الفصل الحادي عشر

الإلقاء

يستخدم الممثل الإلقاء لكي:

  • (١)

    ينقل كلمات المسرحية إلى النظارة.

  • (٢)

    يعطي للكلمات معاني خاصة عن طريق نبرات الصوت.

  • (٣)

    ينقل للنظارة معلومات عن طبيعة الشخصيات وأمزجتها (كالعمر والمركز والقوة والهياج واليأس والغضب وغير ذلك).

  • (٤)

    يسيطر على مزاج المتفرجين كما تفعل الموسيقى تمامًا.

  • (٥)

    يعمل على التنوع.

فإذا لم يقم صوتك بكل هذه الأغراض معًا، فإنك لا تستغله إلى أقصى حد.

(١) النطق

النطق أول مشكلة عامة تواجه المبتدئ. ويمكن تعريف النطق بأنه اختيار الأصوات. ولكثير من الكلمات الشائعة نطقان أو أكثر يستعملها المتكلم المتعلم في الحديث اليومي. ومع ذلك، فقد يدل نطق كلمة ما على جهل باستخدامها الصحيح، وقد يكشف عن الإقليم الذي ينتمي إليه المتكلم. وهذان أمران لا يُستحبان في المسرح. ولذلك يحسن أن تلم بالنطق المتداول المتعارف عليه فيما يُسمى باللغة المعيارية أو «لغة المسرح» وتستخدمه بصفة دائمة، فيما عدا الأدوار ذات اللهجات الإقليمية الخاصة.

(١-١) تربية الصوت

إنك لتتعلم طول حياتك كيف تضبط طبقة صوتك ليسمعه مَن يبعد عنك مسافة خمس أو عشر أقدام. أما فوق المسرح فيجب أن تتكلم بحيث لا تسمعك السيدة العجوز الصماء التي تبعد عنك مسافة خمسين قدمًا أو مائة قدم فحسب، بل وبحيث تضطرها إلى الإصغاء أيضًا. وهذا يعني أنه عندما يصدر صوتك عاليًا بالقدر الكافي لكي يسمعه النظارة، فإنه يبدو لسمعك عاليًا «أكثر من اللازم». ويقول أساتذة الصوت: إن المهم ليس أن يكون صوتك عاليًا، بل أن يكون واضحًا. وهذا صحيح إلى حد ما. ومن الصحيح أيضًا أنني ظللت عدة سنوات أطلب من الممثلين أن يتكلموا بأعلى ما يستطيعون دون صراخ، ولكني مع ذلك لم أجد أي ممثل زاد على ذلك. وعلى أي حال، فسواء كنت تبلغ الأسماع عن طريق التسليط (أي أداء الصوت على الوجهة الصحيحة) أو بمجرد الشدة، فإن هناك بعض القواعد الأساسية في حرفية الكلام يجب أن تحذقها.

التنفس breathing

لا وجود للكلام دون تنفس. فإذا حافظت على امتلاء رئتيك دائمًا بالهواء دون إجهاد:

  • (١)

    توفر لديك مخزون وفير من الهواء الاحتياطي.

  • (٢)

    واتتك الثقة التي تصحب ذلك الاحتياطي من الهواء.

  • (٣)

    أمكنك تحسين نوع صوتك، فالصدر الممتلئ بالهواء يعمل كصندوق رنَّان.

  • (٤)

    استطعت أن ترفع صدرك إلى أعلى؛ وبذا يحسن منظرك.

فإذا رفعت صدرك أمكنك أن تتنفس من الحجاب الحاجز الذي هو عضلة قائمة بذاتها؛ ولذا تتوافر لها سيطرة لا تتوافر للعضلات الكثيرة التي تحرك الضلوع. وعندما تتنفس بوساطة الحجاب الحاجز، فإن معدتك تتحرك «إلى الخارج» في حركة الشهيق، و«إلى الداخل» في حركة الزفير. وإذا لم تكن قد تدربت على هذا، لقيت صعوبة في أول الأمر. فابدأ بالاستلقاء على ظهرك، وضع إحدى يديك على معدتك والأخرى على صدرك، لتتحسس الحركات. حافظ على صدرك مرتفعًا عديم الحركة حين تتحرك معدتك إلى الخارج وإلى الداخل. ويجب التمرن على هذا حتى يصبح عادةً. وزيادةً على ذلك فإن التنفس بوساطة الحجاب الحاجز مفيد للصحة.

يجب أن تتنفس كل حوالي عشر كلمات. ضع إشارات للتنفس فوق نصوص دورك، كالموضح بشكل ٣-٣، وتمرن على التنفس عند هذه المواضع في كل مرة تراجع دورك. «لاحظ أن تبدأ تنفسك للكلام قبل نهاية كلام الشخص السابق.»

إخراج الصوت let the sound out

لا فائدة في الأصوات الجميلة إن لم يُسمح لها أن تبلغ الهواء الطلق. ويتكلم كثيرٌ من الناس من خلال شفتين وفكين مطبقين، وألسنة ملتصقة بالحلق، مما لا يتيح للصوت فرصة الحياة. وعلى ذلك يجب أن تترك لسانك وفكك إلى أسفل، وتفتح شفتيك عند الكلام حتى يخرج الصوت طليقًا. على أن المهم ألا تُرغم الفك أو اللسان إلى أسفل بل تدعهما في ارتخاء؛ إذ إن التوتر في أية عضلة، سوى عضلات الأوتار الصوتية، يسبب خشونة الصوت. وإن كنت في حاجة إلى تدريب، وهذا ما لا شك فيه، فابدأ بالتثاؤب، ثم دع فكك يسقط كالأبله، ثم جرِّب غناء حرف من أحرف المد (العلة)، ثم زد فتح الفم حتى تتغير طبيعة الحرف ويصبح غير مفهوم. تمرَّن على جميع حروف المد بهذه الطريقة، تجد أن لكل حرف منها درجةً قصوى يفتح فيها الفم، تزيد كثيرًا على درجة فتحه التي تعودت عليها عند الكلام العادي. تدرب على النطق بحروف المد، وفتحة الفم أقل من الدرجة القصوى بقليل، واستمر في ذلك حتى تتعود نطق كل حرف بهذه الطريقة.

(١-٢) مخارج الألفاظ

يقرر النطق أي الأصوات نستعمل، وتعمل مخارج الألفاظ على توضيح وجلاء هذه الأصوات. وأهم الأصوات التي تساند وضوح الكلام هي الأصوات الانفجارية١ (p, b; t, d; k, g). ومما يؤسف له أن هذه هي الحروف التي نميل إلى إدغامها. وتوجد هذه الحروف أزواجًا، كالموضح بالفاصلات المنقوطة. ويُلفظ الحرف الأول من كل زوج «مهموسًا»؛ أي بغير اهتزاز الأوتار الصوتية. أما الحرف الثاني من كل زوج فيُلفظ «مجهورًا»؛ أي بوساطة اهتزاز الأوتار الصوتية. ومن الصعب لفظ حروف الشدة المجهورة فرادى، وإنما يكفي أن تتمرن على حروف الشدة المهموسة فقط؛ أي p, t, k.٢ وللتمرن على النطق بها استعمال «تدريب ستيل». تصور كل جزء كسلم موسيقي، الحرف فيه عبارة عن الدقة (النوتة) والشرطة هي الوقف.
figure

يجب أن يكون كل صوت قصيرًا واضح النهاية، فمثلًا «ت» وليس «ت وﻫ» ولا «ت ﻫ». فإذا استطعت النطق بالحروف «ت. ط. ك. ق» دون شائبة، وإذا استطعت أن تنطق فعلًا بجميع حروف الشدة جليةً في الكلام المتصل، تبينت تحسنًا ملحوظًا في وضوح ألفاظك.

وإذا كنت تميل إلى إحداث فحيح عندما تتكلم، فتدرب على الحروف «س. ش. د. ز. ظ» بتدريب ستيل. انطق بكل حرف قصيرًا قدر طاقتك، واجعل قطعه حادًّا في النهاية.

وتوجد عيوب كثيرة أخرى في إخراج الصوت، كالخنف، والتلعثم، واللثغ. بيد أنه ليس من السهل تصحيح هذه بغير أستاذ أخصائي في علم الأصوات.

وحركة الشفاه عاملٌ أساسي في النطق الواضح. حرِّك شفتيك كثيرًا قدر المستطاع. بالغ في تحريكهما وأنت تتمرن حتى تبدو كمَن يشوه قسمات وجهه. ولا خطر إطلاقًا من أنك قد تتعود الإسراف في حركة الشفتين عند الكلام العادي. فحركة الشفاه النشيطة تجعلك تضفي عليك مظهر الحيوية؛ ولهذا فهي جديرة بالتنمية، ولو من أجل هذه الغاية.

(١-٣) تنوع الصوت

لتنوع الصوت أهمية بالغة، فهي الوسيلة التي يسيطر بها الخطيب السياسي على مشاعر سامعيه حتى ولو خلت خطبته من أي شيء هام. وهو كذلك أهم سر لعظمة الممثل الذي يمتع المتفرجين بمسرحية هزيلة.

تنوع الشدة variety in volume

يجد المبتدئ صعوبة في جعل صوته مسموعًا؛ ولذا يتكلم جل الوقت بما يقرب من أقصى شدة لديه (دون أن يصرخ). على أنه مع زيادة طاقته الصوتية يصل إلى مدًى يستطيع فيه أن ينوع شدة الصوت وجهرها. حاول أن تعرف أرقَّ نغمة لديك يمكن سماعها بسهولة، ثم نوِّع صوتك بين هذه وأجهر نغمة.

تنوع الطبقة variety in pitch

لمعظم الناس مجال صوتي يصل إلى سلم أو سلمين منتظمين. وبقدر السيطرة على طبقات الجواب يمكن توسيع هذا المجال. والإنسان في الحديث اليومي يستخدم في العادة مقامًا أو مقامين في منتصف مجاله الصوتي مهملًا مقامات الجواب والقرار. فتعلم كيف تستعمل طاقتك الصوتية كلها.

تنوع السرعة variety in tempo

يميل غير المدرَّبين من الناس إلى الكلام على وتيرة واحدة ثابتة. وقد يسرعون في الكلام عند الغضب، أو يبطئون عند الملل. ومع ذلك فإنك لتجد سرعة كل جملة ثابتةً كما لو كانت تخرج بمقياس معين. حاول أن تتمرن على تغيير سرعة الكلام في أثناء الجملة الواحدة. وأجدى وسيلة لذلك هي أن تغير السرعة في وسط كلمة طويلة.

المد والقصر quantity

يجب تنويع الطول النسبي لكل صوت؛ فإن كثيرًا من الناس يتكلمون كما لو كانوا يعتقدون أنه يجب أن تتساوى جميع الأصوات في طولها كما تتساوى حروف سطر مكتوب بالآلة الكاتبة في مسافاتها البينية. والحقيقة أن الأصوات تختلف في أطوالها الطبيعية، ويجب المبالغة لا الاختزال في هذه الأطوال. وتُنطق حروف الشدة في اندفاع؛ ولذا تأتي قصيرة ولا تتغير.

والحروف الاحتكاكية (ف f، ڤ v، س s، ز z، ش ؛ ݘξ؛ ث θ، ذ δ، ﻫ h)٣ + تميل إلى القبح إذا مُدَّت؛ ولذا يجب أن تكون قصيرة. أما الحروف الأنفية (م m، ن n، η ن ج) والحرف الشجري (ل l) وجميع حروف اللين فتتميز بإمكانيات واسعة من حيث المد. وحتى حرفا الانزلاق (و w) و(ي i) يمكن تنويع المد فيهما إلى حد ما. ولم نذكر الحرف r لأنه يُنطق بطرق كثيرة متباينة. ولكي تكون في جانب الأمان انطق بحرف الراء (ر r) رقيقًا قصيرًا، إلا إذا اضطُررت إلى تَكراره في دور ذي لهجة خاصة.٤ حاول أن تكتب بعض جمل بطريقة رموز الأصوات اللغوية، ثم اكتب رقمًا فوق كل رمز يبين الطول النسبي لصوته، واتخذ طول حروف الشدة وحدةً للقياس.
I259I6 25I III2II II II25I2
təmaro aend təmaro nd təmaro

تنوع الطابع variety in quality

طابع الصوت هو الخاصية التي يمكنك أن تميز بها بين صوت الكمان وصوت الجرس وصوت المزمار عند تساوي طبقة الصوت. ولكثير من الناس قدرة غريبة على تغيير طابع أصواتهم، فيرن صوتهم كصوت الأطفال، أو يتكلمون بصوت أجش، أو رقيق، أو خشن، كيفما يشاءون. وللأسف، لا يستعمل هؤلاء الناس هذه المقدرة في تنويع إلقائهم والإفصاح عن الأفكار والعواطف التي تكمن وراءه. اختبر طابعك الصوتي ثم حاول أن تتمرن على أن تجعل صوتك خشنًا وأنت تتكلم عن الأشياء الخشنة، ورخيمًا عند الكلام على الموضوعات الشِّعرية، وجافًّا إذا أردت أن تكون فكهًا، وهكذا.

fig37
شكل ١١-١: «سيكون المرء»، مسرح جامعة ييل: من تصميم لورنس جولد واسر: يتوقف نوع الإلقاء في المسرحية على نوع الأسلوب. وهذه المسرحية فيما يبدو تتطلب إلقاءً جميلًا واضحًا. فأي ممثل ذو لكْنةٍ ظاهرة أو ذو ميل إلى الأداء العامي يفسد التأثير العام. لاحظ جو الهدوء الذي تولده الخطوط الرأسية والأفقية، ولاحظ كذلك التماثل الكلاسيكي للتشكيلات وبساطتها.

تدريب على التنوع exercise for variety

يكفي تدريب واحد لجميع أنماط التنوع الأربعة. اختر فقرة من عشرة سطور في مسرحية ما، والأفضل أن تكون من مسرحيات شكسبير، كما يمكنك أن تختار قطعة نثرية من تمثيلية حديثة إن شئت، وخير من هذا وذاك أن تستعمل النوعين كليهما. اقرأ الفقرة بصوت مرتفع محاولًا أن تحصل على أقصى قدر من التنوع في الشدة. ولا تهتم، في هذا الوقت، بالطبقة ولا بالزمن ولا بطابع الصوت. وسيَّان أبقيت هذه كما هي أم تغيرت. ثم نوِّع من شدة الصوت تنوعًا مجردًا كأنك تحاول ترجمة قطعة موسيقية. ويجب أن يكون تنوع شدة الصوت ممتعًا في حد ذاته، ولا تهتم بأن تجعل شدة الصوت مناسبة للألفاظ. وبعد تلاوة الفقرة عشرين أو ثلاثين مرة، تجد أنك تعمل من تلقاء نفسك على تحقيق التوافق بين شدة الصوت والمعنى.

جرِّب الآن تمرين الطبقة هكذا: اقرأ نفس الفقرة أو فقرة غيرها مستعملًا كامل طاقتك الصوتية، ثم حاول أن تجعل أنماط الطبقة ممتعة. بعد فترة ترى أنها لاءمت نفسها تلقائيًّا لمعنى الألفاظ. وعند التمرن على الطبقة، لا تفكر في العناصر الثلاثة الأخرى.

ينبغي كذلك عمل نفس التمرين للزمن والطابع. فترى أن الزمن قد تكيَّف بنفس طريقة طبقة الصوت وشدته. أما الطابع فتتجلى فيه مظاهر خاصة. وإن التغيير من الطابع الصبياني إلى الشاعري، إلى الخشن، إلى الوحشي، ليبدو سخيفًا إذا لم يتفق مع المعنى. ويلوح أنه لا توجد طريقة لمعرفة النقطة التي يجب أن تحدث فيها مثل هذه التغييرات. وزيادةً على ذلك، فإن تغييرات طابع الصوت تتم في الكلام العادي بطريقة ملفوفة؛ ولذا تبدو التغييرات الفجة اللازمة للتدريب شاذةً متنافرة. ومع ذلك، فإن ثابرت على التدريب، مهما بدا لك سخيفًا في أول الأمر، أمكنك أن تدرك تدريجيًّا كيفية استخدم التغييرات في طابع الصوت. عندئذٍ تستطيع أن تغير من طابع صوتك بطريقة أكثر التفافًا حتى تصل إلى المستوى الصحيح من المهارة اللازمة للإلقاء المسرحي.

أنماط الإلقاء speech patterns

ينشأ عن تغيير شدة الصوت وطبقته وزمنه أنماط معينة. ويتكون من نغمات الأغنية نمط من أنماط الطبقة. ويبين رقم ١ من شكل ١١-٢ خط طبقة أشبه بالنغمات الموسيقية، ولكنه أقل تحديدًا، حيث إن طبقات الإلقاء أقل دقة من الطبقات الموسيقية. ورقما ٢، ٣ من شكل ١١-٢ مبنيان على نفس المبدأ. ففي رقم ٢ يرتفع خط الشدة عند زيادة الشدة ويهبط عند نقصها. وفي رقم ٣ يبين خط الزمن المرتفع سرعة الإلقاء، كما يبين الخط المنخفض بطء الإلقاء. أما المنحنيات في الأرقام ٤، ٥، ٦، فتمثل تغيرات من أي نوع.

ليس التنوع في الإلقاء عديم النفع فحسب، بل هو ضار كذلك إذا سار على نمط رتيب. وفي رقم ٤ موجة نمط غير مقبول. ويبين رقم ٥ ارتفاعًا متكررًا على وتيرة واحدة. ويمثل رقم ٦ انخفاضًا متكررًا. والتكرار في مثل هذه الأنماط ممل، سواء استُعمل في الطبقة أو في الشدة أو في الزمن. وتوضح الأرقام ١، ٢، ٣ كيفية تحاشي مثل هذا الملل من الوتيرة الواحدة، وذلك بتنويع الأنماط.

النعومة smoothness

تتغير أنماط الإلقاء إما في نعومة وإما فجأة. والتغيرات الفجائية أكثر تأكيدًا وإثارةً. استخدم كلًّا من التغيرات الفجائية والناعمة لتنويع أنماطك. والتقطع، الذي ينجم عن توقف الصوت فجأة، ذو أثر فعال. أما الارتفاعات والانخفاضات الفجائية في طبقة الصوت أو شدته، وكذلك التغيرات الفجائية في طابعه، فمرغوبة لأنها أقل شيوعًا.

التأكيد emphasis

عندما تريد أن تؤكد كلمة، فمن المحتمل أن تفعل هذا بزيادة شدته. هذا ممكن، ولكنه قرين للرتابة. ويمكن التأكيد بالمقابلة، كما يمكن تأكيد اللفظ بتغيير طبقته، أو زمنه، أو طابعه، أو شدته. كذلك يمكن تأكيد الكلمة بخفض شدتها، أي نطقها برقة في عبارة جهورية الصوت. تمرَّن على هذه الطرق كلها، وتعلم كيف تستخدمها، وجدير بك أن تتعلم أيضًا كيف تؤكد لفظًا بوضع وقف بسيط قبله، وآخر بعده.

fig38
شكل ١١-٢

فواصل الفكر indicating breaks

يمكن الدلالة على فواصل الفكر بالوقف، أو بالتغيير الفجائي في الطبقة أو في الشدة. وقد شرحنا طرق وضع علامات الفواصل في آخر الفصل الرابع، ورسمنا شكلًا توضيحيًّا لذلك في شكل ٣-٣. وإن استخدم الفواصل بذكاء ليعمل على حيوية الإلقاء ونشاطه.

البناء الإلقائي speech builds

يجب بناء العبارة الإلقائية، مهما كان طولها، لتصل إلى ذروة معينة؛ أي ينبغي زيادة أحد العناصر الآتية من بداية العبارة حتى نهايتها: (١) الشدة. (٢) الحدة العاطفية. (٣) التنوع. (٤) الخطو. كما أنه بالإمكان إحداث تدرج بنائي في الطبقة، غير أنه يتصف بالخطورة إذ يفقد الشخص قوته عندما يغدو مجلجل الصوت. ومن الصعب فنيًّا عمل بناء في عنصر واحد. ومن المستحسن عادةً أن تبدأ بالبناء في عنصر ما ثم تنتقل إلى عنصر آخر، أو تبني في عنصرين أو ثلاثة معًا.

وكما يحدث في جميع حالات البناء، يكون التحفظ على البناء أشق من البناء نفسه (انظر أواخر الباب السادس).

التعلية topping

تُستخدم طريقة تُعرف باسم «التعلية topping» عندما يقوم ممثلان أو أكثر بالبناء معًا. فيبدأ الممثل بالإلقاء بدرجة أعلى في الشدة أو في الخطو أو نحوهما، من آخر كلمة ألقاها الممثل السابق له. وهذه الطريقة مجدية جدًّا، ولكنها تحتاج إلى مران؛ لأن البناء الذي من هذا النوع يستلزم ارتفاعًا سريعًا لدرجة أنه يتعذر الارتفاع بعد ثالث عبارة. ولاجتناب هذا: (١) ابدأ المشهد بأقل درجة ممكنة. (٢) اترك مكانًا للارتفاع بين العبارات بالمحافظة على تساوي درجة الإلقاء في العبارات نفسها. (٣) انتهز أية فرصة للخفض في ثنايا العبارة، ولكن لا تخفض بين العبارات إطلاقًا.
١  يقابلها في العربية أصوات الشِّدة «ب. ت. د. ط. ض. ك. ق. ج الجافة».
٢  يقابلها في العربية أصوات الشِّدة المهموسة «ت. ط. ك. ق». انظر مقال «فن الكلام» بالعدد التاسع من مجلة «الفن الإذاعي» للمراجع.
٣  بالإضافة إلى بقية الأصوات الرخوة في العربية، وهي «ص – ظ – ح – خ – غ».
٤  هذه الملاحظة تخص نطق الراء في الإنجليزية، أما في العربية فترقق الراء إذا كانت مكسورة أو ساكنة يسبقها كسر، وتفخم إذا كانت مفتوحة إلا إذا سبقها كسرة أو ياء ممدودة، وكذلك إذا كانت ساكنة يسبقها فتح. كما ترقق اللازم إلا إذا كانت مفتوحة أو جاورت صوت استعلاء ساكنًا أو مفتوحًا فتُغلَّظ. (المراجع)

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤