الفصل التاسع عشر

أرجُل على رءوسها

الكائنات الطافرة المتماثلة والنماء التطوري

لقد حمَّلتَ نفسك مشقة لا داعي لها بتبنِّيك مبدأ «الطبيعة لا تصنع قفزات» بلا أي تحفظ.

توماس هنري هكسلي، في رسالة لتشارلز داروين عام ۱٨٥٩

كما أوضحنا في الفصل الخامس عشر، كانت فكرةُ أن الخصائص المكتسَبة يمكن أن تنتقل من الأبوين إلى الطفل؛ واسعةَ الانتشار في الأيام التي سبقَت علم الوراثة الحديث. سُمِّيت هذه الفكرة خطأً ﺑ «اللاماركية»، لكن حتى داروين صدقها. وجليَّةٌ هي جاذبية هذه الفكرة. إنها تعني أنَّ الكائنات الحية يمكن أن تتكيف بسرعة، في جيل واحد فقط، في استجابة مباشرة للمتطلبات البيئية. أما الانتخاب الدارويني الكلاسيكي، فهو على النقيض من ذلك، بطيء للغاية ومسرِف. يولَد عدد كبير من الذرية، لكن القليل منهم فقط يبقى على قيد الحياة مع احتفاظهم بتنويعات مواتية، ويتطلب الأمر العديد من الأجيال حتى تترسخ مجموعة كاملة كنوع جديد.

أعادت أفكار داروين تشكيل علم الأحياء، وبدأ علماء الوراثة يختبرون فكرة الوراثة المكتسبة بدرجة أعلى من الدقة. ففي ثمانينيات القرن التاسع عشر، أجرى عالم الأحياء الألماني أوجست وايزمان سلسلة من التجارب بدت وكأنها تدحض الوراثة المكتسبة إلى الأبد. قطع وايزمان ذيول ٢٠ جيلًا من الفئران، لكن جميع الأجيال التالية وُلدت بذيول طبيعية، لا ذيول أقصر استجابةً لهذا الضغط البيئي الشديد. خَلَص وايزمان إلى أن التغييرات التي تحدث في النمط الظاهري لدينا («سوما» soma بتعبير وايزمان، وهي كلمة إنجليزية مأخوذة من اليونانية، وتعني: جسد) لا يمكن أن تُعزَى أبدًا إلى النمط الجيني (ما أسماه وايزمان «الخط الجنسي»). معنى هذا، بعبارة أخرى، أنَّ تدفُّق المعلومات ثابت في اتجاه واحد. فالتغيرات في النمط الجيني تملي تغيرات في النمط الظاهري، ولكن ليس العكس. عُرِف هذا المفهوم فيما بعد باسم «المبدأ المركزي» لعلم الوراثة الجزيئي. ولاحقًا، أعاد جيمس واتسون، المشارك في اكتشاف بنية الحمض النووي، تعريف هذا المبدأ المركزي، ليعني المسار الأحادي الاتجاه من الحمض النووي إلى الحمض النووي الريبوزي إلى البروتينات.

وعلى مر السنين، اقترح العديد من العلماء أفكارًا بدا أنها تُخِل بهذا المبدأ المركزي. ففي الخمسينيات من القرن الماضي، عرَّض عالم الأجنة كونراد وادينجتون يرقات ذباب الفاكهة لصدمة حرارية، وأنتج طفرة تفتقر فيها الأجنحة إلى الوريد المتقاطع. نُفِّذ هذا الإجراء جيلًا بعد جيل، وبعد ١٤ جيلًا ظهر ذباب لا يمتلك الوريد المتقاطع دون أن يكون قد تعرض لصدمة حرارية. فهل أدى الضغط البيئي بطريقة ما إلى تغيير النمط الجيني مباشرةً وليس من خلال الانتخاب؟ أطلق وادينجتون على هذه الظاهرة «الاستيعاب الجيني»، واستمر الداروينيون الجدد في الجدل بشأن كيفية تفسيرها بدون الاستناد إلى اللاماركية الجديدة.

في الآونة الأخيرة، أجرى علماء المناعة تجارب بدا أنها تبرهن على الوراثة المكتسبة. فعندما يتعرض كائن حي لمرض ما، يطور جهازه المناعي أجسامًا مضادة تقتل العدوى الدخيلة. وهذه المناعة تُكتسَب خلال فترة الحياة، ولا ينبغي أن تكون قادرة على أن تجد طريقها إلى الجينوم. غير أنَّ التجارب أثبتت أن الفئران يمكن أن تنقل مناعتها إلى ذريتها. ورغم أن الداروينيين الجدد لا يزالون يزعمون أن هذه الظاهرة يمكن تفسيرها بوسائل غير لاماركية، فإنها تثير أسئلة جدية بشأن حصانة الخط الجنسي.

في علم الأحياء الجزيئي، وثَّق العلماء المزيد والمزيد من الأمثلة التي تفيد بتغير الجينات بعد ولادة الكائن الحي. حصلت باربرا مكلينتوك على جائزة نوبل لاكتشافها «الجينات القافزة» التي تنتقل من بقعة على شريط الحمض النووي إلى أخرى، مغيِّرةً الشفرة الجينية. وأثبتت تجارب أخرى إمكانية دمج الحمض النووي الخارجي في خلية، وربما في الحمض النووي المضيف. في إحدى الحالات، بدا أن بكتيريا مختلفة تتبادل أجزاءً من المادة الجينية، وهو تحوُّل سمح لها جميعًا بتطوير طفرة جديدة بسرعة. وتقوم مجموعة واحدة من الفيروسات، الفيروسات الراجعة (مثل فيروس نقص المناعة البشرية المسبب للإيدز، وكذلك الفيروس المسبب لجدري الماء/الهِربِس النُّطاقي) بنَسْخ المعلومات الجينية الخاصة بها في الحمض النووي للمضيف. فهل يمكن أن تكون هذه هي الآلية التي تسمح بترجمة التغييرات البيئية إلى الشفرة الوراثية بشكل مباشر؟

على الرغم من أن المتشددين من الداروينيين الجدد لا يزالون يتجادلون بشأن الآثار المترتبة على هذه الدراسات ويختلفون معها، فقد صار جليًّا الآن أن الجينوم أكثر تعقيدًا ومرونة من البنية الثابتة الأصلية التي تصوَّرها وايزمان. ونظرًا لأن علم الأحياء الجزيئي وعلم المناعة يكتشفان المزيد والمزيد من الاستثناءات التي تُنافي المبدأ المركزي، فإنَّ الفكرة القائلة بإمكانية استجابة الكائنات الحية للضغوط البيئية عن طريق تغيير جينوماتها مباشرة، والتي كانت سيئة السمعة في يومٍ ما؛ قد لا تكون خاطئة تمامًا.

جاء أول إنجاز مهم في اكتشاف كيفية عمل التنظيم الجيني عام ١٩٦١، على يد جاك مونود وجان بيير تشانجو وفرانسوا جاكوب. كانوا يعملون على البكتيريا الإشريكية القولونية المألوفة (البكتيريا القولونية المعروفة أيضًا باسم إي كولاي، والتي تعيش بالملايين في أمعائنا). ووجدوا أنها تحتوي على مجموعة من الجينات التي تعمل في حلقة تغذية رجعية، وأنها تقوم بتشغيل جين معين أو إيقافه، وهو الجين المشغِّل للاكتوز، الذي ينتج إنزيم اللكتاز، المستخدم لتكسير سكريات الحليب (اللاكتوز). وما أثار دهشتهم أنهم اكتشفوا أنَّ المفتاح الذي يعمل على تشغيل الجين المشغِّل للاكتوز أو إيقافه، هو محفز خارجي في البيئة. ففي حالة وجود الكثير من اللاكتوز في محيط البكتيريا، يُشغَّل المفتاح، وتنتج البكتيريا الكثير من اللاكتاز بسرعة لهضم السكريات الزائدة. وإذا انخفض تركيز اللاكتوز، يتوقف تشغيل المفتاح، وتتوقف البكتيريا عن استثمار الطاقة في تكسير اللاكتوز. معنى هذا أنَّ مادةً خارجية هي التي تحفز قدرة الجينوم على إنتاج أشياء معينة. من الواضح أن الجينوم لا يتجاهل البيئة، وقد يتأثر بالمحفزات الخارجية.

تحقَّق أهم التطورات في مجال علم جينات النمو على يد إدوارد بي لويس في عام ١٩٧٨، متمثلًا في اكتشافه للجينات المتماثلة التي يمكن أن تُحدِث تحولات ضخمة ومفاجئة، عن طريق إنتاج أجزاءٍ تشريحيةٍ اعتياديةٍ في أماكن غريبة. على سبيل المثال، للذباب العادي مجموعتان من الأجنحة وعضوان للتوازن، يسمَّيان الموازِنَين، في الموضع الذي كان الزوج الثاني من الأجنحة سينمو فيه. ينتج عن الطفرة المتماثلة حالة «سيقان الاستشعار»، تتمثل في أنَّ الذبابة العادية تنمو لها ساق في رأسها بدلًا من قرن الاستشعار (الشكل ١٩-١(أ)). تقوم طفرة تماثلية أخرى بتغيير الموازِنَين مرة أخرى إلى الأشكال السالفة من الأجنحة، مما يُنتِج ذبابًا رباعي الأجنحة (الشكل ١٩-١(ب)). واكتشف العلماء مؤخرًا أن سلسلة من الجينات التماثلية المعروفة باسم مجموعة Hox «هوكس»، تتحكم في التقسيم الأساسي للجسد، وليس ذلك في المفصليات فحسب، بل في الفقاريات أيضًا. من الواضح أن الجينات التماثلية أساسية لتخطيط أجساد الحيوانات جميعها تقريبًا، ويمكن لتغيير بسيط في الجينات التماثلية أن يؤثر بشكل هائل على النمط الظاهري، مما ينتج عنه مخططات جديدة للجسد، أو أطراف إضافية، أو مقاطع جسدية إضافية في جيل واحد. يتناقض هذا بشكل مباشر مع إصرار الداروينيين الجدد على أنَّ السمات الجديدة لا تنشأ إلا عن طريق الانتخاب التدريجي على مدى أجيال عديدة.
fig93
شكل ١٩-١: توضح الكائنات الطافرة المتماثلة أن التغيرات الكبيرة في النمو يمكن أن تنتج عن طفرات جينية صغيرة، مما يؤدي إلى اختلافات كبيرة في مخطط الجسد. (أ) طفرة سيقان الاستشعار، التي تنمو فيها للحشرة ساق حيث ينمو قرن الاستشعار. (ب) ذبابة بايثوراكس الطافرة، والتي لها زوج ثانٍ من الأجنحة بدلًا من الموازِنَين اللذين يوجدان عادة خلف الزوج الأمامي من الأجنحة. ([أ] بتصريح من إف آر ترنر؛ [ب] بتصريح من والتر جيرينج وجي باكهاوس)
من خلال هذه الاكتشافات المبكرة، حدد مختصُّو علم الأحياء الجزيئي معظم جينات Hox في عدد من الكائنات الحية، ووجدوا أن جميع الحيوانات تقريبًا (بما في ذلك الذباب والفئران والبشر) تستخدم مجموعة متشابهة جدًّا من جينات Hox، مع اختلافات وإضافات طفيفة. فكل جين من جينات Hox مسئول عن نمو جزء من الكائن الحي وجميع أجهزته العضوية الطبيعية (الشكل ١٩-٢). تعمل بعض الجينات التماثلية على المستوى الأساسي، وتوجد في جميع الكائنات الحية وتتحكم في نفس الأجزاء من النمو. على سبيل المثال، يوجد العديد من جينات Hox التي تتحكم في الأجزاء الأساسية لنمو الحيوان في الفطريات والخمائر والنباتات أيضًا، ولكنها تتحكم في بنًى مختلفة في كلٍّ منها.
fig94
شكل ١٩-٢: خريطة لموضع عمل جينات Hox في الذبابة والفأر. لاحظ أن جينات Hox الأساسية تكاد تكون متشابهة في جميع الحيوانات الثنائية التناظر، مما يعني أن النظام راجع إلى الأصل المبكر للحيوانات المعقدة. والتغييرات الصغيرة في أيٍّ من جينات Hox تُحدِث اختلافات كبيرة في تخطيطات الجسد. (رسم كارل بويل)
يمكن للتغييرات الصغيرة في جينات Hox أن تضع زوائد مختلفة على جزء من الذبابة (كأن تضع ساقًا في موضع قرن الاستشعار، أو جناحًا في الموضع الذي ينتمي إليه الموازِن)، أو يمكن حتى أن تضاعف عدد المقاطع. يُطلَق على جين Hox الرئيسي في هذه الحالة اسم Distal-less، وهو يتحكم في نمو الأطراف لدى جميع الحيوانات تقريبًا؛ زوائد الحشرات، وزعانف الأسماك، وأطراف الدجاج، وشعيرات الديدان الحلقية البحرية، والممصات لدى الغلاليات أو «الكيسيات»، والأقدام الأنبوبية لقنافذ البحر. لذلك يجب أن يكون جينًا متحكمًا عتيقًا، يعود تاريخه إلى أكثر من ٦٠٠ مليون سنة مضت، عندما تشعَّبت الشُّعَب الرئيسية للحيوانات جميعها تقريبًا عن سلف مشترك. يمكن لتغيير طفيف في جينات Hox أن يُحدِث فارقًا تطوريًّا كبيرًا. في المفصليات مثلًا (الكائنات «ذات الأرجل المفصلية»، مثل الحشرات والعناكب والعقارب والقشريات) يمكن لتغييرٍ بسيطٍ في جينات Hox أن يؤدي إلى مضاعفة عدد المقاطع أو تقليلها، والاستغناء عن ملحق (ساق على سبيل المثال) من كل مقطع، وإنماء ملحق آخر بدلًا منه (على سبيل المثال، مخلب سلطعون أو قرن استشعار أو بعض أجزاء الفم). إنَّ المفصليات مثال كلاسيكي على هذا النمو النمطي لأجزاء يمكن أن يُستبدَل بعضها ببعض.
بتعديل بسيط في جينات Hox، يمكن أن تتطور تخطيطات جسدية جديدة بالكامل لاستغلال الموارد الجديدة. خير مثال على ذلك هو نمطية الهيكل العظمي للمفصليات. فمثلما رأينا في حالة ذباب الفاكهة، تحدد جينات Hox ما إذا كانت ستتمتع بالحالة البدائية لزوجين من الأجنحة (كما هو الحال في الحشرات البدائية، مثل اليعسوب)، أو ما إذا كانت إحدى زوائدها ستنمو إلى قرن استشعار أو ساق أو جزء من الفم أو جزء ما آخر. يؤكد السجل الأحفوري هذه الفكرة القائلة بأن مجرد تشغيل جينات Hox أو إيقاف تشغيلها يسمح بتغييرات مفاجئة، وليس ذلك في الزوائد والأجنحة فحسب، بل في عدد مقاطع الجسد أيضًا. فعلى سبيل المثال، يوضح عدد من الحفريات أن العديد من الحشرات البدائية كان لديها في الأصل أكثر من زوجين من الأجنحة، مما يشير إلى أن الاختزال إلى زوجين في اليعسوب وزوج واحد في العديد من الحشرات الأخرى؛ كان تغييرًا متماثلًا مفاجئًا. واتضح من دراسة أخرى أُجريَت في عام ٢٠٠٩ نشوء مجموعات جديدة كاملة من الديدان الألفية عن طريق التطور بالقفزات؛ إذ تمكَّن الباحثون من إضافة مجموعة من المقاطع الجديدة دفعة واحدة. وثمة دراسة أُجريتْ عام ٢٠٠٢ تضمنت وضع جين Ubx Hox الذي يوجد لدى القريدس في يرقة حشرة، واتضح منها أنَّ هذا الجين مسئول عن كبح نمو الأطراف في الحشرات (التي تمتلك ست أرجل، مقارنةً بعشر لدى معظم القشريات). قام علماء آخرون بالتغيير في جينات Hox لإثبات إمكانية الحصول على أي نوع أو عدد من الزوائد على كل مقطع من مفصليات الأرجل، أو إجراء تغييرات جذرية في تخطيط الجسد من خلال تغيير جيني بسيط.
هناك جين Hox رئيسي آخر، وهو Pax-6، والذي يقوم بتشغيل نمو الأعين في جميع الحيوانات تقريبًا. أظهرت الدراسات السابقة لأنواع مختلفة من المستقبلات الضوئية والعيون في المملكة الحيوانية أن هذا قد حدث بطرق عديدة ومختلفة، وذهب إرنست ماير وعلماء أحياء آخرون إلى أن شكلًا من أشكال العيون قد تطور بشكل مستقل ٥٠ مرة على الأقل (انظر الفصل العشرين). ففي النهاية، تتكون عين الحشرة أو ثلاثية الفصوص من مئات العدسات الصغيرة المتكتلة جميعها في حزمة كروية، في حين أن عين الفقاريات عبارة عن كرة مملوءة بالسوائل مع عدسة في أحد طرفيها، وتتسم عين الأخطبوط بالشكل نفسه لكنها تختلف كثيرًا في التفاصيل. بالرغم من ذلك، كشفت دراسات والتر جيرينج وزملائه منذ عام ١٩٩٤، أن كل هذه الأنواع المختلفة للغاية من المستقبلات الضوئية والعيون محكومة بالجين «Pax-6»، رغم أنها تطورت إلى وسائل مختلفة تمامًا لاستشعار المعلومات الضوئية ومعالجتها.

إن جميع هذه الأفكار هي جزء من مجالٍ بحثيٍّ جديد مثير يُعرَف بالنماء التطوري، وهو الآن أكثر المواضيع إثارةً في مجال التطور. لقد انتقلنا من إصرار الداروينية الجديدة على لزوم أن يتغير كل جين تدريجيًّا لإنتاج نوع جديد، إلى إدراك أن عددًا قليلًا فقط من الجينات التنظيمية الرئيسية هو الذي يجب أن يتغير لإحداث فارق كبير، وغالبًا ما يحدث ذلك خلال جيل واحد. ويجنِّبنا هذا المفهوم العديد من المشكلات السابقة بخصوص التطور الكبروي. فمن الممكن ألَّا تكون العملياتُ التي تبني تخطيطات جسدية جديدة، وتسمح للكائنات الحية بإنماء علاقات بيئية جديدة؛ ناتجةً عن تغيرات تطورية صغروية على نطاق صغير تُعمَّم عبر الزمن. لا يزال بعض أنصار التطور يعتبرون النماء التطوري محض امتداد لفكرة الداروينية الجديدة، لكن آخرين يرَون أنه يشكِّل مسارًا من نوع مختلف تمامًا عن ذلك المتصوَّر في خمسينيات القرن الماضي.

في كلتا الحالتَين، تخبرنا فكرة أن جميع الكائنات المتعددة الخلايا على الكوكب — سواء كانت حيوانات أو نباتات أو فطريات — تشترك في مجموعة الأدوات الجينية نفسها؛ بالكثير عن مدى ارتباطنا الوثيق ببقية الكائنات الحية. ويمكن لهذه المفاتيح الجينية القليلة الموجودة في مجموعة الأدوات الخاصة بنا، أن تنتج العيون والأطراف وغيرها من البنى المختلفة تمامًا في جميع الكائنات، من ذباب الفاكهة إلى الفئران إلى البشر. إن اكتشاف أن بعض المفاتيح الجينية يمكن أن تُحدِث تغيراتٍ جذريةً في بنية الجسد في وقتٍ قصيرٍ يسمح لنا بالنظر في إمكانية حدوث تغيراتٍ تطوريةٍ كبروية من خلال التغيرات البيئية، وفي إمكانية تأثر الجينات التنظيمية الرئيسية بالظروف البيئية. ذلك شيء لم يكن من الممكن لشخصٍ أن يتخيله، ولو كان لامارك، فضلًا عن تشارلز داروين!

قراءات إضافية

  • Carroll, Sean, Endless Forms Most Beautiful: The New Science of Evo Devo, New York: Norton, 2005.
  • ______, The Making of the Fittest: DNA and the Ultimate Forensic Record of Evolution, New York: Norton, 2006.
  • Gregory, T. Ryan, ed., The Evolution of the Genome, Amsterdam: Elsevier, 2005.
  • Held, Lewis I., Jr., Deep Homology? Uncanny Similarities of Humans and Flies Uncovered by Evo-Devo, Cambridge: Cambridge University Press, 2017.
  • ______, How the Snake Lost Its Legs: Curious Tales from the Frontiers of Evo-Devo, Cambridge: Cambridge University Press, 2014.
  • ______. Quirks of Human Anatomy: An Evo-Devo Look at the Human Body, Cambridge: Cambridge University Press, 2009.
  • Levinton, Jeffrey, Genetics, Paleontology, and Macroevolution, 2nd ed., Cambridge: Cambridge University Press, 2001.
  • Ridley, Mark, Evolution. 2nd ed., Cambridge, Mass.: Blackwell, 1996.
  • Wills, Christopher, 1989, The Wisdom of the Genes: New Pathways in Evolution, New York: Basic Books, 1989.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤