بشكل كامل في مختلف الحيوانات (على حد تعبير داروين «أثرية أو ضامرة أو مجهَضة»). وحتى قبل داروين، رصد بعض علماء الطبيعة مثل هذه الأمثلة، وواجهوا صعوبةً في إيجاد سببٍ لقيام مصمم إلهي بتضمين مثل هذه البنى العديمة الفائدة في كائناتٍ كان من الجلي أنها لا تستخدمها. وضع علماء الطبيعة اللاهوتيون العديد من التفسيرات غير الملائمة، مثل أن هذه الأعضاء موجودة للحفاظ على تناسق التصميم، أو أن وجودها يوضح لنا أن المصمم يمكنه أن يفعل ما يشاء، أو أن عيوب التصميم بسبب عدم طاعة آدم للرب في الجنة، لكن معظم هذه التفسيرات كان سببًا للإحراج ودون أهمية تُذكَر.

أما بالنسبة لداروين، فقد كانت الإجابة واضحة؛ هذه الأعضاء شهودٌ صامتة على حقيقةِ أن هذه الحيوانات لم تعُد بحاجةٍ إلى هذه الأعضاء التي كانت تعمل سابقًا. لقد تقلصت هذه الأعضاء وأصبحت عديمة الفائدة، لكنها لم تندثر. إذا كانت الحيوانات قد خُلِقت خلقًا مستقلًّا وصُمِّمت من نقطة الصفر، فلماذا تمتلك أعضاءً عديمة الفائدة أو غير فعالة؟ لمَ لا يُصمَّم الكائن الحي في هذه الحالة بما يضمن تحقيق أقصى قدرٍ من الكفاءة مع عدم وجود أجزاءٍ مُهدَرة؟ فلا معنى لوجود هذه الأعضاء بالطبع إذا كان الكائن الحي مصممًا على يد الإله. بدا أنَّ هذا يعني أن المصمم كان كسولًا أو مهملًا أو غير كفء؛ لأنه أبقى على أعضاء ليس لها أيُّ استخدام. فعلى غرار المناقشة المذكورة في الفصل التاسع يمكننا القول: لو كان ثمة مصمم إلهي، لكان قد أدى عملًا أفضل بالتأكيد!

إن قائمة الصفات الغريبة والعديمة الفائدة لافتة للنظر (الشكل ١٠-١):
fig39
شكل ١٠-١: أدلة من الأعضاء الأثرية. (أ) تحتفظ كلٌّ من الحيتان والثعابين ببقايا صغيرة من عظام أرجلها الخلفية وعظام الورك، على الرغم من أنها لا تكون مرئية من الخارج في المعتاد، وليس لها أي وظيفة. ولا معنى لوجود هذه الأعضاء إلا إذا كانت الحيتان والأفاعي ذات يوم كائنات رباعية الأرجل. تحتفظ الخيول أيضًا بآثار الأصابع الجانبية لأسلافها، والمعروفة باسم عظام الشظية. (ب) في عام ۱۹٢۱، أعلن روي تشابمان أندروز عن اكتشافه لحوت أحدب كانت له أطراف خلفية متأسلة ممتدة بالفعل من جسده. وهذه هي عظام تلك الأطراف الخلفية. ([أ]: دونالد بروثيرو، «التطور: ما تخبرنا به الحفريات وأهميته»، الطبعة الثانية. [نيويورك: كولومبيا يونيفرستي برس، ٢٠۱۷]؛ [ب]: روي تشابمان أندروز، «حالة مذهلة للأطراف الخلفية الخارجية في حوت أحدب»، مجلة «أمريكان ميوزيوم نوفيتايتس»، رقم ۹ [۱۹٢۱]، http://hdl.handle.net/2246/4849)
  • (١)

    للخيول عظام شظيات صغيرة على الأصابع الجانبية لأقدامها، وهي باقية منذ أن كانت جميع الخيول لديها ثلاث أصابع تعمل (الفصل الرابع عشر).

  • (٢)

    تحتوي ثعابين البواء والأصلات، وبعض الثعابين الأخرى على بقايا من عظام الورك وعظام الفخذ مغروسة بعمق في أجسادها، وهي لا تؤدي أي وظيفة (الفصل الثاني عشر).

  • (٣)

    يعيش العديد من الأسماك والسلمندر والجنادب والحيوانات الأخرى في كهوف في ظلام دامس طوال حياتها وهي عمياء، ورغم ذلك لديها عيون تنمو مثل العيون الطبيعية. إذا كانت هذه الكائنات قد خلقها الإله لتعيش في ظلام دامس، فلماذا يكلِّف نفسه عناء تطوير عيون عديمة الفائدة؟ تُظهِر التجارب أنه إذا نشأت سلالة الأسماك نفسها في مكان جيد الإضاءة لبضعة أجيال، فإنها تستعيد القدرة على الإبصار.

  • (٤)
    لا معنى لوجود أجنحة للطيور التي لا تطير، إلا إذا كان أسلافها في يوم من الأيام طيورًا تتمتع بالقدرة على الطيران. ثم إن معظم هذه الطيور أكبر من أن تطير، مما يزيد من عبثية وجود الجناح. إنها لا تستخدم الأجنحة على الإطلاق، لكنها تتكبد عناء نموها. لا يحدث هذا في مسطحات الصدور وحسب (النعام والإيمو والكاسواري والرية والكيوي)، بل في العديد من المجموعات الأخرى أيضًا (مثل طائر الدودو). يُعَد انعدام الطيران شائعًا بشدة في الجزر التي لم تعد الطيور تحتاج فيها إلى الطيران للهروب من المفترسات. لقد علَّق داروين نفسه على أن طيور الغاق في جزر جالاباجوس لم تكن تطير، وليس لها سوى أجنحة صغيرة واهنة (الشكل ١٠-٢). لقد كانت قادرة على الغطس في المياه من على المنحدرات واصطياد الأسماك كما تفعل طيور الغاق الأخرى، لكنها لم تكن بحاجة للطيران للوصول إلى الماء أو للهروب من المفترسات.
  • (٥)

    البشر أنفسهم لم يفلتوا من هذا التوجه؛ فالجسد البشريُّ يضمُّ مئات الأمثلة على الصفات العديمة الفائدة (الفصل الحادي والعشرين).

fig40
شكل ١٠-٢: وصف تشارلز داروين طيور الغاق من جزر جالاباجوس التي لديها أجنحة واهنة قصيرة ولا تستطيع الطيران؛ نظرًا لعدم وجود حيوانات مفترسة تعيش في تلك الجزر تدفع طيور الغاق إلى الفرار منها. لم يكن صِغَر حجم أجنحتها عائقًا أمام قدرتها على الغوص والسباحة تحت الماء. (إهداء من «ويكيميديا كومنز»)

إضافةً إلى ذلك، توجد العشرات من الأمثلة على التركيبات الجزيئية غير الضرورية، أو التي تتسم بعدم فعالية التركيب أو سوء التصميم. فمثلما أشار بيرمان ومارزلوف وبنتلي: «عند تدريس المسارات الأيضية، يؤكد كل مدرس على المنطق الكيميائي للتحولات حيثما أمكن ذلك. أما في حالات كتلك الواردة هنا، لا يملك المُحاضِر سوى أن يلوح بيده عجزًا».

  • (١)
    التحول غير الضروري لذرة الكربون من كيرالية «يسرى» (S) إلى كيرالية «يمنى» (R) في مسار propionyl CoA ← succinyl CoA.
  • (٢)
    تبدأ مسارات العديد من المركبات بتحويل (S)-reticuline إلى (R)-reticuline. سيكون من الأسهل استخدام (S)-reticuline فقط.
  • (٣)
    في أثناء التخليق الحيوي للحمض الأميني تربتوفان، يُزال جزء مكوَّن من ثلاث ذرات كربون (جليسيرالدهيد ٣-فوسفات)، وفي الخطوة التالية، يُضاف جزء مكون من ثلاث ذرات كربون (سيرين) مرة أخرى (في الواقع، يبدو في هذا المثال أن إضافة السيرين قد تكون طريقة مباشرة بدرجة أكبر للحصول على «العمود الفقري» للحمض الأميني)، سيتطلب الأمر ثلاث خطوات لتحويل سلسلة جليسيرالدهيد ٣-فوسفات (CHOH-CHOH-CHOPO3-) إلى سلسلة الكربون المُكوَّنة من الأحماض الأمينية (CHH-CHNH3-COO).
  • (٤)
    عندما ينفصل شريطا الحمضِ النووي في عملية النسخ، يُنسَخ «الشريط الرئيسي» بشكل مستمر بواسطة بوليميراز الحمض النووي في الاتجاه من ٥ إلى ٣ . يتفكك «الشريط المتأخر» في الاتجاه من ٣ إلى ٥ ، ولكن نظرًا لأن النسخ يستمر في الاتجاه من ٥ إلى ٣ على شريط الحمض النووي، فيجب تصنيع الشريط المتأخر على هيئة قِطَع قصيرة تُجمَّع معًا بعد ذلك. من الجدير بالذكر أنه سيكون من الأسهل والأكثر منطقيةً استخدامُ بوليميراز الحمض النووي في الاتجاه من ٣ إلى ٥ على الخيط المتأخر، لكن هذا لا يحدث في الطبيعة.
  • (٥)
    ما يحدث من تعديل غير ضروري للحمض النووي الريبوزي. يحتوي النَّسخ الأوَّلي للحمض النووي الريبوزي المُشفِّر لبروتين القناة الأيونية على كودون خاص، CAG، يرمِّز الجلوتامين. بالرغم من ذلك، إذا كان البروتين الذي ينتجه الحمض النووي الريبوزي يحتوي على ذلك الجلوتامين، يموت الفأر. في الفئران السليمة، يقوم بروتين آخر بتعديل النسخ الأولي للحمض النووي الريبوزي، ويغير الكودون CAG إلى الكودون CIG، وهو ما يعادل الكودون CGG وينتج الأرجينين، وهو الحمض الأميني الصحيح. سيكون من الأسهل كثيرًا أن يرمِّز النسخ الأولي للحمض النووي الريبوزي الكودون CGG من البداية، والاستغناء عن خطوة التعديل. وقد أجرى العلماء هذا التغيير في المختبر بالفعل، وكانت الفئران الناتجة طبيعية دونما حاجة إلى خطوة التعديل الأولى.1
يمكن لهذه القائمة التي تضم الصفات غير الضرورية أن تطول وتطول؛ إذ توجد مئات الأمثلة بالفعل. لكننا سنركز على مجموعة واحدة تحديدًا، وهي الحيتان. لدى الحيتان العديد من التركيبات التي هي أثرية أو سيئة التصميم؛ عظام الورك الصغيرة للغاية، وعظام الفخذ الأثرية المتأصلة بعمق في أجساد الحيتان بدون أن يكون لها وظيفة حقيقية (الشكل ١٠-١(أ)؛ الشكل ١٠-٣)، الأسنان الأثرية للحيتان البالينية العديمة الأسنان، والعديد من الصفات الأخرى.
fig41
شكل ١٠-٣: لقطة مقرَّبة لمنطقة الورك في هيكل عظمي للحوت الأزرق، تُظهِر عظام الورك الأثرية الصغيرة متدلية من الحامل المثلث أسفل العمود الفقري. (تصوير المؤلف)

تأملْ طيش هذه العملية. لجنين الحوت فتحات خيشومية لتنفس الماء، لكنه يفقدها في مراحل لاحقة من نموه الجنيني، وتنمو له بدلًا منها رئتان. بعد ولادة الحوت، سيكون عليه التعويض وإنماء العديد من البنى غير العادية، لتمكينه من تنفس الهواء مع الحفاظ على طبيعته المائية بالكامل. إذا كانت الحيتان قد صُمِّمت كي تحيا في الماء، فلماذا تسمح لأجنتها بفقدان خياشيمها الصالحة تمامًا واستبدال نظامٍ ارتجالي بها يتألف من رئتين، وتكيفات أخرى غريبة بهدف تمكين رئةٍ تتنفس الهواء من العمل في ثديي بحري؟ تمتلك الحيتان الكثير للغاية من التعديلات الجسدية لتسهيل التنفس في المحيط، مثل تحريك فتحة الأنف من طرَف الخَطْم إلى الجزء العلوي من الجمجمة، حيث تعمل بمثابة فتحةٍ للنَّفْث. غير أنَّ الحياة المائية تمثل تحديًا من نواحٍ كثيرة لغير الأسماك. فعلاوةً على مشكلة التنفس بالرئتين، تلد الحيتان تحت الماء، ويجب على الحوت الوليد أن يجد طريقًا إلى السطح ليحصل على أنفاسه الأولى. وأظهرت الملاحظات الميدانية أن هذه المرحلة خطيرة للغاية، وإن لم ينجح الحوت الوليد في القيام بذلك بسرعة، فسوف يغرق.

لماذا توجد لدى الحيتان هذه التكيفات الغريبة؟ الجواب بالطبع هو أن الحيتان تنحدر من ثدييات برية رباعية الأرجل، كانت تتنفس الهواء على اليابسة ذات يوم ولم تكن مائية. حتى في خمسينيات القرن الثامن عشر، أدرك كارولوس لينيوس — أبو التصنيف الحديث — أن الحيتان ليست أسماكًا، بل ثدييات (صنَّفها معظم معاصريه في فئة الأسماك). فمثلما أشار لينيوس، تتنفس الحيتان الهواء من خلال الرئتين وليس الخياشيم، وهي من ذوات الدم الحار، إضافة إلى العديد من الاختلافات التشريحية الأخرى التي تميِّزها عن الأسماك. في الطبعة الأولى من كتاب «أصل الأنواع» في عام ۱۸٥۹، أدلى داروين بدلوه أيضًا في هذا الموضوع. كتب يقول: «في أمريكا الشمالية، رصد هيرن الدب الأسود وهو يسبح لساعات بفمٍ مفتوح على مصراعيه، ويصطاد الحشرات في الماء مثل الحوت. حتى في حالة متطرفة كهذه، إذا كان وجود الحشرات ثابتًا، وإذا لم يوجد بالفعل منافسون أفضل تكيُّفًا في البيئة، لا أرى صعوبة في إعداد الانتخاب الطبيعي لعِرقٍ من الدببة التي تكون لها طبيعة أكثر مائية بالنسبة لبنيتها وعاداتها، ولها أفواه أكبر حجمًا، حتى يُنتج كائنًا ضخمًا بحجم الحوت.» ومع الأسف لم يستحسن نقاد داروين هذه الفكرة، وقد حذف هذه التكهنات من بعض الطبعات اللاحقة من كتابه.

وعند تلك النقطة، ظل السؤال مطروحًا دون إجابة لمدة قرن تقريبًا. كان هناك عدد قليل من الهياكل العظمية لحيتان بدائية للغاية تُسمَّى الحيتان القديمة، قد وُجِدت في الطبقات التي تعود إلى العصر الإيوسيني في جنوب شرق الولايات المتحدة، لكن أيًّا منها لم يكن يوضح كيفية تطور الحيتان من ثدييات أرضية، ولا يقدم أية دلالة على ما قد يكون أقرب أقربائها من بين الثدييات. وفي عام ۱۹٦٦، أعاد عالم الحفريات لي فان فايلن طرح السؤال، مشيرًا إلى أن مجموعة منقرضة من الثدييات اللاحمة الشبيهة بالدببة ومن ذوات الحوافر، تُعرَف باسم الميزنيقيات، كان لها أسنان مثلثة كبيرة وكليلة، إضافة إلى صفات أخرى تتشابه فيها إلى حد كبير مع الحيتان القديمة. علاوةً على ذلك، كان للحيتان جماجم ضخمة ذات أخطام طويلة، وفي ذلك تشابهٌ شديد مع بعض الميزنيقيات. وشيئًا فشيئًا، أصبحت فكرة أن الحيتان تطورت من الميزنيقيات أكثر قبولًا.

في غضون ذلك، كانت هناك مجموعات أخرى من العلماء تفتش صخور عصر الإيوسين في باكستان، بحثًا عن حفريات من أوائل العصر الإيوسيني الأوسط، التي هي أقدم بقليل من الحيتان القديمة في ولاية ألاباما وفي مصر. ومثلما كان متوقعًا تمامًا، بدأ العلماء في العثور على المزيد والمزيد من الحفريات التي اتضح أنها انتقالية بين الحيوانات البرية والحيتان.

كانت أقدم حفرية انتقالية للحيتان قريبة للغاية من فصيلة أنثركوثريدا؛ وهي حفرية إندوهياس، وهي حفرية بحجم كلب كولي من أوائل العصر الإيوسيني في كشمير. على الرغم من أن هذه الحفرية كانت أكبر بقليل فقط من أرنب، ولها أرجل خلفية طويلة للقفز، وجسم غزال صغير، فقد كانت تمتلك سمات تشريحية مميزة تجعلها بمثابة الرابط بين الحيتان وشفعيات الأصابع. فيوجد في منطقة الأذنين العديدُ من الصفات التي لا توجد إلا لدى الحيتان. ولديها أيضًا أطراف تتكون من عظام شديدة الكثافة (تمامًا مثل الحيتان وأفراس النهر والعديد من المجموعات المائية الأخرى) التي تمد الكائن بالثبات، وتساعده على الغوص تحت الماء دون أن يطفو بلا تحكم. أظهرت التحليلات الكيميائية للعظام أن حفرية إندوهياس كانت مائية، لكن كيمياء أسنانها أثبتت أنها كانت تتغذى على نباتات برية.

في عام ۱۹۸۳، وجد فيليب جينجيرش وزملاؤه حفرية أطلقوا عليها اسم باكسيتوس، على اسم الدولة التي اكتُشِفت فيها. كان باكسيتوس حيوانًا يعيش على اليابسة في معظم الأحيان، وله هيكل عظمي يشبه الذئب، بأربع أرجل للمشي، لكن جمجمته كانت تشبه جمجمة الحوت القديم، وبدا في منطقة الأذن بعض الصفات التي قد تساعد على السمع تحت الماء. لقد جاءت هذه الحفرية من رواسب الأنهار التي يعود تاريخها إلى حوالي ٥٠ مليون سنة، أي إنها أقدم من أي حوت قديم. وعلى الرغم من أن أطراف باكسيتوس كانت شبيهة بأطراف الذئب التي يستخدمها للجري، فإنها كانت تتكون من عظام كثيفة للغاية شائعة في الحيوانات المائية، مما أشار إلى أنه كان يقضي الكثير من الوقت في السباحة.

fig42
شكل ١٠-٤: «أمبيولوسيتوس ناتانس»، الحوت البدائي الذي يعود إلى العصر الإيوسيني الباكستاني الذي لا يزال يحتفظ برأس يشبه الميزنيقيات، ويدين ورجلين كبيرتين وفعَّالتين ومكفَّفتين، ونمط حياة شبه مائي. (أ) هيكل عظمي شبه مكتمل، موضوع في وضع تشريحي. (ب) تصوُّر لأمبيولوسيتوس وهو يندفع من الماء لالتقاط ثديي إيوسيني آخر. ([أ] بتصريح من جيه جي إم ثيويسن؛ [ب] تصميم التصور: كارل بيويل)
في عام ۱۹۹٤، أعلن هانز ثيويسن وزملاؤه عن اكتشافهم لحفرية انتقالية حقيقية (الشكل ١٠-٤) من طبقات في باكستان عمرها حوالي ٤۷ مليون سنة، أي أصغر عمرًا بقليل من باكسيتوس. كانت هذه الحفرية تنتمي إلى تكوين كولدانا الذي لا يحتوي على طبقات رسوبية بحرية قريبة من الشاطئ وحسب، بل يتضمن أيضًا رواسب من بحيرات وأنهار. أطلق ثيويسن وزملاؤه عليها اسم «أمبيولوسيتوس ناتانس»، وترجمته «الحوت السابح السائر». كانت الحفرية هيكلًا عظميًّا شبه مكتمل، طوله حوالي ۳ أمتار (۱٠ أقدام)، تقريبًا بحجم أسد بحر كبير. كان خَطْمه الطويل ذو الأسنان المثلثة شبيهًا إلى حد كبير بخطم الحيتان الميزينقية والحيتان القديمة، لكنه كان يمتلك أذرعًا وأرجلًا كاملة النمو بأصابع طويلة، وربما أقدام وتراء، وكان قادرًا على المشي على الأرض والسباحة في الماء. كان عموده الفقري مرنًا؛ لذلك كان بإمكانه السباحةُ بأسلوب التموُّج صعودًا وهبوطًا كما تفعل ثعالب الماء، فهو لم يكن يمتلك جسدًا صلبًا ليستخدم ذيله الدافع في السباحة مثل الحوت الحديث. لكن من الواضح أنه لم يكن سبَّاحًا سريعًا. كان خطمه الطويل وجسده وأقدامه الكبيرة ذات الأصابع الوتراء أشبه بجسد التمساح، مما يشير إلى أنه كان أشبه بصائد مباغت يختبئ وهو شبه مغمور في المياه الضحلة، وينطلق من الماء لانتزاع الفريسة حين تقترب لتشرب الماء (الشكل ۱٠-٤(ب)). أظهرَ التحليل الكيميائي للعظام أنه كان مائيًّا في المقام الأول، ولكنه كان يحيا في كلٍّ من المياه العذبة والمالحة. وقد كتب ستيفن جاي جولد عندما اكتُشِفت هذه الحفرية الانتقالية المدهشة التي مثَّلت تحديًا لنُقاد التطور:

إن هؤلاء الدوجمائيين الذين يتحايلون ويتلاعبون بالكلمات فيجعلون الأبيض أسود والأسود أبيض لن يقتنعوا أبدًا بأي شيء. لكن أمبيولوسيتوس هو نفسه الحيوان الذي ادعَوا أنَّ وجوده محال نظريًّا … وأنا لا أستطيع أن أتخيل حكاية لتقديم العلوم للعامة، ولا أن أتخيل انتصارًا سياسيًّا يستند إلى أساس فكري أكثر إشباعًا من الانتصار على المعارضة المستمرة من الخَلقيين. (۱٠)

في نفس العام الذي عُثِر فيه على أمبيولوسيتوس في أحد أقاليم باكستان، أعلن جينجيرش وزملاؤه عن اكتشافهم لحفرية أخرى من طبقات رسوبية مختلفة في منطقة بلوشستان في باكستان، وأطلقوا على هذه الحفرية اسم رودهوسيتوس (الشكل ١٠-٥). كانت جمجمة رودهوسيتوس أطول من أمبيولوسيتوس، وأشبه منها بالحيتان، كان الجسد شبيهًا بجسد الدولفين إلى حد كبير؛ إذ اتسم بالشكل الانسيابي مع عدم وجود رقبة تفصل الجسد عن الرأس. والأهم من ذلك أن أطراف رودهوسيتوس كانت قصيرة للغاية وصغيرة، وأقدامه وتراء ليست فعالة في سحب جسده على الأرض؛ ومن ثَم كان مائيًّا بالأساس. وبالرغم من ذلك، فقد كانت عظام وركه وفقراته مدمجة معًا، مما يعني أنه كان قادرًا على التنقل على اليابسة بشكل محدود. غير أن بنية الأطراف والذيل تُشير إلى أنه كان يضرب بقدمَيه الخلفيتَين للدفع في معظم الأحيان، وأنه استخدم ذيله كدَفَّة، فلم يكن لديه حتى ذلك الوقت زعانف أو ذيل يُستخدَم للدفع مثل الحيتان الحديثة.
fig43
شكل ١٠-٥: تطور الحيتان من كائنات برية، مع توضيح للحفريات الانتقالية العديدة الموثقة حاليًّا من طبقات الإيوسين في أفريقيا وباكستان. (رسم كارل بويل)

في السنة التي أعقبت العثور على أمبيولوسيتوس ورودهوسيتوس، وجد العلماء في باكستان حفرية حوت دالان. وقد وجدوا أنه أَشبهُ بالحيتان الحديثة من أمبيولوسيتوس؛ أرجلُه الأمامية والخلفية لا تزال عاملة وإن كانت أصغر، لكن خطمه أكبر كثيرًا فهو أشبه بالحوت القديم. وقد جعله هذا وسيطًا مثاليًّا بين أمبيولوسيتوس ورودهوسيتوس. ورودهوسيتوس بدوره حفرية انتقالية جميلة تربط الحيتان البدائية بالحيتان القديمة.

في السنوات التي تلت التسعينيات، اكتشف العلماء المزيد والمزيد من الحفريات الانتقالية للحيتان. منها على سبيل المثال حوت تاكراسيتوس وحوت جافيوسيتوس، اللذان تصاغرت أياديهما وأقدامهما تدريجيًّا إلى أن تطورت إلى زعانف تشبه زعانف الحيتان (انظر الشكل ١٠-٥). كما أن أجسادهما أكثر شبهًا بالدلافين، وأصبح الذيل لديهما أكثر تطورًّا للدفع (كما هو الحال في الحيتان الحية الآن)، مما يعني أنهما كانا يمتلكان زعانف ذيلية أفقية أيضًا على الأرجح. لقد اكتشف العلماء حتى الآن العديد من حفريات الحيتان الانتقالية؛ بحيث أصبح من المستحيل تحديد نقطةٍ واضحةٍ حيث تنتهي حيوانات اليابسة وتبدأ الحيتان الحقيقية. في عام ۱۹۸٠، كانت الحيتان لغزًا محيرًا بسبب غياب حفريات انتقالية جيدة، ولكن اليوم يُعتبر نَسَب الحيتان للحيوانات البرية هو أحد أفضل التحولات التطورية الموثَّقة في السجل الأحفوري.
أخيرًا، كانت الحيتان القديمة الضخمة التي تعود إلى العصر الإيوسيني الأوسط، والتي وُجدت أولًا في ألاباما شائعة في طبقات الرواسب البحرية في مصر في غرب الأهرامات. في عام ۱۹۹٠، كان جينجيرش وزملاؤه يجمعون هذه الحفريات عندما وجدوا هياكل عظمية مفصلية كاملة، وليس محض ركام من العظام كالذي وُجِد في ألاباما. لدى معاينتهم للجزء الخلفي من الهيكل العظمي، وجدوا أنه كان لا يزال لديه أطراف خلفية وظيفية تبرز من جسده. لكن حجم هذه الأرجل الخلفية لم يكن يزيد عن ذراع إنسان، وهي صغيرة جدًّا لحوت يبلغ طوله ٥٠ قدمًا، ولم تكن لها فائدة للمشي بالنسبة لحيوان مائي بهذا الحجم. كانت هذه الأرجل بقايا أثرية لأطراف قاربت على الاختفاء، ولكنها لم تختفِ تمامًا. إذا نظرت إلى هيكل عظمي معروض لحوت حي (انظر الشكل ١٠-٣)، وكانت جميع العظام في المكان المناسب؛ فستجد عظام ورك وعظام فخذ صغيرة في المنطقة المحيطة بالعمود الفقري حيث كانت توجد الوركان. إن هذه العظام تطفو في أنسجة الحوت ولم تعُد تؤدي أي وظيفة؛ فهي شواهد صامتةٌ على زمن كانت لجميع الحيتان فيه وركان وأرجُل خلفية، ويمكنها المشي.

بعد ذلك، تطورت الحيتان القديمة التي كانت تسود محيطات الإيوسين الأوسط والمتأخر إلى فرعين من الحيتان لا يزالان باقيين حتى اليوم. تتكون المجموعة الأولى من الحيتان ذات الأسنان أو الحيتان المُسنَّنة (أودونتوسيتيس)، ومنها الدلافين وخنازير البحر وحيتان العنبر. ولدى الحيتان المُسنَّنة العديد من وسائل التكيف المتخصصة التي لا توجد في الحيتان القديمة، لكنها لا يزال لديها أسنان على الأقل. إن الحيتان الحية الأكثر تخصصًا هي الحيتان البالينية، والحوت الأحدب، والحوت الرمادي، والحوت الزعنفي، والعديد من الحيتان الأخرى، بما في ذلك أكبر حيوان يعيش على الإطلاق؛ الحوت الأزرق العظيم. لقد فقدت هذه الحيتان أسنانها بالكامل، وصارت فكوكها العلوية مبطَّنة بجهاز ترشيح ليفيٍّ يشبه الشاشة، يُسمَّى بَلِّين، وهو مصنوع من نفس الكيراتين الموجود في شعرك وأظافرك. ورغم أنها أكبر الحيوانات على هذا الكوكب، فهي تتغذى على بعضٍ من أصغرها، لا سيما القشريات العوالق المعروفة باسم الكريليات. تتغذى الحيتان عن طريق فتح أفواهها على مصراعيها، وابتلاع كميةٍ كبيرةٍ من مياه البحر المحملة بالكريليات في تجويف فمها، ثم تدفع مياه البحر خارجًا من خلال جهاز ترشيح البَلِّين، مستخدمةً ألسنتها الضخمة وعضلات حلقها الكبيرة لضغط الماء خارجًا. تَعلَق الكريليات في البَلِّين، جاهزةً لأن تُبتلَع.

إن هذه الحيتان لَمخلوقات رائعة حقًّا، لكن من الصعب تخيلها تتطور من حيتان ذات أسنان. بالرغم من ذلك، فقد عثرنا على الحفريات التي توضح هذه النقلة أيضًا. فقد عثرنا في حفريات حوت لانوسيتوس، الذي ينتمي إلى أواخر العصر الإيوسيني في القارة القطبية الجنوبية، على أسنان الحيتان القديمة المثلثة، وعلى البَلِّين في آنٍ واحد. وبحلول أواخر عصر الأوليجوسين، كانت توجد حيتان بالينية ذات أسنان أكثر تطورًا، مثل جانجوسيتوس ومامالودون، وكلاهما كان يعيش في أستراليا. وفي أوائل عصر الأوليجوسين، ظهرت في أستراليا فصيلة قديمة من الحيتان البالينية ذات الأسنان تُدعى إيتيوسيتس، لكنها أصبحت حيتانًا شائعة في منطقة شمال المحيط الهادي (اليابان وأمريكا الشمالية) خلال أواخر عصر الأوليجوسين إلى عصر البليستوسين (العصر الجليدي). في هذه الأثناء، ظهرت أولى حفريات الحيتان البالينية العديمة الأسنان (إيوميستيسيتس) في أواخر العصر الأوليجوسيني، وقد وُجدت هذه الحفريات في ولاية ساوث كارولينا. هذا هو السبب في أن الحيتان البالينية لا تزال حتى اليوم تنمو لها أسنان صغيرة خلال مرحلة مبكرة من التكوين الجنيني، لكنها تفقدها عندما تصبح مكتملة البلوغ. فهذا مثال آخر على عضوٍ أثريٍّ في الحيتان يتماشى مع مثال الأطراف الخلفية الصغيرة والوركين.

جاءت القطعة الأخيرة من هذه الأحجية من علم الأحياء الجزيئي. فحتى منذ أوائل أيام التحليل بالأساليب القديمة، كالمسافة المناعية أو تهجين الحمض النووي، كان يظهر لنا على الدوام أن الحيتان قريبةٌ للثدييات ذات الحوافر الزوجية الأصابع، أو شفعيات الأصابع. عندما قام العلماء بتحليل تسلسل البروتينات، ثم تسلسل الحمض النووي في التسعينيات، صار من الجليِّ أن الحيتان تنتمي إلى شفعيات الأصابع، وليست رتبةً منفصلةً مستقلةً عن الثدييات الأخرى مثلما كانت تُصنَّف لفترةٍ طويلة. فقد أشارت البيانات الجزيئية مرارًا وتكرارًا إلى انتمائها لمجموعةٍ واحدةٍ من شفعيات الأصابع؛ فرس النهر (انظر الشكل ١٠-٥). كان هذا متَّسقًا مع الحفريات التي أظهرت أن الحيتان تجمعها قرابة وثيقة بمجموعة منقرضة من الثدييات الأرضية الشبيهة بالخنازير تُسمى أنثراكوثيريس، والتي كانت أيضًا سلفًا لأفراس النهر.
وقدَّم لنا علم الحفريات الدليل الأخير الذي أثبت أن الحيتان تنتمي إلى شفعيات الأصابع. ففي عام ٢٠٠۱، أعلنت مجموعتان مستقلَّتان من علماء الحفريات (مجموعة ثيويسن ومجموعة جينجيريش) عن اكتشافهما حفريات حيتان قديمة في باكستان، وكانت كواحلها محفوظة جيدًا (الشكل ١٠-٦). وفي كلتا الحالتَين، كانت عظام الكاحل لهذه الحيتان الأولى تتضمَّن بنية «البكرة المزدوجة» المميزة لعظمة الكعب (العظمة المفصلية في مفصل الكاحل لدى الثدييات)، والتي لم يكن يُعرَف وجودها إلا لدى شفعيات الأصابع فقط. فعلى عكس أي مجموعة أخرى من الثدييات، فإنَّ شفعيات الأصابع فقط هي التي توجد لديها عظم الكاحل المفصلي ذو البكرة المزدوجة، ويمكننا بالفعل تمييز معظم شفعيات الأصابع من خلال هذه العظمة الفريدة فحسب. وبالنظر إلى كلتا الحفريتين، كان من الواضح أن الحيتان أيضًا لديها البنية التشريحية للكواحل التي تتفرد بها شفعيات الأصابع.
fig44
شكل ١٠-٦: عظام الكاحل لأحفورتَي حوتين اكتُشفتا في باكستان تنتميان إلى عصر الإيوسين الأوسط؛ حوت رودهوسيتوس بالوشيستانينسي (على اليسار)، وحوت أرتيوسيتوس كلافيس (على اليمين)، مقارنة بعظام الظبي الأمريكي الشائك القرون (في الوسط). لاحظ أن الحيتان لديها عظم الكاحل المفصلي ذو البكرة المزدوجة الخاص بالثدييات من طائفة شفعيات الأصابع. (إهداء من فيليب جينجيرش)

وهكذا توصلنا إلى هذا الاستنتاج. فقد أصبح لدينا الآن من هذه الثدييات، التي ظنها العلماء خطأً من الأسماك، وفرةٌ من الحفريات الانتقالية التي تُظهِر تطور الحيتان من الحيتان القديمة إلى إندوهياس، ثم إلى باكسيتوس وأمبيولوسيتوس، والعديد من الأشكال الانتقالية الأخرى. إننا نمتلك أدلةً من الحفريات، وأدلةً جزيئية تُظهِر أن الحيتان تنحدر من شفعيات الأصابع، وهي المجموعة التي كان ينتمي إليها أنثراكوثيريس. ولدينا أدلة داروين التي تشير إلى أعضاء أثرية، مثل الوركَين وعظام الفخذ الصغيرة التي كانت تشير في الأصل إلى أن الحيتان قد انحدرت من حيواناتٍ بريةٍ لها أرجلٌ خلفيةٌ تعمل بالكامل للمشي، وليس السباحة. إن الأعضاء الأثرية هي بالفعل شواهد الماضي الصامتة، تمامًا كما قال داروين.

قراءات إضافية

  • Berta, Annalisa, The Rise of Marine Mammals: 50 Million Years of Evolution, Baltimore, Md.: Johns Hopkins University Press, 2017.
  • Berta, Annalisa, James L. Sumich, and Kit M. Kovacs, Marine Mammals: Evolutionary Biology, 3rd ed., Amsterdam: Academic Press, 2015.
  • Gould, Stephen Jay, “Hooking Leviathan by Its Past,” Dinosaurs in a Haystack: Reflections in Natural History, New York: Norton, 1997.
  • Prothero, Donald R., The Princeton Field Guide to Prehistoric Mammals, Princeton, NJ: Princeton University Press, 2016.
  • Prothero, Donald R. and Scott E. Foss, eds., The Evolution of Artiodactyls, Baltimore, Md.: Johns Hopkins University Press, 2007.
  • Prothero, Donald R. and Robert M. Schoch, Horns, Tusks, and Flippers: The Evolution of Hoofed Mammals, Baltimore, Md.: Johns Hopkins University Press, 2002.
  • Pyenson, Nick D., Spying on Whales: The Past, Present, and Future of the World’s Most Awesome Creatures, New York: Viking, 2018.
  • Savage, R. J. G. and M. R. Long, Mammal Evolution: An Illustrated Guide, New York: Facts-on-File, 1986.
  • Thewissen, J. G. M., ed., The Emergence of Whales: Evolutionary Patterns in the Origin of Cetacea, New York: Plenum Press, 1998.
  • ______, The Walking Whales: From Land to Water in Eight Million Years, Berkeley: University of California Press, 2014.
  • Zimmer, Carl, At the Water’s Edge: Macroevolution and the Transformation of Life, New York: Free Press, 1998.

هوامش

(1) Edward J. Behrman, George A. Marzluf, and Ronald Bentley, “Evidence from Biochemical Pathways in Favor of Unfinished Evolution Rather Than Intelligent Design,” Journal of Chemical Education 81, no. 7 (2004): 1051-1052.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤