الفصل الثاني والعشرون

عملية الإخراج

تبدأ عملية الإخراج بعد أول قراءة للمسرحية. وعندئذٍ تُترجَم ترجمة مبدئية؛ لأنه من الحماقة اختيار مسرحية دون التأكد من فهم معناها. وتتوقف مدة الترجمة ومداها على طريقة المخرج، ولكن لا أقل من تحديد القيم الأساسية، والموضوع، والعلاج (بما فيه الروح والأسلوب)، والمميزات الإجمالية للشخصيات. وإذا بدا أن بعض حوارها غير مناسب للعناصر التي اختيرت، فيجب البحث عن تفاسير ملائمة.

(١) التمهيدات

كلما كثر ما تعده قبل التجارب (البروفات») قلَّت متاعبك، وحسن إخراجك.

(١-١) خطة الإخراج production plan

يجب تحديد الخطة العامة للإخراج بأسرع ما يمكن، ويجب أن تكون إجابة عن الأسئلة الآتية:

  • (١)

    على أي درجة من الفخامة سيكون العرض؟ ولو قدر بذل المال والجهد في بعض البنود دون الأخرى، فأيها تفضل؟

  • (٢)

    هل سيكون عدد الممثلين ضخمًا أم قليلًا؟ هل ستعمل على الإقلال من عددهم بحذف بعض الشخصيات غير الضرورية، أم هل ستضيف إليهم؟

  • (٣)

    ما عدد المناظر التي ترغب في استعمالها؟ وما الكيفية التي سيتم بها تغيير المناظر، إن كان ثَمة تغيير؟

  • (٤)

    هل ستعمل مناظر جديدة، أم يمكن تكوينها من الوحدات المحفوظة بالمخزن، أم هل ستكتفي بالمنظر الموجود أو بقوس الستائر على علاته؟

  • (٥)

    هل ستتطلب المسرحية صنع ملحقات كثيرة، أم هل سيمكن أخذها من الموجود بالمخزن، أم تستأجر، أم تستعار؟

  • (٦)

    والملابس، هل ستستأجر أم تصنع؛ أم يمكن عمل تعديلات بالملابس الموجودة، أم تستعار؟

  • (٧)

    ما أهمية الإضاءة؟ هل ستكون الإضاءة تقليدية عادية أم تتطلب أجهزةً خاصة؟

(١-٢) التصميم designs

تعمل تصميمات المناظر والملابس وغيرها في وقت واحد مع خطة الإخراج؛ لأن كلًّا من الخطة والتصميمات يتأثر بالآخر، وعادةً لا تعمل رسوم التشغيل للمناظر ونظام أجهزة الإضاءة إلا بعد الانتهاء من التصميمات.

(١-٣) نسخ المسرحية scripts

إذا كنت ستستعمل النسخ المطبوعة، يجب أن تطلبها بمجرد الانتهاء من تجديد العدد اللازم منها. وإذا كانت ستُكتب على الآلة الكاتبة، فينتظر حتى ينتهي المخرج من حذف ما يريد حذفه من النص الأصلي.

(١-٤) اختيار الممثلين casting

بعد تقرير الخصائص الإجمالية لأشخاص المسرحية، يعقد اجتماع للجنة اختيار الممثلين (انظر الفصل السابع)، عدة أيام قبل الاختبارات التمهيدية التي يجب أن تُجرى قبل أول تجربة (بروفة) بأسبوع أو بعشرة أيام، حيث إن إجراءها قبل ذلك قد يؤدي إلى فقدان الاهتمام، كما أن تأخيرها عن هذا الموعد لا يتيح الوقت الكافي لشغل الأدوار التي لا يستقر الرأي على إسنادها في الاختبارات العادية. وبمجرد اختيار ممثل يجب أن يعطى نسخة من النص أو من الدور المسنَد إليه، ليبدأ الإلمام بالمسرحية.

(١-٥) هيئة العمل staff

ينبغي الإسراع بتعيين رؤساء الطواقم بقدر الإمكان، ثم يشرح لهم مجمل عملهم، ويطلب منهم اختيار أعضاء طواقمهم.

(١-٦) اجتماع هيئة العمل staff meeting

تجتمع هذه الهيئة بمجرد الاستعداد لبدء العمل الفعلي للإخراج، الذي يكون عادةً قبل أول «بروفة» بأسبوع، فيجتمع كل المصممين ورؤساء الطواقم ومساعدوهم، ثم يوزع المخرج نسخ المسرحية على رؤساء الطواقم ويطلعهم على ما أعد من رسوم تخطيطية أو رسوم للعمل أو نماذج … إلخ، أو يطلعهم على بعض الصور في الكتب أو المجلات ليوضح لهم نقطًا معينة في طراز الملابس أو الأثاث، أو في طريقة الزخرفة الداخلية.

بعد ذلك يشرح لهم خطة الإخراج باختصار، ويحدد لكل طاقم عمله. وإذا كانت هناك بعض المشاكل لزم تحديدها ليمكن البدء في الحال بالعمل على تذليلها والتغلب عليها. كذلك تناقش في ذلك الوقت مسائل المناظر والإضاءة والملحقات والملابس التي يكتنفها أي شك من حيث تحديد الاختصاص. كما يجب إخطار المشرف على الملحقات بأي تغيير في قائمة الملحقات المطبوعة بالمسرحية، إما بالحذف وإما بالإضافة. ويشجع كل فرد على إبداء ما يعنُّ له من أسئلة لتحاشي الصعوبات وسوء الفهم في المستقبل. ولا تقتصر أهمية اجتماع هيئة العمل على إعطاء التعليمات الضرورية باختصار، وإنما لتجعل رؤساء الطواقم يشعرون أيضًا بأنهم جزء من منظمة تعمل بالتضامن لهدف مشترك.

(٢) التدريبات

هناك طريقتان لتنظيم التدريبات؛ إحداهما أن ترتب المشاهد المختلفة بحيث تتيح لطائفة من الممثلين أن تُجري تدريباتها معًا. والمفروض في هذه الطريقة أنها توفر الوقت؛ لأن الممثلين لا يحضرون إلا في التدريبات التي تخص مشاهدهم، ولأن المشاهد المتعِبة يمكن أن يجري التدريب عليها مرارًا، على عكس تلك التي تنساب في سهولة. ومع ذلك، فلِكي يدرك الممثلون ترابط المسرحية واطرادها يجب أن تُجرى تدريبات خاصة تتتابع فيها المشاهد بنظامها الطبيعي في النص، وعلى ذلك تضيع هذه الطريقة في النهاية وقتًا يزيد عما توفره في البداية. وليس في مقدوري أن أحكم عليها بإنصاف لأنني لم أقتدِ بها شخصيًّا.

أما الطريقة الثانية فتعمل فيها تدريبات كل فصل على حدة حتى يُحفظ تمامًا، ثم ينتقل إلى ما بعده، وهكذا حتى آخر فصل. والحقيقة أن قليلًا من الوقت يضيع بهذه الطريقة، ولا يُستدعى الممثلون إلا عند عمل تدريب الفصل الذي يظهرون فيه، ويسمح لمن كانت أدوارهم قصيرة بالغياب عن كثير من التدريبات الأخرى. وتستغرق المشاهد الصعبة كثيرًا من الوقت، في حين تمرُّ المشاهد السهلة بسرعة. وقد تستلزم المشاهد الصعبة تدريبات خاصة. ولا توضح هذه الطريقة اطراد المسرحية فحسب، بل وتجعل بالإمكان تنظيم التدريبات مقدمًا؛ مما يساعد الممثلين على وضع خططهم مقدمًا. وإذا لم تكن تجزئة المسرحية إلى فصول مريحة في العمل، فيمكن ابتكار تقسيم آخر لها.

(٢-١) مدة التدريبات وعددها length and number of rehearsals

يجب أن يستغرق كل تدريب ثلاث ساعات؛ إذ لا يكفي أقل من هذا الوقت. وعند التمرن على كل فصل على حدة في أثناء التدريبات الأولى، يحتاج كل فصل (أو كل ثلث من المسرحية) إلى حوالي ثلاث ساعات. فإذا قلَّ زمن التدريبات عن هذا أو كان الممثلون قليلي الخبرة، تقسَّم المسرحية إلى أكثر من ثلاثة أقسام. وعند عمل تدريب للمسرحية بأكملها، فإن المسرحية نفسها تستغرق ساعتين يضاف إليهما ساعة أخرى على الأقل للتصحيح والتعليق. فإذا استغرق التدريب وقتًا أطول، مل الممثلون وفقدوا اهتمامهم بالمسرحية. وقلما يتعلم الهواة شيئًا بعد مرور ثلاث ساعات، وبناءً على ذلك فإن هذه الفترة هي عمليًّا أقل ما يجب، وأقصى ما يجب. وتحتاج المسرحية إلى عدد من التدريبات يتراوح بين ثمانية عشر، وثلاثين تدريبًا مدة كلٍّ منها ثلاث ساعات. ويتوقف العدد على سهولة المسرحية أو تعقيدها، وعلى خبرة الممثلين أو عدمها.

أما التدريب بملابس المسرح (البروفة الجنرال) فيجب أن يستمر خمس ساعات اعتبارًا من الساعة المحددة لحضور الممثلين للمسرح، إلى وقت انصرافهم. فإذا حُجزوا أكثر من ذلك، فلن يُظهروا حيوية في المساء التالي. وتحتاج المسرحية إلى تدريبين على الأقل بملابس المسرح، وقد يبلغ عددها أربعًا أو خمسًا إذا قامت صعوبات في المناظر أو في الإضاءة.

(٢-٢) التدريبات التمهيدية preliminary foundation rehearsals

قبل وضع الممثلين على المسرح وتوزيع الحركة والتشكيلات ونحوها عليهم، يرى بعض المخرجين تخصيص تدريب أو تدريبين لقراءة المسرحية ومناقشتها. وذات مرة قمت بتجربة لإخراج مسرحية واحدة بفرقتين مختلفتين من الممثلين، مع إجراء نفس عدد التدريبات في الحالين. فبدأت إحدى الفرق عملها على المسرح مباشرةً، وأنفقت الأخرى بعض التدريبات في مناقشة المسرحية بالتفصيل وتحليل كل سطر فيها. وكان بعض الممثلين في الفرقة الثانية على جانب عظيم من الذكاء، غير أنه في أثناء التدريبات التالية لم يُظهر أحد منهم أي دليل على تذكُّره ما دار في المناقشات التمهيدية. ومنذ ذلك الوقت وأنا أبدأ العمل على المسرح مباشرةً.

(٢-٣) تدريبات الأساس foundation rehearsals

يجب وضع أسس الأفعال الدرامية في أثناء التدريبات التسع الأولى، وهذا يعني:

  • (١)

    وضع التشكيلات والحركة وجعلها تلائم الشغل الأساسي.

  • (٢)

    إعداد جميع الدوافع اللازمة للحركة.

  • (٣)

    حفظ الحوار والحركة، أو بمعنًى آخر، ينبغي للفرقة في التدريب العاشر أن تقدر على تقديم عرض مبسط، تنقصه طبعًا اللمسات الفنية، وإن كانت لا تنقصه الليونة والتدفق.

ويجب عدم التمسك بالتفاصيل في هذه الفترة التأسيسية. وإذا كان على أحد الممثلين القيام بعمل معقد، كإعداد مائدة مثلًا، سُمح له بالتمرن عليها بطريقة مجملة دون التقيد بمعرفة الموضع الحقيقي لكل شوكة، ودون التقيد بمفتاح وضعها. فالمخرج الذي يصرُّ على كثير من التفاصيل في التدريبات الأولى يربك الممثل. ومن جهة أخرى يجب ألا يسمح للممثل بارتكاب الأخطاء البسيطة. فإذا كان على الممثل أن يستعمل تليفونًا غير عادي، كتليفون نيويورك مثلًا، وجب إخباره بأن يدير القرص سبع مرات بدلًا من الخمس أو الأربع التي تعود عليها في بلدته.

(٢-٤) التدريب الأول first rehearsal

يشرف المخرج بنفسه على وضع الأثاث اللازم للتدريب قبل مجيء الممثلين (انظر رقم ٣ شكل ١٦-٣)، ويبدأ التدريب بشرحٍ مفصَّل للمنظر مبينًا كل شيء على الرسوم التخطيطية، ومفسرًا كل قطعة أثاث، وكل باب وكل نافذة.
fig69
شكل ٢٢-١: «القتلة»، مسرح جامعة ييل: تصميم ماري لو وليامز: هذا منظر في ميلودراما واقعية روعي فيه دقة التفاصيل. ومع ذلك فإن مزاج المسرحية وتكوينها يتوقف على الإضاءة المسببة للكآبة. والتقابل بين الظلال والأنوار المتكسرة من مميزات الميلودراما الحديثة ذات الأفعال.

بعد ذلك يجمع الممثلين الذين سيفتتحون المسرحية ويطلب منهم البدء بالقراءة. ومن هنا يتحتم عليهم أن يتبعوا التعليمات التي يلقيها عليهم المخرج. ويُشجَّع الممثلون على القيام بالحركات البسيطة التي تصدر منهم طبيعيًّا، ولكن لا ينبغي أن يجلسوا أو ينهضوا أو يؤدوا أية حركة كبيرة إلا بتعليمات من المخرج لئلا يتعارض هذا مع خططه. ولهذا السبب يجب أن يتجاهل الممثلون أية حركات تستدعيها التعليمات المطبوعة. ويستطيع الممثل إدخال حركة شغل على النص دون انتظار تعليمات من المخرج، كأن يمسك علبة سجائر ويقدمها لمن أمامه إذا كان النص يقول: «هل لك في سيجارة؟»

وكلما أتى مشهد صمم له المخرج تشكيلًا خاصًّا، ينسِّق الممثلين في أماكنهم الصحيحة. وعندئذٍ يشرح لهم المخرج الرسم التخطيطي لأرض المسرح مع ترك التفاصيل المعقدة إلى ما بعد.

ومهما أحكم المخرج خطته فلا بد من ظهور مصاعب. فقد يكون هناك سؤال محير مثل: لماذا يقف ممثل في أسفل اليسار على حين يجوز له لنفس الأسباب أن يقف أعلى الوسط؟ وقد يتعذر تمثيل فصل رئيسي بغير إفساد تشكيل هام، أو قد يكون الفصل مستحيلًا إلا إذا عملت حركة صعبة التنفيذ. فإذا لم يستطع المخرج حل مثل هذه المآزق في الحال، فالأجدر ألا يضيع فيها وقتًا، وإنما يشير إلى طبيعة الصعوبة ويعد بحلها في المستقبل ويستمر في التدريب.

أكمل الفصل في ثلثَي الوقت المحدد للتدريب، ثم راجعه بسرعة في الوقت الباقي. ولا تقاطع الممثلين إلا إذا نسوا شيئًا أو وجدت حلًّا لبعض المشاكل في كلمات موجزة. وإن مراجعة الفصل بعد التدريب لأمرٌ حيوي؛ إذ يثبِّت ما حفظه الممثلون. وبدون المراجعة ينسى الممثلون في التدريب الثاني نصف ما عملوه في التدريب الأول، وفضلًا عن هذا، تجد أن عدة مشاكل تختفي في المراجعة كما لو كان اختفاؤها بفعل السحر. لهذا يترك المخرج دائمًا بعض الوقت للمراجعة حتى ولو لم يكمل الفصل. وفي أثناء المراجعة يدوِّن المخرج ويحصي أهم المسائل الباقية، ويحل ما يستطيع حله منها قبل التدريب التالي.

(٢-٥) التدريب الثاني second rehearsal

يعاد تمثيل الفصل مرةً ثانية حتى بلوغ مشكلة ما، فيقاطع المخرج سير التدريب، فإذا كان توصل إلى حل المشكلة يشرح لهم الحل والتصحيحات، وإلا جرَّب بعض الحلول الممكنة، أو طلب من الممثلين إبداء مقترحاتهم بخصوصها. فإذا لم يوفق ترك المسألة واستمر في التدريب، على أن يخصص ثلاثة أرباع الساعة في نهاية الفترة لمراجعة الفصل.

(٢-٦) التدريب الثالث third rehearsal

يخصص هذا التدريب لتمرين الذاكرة، فلا يسمح للممثلين بالقراءة من أية أوراق، فالأوراق تعوق الإيماءات وتثقل العواطف؛ ولذلك يجب أن يستغني الممثلون عن القراءة من النسخة. ثم يكرر تمثيل الفصل عدة مرات حسبما يسمح الوقت، مع مقاطعة المخرج لتصحيح الأخطاء وحل المشاكل السهلة. ولكن يجب ألا يدخل شيئًا جديدًا أو يقوم بتصحيحات كبيرة. كذلك يستطيع المخرج أن يعمل الكثير بالإرشاد المهموس إلى الممثلين الموجودين خارج المسرح.

(٢-٧) التدريبات من الرابع إلى التاسع fourth to ninth rehearsals

يمثَّل الفصل الثاني في التدريبين الرابع والخامس بنفس الطريقة التي مُثِّل بها الفصل الأول في التدريبين الأولين، ثم يراجع في التدريب السادس ليثبت في أذهان الممثلين، ويكرر ثانيةً وثالثةً بقدر ما يسمح به الوقت، مع عدم استعمال نسخ من النص. بعد ذلك يمثل الفصل الثالث في التدريبين السابع والثامن، ثم تراجع المسرحية كلها في التدريب التاسع بدون أوراق لكي تثبت في أذهان الممثلين.

(٢-٨) تدريبات الحفظ pick-up rehearsals

يجب أن يكون الممثلون الآن قد حفظوا أدوارهم جيدًا بحيث يستطيعون تمثيلها دون تلقين وبغير توقف. فإذا لم يكونوا قد وصلوا بعد إلى هذه المرحلة، فمعنى ذلك أنهم لا يزالون في حاجة إلى تدريب آخر أو تدريبين لتثبيت النقط الأساسية.

(٢-٩) تدريب السرعة speed rehearsal

تُستعرض المسرحية كلها في هذا التدريب بسرعة فائقة كما لو كانت فيلمًا يدور في سرعة. وقد تُطمس فيها الحركة وتُدغم الكلمات بعضها في بعض، ولكن لا ينبغي حذف أي شيء مهما كان صغيرًا.

خصصْ ساعة لكل فصل، وحاول أن تراجعه ثلاث مرات في تلك الساعة. لا ريب في أن هذا التدريب شاق على الجميع، ولكنه ضروري. كما ينبغي أن يكون الملقن على استعداد للتدخل إذا تأخر الممثل عن التقاط مفتاحه بمقدار دقة واحدة. كذلك يجب أن يدأب المخرج على طلب الإسراع وإلا أبطأ الممثلون. فبمثل هذه المشقة تحصل على نتائج باهرة، ولن يثبت حفظ الممثلين لأدوارهم إلا بهذه الطريقة، كما أن التركيز اللازم لأداء مثل هذا التدريب يقصي عن الممثلين كل إحساس بالذات. وبعد ممارسة التمثيل بسرعة لن يكون لأي ممثل عذر إذا تلكأ في أي تدريب آخر، أو في العرض.

(٢-١٠) تدريبات التوجيه pointing rehearsals

في أثناء التدريبات الثلاثة أو الأربعة التالية:

  • (١)

    تضاف التفاصيل، في الحركة والشغل.

  • (٢)

    تنمق التشكيلات والأوضاع.

  • (٣)

    تلطف المشاهد الجافة بإضافة اللمسات.

  • (٤)

    تصحح الأشياء غير المقبولة، وعادةً يكون هناك عدد كبير من هذه، كتشكيلات لم يوزع فيها التأكيد توزيعًا صحيحًا، أو حركة تنم عن علاقة خاطئة، وغير ذلك.

وخير طريقة هي أن تبدأ الفصل الأول من مبدئه، وتشرع في تصحيح الأخطاء بالترتيب. استمِر في العمل بهذه الطريقة حتى تبقى صحيفة واحدة تقريبًا من المسرحية لكل دقيقة باقية من وقت التدريب. عندئذٍ توقف عن التصحيح، وراجع بقية المسرحية إلى نهاية التدريب. وفي التدريب التالي، راجع المسرحية حتى تصل إلى النقطة التي وقفت عندها في المرة السابقة، ثم اشتغل ببطء، مصححًا ومضيفًا بعض التفاصيل حتى يكون المتبقي من الوقت كافيًا تمامًا لمراجعة بقية النص قبل أن ينتهي وقت التدريب. استمر على هذا النمط في كل تدريب حتى تنتهي من المسرحية كلها.

(٢-١١) تدريبات الحرفية technical rehearsals

إذا استلزمت المسرحية تغيير المناظر عدة مرات، أو كان بها مشاكل حرفية أخرى، وجب إجراء تدريبات حرفية خاصة يحضرها عمال المسرح المختصون، مع ملاحظة تخصيص جميع الوقت لمشاكلهم. وسواء أكانت هناك حاجة إلى مثل هذه التدريبات أم لم تكن، فإنه يجب إنفاق جزء من وقت التدريبات الأخيرة في بعض المشاكل الحرفية الصغيرة كالملابس والمكياج والإضاءة والمؤثرات، وتعويد الممثلين على استعمال الملحقات المعقدة، وغير ذلك. وقد يتيسر عمل كل هذه الأشياء في تدريب واحد يخصص لها فيقوم الممثلون بمراجعة النص وتذليل المشاكل الحرفية الواحدة تلو الأخرى بترتيب ظهورها. وكثيرًا ما يتم ذلك في التدريبات العادية.

ويستطيع الممثل الانتفاع بوقت فراغه خارج المسرح في ارتداء ملابس التمثيل أو عمل المكياج، ثم الظهور بها على المسرح عندما يأتي دوره. وعندئذٍ يستطيع المخرج والمصممون ورؤساء الطواقم التأكد من ملاءمتها. وكذلك يمكن ضبط مفاتيح الإضاءة والمؤثرات بمثل هذه الطريقة.

(٢-١٢) تدريبات الخطو والبناء rehearsals for pacing and build

يلزم تخصيص تدريب أو اثنين قرب النهاية للخطو والبناء؛ إذ يكون المخرج قد أحصى المشاهد التي تتطلبها واستعد لها.

fig70
شكل ٢٢-٢: «هاملت»، مسرح جامعة ييل: تصميم ماري إليزابيث بلين: لا شك في أن مسرحيات شكسبير تكتسب تأثيرًا قويًّا إذا مُثلت في مسرح على الطراز «الإليزابيثي». ومع ذلك فإذا لم يكن المخرج قديرًا، تحولت المسرحية إلى متحف. ولست أدري هل المسرحية التي تمثَّل بهذه الطريقة تصل إلى الشدة الدرامية أو إلى الجمال الشعري اللذين تبلغهما، عندما تعالج بالطرق المسرحية الحديثة.

قلما تتطلب المشاهد الإبطاء، ولكن بعضها قد يقتضي الإسراع، كما قد يحتاج بعض آخر إلى السرعة المطردة، التي هي في الحقيقة جزء من البناء.

ومن المحتمل أن تكون بعض مظاهر البناء الحرفية قد نُفذت، كزيادة عدد الممثلين أو مضاعفة الحركة أو ما إلى ذلك. ولكن بناء التوتر العاطفي لا تمكن معالجته معالجةً صحيحة إلا بعد تكامل المسرحية وتدفقها في ليونة. وهذا النوع من البناء هو الذي يجب ضبطه في هذه التدريبات.

(٢-١٣) تدريبات التهذيب polishing rehearsals

يسير العمل في التدريبين أو الثلاثة الأخيرة دون استراحة إلا فيما بين الفصول. فتجلس مساعدة مدير المسرح بجانب المخرج في الصالة لتقيد ملاحظاته، ويستمر الممثلون في إجراء التدريبات بدون ملقن. وبين الفصول يُستدعى الممثلون إلى مقدمة المسرح وتقرأ عليهم ملاحظات المخرج مع بيان التفسيرات اللازمة. إن مثل هذه التدريبات عنصر هام للتأكد من حسن سير المسرحية وإعطائها رونقها الأخير.

(٢-١٤) التدريبات الخاصة special rehearsals

إذا تضمنت المسرحية مشاهد هامة بها حشود من الناس، وجب تمثيلها في تدريبات خاصة بالمجموعات. وتنظم هذه التدريبات ما بين التدريبات العادية حتى تعرف المجموعات حركاتها وإشاراتها. وإذا كان للبطل مواقف مع المجموعات مباشرة، كما في حالة مارك أنطوني في مسرحية «يوليوس قيصر»، وجب أن تحضر المجموعات هذه التدريبات. وبعد أن تأخذ المجموعات فكرة صحيحة عن وظيفتها، تُستدعى بين كل تدريبين أو بين كل ثلاثة تدريبات. وفيما عدا ذلك تقرأ مساعدة مدير المسرح عبارات الحوار الخاصة بالجموع. هذا الإجراء يسمح للمجموعات بأخذ صورة عامة عن ترابط دون تكليف أفرادها بحضور تدريبات تزيد على اللازم، كما يسمح بعدد من التدريبات يعمل فيها أبطال المسرحية دون ذلك الإزعاج الذي يصحب وجود المجموعات عادةً.

كذلك يجب التمرن على المشاهد ذات الشغل الكثير التفاصيل، كالمشاجرات ومشاهد الحب، في تدريبات خاصة. وعادةً تستمر هذه التدريبات مدة ساعة في مواعيد تلائم الممثلين المشتركين فيها. ولا فائدة من عمل هذه التدريبات إلا إذا كان الممثلون يحفظون أدوارهم تمامًا. ويتوقف عدد التدريبات الخاصة على صعوبة المشاهد نفسها، وعلى الوقت الذي يستطيع المخرج والممثلون أن يخصصوه لها.

fig71
شكل ٢٢-٣: «الفصل الأول من هنري الرابع»، مسرح جامعة ييل: تصميم فرانك بيفان: هذا المنظر تعديل حديث لمسرح على الطراز «الإليزابيثي»، روعيت فيه جميع المميزات، مع اجتناب كل الأخطاء، لإخراج كالمبين بشكل ٢٢-٢. فبساطة التصميم حل جيد لمشكلة إخراج مسرحيات شكسبير على مسرح محدود أو بميزانية محدودة. ويجب تحاشي التأنق في الإضاءة في مثل هذه الحالة.

(٢-١٥) الإرشاد الفردي coaching

يختلف الإرشاد الفردي عن الإخراج في كونه يتناول الممثلين فردًا فردًا لا دفعة واحدة. والغرض منه رفع القدرة الفنية للمثل أكثر من تأهيله للمسرحية التي يمثلها. ولا تنتظر أن يكون هذا الإرشاد سببًا في تحويل العرض الرديء إلى عرض جيد، ولكنه على أي حال يرفع العرض المتوسط إلى درجة مقبولة. وتبدو فائدة الإرشاد الفردي واضحة في تمثيل الهواة إذ يرفع مستوى التمثيل.

يجب أن يمكث المخرج جلسةً مقدارها ساعة كاملة على الأقل مع كل ممثل، من البطل إلى من يقوم بأتفه الأدوار. وإن هذا ليستغرق وقتًا طويلًا في المسرحيات المتعددة الشخصيات، بيد أن النتيجة تُجدي دائمًا وخاصةً عند العمل مستقبلًا مع نفس الممثلين.

لا ينبغي استدعاء الممثل إلى جلسة الإرشاد الفردي إلا إذا كان مستعدًّا لها. ويتضمن الاستعداد لها مسائل سيكولوجية خاصة يعرفها المخرجون بالتمرين، ولكننا سنذكر هنا بعض المبادئ العامة … إذا أساء الممثل ترجمة دوره أو أظهر عيوبًا حرفية خطيرة، كالوقفة الرديئة، أو الحركة المكبوتة، أو الميل إلى إدغام الكلام، وجب تصحيح كل هذه في حالة إرشاد خاصة بمجرد بدء التدريبات. ويحتاج مثل هؤلاء الممثلين إلى بعض الإرشاد زيادة على الجلسة الأولى. أما الممثلون الآخرون فيرجأ إرشادهم إلى ما بعد تدريبات الأساس، وعندئذٍ يكون الممثل قد حفظ دوره جيدًا.

ولكل ممثل مشاكله في أسلوب الإرشاد. وإلى أن يلم بها المخرج يحسن به أن يعالج الأمر بالطرق الآتية:

  • (١)

    تأكد من فهم الممثل لترجمة المسرحية بأن تسأله عما ينتظر أن يستفيده الجمهور من العرض في مقابل ما أنفق على المسرحية من وقت ومال. وهل المسرحية كوميدية فتدعوهم إلى الضحك؟ أم هي ميلودراما فتثير حماستهم؟ أو دراما فتحرك عواطفهم؟ أو بمعنًى آخر، يجب على المخرج أن يطلب من الممثل تخطيط القيم الأساسية للمسرحية بلغته هو (انظر [الفصل الرابع: ترجمة المسرحية – مواد المسرحية وقيمها]). وبعد ذلك اطلب منه تحديد بطل المسرحية، فإن البحث عن جواب لهذا السؤال يتيح للممثل أن يُكوِّن فكرة عامة عن بناء المسرحية، حتى ولو كان دور البطل ظاهرًا، غير أن أهمية السؤال تزداد بالطبع إذا لم يكن للبطل دور طويل أو لم يكن دوره أكثر الأدوار بروزًا. وإذا لم يكن الممثل نفسه يقوم بدور البطل، فاسأله عن وصف الشخصية التي يمثلها وأهميتها في المسرحية. ستكون الإجابة عن هذه الأسئلة صعبة حتى على الممثل الذكي، وعندئذٍ يفسر المخرج كثيرًا من النقط. وإن توجيه فكر الممثل إلى هذه الأشياء ليفعل العجائب، وخصوصًا إذا عرف أن وظيفته هي أن يفعل كل ما في وسعه ليزيد، لا لينقص، من بلورة مضمون المسرحية كلها كوحدة مجتمعة.

  • (٢)

    صحح أي ضعف حرفي يبدر من الممثل، سواء أكان في الكلام، أم في الوقفة، أم في الخطوات، أم ما شاكل ذلك.

  • (٣)

    اشرح للممثل تفاصيل بعض حركاته، وما هذا في الحقيقة إلا تدريب قصير خاص، ولكن لها فائدتها العظمى في جلسة التعليم.

  • (٤)

    اسأل الممثل عما لاقاه من صعوبات في الترجمة أو في المسائل الحرفية، ثم ساعده على حلها.

  • (٥)

    وأخيرًا، وضح له كيف يترجم عبارات دوره (انظر [الفصل الرابع: ترجمة المسرحية – الثبات])، وكيف يقوم بتمثيل صامت لها (انظر [الفصل الثالث عشر: خَلْق الشخصية]). واتخذ مثالك، إما أول مشهد للممثل، أو أكثر المشاهد صعوبة. وحتى إن لم يزد الشرح على نصف صفحة، فالنتائج تكون باهرة.

(٢-١٦) تدريبات الملابس dress rehearsals

الغرض من هذه التدريبات ربط التمثيل بالعمل الحرفي في وحدة تامة. ويجب على المخرج ألا يغير شيئًا من الحركة أو الشغل في هذه التدريبات أو بعدها إلا إذا اضطرته إلى ذلك مشكلة حرفية لم تكن في الحسبان.

ويخصص أول تدريب بملابس المسرح لضبط المسائل الحرفية، كالمناظر والملابس والإضاءة وغيرها، حتى تتفق والمسرحية، ولتعويد الممثلين على هذه الأمور وما ينتج عنها من مشاكل. ويجب أن يراجع الممثلون أدوارهم وأشغالهم دون محاولة الدخول في الشخصيات التي يمثلونها.

ويجب أن يسير آخر تدريب بالملابس المسرحية بكامل التفاصيل بقدر الإمكان كما لو كان عرضًا أمام الجمهور حتى في رفع الستار في المواعيد المعتادة.

وإذا كان هناك أكثر من تدريبين بملابس المسرح، فإن الإجراءات التي تتبع في التدريبات التي تقع بين التدريب الأول والأخير تتوقف على الظروف الحرفية للمسرحية. فإذا كان هناك خلل في تغيير المناظر أو إشارات الإضاءة أو غيرها، وجب تخصيص وقت كافٍ لعلاجها حتى ولو أدى إلى مقاطعة التمثيل في التدريب عدة مرات، لتكرار إشارة نُسيت، أو تصحيح شيء غير مناسب. فإذا سارت المسائل الحرفية على ما يرام، وجب الاستمرار في التدريب لكل فصل دون توقف، وإرجاء الانتقادات إلى الفترات بين الفصول.

(٢-١٧) تحية الجمهور curtain calls

يحب كلٌّ من المتفرجين والممثلين تبادل التحية عقب الستار الأخير إلا أنها تبطل مفعول السحر في حالة المسرحيات الجدية أو عند صدورها من شخصيات «قضت نحبها». فإن بقيت على المسرح «جثث» في نهاية الفصل الأخير تعدل التحية بالحركة بأن يلتف الممثلون في أسًى حول الجثة، مع المحافظة على إهاب شخصياتهم. وينبغي في المسرحيات العادية إجراء تدريب للتحية. وفي العادة يقف الممثلون أزواجًا، فينحنون أولًا للنظارة، ثم ينحني كل واحد منهم للآخر، ثم إلى النظارة ثانيةً، على حين يُفتح الستار ويُقفل.

وإذا كانت قاعة النظارة صغيرة فلا يمكن القيام بالتحية أكثر من ثلاث مرات؛ الأولى تضم أربعة أو ستة من الممثلين الأوائل، والثانية للشخصيات الثانوية الرئيسية بدون الأبطال أو ممثلي الأدوار الصغيرة، والأخيرة لجميع ممثلي المسرحية. وفي المسرحيات ذات الشخصيات العديدة توضع خطة مرور لتنظيم التحية بحيث تدخل مجموعة من أحد الأبواب، أثناء انصراف المجموعة السابقة من باب آخر وهكذا. ويجب الاهتمام بهذه المسائل في تدريبات الملابس.

(٣) العرض

العرض محك الإخراج، ويُنتظر فيه كثير من المفاجئات. فالمسرحيات المضمونة النجاح قد تصاب بالفشل، كما قد تحرز المسرحيات المؤكدة الفشل نجاحًا باهرًا.

يجب أن يحضر الممثلون قبل موعد رفع الستار بساعة ونصف على الأقل، ويجب على مدير المسرح أن يتمم عليهم جميعًا ويثبت حضورهم في دفتر خاص. وإذا ألفى منهم تباطؤًا وجب عليه أن يحثهم على الإسراع بعمل المكياج وارتداء ملابس التمثيل.

أما المخرج فيحضر قبل موعد رفع الستار بساعة على الأقل في العرض الأول، وبنصف ساعة في كل عرض بعد ذلك. وقلما يكون لديه عندئذٍ كثير من الأعمال، ولكن وجوده يبعث الثقة في نفوس الممثلين، وكذلك إذا طرأ طارئ أمكنه أن يتصرف فيه.

وقبل رفع الستار بخمس دقائق يجمع مدير المسرح الممثلين والعمال فوق المسرح لكي يزودهم المخرج بما يراه من تعليمات. والغرض من هذا الاجتماع هو إعطاء الممثل شيئًا يفكر فيه كي تزول عنه رهبة المسرح. وكذلك ليذكرهم بضرورة التكلم بصوت مرتفع وبألفاظ واضحة في الدقائق الخمس الأولى والنظارة لا يزالون يبحثون عن مقاعدهم. وليذكر لهم بعض النقط التي ينتظر أن يكونوا قد نسوها. ويجب أن ينتهي حديثه بالثناء عليهم وبأمانيه الطيبة لهم.

وإذا كان الإخراج قد أجيد إعداده، فلا حاجة إلى بقاء المخرج خلف الكواليس، بل يجلس في الصف الأخير بالصالة، تاركًا كل شيء لمدير المسرح.

(٣-١) الستار curtain

قلما يحضر المتفرجون في الموعد المحدد، وليس من الحكمة بدء التمثيل والجموع تتدفق خلال الممرات؛ إذَن يجب الاتفاق على إشارة من مدير الصالة إلى مدير المسرح عند أول انقطاع لتدفق الجمهور، عندئذٍ يلقي مدير المسرح نظرةً حول المسرح للتأكد من أن الممثلين في أماكنهم وأن كل شيء على أتم استعداد. بعد ذلك يعطي إشارة للكهربي لإطفاء أنوار الصالة وإنارة الإضاءة السفلية. ويتم ذلك ببطء لكي يسرع المتلكئون من النظارة إلى اتخاذ أماكنهم. وإذا كان هناك جهاز تنبيه، دقه مدير المسرح عند بدء خفض أنوار الصالة. وعندما يعلن الكهربي إطفاء جميع أنوار الصالة، يعطي مدير المسرح إشارة رفع الستار وتبدأ المسرحية.

(٣-٢) الاستراحة بين الفصول intermissions

عند إنزال الستار في نهاية كل فصل يصيح مدير المسرح بصوت مرتفع واضح النبرات قائلًا: «هد.» إشارة إلى عمال المسرح بتغيير المنظر إن كان يجب تغييره، وإلى الممثلين لتغيير ملابسهم. وعادةً يكون تصفيق الجمهور عاليًا مما يحول دون سماع صوته في الصالة. وبعد أن يخبو صوت التصفيق يعطي مدير المسرح إشارة للكهربائي بإضاءة أنوار الصالة وإطفاء الإضاءة السفلى تدريجيًّا. وبعد إضاءة أنوار الصالة يجب على مدير المسرح أن يتأكد من إضاءتها فعلًا؛ إذ من السهل أن يخطئ الكهربي مهما كان موضع ثقة، وعندئذٍ يُترك المتفرجون في الظلام.

تتوقف مدة الاستراحة على الوقت اللازم لتغيير المناظر والملابس، كما تتوقف على العادة المتبعة في البلد الذي يعمل فيه المسرح. ففي حالة تقديم المشروبات والمرطبات ونحوها للنظارة تستغرق الاستراحة ما بين عشر دقائق واثنتَي عشرة دقيقة. أما في حالة عدم تقديمها فيكفي خمس دقائق للاستراحة الأولى، وثماني دقائق للاستراحة الثانية. على أن تكون الأولى هي القصيرة إلا إذا كان هناك منظر صعب، أو تغيير ملابس بين الفصلين الأول والثاني. ويجب أن تطبع مدة فترة الاستراحة في برنامج المسرحية حتى يعرف النظارة متى يكون في مقدورهم تناول قدح من القهوة أو تدخين سيجارة.

وقبل رفع الستار بدقيقة في نهاية الاستراحة، تُطفأ بعض أنوار الصالة ثم تضاء، لكي يعلم المتفرجون أن فترة الاستراحة وشيكة الانتهاء، وأن الستار سيُرفع.

وعلى المخرج أن يذهب في أثناء الاستراحة الأولى إلى خلف المسرح لتشجيع الممثلين، مع إطراء من أجاد منهم. ولا ينبغي أن يوجه إليهم أية انتقادات أو تصحيحات في هذا الوقت لئلا يؤثر على نفسيتهم. ومع ذلك فإذا بدر منهم بطء في بعض الحركات أو الكلام بصوت منخفض، طلب منهم أن «يسرعوا» أو «يرفعوا أصواتهم».

(٣-٣) مساعد مدير المسرح assistant stage manager

تجلس مساعدة مدير المسرح في أثناء العرض في أجنحة المسرح وتقوم بالتلقين، ويجب أن يكون جلوسها أسفل المسرح ما أمكن حتى تستطيع توجيه كلامها إلى أعلى المسرح فيسمعه الممثلون أكثر مما يسمعه النظارة. ويتحتم عليها أن تتبع كل كلمة من النص؛ لأنها إذا سمحت لذهنها بالشرود ولو لحظة واحدة فمن المؤكد أن ينسى أحد الممثلين دوره في تلك الساعة.

وبالإضافة إلى عملها في التلقين، تعطي إشارات المفاتيح للممثلين الذين لا يرون المسرح، وتقوم ببعض المؤثرات كأجراس الأبواب ونحوها. ويجب عليها أن توضح في نسختها متى يُرفع الستار ومتى ينزل في كل منظر، وكذلك تدوِّن انفعالات النظارة المسموعة كالضحك والتصفيق وغير ذلك.

(٣-٤) الممثلون actors

يجب على الممثل، في الوقت الذي لا يقوم فيه بالتمثيل، ألا يراه أو يسمعه أحد. وهذا يعني أنه:

  • (١)

    يجب ألا يطل أحد الممثلين على النظارة من خلال الستار أو من خلال أي باب.

  • (٢)

    يجب ألا يظهر الممثلون في البهو (الصالة) أو في الطريق بالمكياج. ومن يود رؤيتهم من أصدقائهم فليقابلهم بعد انتهاء العرض خلف المسرح.

  • (٣)

    يجب ألا يذهب الممثلون إلى البهو (الصالة) في أثناء العرض، ولا حتى لرؤية المنظر الأخير من الصف الخلفي المظلم؛ إذ لو رآهم أحد المتفرجين لضاعت منه سيطرة الإيهام الواقع.

(٣-٥) ما بعد التمثيل afterward

تنتهي المسرحية بنزول الستار في نهاية الحفلة الأخيرة. ولكن العرض لا يكون عندئذٍ قد انتهى بعد. فهو لا ينتهي إلا بعد إرجاع كل ثوب مستعار أو أداة مستعارة، وبعد نزع جميع المناظر وتخزينها. ويشرف رؤساء الطواقم شخصيًّا على هذه الأعمال، ويراجعون على الكشوف كل أداة أو قطعة ملابس ونحوها ليتأكدوا من عدم نسيان أي شيء. وعند استكمال جميع الأشياء يعلن رئيس الطاقم ذلك للمخرج ليكون على علم بما تم في حالة تقديم أية شكوى أو أي انتقاد في المستقبل.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤