الفصل السابع

عمليات الاستيعاب

كيف نعرف ما إذا كان الاختبار أو الاختراق لقمَّة ما سيُؤدي إلى كسر للمقاومة أم انعكاس هبوطي؟ هذه هي المعضلة التي نُواجهها باستمرار؛ جنْيُ الأرباح أم اتخاذ مركز طويل وجعل أنفسنا عرضةً للتخلِّي عن الأرباح. يعتمد الجواب جزئيًّا على أسلوب التداول؛ فتاجر المدى القصير الحريص على الاحتفاظ بالربح لن يُعرِّض نفسه لأي مجهول آخر. وربما يختار التاجر المتأني الذي يحتفظ بمراكز طويلة، مُسترشدًا بالمنظور طويل المدى، أن يتحمَّل عملية التصحيح. والتجار الذين يَتَّخذون مركزًا طويلًا بالسعر الحالي لعدة أسابيع أو حتى أشهُر سابقة سوف يختارون عادةً تصفية المركز؛ فقد اكتفَوا من هذا المركز. وأصحاب المراكز الطويلة الذين اشتروا بأسعارٍ أقل سيجنون الأرباح. والبائعون على المكشوف سينتظرون حدوث ذروة مُحتمَلة ويضعون ضغوطًا إضافية على السوق. والاستيعاب هو العملية التي يتمُّ من خلالها التغلُّب على تصفية المراكز الطويلة، وجني الأرباح، وعمليات البيع على المكشوف الجديدة. ويُمكن أن تظهر هذه العملية على أي رسم بياني، بغضِّ النظر عن الإطار الزمني.

وتُشير هذه الأدلة إلى استيعابٍ ناجح لعمليات البيع المُفرِطة:
  • ارتفاع الدعم.

  • زيادة الحجم حول الجزء العلوي من منطقة الاستيعاب.

  • عدم وجود متابعة هبوطية بعد عمودٍ سِعري مُهدِّد.

  • في الجانب الأیمن من منطقة الاستيعاب، تَميل الأسعار إلى الضغط على خطِّ المقاوَمة دون التنازل عن قيمتها.

  • في بعض الحالات، تنتهي مرحلة الاستيعاب عن طريق كسرٍ هبوطي وهمي.

  • تفشل الكسور الصعودية الوهمية الطفيفة أثناء عملية الاستيعاب في التسبُّب في انخفاض السعر.

إن مناطق الاستيعاب، عندما يُنظَر إليها على أنها تصحيح، تكون عمومًا ضحلة. وغالبًا ما تتكوَّن في المنطقة التي تسارَعَت فيها الأسعار صعودًا مؤخَّرًا و/أو حيثما زاد الحجم على نحوٍ حاد.

في شكل ١-١، يَظهر الاستيعاب في الجزء العلوي من نِطاق التداول. ويحدث ذلك على نحوٍ شائع في هذا المكان على الرسم البياني. ولكن يُمكن أن يحدث الاستيعاب في الجزء السُّفلي من نطاق التداوُل عندما يتغلَّب البائعون على عمليات الشراء. وعند القيعان، ينبع الشِّراء من تغطية المراكز القصيرة، وتصفيتها، واختيار القيعان من جانب أصحاب المراكز الطويلة الجدد. والسمة الرئيسية لتغلُّب البائعين على المُشترين هي عدم قُدرة الأسعار المُتكرِّرة على الارتفاع بعيدًا عن نقطة الخطر، وهذا التشبُّث بالقاع عادةً ما يُؤدِّي إلى كسر الدعم، واستمرار الحجم الكبير فوق القاع عادةً ما يُشير إلى أن الكسر وشيك. وعندما يَفشل البيع المُستمر عند القاع في التسبُّب في مزيد من الضَّعف، يُسمي ويكوف هذا السلوك «حمل الحقيبة»، وفي هذه الحالة يضع كبار التجار الفِخاخ لأصحاب المراكز القصيرة، ويُصبح من الصعب قراءة الاستيعاب الذي يقوم به البائعون لأنَّ بعض محاوَلات الارتفاع تبدو وكأنها كسور هبوطية وهمية محتمَلة، ولكنها إما تفشل أو تكون قصيرةَ الأجل. ولا يتخذ الاستيعاب دائمًا شكل حركة جانبية؛ فثمَّة حالات ترتفع فيها الأسعار ببساطة. وفي هذه الحالات، تتسلَّق الأسعار مجازًا «جدار القلق»، وتُطيح بالمشترين المُحتمَلين المُنتظِرين لعملية تصحيح، وتقضي على أي شخص يجرؤ على اتخاذ مركز قصير. تَحضرني هنا صورة الكتائب الإغريقية التي تُسير في ثبات عبر سهول طِروادة. وعادةً ما يبقى التقلُّب مُنخفِضًا حتى يُوقف عمودٌ سعريٌّ كبير الحجم واسع النطاق مؤقتًا هذه الحركة. وبناءً على ما سبق، دعونا نلقي نظرة على أمثلة مختلفة للاستيعاب بالإضافة إلى بعض الأمثلة التي لم يكن فيها الاستيعاب حقيقيًّا.
عمومًا، لا تستمر معظم مناطق الاستيعاب سوى بضعة أيام أو أسابيع. ويُمكن أن يستمر الاستيعاب على الرسوم البيانية الشهرية لفترة أطول بكثير. وعندما نضع إطارًا لنطاق التداول من خلال خطوط الدعم والمقاومة، ستبرز مناطق الاستيعاب الضيقة نسبيًّا. وتذكرني مناطق الاستيعاب المتضمَّنة في أعمدة أسعار قليلة بالقبضة. في شكل ٧-١، تذبذبت أسعار أسهم شركة إميرشن في نطاقٍ ضيق لمدة أربعة أيام خلال يونيو 2007 ثم ارتفعت. وخلال الإحدى عشرة جلسة التالية، ارتفعت أسهم الشركة بنسبة 50 بالمائة.
fig74
شكل ٧-١: الرسم البياني اليومي لشركة إميرشن (المصدر: تريدستيشن).

وبالنظر إلى اليوم الأول من الاستيعاب (انظر السهم)، نجد أن الحجم ارتفع بشدة بينما انعكس السهم ليُغلق عند موقع ضعيف، مما يَجعل اليوم يبدو الأكثر تهديدًا. وأثار هذا شبح حدوث الكسر الصعودي الوهمي. وعلى مدى الجلستَين التاليتَين، حاولت الأسعار الارتفاع ولكن استقرت لتغلق بالقرب من قيعانها. ولم تكن أسعار الإغلاق الضعيفة والأحجام المُنخفِضة مشجعةً، غير أن عدم المتابعة الهبوطية بعد يوم الانعكاس أشار إلى أن البائعين لم يَستغلُّوا هذه الأفضلية. وكان على المرء أن يتساءل عن سبب ثبات السوق الشديد في مواجهة فرصة «سَهلة» لاتخاذ مراكز قصيرة. وفي اليوم الأخير، اخترق السهم قاعَي العمودَين السِّعريَّين السابقَين وانعكس ليُغلق عند أعلى مستوًى له حتى الآن. وكان هذا الانعكاس الصُّعودي الخارجي هو يوم اتخاذ المراكز الطويلة ووضع نقطة توقُّف وقائية تحت قاعه.

fig75
شكل ٧-٢: مؤشِّر نيويورك تايمز اليومي لمتوسط 50 سهمًا (المصدر: ميتاستوك).
لا أستطيع أن أمنع نفسي من الإشارة إلى بعض أنواع السلوك الأخرى الموجودة على الرسم البياني. يوجد في نطاق التداول الموجود في الجزء السفلي الأيسر من الرسم البياني كسر هبوطيٌّ وهميٌّ رائع تبعتْه ثلاثة أيام داخلية ذات حجم مُنخفض. هل تستطيع تحديد ماهية السلوك المحاط بدائرة في أعلى نطاق التداول هذا؟ إنه يمكن أن يُنظر إليه على أنه استيعاب أو تراجُع لاختبار كسر المقاومة. أنا أُفضِّل التفسير الثاني. والقناة الصعودية العادية تشرح نفسها؛ إذ كان خط العرض فيها بمنزلة خط المقاومة مرتين. وتبين القمم الثلاثة المتتالية عند النقاط 1 و2 و3 تراجع حدة الاندفاع الصعودي.
في دورة ويكوف الأصلية (1931)، ذُكر الاستيعاب لأول مرة في مناقشتِه لمُؤشِّر نيويورك تايمز لمتوسط 50 سهمًا (شكل ٧-٢) بين عامَي 1930 و1931. رأى ويكوف نطاق التداول المُمتد 13 يومًا مقابل قمة يناير 1931 كعملية استيعاب. وفي هذه الحالة كان السلوك يتكوَّن من دعم مُتزايد، ولكن السِّعر لم يتجاوز أبدًا قمة يناير حتى كسر المقاومة في الجانب الأيمن. وإلى جانب الدعم المُتزايد نرى عمودَين سِعريَّين مُهددَين أخفَقا في جذب متابعة من خلال البيع، وفي الأيام الأربعة الأخيرة تجمَّعت أسعار الإغلاق في نطاق نقطة واحدة، وتراوَحَت أسعار الإغلاق الأربعة بين قمَّة نطاقات التداول خاصَّتها ومنتصفها. وأدَّى الضغط على خط المقاومة إلى كسر المقاومة، ويُعتبر العديد من طلاب دورة ويكوف تحليل هذا الرسم البياني واحدًا من أروع أعمال ويكوف، لقد تعلَّمت الكثير من هذه الدراسة.
fig76
شكل ٧-٣: الرسم البياني اليومي لشركة ميشيل الروسية (المصدر: تريدستيشن).
ظهَرت منطقة استيعابٍ أقلَّ إثارة، ولكنها مفيدة بالقدر نفسه، في أبريل 2009 على الرسم البياني اليومي لشركة ميشيل الروسية (شكل ٧-٣). إنها لم تتضمَّن حركة جانبية ضيقة. بدلًا من ذلك، فإن تأرجُحات الأسعار داخل النطاق كانت واسعةً نسبيًّا، وعبَرت كلا جانبَي خط المقاومة A. أرى أن هذا استيعاب لأن نطاق التداول تحرك صعودًا وهبوطًا عبر قمة مارس. وتجاوز الارتفاع من قاع بداية أبريل قمة فبراير ووصَل إلى قمة قناة صعودية صغيرة؛ حيث تراجعت حدة الاندفاع. لاحظ طريقة اختبار التصحيح من القمة للمنطقة الرأسية (vertical area) حيث تسارعت الأسعار صعودًا، وتشكَّل الدعم على طول الخط D وأعلى بقليل من خط المقاومة B. وبقي الحجم مُتساويًا تقريبًا في جميع أنحاء نطاق التداول، باستثناء الانعكاس الهبوطي في 30 أبريل؛ ففي هذا اليوم، ارتفع الحجم الهبوطي إلى أعلى مستوًى له منذ قمة فبراير. وأغلق السهم في وضع ضعيف لكنه فشل في المتابعة في اليوم التالي. لدينا هنا مثال على «حمل الحقيبة». وهذا سبَّب على الفور كسرًا هبوطيًّا وهميًّا مُحتملًا يستحق الشراء مع نقطة توقُّف قريبة تحت قاع اليوم السابق. وارتفع السهم من هذه النقطة إلى 12.69 في 1 يونيو.
fig77
شكل ٧-٤: رسم بياني لخمس دقائق خاص بمؤشر ستاندرد أند بورز في يونيو 2012 (المصدر: تريدستيشن).
كما ذكر سابقًا، ما يبدو وكأنه كسر صُعودي وهميٌّ يُمكن أيضًا أن يكون جزءًا من منطقة استيعاب. يُبيِّن شكل ٧-٤ الخاص بمؤشِّر ستاندرد أند بورز ليونيو 2012 حدوث هجمات مُتكرِّرة على قمة صباح يوم 25 أبريل 2012 والتي أُحبُّ أن أُشبِّهها بهجمات الجنود بآلة الكبش الحربية على باب قلعة؛ ففي حين أنه لا يوجد متابعة صعودية إلا قليلًا عند هذه الاندفاعات، فإن كل تراجُع ظلَّ عند مستوًى أعلى حيث ضغط المشترون بثبات من خلال العرض المُفرط. وتزداد ضحالة التراجُعات بعد كل اندفاع أكثر وأكثر كلما ضغطَت الأسعار صعودًا. وتُقدِّم أفضل إشارة على أن الأسعار سوف تتحرَّك صعودًا. ويُوضِّح هذا الرسم البياني السبب في أنه لا يَنبغي على المرء أن يُفكِّر تلقائيًّا في اتخاذ مركز قصير عندما تفشل الأسعار في المتابعة مباشَرة بعد كسر المقاومة. كما يُؤكِّد على أن قراءة الرسم البياني فنٌّ وليسَت مجرَّد علم مبني على إشارات يَسهُل تمييزها.
fig78
شكل ٧-٥: الرسم البياني اليومي للنمط الاستمراري لمؤشر ستاندرد أند بورز (المصدر: تريدستيشن).
يتطلَّب التمييز بين الكسر الصعودي الوهمي والاستيعاب — في بعض الأحيان — الانتباهَ إلى إشارات دقيقة؛ ففي شكل ٧-٥، نرى رسمًا بيانيًّا يوميًّا للنمط الاستمراري لمؤشِّر ستاندرد أند بورز؛ حيث تتحرَّك الأسعار لأعلى فوق قمة سبتمبر 2009 وتتوقَّف. ثم يتبع ذلك سبعة أيام من الحركة الجانبية، وتبقى جميعها فوق قمة سبتمبر. ليس هذا وضعًا يَسهُل إنهاؤه. ذكرت في الفصل الرابع كيف أن الاتجاه الصُّعودي يَحتوي على العديد من الأعمدة السِّعرية المُهدِّدة التي لا تُنتج مزيدًا من الضعف، ونرى السلوك نفسه هنا. فبدءًا من اليسار إلى اليمين، كان السَّهم الأول مسبوقًا بانعكاس هبوطي خارجي. وبدلًا من المتابعة على الجانب الهبوطي، تَنعكس السوق وتُغلق عند موقع قوي. ولكن بعد ذلك، مرةً أخرى، تنعكس السوق وتغلق بالقرب من قاع اليوم. ويُشير السهم الثالث إلى موجة جديدة من الشراء، وتُتاح للسوق أفضل فرصة للتحرك صعودًا. ولكن كل المكاسب التي تحقَّقت في هذا اليوم مُحيَت في اليوم التالي. ويُعد حجْما اليومَين الهبوطيين التاليين الأكبر في النطاق، مما يَزيد تأكيد الرأي القائل بأن كسرًا صعوديًّا وهميًّا حدث. وكانت عدم قدرة السوق على الاستفادة من عمليَّتَي الانتعاش هي ما أدَّى إلى البيع الجماعي بسعر مُنخفِض 60 نقطة.
غالبًا ما تتضمَّن منطقة التداول الصغيرة بالقرب من الحد السفلي لنطاق تداول أكبر العديدَ من محاولات الكسر الهبوطي الوهمي، وعندما تفشل هذه الكسور الوهمية على نحو متكرِّر، فمن الإنصاف أن نقول إنَّ البائعين يستوعبون عمليات الشراء، وحتمًا هم يَنصِبون فخاخًا للتجار الذين يَشترُون تلقائيًّا عند أيِّ محاوَلة لانعكاس صعودي. على سبيل المثال، انخفضَت أسهُم شركة يو إس ستيل (شكل ٧-٦) من قمة يونيو 2008 أكثر من 60 دولارًا في حوالي 20 يومًا. وبعد ارتدادٍ سريع عن قاع يوليو عند خطِّ الدعم B، تراجَعَت حدَّة الاندفاع الهبوطي عند البيع الجماعي وصولًا إلى قاع أغسطس (C). وهذا يُشير إلى أن الزخم الهبوطي كان مُنهَكًا. وتشكل نطاق تداوُل أصغر حول هذا القاع، وتألف من ثلاث مُحاوَلات للكسر الهبوطي الوهمي. وبدأ الكسر الهبوطي الوهمي الثالث بعد اختراقٍ طفيف لِقاع أوائل أغسطس. ولم يَحدُث اندفاعٌ قويٌّ في الطلب عند هذا القاع. وصَعدت الأسعار ببساطة بحجم صغير ونطاقات ضيِّقة. وكان اتخاذ مركز قصير مُبرَّرًا بمجرَّد انخفاض الأسعار مُحدِثةً فجوة هبوطية في افتتاح اليوم التالي، وانخفَض السهم من هذه النقطة 90 دولارًا خلال الأشهر القليلة التالية.
fig79
شكل ٧-٦: الرسم البياني اليومي لشركة يو إس ستيل (المصدر: تريدستيشن).
fig80
شكل ٧-٧: الرسم البياني اليومي لعقود الفضة في يوليو 2012 (المصدر: تريدستيشن).
يُمكن أيضًا رصد الاستيعاب من قِبَل البائعين عندما تكون الأسعار غير قادرة على الارتفاع بعيدًا عن الحد السفلي من نطاق التداول. بدلًا من ذلك تُعانق الأسعار القاع، وتُعاق جميع محاوَلات الارتفاع. ويَستمر هذا النوع من السلوك السِّعري في بعض الأحيان لعدة أسابيع. كما يحدث كثيرًا أيضًا على الرسوم البيانية لليوم الواحد. تخيل وضعًا معاكسًا لما رأيناه في شكل ٧-٢. فعندما يَنهار الدعم أخيرًا، توقع عمليات بيع جماعية حادَّة. وغالبًا ما تُوفِّر الارتفاعات اللاحقة لاختبار كسر الدعم هذا فُرَصًا رائعة لإنشاء مراكز قصيرة. أشرتُ في الفصل الأول إلى أن اختبار كسر الدعم يُعدُّ من أفضل الأماكن لإجراء عمليات التداول.
يُبيِّن شكل ٧-٧ أسعارَ عقود الفضة في يوليو 2012 وهي عالقة فوق خط الدعم المرسوم عبر قاع مارس 2012. في 4 أبريل، أغلقت الفضة مُنخفِضة بقيمة 2.22 دولار وزاد الحجم على نحو مناسب. ويَضمن الحجم الكبير والنطاق الواسع تقريبًا كسر قاع مارس. وعلى مدى إحدى عشرة جلسةً تالية، ظلَّت الأسعار ضمن نطاق 4 أبريل ولم تُحقِّق أيَّ تقدم هبوطي. ووقَع أكبر عمود سِعري في هذه المنطقة في 12 أبريل. وبدا كأن كسرًا هبوطيًّا وهميًّا كان يتطوَّر. ولكن بدلًا من ذلك، محَتِ الأسعار كل هذه المكاسب في اليوم التالي. وعندما يَستوعب المشترون البائعين، ربما تَحدُث كسور صعودية وهمية، ولكنها تفشل في التسبُّب في حركة هبوطية، وفي حالة استيعاب البائعين للمشترين عند قاعٍ تفشل الكسور الصعودية الوهمية في التحقُّق. ليس الأحد عشر عمودًا سعريًّا جميعها ضيقة، ولكن بالتأكيد الأيام الخمسة الأخيرة تَتناسب مع هذا الوصف. وبدأ كسر الدعم من هذه الأعمدة في 23 أبريل وأدَّى إلى عمليات بيع جماعية بانخفاض 1.88 دولار في الأيام القليلة التالية. وفي الارتفاع الانعكاسي إلى قمة 27 أبريل، ضاق النطاق وانخفض الحجم بشدَّة بينما كانت تَختبر السوق كسر الدعم السابق. وانخفَضَت الأسعار إلى ما دون 30 دولارًا في اليوم الأخير، ووصَلت إلى قاعٍ بلغ 26.07 قبل انتهاء عقد يوليو.
يرى العديد من طلاب دورة ويكوف أن الاستيعاب هو السلوك الأكثر صعوبة في تحديده؛ فالتشابُه بين الاستيعاب وتشكيل الذروة الصعودية أو الهبوطية يُسبب معظم الارتباك في هذا الشأن. وفي كتاب «دراسات في قراءة شريط أسعار الأسهم»، كتب ويكوف أن الاستيعاب والتوزيع من «القوى المُتعارضة التي تعمل باستمرار في السوق.»1 ولا يُمكنني العثور على وصفٍ مُفصَّل من قِبَل ويكوف حول هذا الموضوع. وقد أشير إليه فيما يتعلَّق بالسلوك السِّعري المبيَّن في شكل ٧-٧. ومن المُؤكَّد أنه كان يعرف عن الميل لزيادة الدعم وتوسيع حجم التداوُل عند التأرجُّح صعودًا، فضلًا عن ميل السوق إلى البقاء حول قيعانها عندما يَستَوعِب البائعون المشترين. أما القرائن الأخرى التي ناقشتها في هذا الفصل، فهي ملاحظاتي الخاصة، والتي من بينها أنَّ فشل الاستجابة للسلوك السِّعري المهدَّد عند القمم وفشل الكسور الهبوطية الوهمية عند القيعان هما أفضل مؤشِّرَين على الاستيعاب.

هوامش

(1) Rollo Tape [pseud.], Studies in Tape Reading (Burlington, VT: Fraser, 1910), 127.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤