الفصل الثاني

هاوية الزمن

عمر الأرض الهائل

نتيجة بحثنا الحالي إذن هي أننا لا نجد أثرًا لبداية، ولا أُفقًا لنهاية.

جيمس هاتون، «نظرية الأرض» (۱۷۸۸)

بدا أن العقل أصابه الدوار جراء النظر عميقًا في هاوية الزمن.

جون بلايفاير (۱۸٠٥)

[إن مفهوم الزمن الجيولوجي] يصيبك بالفصام. فمقياسا الزمن — أحدهما بشري وعاطفي، والآخر جيولوجي — يختلف أحدهما عن الآخر أشد الاختلاف. لكن العامل الأهم لنجاح التواصل مع غير المتخصصين في الجيولوجيا هو أن نجعلهم على دراية بجانب من مفهوم الزمن الجيولوجي؛ بطء العمليات الجيولوجية التي لا يتجاوز تأثيرها سنتيمترات قليلة في السنة الواحدة، مع تراكم هذه التأثيرات إلى حد الضخامة إذا استمرَّت لسنواتٍ كافية. فمليون عام هو رقم صغير على مقياس الزمن الجيولوجي، بينما التجربة البشرية سريعة الزوال، وأنا أعني التجربة البشرية بأكملها منذ بدايتها، وليس عمرًا واحدًا وحسب. ولا يتزامن المقياسان إلا في بعض الأحيان القليلة فحسب.

إلدريدج مورز، في «تجميع كاليفورنيا» لجون ماكفي (۱۹۹۳)

منذ بَدْء التاريخ المُدوَّن، وضع البشر أفكارًا مختلفةً بشأن زمن وقوع الأحداث في الماضي السحيق. ففي الهند وفي بعض مناطق جنوب آسيا وشرقها، نظرت ثقافات كثيرة إلى الزمن على أنه سرمدي ودوري. ووفقًا لهذا المنظور، ليس للأرض ولا للحياة بداية أو نهاية، بل هما جزء من دورة لا تنتهي. وابتكرت بعض الثقافات الأخرى أساطير عن الخلق تُفسِّر بداية الكون في نقطة زمنية فريدة في الماضي. ففي بعض أساطير الخلق اليابانية، ظهرت كتلة مختلطة من العناصر على هيئة بيضة، ولاحقًا في القصة أنجبت الإلهة إيزانامي، آلهة أخرى. وفي الأساطير الإغريقية، وضع الطائر نيكس بيضة فقست إيروس إله الحب، وتحولت أجزاء القشرة إلى جايا وأورانوس. وفي أسطورة أوروكويس، وقعت «سيدة السماء» من جزيرة طافية في السماء لأنها كانت حبلى، ودفعها زوجها خارجًا. وبعدما هبطت، أنجبت العالم المادي. وآمن سكان أستراليا الأصليون ﺑ «الشمس الأم» التي خلقت كل الحيوانات والنباتات والمسطحات المائية بإيعاز من «أبي جميع الأرواح».

وفور أن أصبحت فكرةُ وجود بداية أصيلة لخلق الكون جزءًا من الثقافة الغربية، أصبح السؤال التالي هو «منذ متى حدث ذلك؟» ولم تستطع أغلب الثقافات أن تتخيل أن الكون عمره أكثر من بضعة آلاف من السنين. اعتبرَت هذه الثقافات أن الأرض في مركز الكون، وأن النجوم مُثبَّتة على «قُبَّة سماوية» عظيمة (انظر الشكل ١-١). واعتقدت أيضًا أن الشمس والقمر والكواكب التي تجول في السماء (فالمرادف الإنجليزي لكلمة «كواكب» يعني «متجولون» باليونانية) تُحمَل كلها على عجلات ضخمة تحيط بالأرض، وكأنها «تتحرك» على خلفية من النجوم «الثابتة».

آمنت هذه الثقافات أن الأرض نفسها خُلِقت على الشاكلة التي نراها عليها اليوم، أي إنها مثالية ولم تتغير منذ أن تكوَّنت. وكان وجود أي علامة على حدوث تغيير، مثل تآكل أو انهيار، يُفسَّر على أنه نتيجة لخطيئة آدم. وحتى بدايات القرن السابع عشر، كان معظم قاطني العالم الغربي يعتقدون أن الأرض مركز الكون، وأن عمرها لا يتجاوز بضعة آلاف من السنين، وأنها لم تتغير منذ تكوينها إلا فيما يتعلق بالتلف الناتج عن هبوط آدم عليها. حتى المؤرخ الطبيعي البارز جون وودوارد كان تفكيره اعتياديًّا بالنسبة لعصره. فقد كتب في سنة ۱٦٩٥ يقول: «لم تزل الكرة الأرضية حتى يومنا هذا على حالتها نفسها التي كانت عليها منذ الطوفان العالمي، وستظل على هذه الحالة إلى أن يجيء وقت خرابها وانحلالها؛ إذ تظل محفوظةً للغاية نفسها التي تكونت من أجلها للمرة الأولى.» وقبل ذلك ببضعة عقود، في سنة ۱٦٥٤، استخدم كبير الأساقفة جيمس أشر، رئيس أسقفية أرماج الأنجليكية في أيرلندا (التي كانت كاثوليكية في معظمها آنذاك، مع وجود قِلَّة فقط من الأنجليكيين)، أعمار البطاركة في الكتاب المقدس ليحدد وقوع عملية الخلق في الثالث والعشرين من أكتوبر من عام ٤٠٠٤ قبل الميلاد. وحدَّد باحث آخر، هو جون لايتفوت، أن الخلق كان في التاسعة صباحًا. كانت هذه إذن هي خلفية الثورة التي حدثت في التفكير وعُرِفت باسم «الزمن الجيولوجي».

كيف تغير مفهومنا عن الزمن وإدراكنا لعُمر الكون منذ ذلك العصر؟ إن أغلبنا يفكر في الزمن بالأيام والساعات، وإذا أردنا أن ننظر إلى الماضي، فقد نفكر في الزمن بالعقود، أو بقرن على الأكثر. فأغلب البشر لا يحيا لأكثر من ۷٠ أو ٨٠ عامًا، وقِلة فقط هم من يعيشون حتى قرن من الزمان. إننا نعتبر أنَّ الأحداث البشرية التي يزيد عمرها عن ألفَي عام أحداث «عتيقة»، ونجد صعوبة في فهم عالم العصور الوسطى، فضلًا عن الحياة في مصر القديمة مثلًا، أو حياة الإغريق أو الرومان. فالأحداث التي وقعت قبل خمسة آلاف عام تبدو مُستغلقةً علينا تمامًا.

ولك أن تقارن هذا المفهوم عن الزمن بالطريقة التي ينظر بها العلماء إليه. فنحن عادةً ما نتعامل بملايين السنين أو حتى المليارات. وحين نتعامل مع أحداث وقعت منذ ملايين السنين، فإن الخطأ بمقدار بضع مئات الآلاف من السنين بالزيادة أو النقصان لا يشكِّل أهمية. فنحن لا نستطيع في الغالب تحديد توقيت الأحداث التي وقعت في الماضي البعيد، منذ الآلاف من السنين أو مئات الآلاف. ويتعامل العلماء (لا سيما علماء الفلك والجيولوجيا) مع فتراتٍ ضخمةٍ من الزمن، مما دفع الكاتب جون مَكفي أن يطلق عليها «الزمن العميق». والاقتباس الذي يَرِد في بداية هذا الفصل (وهو من أحد كُتُب مَكفي) يُجسِّد جوهر مشكلة استيعاب الزمن الجيولوجي.

لم يَألَف البشر سوى التفكير في المدى القصير والمستقبل القريب، وهم يواجهون صعوبة في استيعاب ما تعنيه ملايين السنين. لذا ربما يجدر بنا أن نعرض تشبيهًا في هذا الصدد يساعد في استيعاب هذا المفهوم. من أكثر التشبيهات المشهورة هي أن نضغط الزمن الجيولوجي الذي يتألف من ٤٫٦ مليارات سنة في ملعب كرة قدم أمريكية طوله ۱٠٠ ياردة أو ۳٠٠ قدم، حيث تمثِّل كل بوصة ۱٫٤ مليون سنة. وفقًا لهذا المقياس، فإنَّ الياردة الواحدة (ثلاث أقدام) تساوي ٥٠ مليون سنة، و٥٠ ياردة (نصف الملعب) تساوي ٢٫۳ مليار سنة. وعندما تدرس الأحداث المهمة في التاريخ الجيولوجي على هذا المقياس، ستندهش من مقدار الزمن الذي مَر قبل ظهور الحفريات المرئية (الزمن ما قبل العصر الكامبري)، ومدى قِصَر الفاصل الزمني لجميع الأحداث المألوفة لنا. لو أنَّ مُستقبِل التسديدة تلقَّى الكرة على خط المرمى، لاضطُر أن يجري ۸۸ ياردة عبر الملعب، خلال الزمن ما قبل الكامبري كله قبل أن يظهر أول الحيوانات المتعددة الخلايا، كثلاثيات الفصوص، وذلك على بُعد ۱٢ ياردة فقط من خط التسجيل. وداخل خط خمس الياردات (أي على بُعد أقل من خمس ياردات من خط المرمى) هو بداية عصر الديناصورات (الميزوزوي)، وسيكون على اللاعبين أن يركضوا ۱٫٥ ياردة من خط المرمى ليصلوا إلى نهاية عصر الديناصورات، حين اختفت جميعها (باستثناء نسلها من الطيور). يقع عصر الثدييات كله في آخر ۱٫٥ ياردة، ونجد أول أفراد سلالة البشر على بعد ۸٫۳ بوصات فقط من خط المرمى. ويبدأ العصر الجليديُّ على مسافة ۳٫٦ بوصات من خط المرمى. ويظهر أول أفراد النوع الذي ننتمي إليه، «الإنسان العاقل»، على بعد ٠٫۳ بوصة فقط قبل خط المرمى. أما الخمسة آلاف سنة الأخيرة من الحضارة الإنسانية، فلا تمثِّل سوى ٠٫٠۸ بوصة، أي أقل من سمك ورقة عشب. ولو كان خط الطباشير الذي يحدد خط المرمى أكثر اتساعًا بمقدار قليل، لَمَحا التاريخ البشري كله.

سوف نعرض أيضًا تشبيهًا آخر. لنضغطْ تاريخ الأرض كله البالغ ٤٫٦ مليارات سنة إلى سنة واحدة، ۳٦٥ يومًا. عندما تُقسِّم ٤٫٦ مليارات سنة إلى ۳٦٥ قطعة، سيُمثِّل كل يوم ۱٢٫۳ مليون سنة. وتصبح كل ساعة مكافئة لنصف مليون سنة تقريبًا (٥۱۳٫٦٦٠ سنة بالتحديد)، وتمثل كل دقيقة ۸٫٥٦۱ سنة. فإذا كانت الأرض قد تشكلت في رأس السنة، فلن يظهر أول أشكال البكتيريا البسيطة حتى الحادي والعشرين من فبراير. وتمضي الشهور والحياة لا تزيد تعقيدًا عن الكائنات الوحيدة الخلية، حتى نصل إلى الخامس والعشرين من أكتوبر عندما تظهر أولى الحيوانات المتعددة الخلايا (كثلاثيات الفصوص والإسفنجيات). يطلق علماء الجيولوجيا على هذه الفترة اسم العصر الكامبري. وبحلول الثامن والعشرين من نوفمبر، نصل إلى العصر الديفوني حين كانت البحار مليئةً بأسماكٍ مفترسةٍ ضخمة، وحين زحفت أول البرمائيات إلى اليابسة المغطَّاة بأولى الغابات الحقيقية.

وبحلول السابع من ديسمبر (ذكرى الهجوم على بيرل هاربر)، نكون قد وصلنا إلى فترة العصر البرمي قبل حوالي ٢٥٠ مليون سنة، حين لم يكن باليابسة سوى قارة عملاقة وحيدة تمتدُّ من القطب الشمالي إلى القطب الجنوبي تُدعى «بانجيا»، ومحيط واحد يغطي تقريبًا ثلاثة أرباع الكوكب. هيمنت على اليابسة برمائيات ضخمة بحجم التماسيح، ومجموعة متنوعة من الزواحف الأولية، وكائنات ضخمة قريبة من الثدييات غطَّت ظهورَها الزعانفُ. وبحلول الخامس عشر من ديسمبر نصل إلى العصر الجوراسي، وهو اسم نَألَفه بفضل سلسلة أفلام ناجحة، حين راحت الديناصورات الضخمة تجوب الكوكب، وظهرت أولى الثدييات والسحالي والطيور. وينتهي عصر الديناصورات في يوم عيد الميلاد عندما محت أحداثٌ كارثية وجودَ الديناصورات الضخمة، والعديد من المجموعات الحيوانية المهمة في البحار، كالزواحف المائية. ويمكننا ضغط الأعوام الستة والستين مليونًا الماضية من عمر الثدييات بأكملها في الأسبوع الأخير بين يوم عيد الميلاد ورأس السنة. ولا يظهر أول أقربائنا من البشر إلا قبل سبع ساعات من منتصف ليلة رأس السنة، أما أول أفراد جنسنا (الإنسان) فلا يظهر إلا قبل منتصف الليل بساعة واحدة فقط. وتَمُر الحضارة الإنسانية بأكملها سريعًا في آخر دقيقة من العد التنازلي لرأس السنة. ومعنى هذا أنك إذا بدأت الاحتفال مبكرًا بضع ثوانٍ فحسب، فسيتلاشى التاريخ البشري كله.

إنَّ عرض تاريخ الأرض على هذا النحو يضع من شأننا، ومن شأن إحساسنا المبالَغ فيه بأهميتنا. إننا هامشيون، وقد جئنا إلى مسرح تاريخ الأرض متأخرين للغاية، ونحن حتى لم نقضِ على الأرض بقدر ما قضت عليها معظم الأنواع في السجل الأحفوري. إننا لا نستطيع تتبُّع نَسب الجنس البشري إلى أبعد من سبعة ملايين سنة تقريبًا، بينما هيمنت الديناصورات على الكوكب لأكثر من ۱۳٠ مليون سنة. تذكَّرْ هذا في المرة القادمة التي تسمع فيها شخصًا يستخدم كلمة «ديناصور» ليصف شيئًا ما بأنه قديم عفا عليه الزمن. سنكون محظوظين إذا تمكنا من البقاء بقدر ما بقيت معظم الأنواع على الكوكب. ومثلما قال الكاتب الأسطوري مارك توين (بذكائه اللاذع وسخريته) في مقالته «هل خُلِق العالم من أجل الإنسان؟»:

لو أنَّ برج إيفل كان يُمثِّل عمر العالم، لكانت طبقة الطلاء الموجودة على مقبض قمة البرج هي ما يعبِّر عن نصيب الإنسان من ذلك العمر، ولاعتقدَ الجميع أنَّ البرج قد بُني لأجل هذه الطبقة من الطلاء. أظن أنهم كانوا سيعتقدون ذلك. لا أعلم.

كيف اكتشفنا العمر الهائل للأرض والكون؟ إن تاريخ إدراك ضخامة الزمن الجيولوجي لا يتجاوز مائتَي عام إلا قليلًا، ولم نبلغه إلا بمشقة. وعلى الرغم من أن بعض الإغريق والرومان اعتقدوا أن الأرض قديمة للغاية، فإنَّ فَهْمنا الحديث لعمر الأرض لم يبدأ حتى نهاية القرن الثامن العشر، عندما حلَّ عصر التنوير على أوروبا (وهو العصر الذي يُشار إليه أحيانًا باسم «عصر العقل»). تميز عصر التنوير بكونه عصر الاكتشافات العلمية، وفيه تحرَّر البحث العلمي من قيود الكنيسة الكاثوليكية وطبقة النبلاء. كان لمفكِّري عصر التنوير، مثل فولتير، ومونتسكيو، وجون-جاك روسو، ودينيس ديديرو في فرنسا، ولفلاسفة مثل جورج بيركلي، وجيريمي بينثام، وجون لوك، والعالم إسحاق نيوتن في إنجلترا؛ بالِغُ الأثر. فقد صبُّوا اهتمامهم على الدليل والعقل والمنهج العلمي، على حساب الماورائيات والأساطير التي توارثوها على مدار قرون.

ومن المثير للدهشة أنَّ مدينة إدنبرة في اسكتلندا كانت إحدى بؤر الثَّوَران الفكري، رغم أنها لم تكن عاصمةً رئيسيةً لدولة كبيرة. ففي ذلك الوقت، كانت نِسَب المعرفة بالقراءة والكتابة في اسكتلندا من بين أعلى النسب في العالم؛ إذ كانت الكنيسة المشيخية الحاكمة لأجزاءٍ من اسكتلندا تؤمن بأنه ينبغي للجميع أن يكونوا قادرين على قراءة الكتاب المقدس وتفسيره بأنفسهم، دون الاعتماد على رجال دين ليقرءوه لهم. أقامت الكنائس مدارس عامة، وحاولت أن تحرص على أن يكون كلُّ مواطن اسكتلندي قادرًا على القراءة والكتابة، بغضِّ النظر عن مكانته الاجتماعية. تبيَّن أنَّ الاسكتلنديين كان لديهم ظمأٌ للمعرفة، وقامت المكتبات العظيمة والعديد من دور النشر بإنتاج الكتب والصحف بكثافة. ونظرًا للتأثير الضعيف نسبيًّا للكنائس العديدة المختلفة، لم تشهد اسكتلندا الاضطهاد الكهنوتي مثلما حدث في إنجلترا أو فرنسا أو معظم أوروبا. ونتيجةً لذلك، أصبحت إدنبرة عاصمة «التنوير الاسكتلندي» البارزة بحلول نهايات القرن الثامن عشر. ففي المنطقة نفسها من إدنبرة، كان يعيش مفكرون مبدعون لامعون، مثل المؤرخ والفيلسوف ديفيد هيوم (مؤسس منهج الشك الحديث)، وآدم سميث (مؤلف كتاب «ثروة الأمم»، أول كتاب عظيم يشرح الرأسمالية)، والكيميائي جوزيف بلاك، والمخترع جيمس واط (الذي بنى أول محرك عملي يعمل بالبخار ومهَّد بذلك للثورة الصناعية). معظمهم كانوا رفقاء شراب في النوادي الاجتماعية؛ حيث كانوا يناقشون الأفكار ويتباحثون في العلم والفلسفة والدين والحُكم، والعديد من الموضوعات الأخرى دون خوف من الاضطهاد. أثَّرت هذه الشخصيات البارزة في الآباء المؤسِّسين للولايات المتحدة، مثل بنجامين فرانكلين وتوماس جيفرسون، اللذَين زارا إنجلترا وفرنسا واسكتلندا، وقابَلا العديد من كبار المفكرين. والحق أنَّ قدرًا كبيرًا من إعلان الاستقلال ودستور الولايات المتحدة مستمَدٌّ من أفكار جون لوك، والفلاسفة الفرنسيين بشكلٍ مباشر.

ومن عباقرة التنوير الاسكتلنديِّ رجلٌ نبيلٌ ومالك أرض يُدعى جيمس هاتون (الشكل ٢-١). وُلد جيمس هاتون بإدنبرة في الثالث من يونيو عام ۱۷٢٦، وتُوفي في السادس والعشرين من مارس عام ۱۷۹۷. اشتهر هاتون في عصره بصفته كيميائيًّا وعالم طبيعة، وهو يُعَد الآن «أبا الجيولوجيا الحديثة». فعلى الرغم من أنه تلقى تعليمه في القانون والطب، فقد كان أكثر اهتمامًا بالكيمياء والتاريخ الطبيعي، ومارس هذه الهوايات بمنهج تفكير مستقل للغاية.
fig9
شكل ٢-١: جيمس هاتون في عام ۱۷۷٦، كما رسمه هنري رايبورن. (إهداء من «ويكيميديا كومنز»)

لما كان هاتون أحد الإقطاعيين مُلاك الأراضي، وورث عدة مزارع ضخمة في أرجاء اسكتلندا، استخدم معرفته بالكيمياء ليحدد كيفية تسميد حقوله، وسافر على نطاق واسع بحثًا عن وسائل جديدة لتحسين الممارسات الزراعية. وفي غضون ذلك، قاده فضوله إلى عدة ملاحظات عن عملية التجوية البطيئة، وكيفية تكوُّن التربة، وانجراف الرواسب إلى البحر ببطء، ثم تراكمها طبقةً فوق طبقة. وفي النهاية، أجَّر ممتلكاته لمزارعين، وعاد إلى إدنبرة ليتفاعل مع غيره من المفكرين العظماء، مثل آدم سميث وجوزيف بلاك، اللذين كانا من أقرب أصدقائه. سافر هاتون كثيرًا في أرجاء اسكتلندا مضيفًا إلى ذخيرته من الملاحظات، وساعيًا إلى إجابات عن أسئلته بشأن آليات كوكب الأرض. نشر هاتون أفكاره عام ۱۷۸۸ في ورقة بحثية علمية عنوانها «نظرية الأرض: أو بحث في القوانين المشاهَدة في تكوُّن الأرض وتحلُّلها واستصلاحها على الكوكب»، ونشرها مجددًا في كتاب «نظرية الأرض» الصادر عام ۱۷۹٥.

أدرك هاتون أن كل ما رصده يدل على أن العمليات التي تحدث على كوكب الأرض تجري تدريجيًّا وببطء شديد. فقد استغرق الأمر سنوات لتتكون التربة السميكة، وقرونًا لتتراكم طبقات الرواسب في قاع البحيرات. زار هاتون جدار هادريان (الشكل ٢-٢)، الذي بناه الرومان على طول اسكتلندا قبل أكثر من ۱٥٠٠ عام، ولم يرَ أي علامات على أن الحجارة قد تغيَّرت، أو حتى تعرَّضت للكثير من عوامل التجوية خلال كل تلك القرون. وإضافةً إلى ذلك، طبَّق هاتون فلسفة الطبيعانية التي ظهرَت في عصر التنوير على الجيولوجيا، واستنتج أن العمليات الطبيعية التي نراها اليوم — التجوية البطيئة، والتعرية، ونقل الرواسب — قد عملت، لا بد، بالطريقة نفسها في الماضي الجيولوجي. فمن الممكن وصف الصخور القديمة وتفسيرها من خلال العملياتِ القابلة للرصد، وتلك العملياتُ التي تجري الآن فوق الأرض وداخلها إنما تجري على نحو ثابت موحَّد، على مدى فترات طويلة للغاية من الزمن. وقد صيغَ هذا الاستنتاج فيما صار يُعرَف بعد ذلك بنظرية «الوتيرة الواحدة»، أي إنَّ العمليات الطبيعية تحدث بوتيرة واحدة عبر الزمن. وقد لخَّص أحد أتباع هاتون، وهو أرشيبالد جايك، هذا المفهومَ بقوله: «الحاضر مفتاح الماضي». فلا بد أن نستخدم فهمنا للقوانين والعمليات الطبيعية في الحاضر لفهم تلك التي حدثت في الماضي.
fig10
شكل ٢-٢: كان جيمس هاتون يعرف السور الروماني الذي بُني عبر الحدود الجنوبية لاسكتلندا، والمعروف باسم جدار هادريان، والذي شُيِّد عام ۱٢٢ ميلاديًّا تقريبًا. انبهر هاتون بقِلة علامات التجوية التي بدَت على الجدار خلال الأعوام الألف والخمسمائة التي مرَّت منذ بنائه، واستنتج، بناءً على هذا، أنَّ الصخور الموجودة على سطح الأرض تتعرَّض للتجوية أيضًا، وللتآكل ببطء شديد على مدى المئات أو الآلاف من السنوات. (تصوير المؤلف)
fig11
شكل ٢-٣: اللاتوافق الزاوي الشهير في سيكار بوينت، بيرويكشاير، على الساحل الشرقي لاسكتلندا. رأى هاتون هذا النتوء لأول مرة في آخر رحلة ميدانية كبرى له، وقد رسَّخ قناعاته بأن الأرض قديمة للغاية. أدرك هاتون أن التسلسل السفلي للصخور قد تشكَّل في الأصل حتمًا على شكل كومة سميكة من الرمال والطين في قاع المحيط، ثم ضُغِطت هذه الكومة لتكوِّن الحجر الرملي والصخور. وبعد ذلك، مالت هذه الصخور تدريجيًّا في اتجاه عمودي. وبعد فترة من الزمن، رُفعت هذه الصخور إلى سلسلة جبلية تآكلت، مما أدى إلى تشكيل السطح المتآكل الذي يقطع حواف الطبقات المائلة. غرق السطح المتآكل بأكمله مرة أخرى، وغطَّته رمال أحدث تحولت الآن إلى أحجار رملية. أدرك هاتون أن كلًّا من هذه العمليات يستغرق آلاف السنين أو أكثر، مما أشار إلى أن تشكيل اللاتوافق الزاوي بأكمله لا بد أنه يمثل قدرًا هائلًا من الزمن. (إهداء من «ويكيميديا كومنز»)
كان ما حفز أفكار هاتون بقوة هو رصده لنتوءات ما يُعرَف اليوم باسم اللاتوافق الزاوي. في هذا التكوين، تكون الصخور الموجودة في الجزء السفلي متجهةً إلى الأعلى بزاويةٍ على جانبها، ثم تتآكل طبقتها العلوية، ثم تترسَّب الصخور الأحدث على السطح المتآكل القديم (الشكل ٢-٣). استنتج هاتون أن الطبقات السفلية كانت تقبع أفقيًّا قبل ذلك في قاع نهر أو محيط. واستحالت بعد ذلك من رمال ناعمة وطين إلى حجر رملي صُلب وحجر طيني، وهي عملية تستغرق ملايين السنين. وبعد فترة من الزمن، مالت هذه الطبقات على جانبها بفعل قوًى بالغة الشدة، ثم رُفِعت في الهواء كالجبال ثم تآكلت، مثلما يحدث في الجبال اليوم ونشهد حدوثه. وأخيرًا، أنَّ تلك الجبال نفسها قد تآكلت أو غرقت، ثم غُطِّيت بطبقة من الرواسب الأحدث. ونظرًا لمعرفته بمدى بطء المعدلات الحديثة للتجوية والتآكل، والوقت الذي يستغرقه ترسب آلاف الطبقات من الرواسب، أدرك هاتون أن اللاتوافق الزاوي يمثِّل حتمًا فترة تتراوح من آلاف إلى ملايين السنين، وليس مجرد ٦٠٠٠ عام مثلما كان رجال الدين يعتقدون. وعلى حد تعبير هاتون، فإنه لم يرَ «أثرًا لبداية، ولا أُفقًا لنهاية». اكتشف هاتون أنَّ الأرض قديمة للغاية، وتعمل وفق مقياس زمني نجد صعوبة شديدة في استيعابه. ذهب هاتون إلى أن مجمل هذه العمليات الجيولوجية يمكن أن تُفسِّر الأشكال الأرضية الحالية في جميع أنحاء العالم تفسيرًا كاملًا، وأنَّنا لا نحتاج إلى أي تفسيرات من الكتاب المقدس في هذا الصدد. وأخيرًا، أشار هاتون إلى أن عملياتِ التعرية ونقل الرواسب والترسيب والرفع هي عملياتٌ دورية، وأنها يجب أن تكون قد تكررت عدة مرات على مدار تاريخ الأرض. ونظرًا للفترات الزمنية الهائلة اللازمة لمثل هذه الدورات، أكد هاتون أن عمر الأرض لا بد أن يكون كبيرًا إلى حد لا يمكن تصوره.

على مدار قرن كامل بعد عمل هاتون، لم يتمكن أحد من تحديد عمر الأرض حقًّا. جمع الجيولوجيون القِيَم العددية القصوى للصخور التي تمثِّل جميع العصور على المقياس الزمني الجيولوجي، باستخدام المعدلات القياسية لتراكم الرواسب، وحاولوا حساب أقل فترة زمنية يمكن أن تكون قد مرَّت منذ العصر الكمبري. أشارت تقديراتهم إلى أن عمر الأرض يبلغ حوالي ۱٠٠ مليون سنة، أي إنهم أخطئوا في التقدير بمقدار خمسة أضعاف على الأقل. لماذا إذن بلغ الخطأ في تقديراتهم هذه الدرجة الكبيرة؟ كان سجلُّ الصخور يضم الكثير من الفجوات في حالات التآكل، أو حالات اللاتوافق، حيث لم تُرسَّب أية صخور، لتمثل فترات هائلة من الزمن. قدَّر الفيزيائي الأيرلندي جون جولي عمر الأرض من خلال حساب المدة اللازمة لتراكم محيطات العالم مقدار ما تحتوي عليه من ملح (حوالي ۳٫٥ بالمائة من مياه البحر العادية)، وذلك بناءً على المعدلات المعتادة التي يتعرى بها الملح من اليابسة، ويترسَّب في المحيط. كان التقدير الذي توصَّل إليه هو أيضًا من ٨٠–١٠٠ مليون سنة، مبتعدًا هو أيضًا عن التقدير الفعلي بمقدار خمسة أضعاف. تضمن هذا التقدير افتراضاتٍ خاطئةً مثلما حدث في التقديرات التي سبقته. والافتراض الخاطئ في هذه الحالة أننا نعلم أن تركيز الملح في المحيطات لا يتغيَّر كثيرًا بمرور الزمن، وإنما يظل في حالة اتِّزان مستقر. ذلك أنَّ الملح الفائض يُسحَب من المحيط عندما تتشكل كميات كبيرة من الرواسب التبخرية، مما يحبس هذا الملح في قشرة الأرض.

جاء التقدير الأشهر لعمر الأرض على يد الفيزيائي الأسطوري ويليام طومسون، الأكثر شهرة بلقب «لورد كلفن». افترض طومسون أن الأرض بدأت كتلةً منصهرة في مثل درجة حرارة الشمس، وحسبَ عمر الأرض من خلال قياس معدل تسرب الحرارة من التيار الحراري القادم من باطن الأرض. كان التقدير الذي توصل إليه هو ٢٠ مليون سنة فقط، وهو عمر أصغر من أن يقبله معظم الجيولوجيين أو تشارلز داروين. وخلال الجزء الأكبر من أواخر القرن التاسع عشر، بدأ الجيولوجيون يتحيَّزون بتقديراتهم نحو فترات أقصر وأقصر إرضاءً لكلفن. فقد كانت الغيرة من الفيزياء شديدة آنذاك بقدر ما هي عليه الآن!

ما الخطأ إذن في تقديرات كلفن؟ وضع كلفن افتراضَين خاطئين: (۱) أن كل الحرارة التي قمنا بقياسها من باطن الأرض يعود أصلها إلى وقت تكوُّن الأرض، و(٢) أنه لا يوجد مصدر آخر للحرارة. وفي عام ۱۸۹٦، اكتشف هنري بيكريل النشاط الإشعاعي، وبحلول عام ۱۹٠۳، اكتشفت ماري كوري وزوجها بيير كوري أن المواد المشعَّة، مثل الراديوم، تنتج الكثير من الحرارة خلال الاضمحلال النووي. وفي عام ۱۹٠٤، توصل إرنست رذرفورد، عالم الفيزياء بجامعة كامبريدج، إلى العديد من الاكتشافات بشأن النشاط الإشعاعي. كان رذرفورد يستعد لإلقاء محاضرة عن عمله في المعهد الملكي لبريطانيا العظمى، عندما أدرك أن اللورد كلفن البالغ من العمر ۸٠ عامًا كان بين الحضور. كان أمرًا مخيفًا لرذرفورد الشاب أن يتحدث أمام اللورد كلفن نفسه، وأن يوضِّح له خطأه. وعن ذلك كتب رذرفورد لاحقًا يقول:

دخلت إلى الغرفة وكانت خافتة الإضاءة، وسرعان ما ميزتُ اللورد كلفن بين الحضور، وأدركت أني سأكون في ورطة حين أصل إلى الجزء الأخير من حديثي الذي يتناول عمر الأرض، حيث تتعارض آرائي مع آرائه … شعرت بالارتياح إذ غرق كلفن في النوم، لكني حين وصلت إلى النقطة المهمة، رأيت العجوز يعتدل في جلسته، ويفتح عينًا ليرميني بنظرة متوعدة. حينها أتاني إلهام مفاجئ، فقلت إن اللورد كلفن حدَّ من عمر الأرض بشرط عدم اكتشاف مصدر جديد [للحرارة]. وقد أشارت هذه النبوءة إلى ما نناقشه الآن، الراديوم! فابتسم العجوز في وجهي!

استند تقدير كلفن إلى الافتراض الخاطئ بأنه لا توجد مصادر أخرى للحرارة بخلاف الحرارة الأصلية للأرض، عندما بردت من كتلة منصهرة، وأنها ستبرد خلال ما لا يزيد عن ٢٠ مليون سنة. لكن النشاط الإشعاعي هو مصدرٌ إضافي للحرارة. والحق أنَّ النشاط الإشعاعي يوفر قدرًا كبيرًا من الحرارة، لدرجة أنه أصبح الآن المصدر الوحيد الذي نقيسه للحرارة القادمة من باطن الأرض. فالحرارة الأصلية الناتجة من تبريد الأرض، والتي اعتقد كلفن أنه كان يقيسها، تبددت منذ مليارات السنين، وربما حتى خلال أول عشرين مليون سنة بعد تشكُّل الأرض منذ ٤٫٦ مليارات سنة.

لم يفسر اكتشاف النشاط الإشعاعي بصفته مصدرًا للحرارة خطأَ كلفن فحسب، بل قدَّم شيئًا آخر أيضًا؛ وسيلة لإيجاد العمر الحقيقي للأرض. فالانحلال الإشعاعي يعمل بمثابة ساعة من نوع ما. فعند انحلال عناصر غير مستقرة مثل اليورانيوم، تنتج ذرات وليدة مستقرة مثل الرصاص. لحساب عمر صخرة، كل ما عليك فعله هو قياس كمية اليورانيوم الأصلية وكمية الرصاص الوليدة في العينة؛ ومن ثَم قياس معدل انحلال الذرة الأصلية إلى ذرة وليدة.

كان أول من أدرك ذلك هو الكيميائي بجامعة يل، بيرترام بولتوود، الذي لاحظ أنه كلما كانت عيناته أقدم، احتوت على كمية أكبر من الرصاص. وبحلول عام ۱۹٠۷، كانت لديه عينات يتراوح عمرها بين ٤٠ مليون سنة إلى أكثر من ٢٫٢ مليار سنة. وبعد ذلك، طوَّر الجيولوجي البريطاني الشاب اللامع آرثر هولمز هذه الطريقة. فخلال عطلات عيد الميلاد في ديسمبر ويناير ١٩٠٩-١٩١٠، حلَّل هولمز سلسلة من الصخور بدقة شديدة، ونقَّح طريقة اليورانيوم-الرصاص للتأريخ، متخطيًا بذلك المشكلات التي أعاقت بولتوود. وبحلول عام ۱۹۱۳، حصل هولمز على العديد من النتائج، مما شجَّعه على نشر كتابه البارز «عمر الأرض»، وذلك بينما كان لا يزال طالبًا بمرحلة الدراسات العليا. (حصل أخيرًا على الدكتوراه في عام ۱۹۱۷.) كانت لديه عينات من بريطانيا يعود تاريخها إلى ۱٫٦ مليار سنة، ومع استمراره في تأريخ الصخور خلال مسيرته المهنية الطويلة في التدريس بجامعة دورهام، ثم بجامعة إدنبرة بعد ذلك (مكملًا بذلك دورة كاملة تعيده إلى الجامعة التي درس بها هاتون)، حصل على صخور من أزمنة أقدم وأقدم. بلغ عمر أقدم هذه العينات ٤٫٥ مليارات سنة، وهو تقدير قريب للغاية من تقديراتنا الحالية لعمر الأرض. وأقدم المواد التي قمنا بتأريخها على الإطلاق هي نيازك كوندريتية، من النظام الشمسي الأصلي قبل تشكُّل الكواكب، وجميعها يبلغ من العمر حوالي ٤٫٥٦۷ مليارات سنة.

لقد قطعنا شوطًا طويلًا منذ اعتقادنا أن الأرض قرصٌ مسطح يوجد في مركز الكون، وأن الكواكب والشمس تدور حولنا، وأن النجوم ما هي إلا نقاط دقيقة من الضوء على قبة سماوية. لكننا نعلم الآن مدى ضآلتنا وهامشيتنا مقارنة بالفضاء الشاسع، وفي سياق الزمن الجيولوجي. إنها رؤية تضع من شأننا، لكن هذا ما كشفه لنا العلم. وبالرغم من ذلك، فثمة وجه آخر لهذه الصورة؛ نحن النوع الوحيد الذي تمكن من إدراك كيفية تشكل كوكب الأرض والكون، وكيفية تطورنا على هذه الأرض وصولًا إلى هذه المرحلة.

وكما قال كارل ساجان في البرنامج التليفزيوني «كوزموس»:

إن حجم الكون وعمره يتجاوزان الفهم البشري العادي. وفي مكان ما بين الضخامة والأبدية يقبع منزلنا الكوكبي الصغير. من منظور كوني، تبدو معظم الاهتمامات البشرية غير ذات أهمية، بل تافهة. لكن جنسنا البشري شاب وفضولي وشجاع وواعد للغاية. فعلى مدار بضعة آلاف قليلة من السنين الماضية، حقَّقنا أكثر الاكتشافات إثارةً للدهشة عن الكون وعن موضعنا فيه، وأكثرها مفاجأةً، وهي اكتشافات يبعث التأمل فيها على البهجة. إنها تذكِّرنا بأن البشر قد تطوروا ليتساءلوا، وأن الفهم متعة، وأن المعرفة شرط أساسي للبقاء. وأنا أعتقد أنَّ مستقبلنا يعتمد بقوة على مدى فهمنا لهذا الكون الذي نطفو فيه، مثلما تطفو ذرة من الغبار في السماء.

قراءات إضافية

  • Berry, William B. N., Growth of a Prehistoric Time Scale, San Francisco: W. H. Freeman, 1968.
  • Burchfield, Joe D., Lord Kelvin and the Age of the Earth, New York: Science History, 1975.
  • Dalrymple, G. Brent, The Age of the Earth, Stanford, Calif.: Stanford University Press, 1991.
  • ______, Ancient Earth, Ancient Skies: The Age of the Earth and Its Cosmic Surroundings, Stanford, Calif.: Stanford University Press, 2004.
  • Hedman, Matthew, The Age of Everything: How Science Explores the Past, Chicago: University of Chicago Press, 2007.
  • Holmes, Arthur, The Age of the Earth, London: Harper and Brothers, 1913.
  • Lewis, Cherry, The Dating Game: One Man’s Search for the Age of the Earth, Cambridge: Cambridge University Press, 2000.
  • Macdougall, Doug, Nature’s Clocks: How Scientists Measure the Age of Almost Everything, Berkeley: University of California Press, 2008.
  • Ogg, James G., Gabi M. Ogg, and Felix M. Gradstein, A Concise Geologic Time Scale 2016, Amsterdam: Elsevier, 2016.
  • Prothero, Donald R., The Story of the Earth in 25 Rocks, New York: Columbia University Press, 2018.
  • Prothero, Donald R. and Fred Schwab, Sedimentary Geology: Principles of Sedimentology and Stratigraphy, 2nd ed., New York: W. H. Freeman, 2013.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤