الفصل الحادي والعشرون

الإضاءة المسرحية

تؤدي إضاءة المسرح الجيدة عدة أغراض في آنٍ واحد؛ ولذا يجب أن:

(١) تعطى الأنوار اللازمة

يحتاج المسرح عادةً إلى ضوء يساعد على أقصى ما يمكن من الرؤية. بيد أن هناك حالات يجب أن تخفي فيها الإضاءة شيئًا أو تطمسه بدلًا من أن تظهره. فالمناظر المصنوعة بسرعة دون إتقان يمكن أن تفي بالغرض إذا وُضعت في الظل، والقتل يكون أقل فظاعة في الضوء الخافت.

(٢) تساعد على تحديد الأسلوب

قلما تنجح الإضاءة المسرحية في تقليد المظاهر الطبيعية. وأهم فارق بين الإضاءة في الأسلوب الواقعي وبينها في الأسلوب الواقعي الممسرَح، أن الأول يتطلب نوافذ أو تركيبات ضوئية لإظهار مصادر الضوء، التي تقوم بها في حقيقة الأمر أجهزة الإضاءة المسرحية، ويكتفي الثاني بإضاءة المسرح دون إظهار المصدر الذي يأتي منه الضوء. وتتطلب الأساليب الأكثر تطرفًا أجهزة ضوئية خاصة وأنوارًا ذات ألوان قوية لا توجد في الحياة الواقعية.

(٣) تساعد في السيطرة على المزاج

للأنوار تأثير عميق على المزاج في المسرحية. فغالبًا ما ينتقل المزاج من الكآبة إلى المرح بزيادة الإضاءة، أو بتغيير لون الضوء من النوع الرطب إلى النوع الدافئ.

(٤) تُسهم في إظهار الصورة المسرحية

للضوء أثرٌ قوي على قيم وألوان الصورة المسرحية، حتى إن التغيير الكلي لمنظر قد يتم بمجرد تغيير الإضاءة أو بالمؤثرات الضوئية الخاصة.

(٥) تنقل المعلومات

تنبئ الإضاءة ببعض المعلومات، كأوقات النهار والطقس، وما إذا كانت الحجرات خارج المسرح مسكونة أو غير مسكونة، وما إذا كانت النيران في المدفأة مشتعلة أو خامدة (وبالتالي تنبئ عن فصول السنة)، وغير ذلك.

(٦) توزع مناطق التأكيد

فالضوء الساطع يبرز الجسم، والخافت يقلل من أهميته.

(٧) تساعد البناء أو التحفظ

لزيادة الإضاءة تأثير قوي في البناء الأدائي وتقليله من وسائل الاحتفاظ به.

(٨) خواص الضوء

يجب أن تعرف خواص الضوء لكي تستطيع استخدامه على الوجه الأكمل. ولكن هذه لا تفي بالغرض تمامًا كما كان الحال في الألوان، بالرغم من أن المشابهة بين الضوء والألوان قريبة جدًّا. وليس الفرق بينهما في الأسماء فحسب، ولكنه فرق جوهري لم تُكتشف طبيعته الحقيقية حتى الآن (انظر [الفصل السابع عشر: المناظر – الهامش رقم ١]).

(٨-١) توزيع الضوء distribution

يشغل الضوء حيزًا من الفراغ، ويتركز في بعض النقط أكثر من البعض الآخر. ويطلق على «هيئة» الضوء اسم «توزيع الضوء». ولا يمكن رؤية الضوء في حالة عدم سقوطه على العين مباشرةً إلا إذا وقع على الجسم فأضاءه. وإذا كان بالجو دخان أو غبار، أمكن رؤية الضوء بوضوح؛ إذ ينعكس على الذرات السابحة في الهواء، وبغير هذا لا نرى إلا الأجسام التي يسقط عليها كالمناظر والأثاث والممثلين وغير ذلك. وهذه الأجسام هي التي تبين حدود الضوء.

fig66
شكل ٢١-١

(٨-٢) اتجاه الضوء direction

يسير كل شعاع من الضوء في خط مستقيم إلا إذا انعكس أو انكسر. وينعكس الضوء على الأجسام اللامعة والمصقولة بحيث تكون زاوية السقوط مساوية لزاوية الانعكاس، ويكون الشعاع الساقط والشعاع المنعكس والعمود المقام على السطح العاكس من نقطة الانعكاس جميعًا في مستوًى واحد. وينكسر الضوء إذا انتقل في مروره من وسط ضوئي إلى وسط آخر يختلف عنه في الكثافة الضوئية، كأن ينتقل من الهواء إلى الزجاج أو إلى الماء. فإذا وضعنا قطعة نقود في مسار الضوء، أضيء أحد وجهيها وبقي الآخر مظلمًا تمامًا. واتجاه الضوء عامل هام في الإضاءة المسرحية؛ ولذلك نهتم كثيرًا بالسيطرة على اتجاه الضوء.

ينبعث النور من أغلب أجهزة الإضاءة المسرحية على هيئة مخروطات ضوئية تختلف في طولها واتساعها. والمخروط الضوئي إما واضح الحدود أو «مطموسها». وقد يتسرب بعض الضوء من أجهزة الضوء إما لعيب فيها، أو لانعكاسه على جسم اعترض طريقه. ويسمى مثل هذا الضوء: «الضوء المتسرب». وغالبًا ما يكون عظيم القيمة؛ فهو في الحقيقة العامل الأساسي في إضاءة حوائط معظم المناظر، ولكنه في أحيان أخرى مصدر متاعب؛ إذ يكون غير مرغوب فيه ويصعب التخلص منه أو القضاء عليه.

(٨-٣) اللون color

قلما نستطيع السيطرة على كثافة الضوء ولونه كلٌّ على حدة؛ ولذلك كان من الأسهل دراسة هذين العنصرين معًا تحت اسم «اللون».

(٨-٤) الشدة brightness

الشدة في الضوء تقابلها القيمة في الألوان، ولو أن قيمة اللون تتوقف على صنفه وكثافته، على حين تستقل «شدة الضوء» على هذين تمام الاستقلال نظريًّا وعمليًّا.

(٨-٥) الحركة movement

تشمل حركة الضوء جميع التغيرات في توزيعه وشدته ولونه. والتغير في درجة الشدة أكثر شيوعًا من التغير في التوزيع.

(٩) خواص الضوء – المصادر الضوئية والسيطرة عليها

معظم مصادر إضاءة المسرح عبارة عن «مصابيح» كهربية موضوعة داخل «أجهزة ضوئية» من المعدن والزجاج، تسيطر على الضوء بتركيز الأشعة على الجهة المطلوبة. ويتصل كل جهاز بلوحة التوزيع بوساطة «سلك» كهربي. وبلوحة التوزيع «مفاتيح» كهربية لإضاءة المصابيح بكل جهاز. وبذلك تسيطر على شدة الضوء المنبعث منها.

(٩-١) أنواع الأجهزة types of instruments

تفي بضعة أنواع من أجهزة الإضاءة بجميع احتياجات المسرح.

(٩-٢) المصابيح الغامرة أو الانتشارية (الشموس) floodlights

يتكون «المصباح الغامر» (كما في رقم ٣ شكل ٢١-١ ورقم ٥ شكل ٢١-٣) من عاكس يحيط بجوانب المصباح وأسفله. وينبعث منه مخروط ضوئي مطموس الحدود، مع كمية كبيرة من الضوء المتسرب. وتمتاز هذه المصابيح بقلة ما يضيع فيها من ضوء، ولكنها لا تسيطر تمامًا على توزيع الضوء. والنوعان الموضحان بالشكلين يؤديان الغرض نفسه.

(٩-٣) الكشافات المركزة (البروجكتيرات) spotlights

هذه الكشافات مزوَّدة بعدسات تعمل على ضيق الحزمة الضوئية وجعلها واضحة الحدود وشديدة الإضاءة، أكثر من المصابيح الانتشارية، كما تسمح بالسيطرة على توزيع الضوء في حدود واسعة. ويوجد منها بالسوق ثلاثة أنواع:

  • (١)

    كشاف بعاكس كروي، وعدسة محدبة الوجهين، أو عدسة محدبة مستوية: ولا يصلح هذا النوع للأغراض المسرحية، فضلًا عن ضخامة حجمه، وعلى ذلك ينبغي عدم استعماله.

  • (٢)
    الكشاف ذو العدسة المتدرجة (كما في رقم ٣ شكل ٢١-٣): وبه عاكس كروي وعدسة مستوية تقريبًا، مفرَّزة في خطوط دائرية متحدة المركز. وهذا المصباح صغير الحجم ذو مقدرة عظيمة، وينبعث منه مخروط ضوئي مطموس الحدود نوعًا ما. وعند توجيه الصمام (اللمبة) نحو العدسة تتسع حزمة الأشعة (بؤرة الغمر flood focus). وإذا أبعد عن العدسة ضاقت الحزمة الضوئية (البؤرة الحادة sharp focus). وإذا تسرب كثير من الضوء في حالة المخروط المطموس الحدود، أمكن علاج ذلك بوضع قمع أمام المصباح ومثبت فيه (كما في رقم ٣ شكل ٢١-٣). وعند نزع القمع والعدسة يتحول الجهاز إلى مصباح غامر.
  • (٣)
    الكشاف العاكس الأسطواني (كما في رقم ٤ شكل ٢١-٣): وفيه يحيط العاكس بالصمام (اللمبة) من جميع جهاته ما عدا مقدمته. وهذا الجهاز ذو مقدرة عظيمة، ويستطيع إسقاط مخروط بعيد المدى (أي عندما يكون على مسافة بعيدة من الجسم المراد إضاءته). ويعطي حزمات من أي شكل مطلوب (للمقطع المستعرض). كما أن في مقدوره إرسال المخروط الضوئي واضح الحدود أو مطموسها. ويحتوي هذا النوع عادةً على عدستين محدبتين مستقيمتين، وقد يزود بعدسة متدرجة. وهو ذو شكل خاص يميزه بسهولة عن النوع السابق ذي العدسة المتدرجة. وأحيانًا تنزع العدسات فيمكن استعماله كمصباح غامر.

(٩-٤) مصابيح الأمشاط striplights

يتكون هذا الجهاز من صف من المصابيح الغامرة الصغيرة (كما في رقمَي ٤، ٥ بشكل ٢١-١) موزعة على ثلاث دوائر ومرقمة ١، ٤، ٧ في الدائرة الأولى؛ ٢، ٥، ٨ في الدائرة الثانية؛ ٣، ٦، ٩ في الدائرة الثالثة. ويسمح هذا النظام بالحصول على ثلاثة ألوان من الضوء، وعدد لا يحصى من الأضواء المركبة، بواسطة نفس الجهاز. ولا تلقى هذه المصابيح ظلًّا تقريبًا.

(٩-٥) آلات المؤثرات الضوئية effect machines

كم من مجهود ذهني جبار بُذل في اختراع هذه الآلات، لتقليد أية ظاهرة ضوئية؛ إذ يمكن بوساطتها تقليد العواصف الثلجية، وثوران بركان فيزوف مثلًا، وغير ذلك من مختلف الظواهر الضوئية؛ ولكن أغلبها، للأسف، باهظ الثمن، ولا يوثق به ولا بما يخرجه من ظواهر ضوئية.

(٩-٦) السيطرة على توزيع الضوء control of distribution

يتوقف توزيع الضوء على عدد الأجهزة المستعملة، وأنواعها، وطريقة تنسيقها. كما أن المناظر والملابس والتشكيلات تلعب دورًا حيويًّا في التوزيع رغم عدم اعتبارها من أجهزة الإضاءة.

(٩-٧) السيطرة على اللون control of color

يُلوَّن الضوء بوضع حاجز رقيق ملون من مادة شفافة كالزجاج أو الجيلاتين أو البلاستيك أمام الجهاز الضوئي. وتوجد عدة شرائح من الجيلاتين أو البلاستيك في إطارات من المعدن، ولكن أغلبها يبهت بسرعة من الاستعمال. ويوجد منها بالسوق سبعون لونًا مختلفة، وأنواع «مصنفرة» لترشيح الضوء، وعدة نماذج مختلفة الثقوب.

ويُستعمل الزجاج الملون غالبًا في مصابيح الأمشاط ذات الفتحات الخاصة لاستعمال أقراص الزجاج الملونة ذات التأثير القريب الشبه بالعدسات roundels. وهذه الأقراص ثابتة اللون، ولكنها غالية الثمن، محدودة الألوان.

(٩-٨) طريقة «الألوان الثلاثة» three-color system

يعرف كلٌّ منا أنه بالإمكان تكوين جميع الألوان من الألوان الثلاثة الأساسية. وكذلك الحال في الضوء، إلا أن الألوان الأساسية للضوء تختلف عنها في حالة الطلاء. فألوان الضوء الأساسية هي الأحمر والأزرق والأخضر. غير أننا في خريطة الألوان (شكل ١٧-٣) نجد أن الأحمر قريب من الأحمر البرتقالي، والأزرق قريب من الأزرق البنفسجي، والأخضر قريب من الأصفر المخضر. كما يتضح من الخريطة أن جميع ألوان البنفسجي يمكن تكوينها من الأحمر والأزرق. وبمزج الأزرق والأخضر نحصل على ألوان زرقاء مشوبة بخضرة. والأحمر والأخضر يعطيان البرتقالي والأصفر اللذين نطلق عليها في الضوء اسم «الأصفر الكهرماني» و«أصفر القش». أما الألوان الثلاثة الأساسية، فبمزجها معًا تعطي الضوء الأبيض.

(٩-٩) السيطرة على شدة الضوء control of brightness

تُقدَّر شدة الضوء تبعًا للعوامل الآتية:

المسافة بين الجهاز والجسم المضاء distance between instrument and object lit

إذا وُضع جسم قريبًا من جهاز إضاءة ثم أبعد عنه فإن شدة الضوء تقل، أولًا بسرعة، ثم ببطء كلما زادت المسافة بينهما. وتخضع شدة الاستضاءة لقانون علم الطبيعة، وهو أنها تتناسب تناسبًا عكسيًّا مع مربع المسافة. بيد أن هناك عوامل أخرى تؤثر على الموقف حتى إنه ليقال عمليًّا إن شدة الاستضاءة تناسب تناسبًا عكسيًّا مع المسافة. فمثلًا إذا وُضع جسم على بعد عشر أقدام من مصدر ضوئي، بلغت شدة استضاءته ١ / ١٠ من شدة استضاءة جسم موضوع على بعد قدم واحدة. ويكون التغير ملحوظًا في الأقدام الثماني أو العشر الأولى؛ ولذلك لا يوضع الجهاز الضوئي في مثل هذا النطاق بالنسبة لتحرك الممثلين إن قربا أو بعُدا. وهذا هو السبب في عدم وضع أنوار خلف الدرعين، على عكس ما كان مألوفًا من قبل.

مساحة الفتحة التي يمر منها الضوء size of aperture

يمكن الإقلال من شدة الضوء في المصابيح الغامرة والمصابيح المركزة ذات العدسة المتدرجة بتغطية جزء من وجه الجهاز بالورق المقوى. ولهذا الإجراء أثر على توزيع الضوء ولكنه أقل كثيرًا مما قد تتوقع، وعديم أو قليل القيمة فيما يختص بالأمشاط، ولا أثر له إطلاقًا على الكشافات ذات الشكل الأسطواني.

تغيير بؤرة الكشافات ذات العدسة المتدرجة changing focus of stepped-lens spotlight

المخروط الضوئي للعدسة المتدرجة أشد إضاءة في البؤرة الواضحة الحدود عنه في البؤرة الغامرة. وهذه خاصية لهذا المصباح لا يمكن الحصول عليها من أي جهاز آخر.

أثر شرائح الألوان effect of color mediums

لا تفي شرائح الألوان، ولا سيما المصنوعة من الجيلاتين أو من البلاستيك، الغرض المقصود منها. فالشريحة الجيلاتينية رقم ٥٤ (أصفر القش) تفقد ١٥٪ من الضوء، ورقم ٣٦ (الأزرق القاتم) تمتص ٩٧٪ من الضوء. وهذا أمر خطير، وعلى ذلك تقلل شدة إضاءة الأجهزة الساطعة الضوء باستعمال شريحة جيلاتينية متعادلة كرقم ٧٥ (ذات اللون الرمادي).

شدة التيار الكهربي amount of electrical current

وهذا أهم عامل، بل هو العامل الرئيسي للسيطرة على شدة الضوء. وبطبيعة الحال كلما زادت شدة التيار، زادت تبعًا لها شدة الضوء. وإذا نقصت شدة التيار، تحول الضوء إلى اللون البرتقالي. وأحيانًا يكون لهذا التحول أهمية بالغة.

نوع وعدد وتنسيق الأجهزة type, number and arrangement of instruments

لا حاجة بنا إلى توضيح آثار هذه العوامل؛ فالضوء المتجمع أشد إضاءة من الضوء المتفرق، والضوء المنبعث من عدة أجهزة أقوى من المنبعث من جهاز واحد، ووسط حزمة الأشعة أقوى نورًا من حافاتها. ويتجلى هذا بوضوح في المخروط المطموس الحدود.

(٩-١٠) السيطرة على حركة الأضواء control of movement

شرحنا فيما سبق عمل وخصائص عدة أجهزة تُستعمل في إضاءة المسرح، ولا بد للإشراف على الإفادة من هذه الأجهزة أن يكون لها ضابط يسيطر على حركاتها. فإذا تغير وضع أحد هذه الأجهزة أو بطل عمله، أو حل محله آخر، نشأ عن ذلك بطبيعة الحال حركة. ومع ذلك فإننا نستعمل عادةً أجهزة سيطرة كهربية تعمل من لوحة التوزيع العامة.

(١٠) تخطيط الإضاءة

نقدم تحت هذا العنوان طريقة لتخطيط الإضاءة المسرحية من تصميم ستانلي ماكاندليس بجامعة ييل. والطريقة مرنة لدرجة تجعلها تناسب أي نوع من المسرحيات، فضلًا عن بساطة مبادئها التي تجعل بالإمكان تصميم أعقد التخطيط في سهولة ويسر. ومواضع جميع الأجهزة الضوئية موضحة برقم ١ شكل ٢١-١. انظر كذلك رقم ٢ شكل ١٦-١.

(١٠-١) إضاءة مناطق المسرح area lighting

تقتضي إضاءة المناطق المخصصة للتمثيل أقصى ما يمكن من الإشراف حتى إن اعتمادنا الرئيسي يجب أن يكون على الكشافات. وبما أن كل كشاف يضيء مساحة تبلغ منطقة واحدة من مناطق التمثيل، فإن الكهربي يستطيع أن يعمل طبقًا لنفس الوحدات التي يستعملها المخرج والممثلون.

(١٠-٢) الإضاءة بالكشافات spotlighting

إذا جلست في قاعة النظارة وكان على المسرح أحد الممثلين، وسُلط عليه ضوء كشاف من عدة زوايا، رأيت أن الضوء المسلط من الأمام مباشرةً لا يجعل للممثل أي ظل، بل يُبديه كلوح خشبي أو كقطعة من الورق المقوى. وإن أحسن نتائج يمكنك أن تحصل عليها هي عندما يكون الضوء باتجاه محور ٤٥°. كما أن الضوء الموضوع في نفس مستوى الممثل لا يؤدي إلى نتائج طيبة؛ لأنه يلقي ظلالًا على المنظر تكون سببًا في تشتت ذهن النظارة. وإذا حركت الضوء إلى أعلى وجدت أن خير موضع له هنا أيضًا هو الميل بزاوية ٤٥°.

وهذا يعني أنه لتحديد الموضع المثالي لمكان كشاف يضيء منطقة من المسرح، عليك أن تقف في وسط تلك المنطقة وتمد ذراعك أمامك مباشرة، ثم تدور إلى أحد الجوانب بزاوية ٤٥°، ثم ترفع ذراعك إلى أعلى بزاوية ٤٥° أيضًا. وعندئذٍ تشير ذراعك إلى قطر مكعب خيالي، أحد أركانه عند رأسك وكتفيك وجوانبه في اتجاه المحاور المسرحية، بينما تشير إصبعك إلى الركن البعيد للمكعب الذي هو الموضع الصحيح للجهاز. وقلما يمكن نصب الكشاف في الموضع المحدد بالضبط؛ ولذا فكلما كان أقرب إليه كانت النتيجة مُرضية.

وإذا رجعت ثانيةً إلى الممثل الواقف على المسرح يضيئه كشاف واحد في اتجاه قطر المكعب، وجدت أنه عندما يدير وجهه بعيدًا عن الضوء يقع جزء كبير من وجهه وكل جسمه من الأمام في الظلام. وهذا غير مرغوب فيه، ويجب العمل على تلافيه بتركيب كشاف آخر يضيء من الجانب الثاني، على أن يكون هذا الكشاف كذلك في اتجاه قطر المكعب.

وإذا كان كلا الكشافين بقوة واحدة بدا الممثل عديم الظل كحاله تمامًا عندما يسلط عليه الضوء من المنتصف، ويمكن تصحيح هذا العيب بجعل أحد الكشافين أشد إضاءة من الآخر. فيلقي الكشاف القوي ظلًّا كافيًا لتوضيح شكل الممثل، بينما يضيء الكشاف الآخر الأجزاء المظلمة إضاءة تكفي لإظهار التفاصيل. والتوازن هنا دقيق جدًّا للأسف. فعندما يسير الممثل بطول المسرح يقترب من كشاف ويبتعد عن الآخر، وهذا يغير من شدة الإضاءة النسبية للكشافين ويفسد التوازن. ولاجتناب هذا المشكل نستعمل ما يُسمى «الإضاءة الدافئة والرطبة» بأن نستعمل في أحد الكشافين لونًا يختلف عن لون الكشاف الآخر ويزيد عنه دفئًا. ودائمًا يوضع الضوء الأكثر دفئًا في الكشاف الأقوى. ولا يصح أن يكون فرق الدفء كبيرًا، بل يكفي استعمال ضوء قرنفلي زاهٍ أو أصفر بلون القش في الكشاف الأقوى، واستعمال ضوء أبيض عادي في الكشاف الضعيف. وإن فرق اللون هذا ليجعل من المستطاع استعمال كشافين متساويَي القوة تقريبًا والحصول في نفس الوقت على نتائج باهرة؛ فتبصر العين الأجزاء الدافئة في وجه الممثل كأضواء لامعة، والأجزاء الرطبة كظلال. وزيادةً على ذلك فإن التوازن أقل خطرًا فلا يتأثر تقريبًا بحركات الممثل. وهذه ميزة عظيمة لها أهميتها.

ولا يمكن إضاءة مناطق أسفل المسرح الثلاثة إضاءة صحيحة إلا من مواضع قريبة من سقف الصالة (كما في رقم ١ شكل ٢١-١). ويوضح «أ» كيف يُحجب الكشاف في قائمة كاذبة، وفي «ب» يُعلق الكشاف أسفل السقف على مرأًى من المتفرجين، ولكن هذه الطريقة ليست محمودة، غير أنها تتيح إضاءة وجوه الممثلين في أسفل المسرح. والكشاف الأسطواني هو النوع الوحيد الصالح للاستعمال في الصالة ويفي تمامًا بالغرض.

(١٠-٣) تداخل الأنوار blending lights

لما كانت كل منطقة في حاجة إلى كشافين لزم اثنا عشر كشافًا لمناطق المسرح الست، ولا يمكن ضبط هذه الكشافات لتعطي أضواءً متساوية الشدة في جميع أرجاء المسرح، بل تكون هناك نقط ساطعة الأنوار أكثر من غيرها، وتُسمى «البقع الساخنة»، ونقط ضعيفة الإضاءة تُسمى «الثقوب». ويمكن علاج عدم انتظام الإضاءة هذه بأمشاط توضع خلف الحائل. ويجب أن تكون قوة ضوء «مصابيح الحائل» بالقدر الذي يكفي لحجب عدم انتظام الإضاءة في بعض النقط، على شرط ألا تفسد تأثير التركيز في الأضواء الكشافة.

(١٠-٤) إضاءة خلف المسرح background lighting

معظم الضوء الساقط على المناظر نفسها متسرب من مناطق التمثيل، وعادةً يُكتفى بهذا الضوء في كثير من المناظر.

(١٠-٥) تدريج الضوء toning

إذا احتاج الأمر إلى أنوار إضافية، أو إلى تعديل ألوان المنظر، تُستعمل الإضاءة السفلية، وهي أمشاط موضوعة في حوض بطول مقدمة المسرح. ولا شك أن تغيير لون الإضاءة السفلية لا يغير لون المنظر من الأحمر إلى الأزرق مثلًا، ولكنك تستطيع من الأحمر البنفسجي إلى الأزرق البنفسجي، وهذا كافٍ للتأثير على مزاج المسرحية. كذلك إذا استعملت نفس المسطحات في منظرين مختلفين، أمكنك ستر ألوانها بتغيير لون الإضاءة السفلية.

ولا تؤثر ألوان الإضاءة السفلية على الممثلين وعلى ملابسهم إلا تأثيرًا طفيفًا؛ إذ تتغلب عليها أضواء أقوى من الكشافات المستعملة في إنارة مناطق التمثيل. وللإضاءة السفلية فائدة كبرى في إبادة الظلال في المستويات السفلى لوجوه الممثلين. والحقيقة أن بعض المصممين يلجأ إلى استعمالها لهذا الغرض وحده.

(١٠-٦) البطانة الخلفية backings

يمكن إضاءة البطانة الخلفية بسهولة بوساطة المصابيح الانتشارية. وأحيانًا يُزوَّد المصباح الغامر بشريحة مضفرة ويسلط على البطانة مباشرةً (انظر المصباح أعلى اليمين برقم ٢ شكل ٢١-١). غير أنه إذا استعمل الممثلون مناطق في أعلى المسرح سقطت لهم ظلال مشتتة للذهن، ولكن يمكن تحاشيها بتسليط المصباح على ظهر المنظر (كما في أسفل اليمين برقم ٢) وجعل الضوء المنعكس يضيء البطانة. ولما كان الضوء المنعكس يأتي من مساحة كبيرة فلا يحدث ظلالًا تقريبًا.

(١٠-٧) السماء sky

يضاء الجزء العلوي من السماء عادةً بمصابيح غامرة، وإن أي جزء صغير من السماء ليحتاج إلى مصباحين، وأقل عدد من المصابيح تحتاجه السماء مهما كانت مساحتها هو أربعة أو ستة. وإذا كان لون السماء سيتغير، احتاجت إلى مجموعتين من المصابيح الغامرة. والملاحَظ أن السماء الحقيقية أزهى لونًا عند أسفلها، ويمكن إحداث ذلك الأثر بوضع صف من الأمشاط يُسمى مصابيح الأفق على بُعد ثلاث أو أربع أقدام من الحافة السفلى للسماء. وتُستعمل مصابيح الأفق أيضًا لتقليد منظر غروب الشمس.

(١٠-٨) إضاءة التكوين lighting for composition

تُستعمل أجهزة إضاءة المسرح في أغراض التكوين أيضًا. ومع ذلك فهناك بعض مناظر يحتاج إلى أجهزة خاصة لهذا الغرض.

(١٠-٩) إضاءة نقل المعلومات lights for conveying information

هناك أجهزة خاصة لنقل المعلومات، فمثلًا يلقي أحد الكشافات مخروطًا من ضوء الشمس على نافذة ليبين أن الجو لطيف. وقد يتألق مصباح في أرض المسرح ليكون دافعًا لضوء يسقط من أجهزة إضاءة المسرح.

(١٠-١٠) تسمية الأجهزة naming instruments

يجب أن يكون لكل جهاز اسمٌ خاص يعرفه به عمال المسرح. ولعل أهم عناصر الطريقة التي يتبعها ماكاندليس نظامه في تسمية الأجهزة. فترقم مناطق المسرح من ١ إلى ٦ ابتداءً من الركن أسفل اليسار (انظر رقمَي ١، ٢ بشكل ٢١-١). وقد تجد من المفيد أيضًا أن تسمي مناطق خلف المسرح بالأرقام ٧، ٨، ٩. وإذا لم تُضَأ منطقة يحذف رقمها مع بقاء سائر الأرقام الأخرى على ما هي عليه. فإذا لم توجد أجهزة إضاءة من المنطقة رقم ٤، فإن منطقة أعلى الوسط تظل على تسميتها «رقم ٥». والكشاف المسلط على منطقة من جهة اليسار يُسمى «أيسر» مع إضافة رقم المنطقة إليه (١ يسار، ٢ يسار وهكذا)، والمسلط من الجهة اليمنى يسمى «أيمن» مع إضافة رقم المنطقة أيضًا (١ يمين، ٢ يمين وهكذا). وإذا تصادف وجود كشافين على جانب واحد لسبب ما، فإن الكشاف الأقرب إلى اليمين يسمى أيمن والأقرب إلى اليسار يسمى أيسر. وإذا وُجد أكثر من كشافين في منطقة سُميت الكشافات الزائدة «كشافات خاصة» مع إضافة رقم المنطقة أيضًا، أو أي اسم يختاره المصمم. فمثلًا الكشاف الموجود بالركن الأيمن العلوي (برقم ٢ شكل ٢١-١) يمكن أن يسمى «رقم ٦ خاص» أو «خاص للنافذة» أو «خاص لضوء الشمس». كما يجب مراعاة أن تكون هذه الأسماء وصفية؛ أي تبين إحدى صفات الكشاف حتى يمكن تذكرها بسهولة، ويمكن تسمية المصابيح الانتشارية بأسماء المناطق الموجودة فيها (غامر رقم ٩ مثلًا) أو بأسماء استعمالاتها (مثل غامر بطانة النافذة). وإذا استُعملت أمشاط خاصة أعطيت لها أسماء أيضًا.
fig67
شكل ٢١-٢: «الكوميديا الإلهية»، مسرح جامعة ييل: تصميم بيجي كلارك: تعتمد مثل هذه المناظر التعبيرية على تغيير الإضاءة لصالح التنويع. ولا ينبغي محاولة القيام بها بغير أجهزة كهربية ملائمة ووقت كافٍ لإجراء تدريبات الإضاءة.

(١١) نظام الإضاءة – تصميم التخطيط

يُصمَّم التخطيط الخاص بإضاءة عرض معين على ورق شفاف يوضع فوق رسم تصميم المنظر (كما في رقم ٢ شكل ٢١-١). وتوضح أجهزة الإضاءة برموز سهلة، وتكتب مهمة كل جهاز بجانب رمزه، ويكفي هنا الدلالة على المنطقة التي يسلط عليها الجهاز. وفي حالة الأجهزة الخاصة كما في المصباح الخاص بالنافذة (برقم ٢ شكل ٢١-١) توضع نقطة سوداء على الرسم لتبين موضع سقوط مركز المخروط الضوئي، ويرسم خط متكسر يصل هذه النقطة بالجهاز. ويمكن استعمال طريقة مماثلة لهذه في المصابيح الغامرة ولو أنه قلما تكون هناك ضرورة لذلك. ولكل شريحة ملونة رقمٌ خاص في كتالوج الصنع، فيُكتب رقم الشريحة داخل رمز الجهاز بها. وإذا لزم الأمر استعمال شريحتين كُتب رقماهما. وإذا كتب صفر مع رمز الجهاز، دل على عدم استعمال شريحة ملونة. ويرمز إلى الأمشاط بمستطيلات ضيقة مقسمة إلى عدة أقسام بعدد الألوان. وتتكون أمشاط الحائل والإضاءة السفلية من مشطين منفصلين يسمى كلٌّ منهما «قطاعًا»، ولا حاجة إلى توضيحهما على الرسم. ومع ذلك فإذا أريد استعمال عدة قطاعات، فيمكن كتابة ملحوظة تدل عليها.
وقد تستلزم المناظر الخارجية والمناظر المعقدة بيان خطوط النظر، وكذلك خطوط المخروطات الضوئية نفسها، وطريقة ذلك موضحة برقم ٢ شكل ١٦-١. ويلاحظ أنه يجب أن يتقاطع المخروط الآتي من كشافات الحائل من المخروطات الصادرة من كشافات الصالة في نقط فوق رءوس الممثلين (كما في و برقم ٢).

(١١-١) عمل التصميم design procedure

ابدأ بمعرفة المناطق التي ستضيئها الكشافات. وإذا كان أحد جوانب المسرح ضحلًا أمكن حذف منطقة أعلى المسرح (انظر شكل ٢-٣)، ثم حدد مواضع الكشافات اللازمة لهذه المناطق. وإذا احتاجت إلى كشافات خاصة حدد مواضعها أيضًا على الرسم. ضع اسمًا لكل كشاف خاص، ثم قرر عدد المصابيح الغامرة اللازمة لإضاءة كل بطانة خلفية، والأماكن التي ستوضع فيها. وإذا كان هناك سماء فصمم عدد المصابيح الغامرة اللازمة لإضاءتها من فوق، وعين مواضعها أعلى المسرح وأسفله، ومقدار ارتفاعها عن أرض المسرح. وعادةً، يجب أن تكون منخفضة وقريبة من أسفل المسرح بقدر ما تسمح به المناظر وخطوط النظر، ثم يحدد عدد القطاعات اللازم استعمالها من الأمشاط الأفقية، ويتحتم وضعها بحيث تصبح أقرب ما يكون من أسفل المسرح. وبعد ذلك تضاف الإضاءة السفلية وأمشاط الحائل.

(١١-٢) اختيار الألوان selecting colors

تعمل الإضاءة السفلية على نظام الألوان الثلاثة، وعلى ذلك ينبغي تزويد دوائرها بأقراص «حمراء» و«زرقاء» و«خضراء». وقد تعمل أمشاط الحائل على نفس النظام، غير أنه كثيرًا ما يستعاض فيها عن الأخضر باللون «الأصفر الكهرماني»، أو بأصفر من «لون القش»؛ إذ لا يحتاج كثيرًا إلى الأخضر في الإضاءة من فوق، ويفضل عليه الأصفر الكهرماني الذي يزيد عليه فائدة وقوة؛ فالكهرماني مع الأزرق يعطيان ضوءًا أبيض تقريبًا. وإذا كانت هناك حاجة إلى اللون الأخضر، أمكن نزع القرص الأصفر ووضع قرص أخضر في مكانه.

(١١-٣) كشافات المناطق area spotlight

لإحداث ضوء يحكي ضوء النهار بالمناظر الداخلية أو الخارجية، استعمل توليفًا من رقم ٦٢ (قرمزي فاتح) (وهو في الحقيقة أصفر كهرماني يميل إلى القرنفلي) في الجانب القوي، مع استعمال الضوء العادي أو شريحة رقم ١ (المصنفرة) في الجانب الضعيف. ولتقليد منظر غروب الشمس أو ضوء النهار، ضع في الجانب القوي إحدى الشرائح الآتية: رقم ٥٦ (أصفر فاقع من لون القش) أو رقم ٥٧ (أصفر كهرماني فاتح) أو رقم ٥٨ (الكهرماني المتوسط) أو رقم ٦٠ (الكهرماني الفاقع) أو رقم ٦١ (البرتقالي). وإذا أردت منظرًا أكثر تلونًا فاستعمل الشريحة رقم ٢٦ (الأزرق السماوي الفاتح) في الجانب الضعيف، وإذا أردت محاكاة نور القمر، فلا تستعمل الشرائح الزرقاء حيث إنها تلقي ضوءًا أحمر في الوجوه وعلى الملابس، وتعطي نورًا يختلف عن نور القمر تمام الاختلاف وإنما يمكنك استعمال الشريحة رقم ٤٣ (الأخضر الفاتح المشوب بزرقة) في الجانب القوي، واستغنِ عن الجانب الضعيف، أو ضع فيه شريحة رقم ٤٦ (الأخضر الناضر المشوب بزرقة).

وإذا لم يناسبك أحد هذه المقترحات، أو كان لديك مسألة خاصة كمسرحية خيالية مثلًا، فلا مانع من عمل تجارب بالألوان الآتية المرتبة من اللون الأكثر دفئًا إلى اللون الأكثر رطوبة: رقم ٢ (قرنفلي فاتح بلون اللحم)، رقم ٩ (قرنفلي)، رقم ٥٤ (أصفر فاتح بلون القش)، رقم ٥٣ (أصفر باهت جدًّا بلون القش)، رقم ١٧ (أخضر لافندر).

(١١-٤) البطانة backings

عادةً ما تضاء هذه بنفس الألوان المستعمَلة في إضاءة مناطق التمثيل.

(١١-٥) السماء skies

لمحاكاة منظر السماء في الليل أو في المساء المتأخر، استعمل شريحة رقم ٣٦ (أزرق ثابت) أو رقم ٣٨ (أزرق بحري أدكن). أما لضوء النهار، فإن أغلب الشرائح الجيلاتينية إما أزرق أكثر من اللازم وإما بنفسجي يميل إلى الحمرة. حاول استعمال شريحة رقم ٣٠ (أزرق فاتح خاص) أو رقم ٤٠ (أزرق فاتح مخضر)، واثقب فيها عدة ثقوب بالمقص، وضع عليها شريحة «مصنفرة» (رقم ١) ثم ثبتها في مصباح غامر فوقي، فستعمل الشريحة المصنفرة على انتظام توزيع الضوء؛ وبذا تحصل على أزرق متجانس. وإذا ناسبك هذا اللون فزَوِّد به جميع المصابيح العليا الانتشارية.

(١٢) الأجهزة وطرق استعمالها

يجب الإلمام تمامًا بجميع أجهزة الإضاءة. ومن حسن الحظ أن الطرق الفنية لاستعمالها بسيطة جدًّا ولا تحتاج إلى خبرة عظيمة.

(١٢-١) الأجهزة وطرق استعمالها – (أ) توصيل الأسلاك

إذا لم يكن بمسرحك وصلات كهربية مستديمة، أمكن توصيل أجهزة الإضاءة بلوحة التوزيع بكابل كهربي مزدوج رقم ١٤. وهناك نوع يعرف باسم «كابل المسارح». غير أن الكابل المكسو بالمطاط أصلح بالرغم من ارتفاع ثمنه. وفي التوصيلات المستديمة تمتد أسلاك مزدوجة من لوحة التوزيع إلى شتى الأماكن حول المسرح حيث ينتظر وضع أجهزة الإضاءة. وتوضع هذه الأسلاك داخل أنابيب معدنية كأنابيب التوصيلات المنزلية.

fig68
شكل ٢١-٣

الموصلات connectors

تتصل الأسلاك بلوحة التوزيع من طرف، وبموصلات (بريزات) قوة ١٥ أمبيرًا من الطرف الآخر (كالموصل المبين برقم ٣ شكل ٢١-٣)، وبكل موصل من هذه فتحتان. وفي طرف سلكي الجهاز موصل (فيش) به مسماران يمكن وضعهما في ثقبَي الموصل المتصل بالسلك الممتد إلى لوحة التوزيع. ومسمارا موصل الجهاز مشقوقان ليمكن توسيعهما بطرف نصل مطواة ليمسكا بثقبَي الموصل الآخر بإحكام دون أن يفلتا. وإذا عملت عقدة الأسلاك كالموضحة برقم ٣ بالشكل، منعت إفلات المسمارين من ثقبَي الموصل. ولما كانت جميع وصلات المسرح مؤقتة، وجب استعمال موصلات من هذا النوع، وليس من أي نوع آخر. كما يجب كتابة طول كل كابل وسلك على الموصل المتصل به بالبوية البيضاء.

(١٢-٢) الأجهزة وطرق استعمالها – (ب) تركيب الأجهزة

أسهل طريقة لتركيب الأجهزة هي على قضيب حديدي يُعرَف في السوق باسم «حديد مجرى» لمشابهته لمجرى الماء، أو على قضيب من «حديد الزاوية» به ثقوب قطر ٥ / ٨ يبعد كلٌّ منها عن الآخر بمقدار ٦ كالمبينة برقم ٤ شكل ٢١-٣. وخير مسامير لربط الأجهزة هي مسامير «القلاووظ» ذات الرأس المربع ١ / ٢ ، ولو أن ذات الرأس المسدس تقوم أيضًا بالغرض. واستعمال «الوردة» الجلدية يحكم ربط المسمار ويساعد على ضبط الجهاز. ويجب أن تكون المصابيح الغامرة أو الكشافات المعلقة بهذه الطريقة ذات «علاقة» كالموضحة برقم ٤ شكل ٢١-٣. وإذا كان للجهاز «فلنجة» كالمبينة برقم ٥، لزم تزويده بزاوية، وهذه عبارة عن قطعة من «خوصة» حديدية سمك ٣ / ١٦ وعرضها ٢ مثنية على هيئة زاوية قائمة، وبكلٍّ من طرفيها ثقبٌ قطره ٥ / ٨ . وإذا كان للجهاز مسمار مشبك (كالمبين برقمَي ٤، ٥ شكل ٢١-١)، أمكن تعليقه في قضيب من حديد الزاوية أو الحديد المجرى، بوصلة على هيئة زاوية قائمة (كالموضحة برقم ٥ شكل ٢١-٣).

أنابيب التعليق pipes mounting

إذا لزم تعليق جهاز الإضاءة بأنبوبة حديدية، وجب تزويده بخطاف رابط (فتيلة) كالموضح برقم ٣ شكل ٢١-١. وعند تعليق الأمشاط في الحيز الأعلى للمسرح، فخير طريقة لذلك هي استعمال سلاسل (كالمبينة برقم ٤ شكل ٢١-١)؛ لسهولة تحريك الجهاز، إذا اختل توجيهه، بعصًا أو نحوه، وضبطه في موضعه الأصلي.

الحوامل stands

توضع أجهزة إضاءة البطانة الخلفية عادةً على حوامل (كالمبين برقم ٣ شكل ٢١-٣) ويعرف الحامل الطويل باسم «زرافة».

العربات wagons

توضع أمشاط الأفق غالبًا على عربة (كالمبيَّنة برقم ٥ شكل ٢١-١). ويمكن صنع عربات مماثلة لهذه المصابيح الموضوعة على حوامل، ويثبت الحامل بالعربة بمسامير «قلاووظ»، وتوضع أثقال على العربة لمنع انقلابها.

(١٢-٣) الأجهزة وطرق استعمالها – (ﺟ) مواصفات الأجهزة

الكشافات spotlights

ستحتاج إلى ستة كشافات من النوع الأسطواني للإضاءة من الصالة، وستة كشافات ذات عدسة متدرجة خلف الحائل، ويحسن زيادة بضعة أجهزة من كل نوع لمواجهة الإضاءة الخاصة.

الكشاف الأسطواني: ellipsoidal-reflector type

(انظر رقم ٤ شكل ٢١-٣) يزود بصمام (لمبة) قوة ٥٠٠ وات، وبموصل نصفي قوة ١٥ أمبيرًا، وبعلَّاقة، وحامل رأسي لإطارات الألوان، وإطارين للشرائح الملونة، وإطار مزدوج من الطراز ذي المصراع المنزلق. وهو من ثلاثة أصناف:
  • صنف بعدسة بوصة لإسقاط مخروط ضوئي يقل عن ٢٠ .
  • صنف بعدسة ٦ بوصة لإسقاط مخروط ضوئي بين ٢٠ ، ٣٥ .
  • صنف بعدسة ٨ بوصة لإسقاط مخروط ضوئي يزيد على ٣٥ .

وجميع المقاسات لها نفس الصلاحية. على أن الصنف ذا العدسة مقاس ست بوصات يناسب الحالات العادية.

الكشاف ذو العدسة المتدرجة stepped-lens type

(انظر رقم ٣ شكل ٢١-٣) مزود بصمام ٥٠٠ وات، وسلك رصاصي مكسو بالمطاط طوله ثلاث أقدام، وعاكس كروي، وموصل قوة ١٥ أمبيرًا، وعلَّاقة، وحامل رأسي لإطارات شرائح الألوان، وإطارين من الشرائح الملونة.

المصابيح الغامرة floodlights

تزود بصمام إما قوة ٤٠٠ وات أو ٥٠٠ وات أو ١٠٠٠ وات، وعاكس بيضاوي، وأنبوبة تهوية، وسلك رصاصي مكسو بالمطاط طوله ثلاث أقدام وبطرفه موصل قوة ١٥ أمبيرًا، وعلَّاقة، وحامل رأسي لإطارات شرائح الألوان، وإطارين من الشرائح الملونة.

الأمشاط striplights

يفي الطراز الموضح برقمَي ٤، ٥ شكل ٢١-١ بجميع الأغراض، وطول قطاعه ٦ ٧ ، وبكل قطاع ١٥ عاكسًا موصل بها أسلاك لثلاث دوائر كلٌّ منها ٥٠٠ وات. ولكل دائرة سلك رصاصي عند كل جانب. طوله ثلاث أقدام ومكسو بالمطاط (فيكون مجموع الأسلاك ٦)، وبطرف كل سلك موصل قوة ١٥ أمبيرًا. وكل قطاع مزود بعلَّاقة، ومشابك تعليق، وإطارات للأقراص الزجاجية الملونة، والشرائح الجيلاتينية، ومجموعة من الأقراص الزجاجية: تتكون من خمسة أقراص من كلٍّ من الأحمر والأزرق المتوسط والأصفر القشِّي.

جهاز مؤثرات النار firelight effect

(انظر رقم ٥ شكل ٢١-٣) ويتكوَّن من ثلاثة حوامل للصمامات «دواية» عادية، وثلاثة أجهزة للضوء المتأرجح الخافت أشبه بما يُستعمل في فترينات الحوانيت، أو في أشجار عيد الميلاد، وثلاثة صمامات ذات وات منخفض ومختلفة الألوان، وكشاف أو مصباح غامر مزود بحاجز من لون أصفر كهرماني للضوء الرئيسي لمحاكاة النار، والمصباحان الآخران يضيئان وينطفئان على جانبيه بالتناوب في فترات غير منتظمة، لمحاكاة وهج النار عند حافة المدفأة.

(١٣) لوحة التوزيع

تشرف لوحة التوزيع على كمية التيار الكهربي المار بكل دائرة كهربية لأجهزة الإضاءة، وبها من الأدوات:

(١٣-١) المفاتيح switches

وتُستعمل لإضاءة الأنوار أو إطفائها. كما يمكن استعمالها في تغيير طريق مرور التيار الكهربي.

(١٣-٢) قواطع التيار أو المنصهرات (كوبس) fuses

وهي أجهزة أمن لمنع الحرائق وحماية الأجهزة من مرور تيار بها لا تستطيع احتماله. ويجب ألا تغضب إذا انصهر أحدها، فهو يضحي بنفسه ليكفيك مئونة إصلاحات بعشرة جنيهات، أو خسائر حريق بعشرة آلاف جنيه.

(١٣-٣) مجزئات التيار dimmers

وهذه تنظم كمية التيار الكهربي المار بكل دائرة، وعلى ذلك فهي تتحكم في شدة الضوء بكل جهاز، ويوجد منها ثلاثة أنواع:

  • (١)

    المجزئ ذو المقاومة، وعيبه وجوب مطابقته للتيار الخارج منه، فمثلًا إذا وصَّلنا صمامًا قوته ١٠٠٠ وات بمجزئ قوته ٥٠٠ وات احترق المجزئ. أما إذا وصلنا صمامًا قوته ٢٥٠ وات، استمر الصمام في الإضاءة بينما يكون المجزئ في أدنى نقطة. ولا يُستعمل هذا النوع من المجزئات إلا في التيار المباشر؛ إذ لا يصلح للتيار المتقطع إطلاقًا.

  • (٢)

    المجزئ ذو المحول المتغير، ويصلح لكل قوة ابتداءً من وات واحد إلى العدد المقرر للمجزئ. وأنسب أنواعها للمسرح ما قوته ٧٥٠ وات، و١٧٠٠ وات.

  • (٣)

    المجزئ المنظم، ويمكن استعماله على لوحة صغيرة جدًّا يمكن تشغيلها من أي مكان بالصالة. ولا شك أن هذا المجزئ هو مجزئ المستقبل، أما الآن فلا يتناسب مع الاستعمال العادي للمسارح لغلو ثمنه ودقة عمله.

(١٣-٤) الموصلات connectors

جرت العادة على استخدام النظام الانفصالي في اللوحات القديمة بحيث ترتبط كل دائرة كهربية بمجزئها الخاص بها. ومعنى ذلك أن يبقى المجزئ معطلًا إن لم تدعُ الحاجة لاستخدام الدائرة الكهربية التي تخصُّه؛ ولذا تعمل اللوحات الحديثة على أن تنتهي كل دائرة كهربية بموصل قوة ١٥ أمبيرًا؛ حتى يمكن الاستفادة من المجزئ بمجرد إتمام حلقة الاتصال بين الموصل وبين أية دائرة كهربية أخرى.

(١٣-٥) السيطرة على الأنوار mastering

غالبًا ما تتضمن خطة الإضاءة المسرحية عدة تغييرات يتحتم تنفيذها في آنٍ واحد. ولهذا الغرض تنظم مقابض المفاتيح أو المجزئات في صف واحد على قائم فردي، وتزود كلٌّ منها بقُفل خاص، بحيث يمكن إدارتها فرادى، أو في مجموعات عن طريق القائم. وهذه الطريقة باهظة التكاليف، فضلًا عن أنها قليلة الجدوى، رغم إصرار المحلات العتيقة على تزكيتها لدى الهيئات المسرحية.

أما طريقة السيطرة الكهربية فأفضل بكثير. ومن أمثلتها لوحة التوزيع المبينة بشكل ٢١-٣؛ ففيها مفتاحان رئيسيان للسيطرة على دائرتيها الكهربيتين من النوع المعروف باسم «مفتاح الإطفاء العام» أو «مفتاح سكِّينة قاطع». وبهما يمكن إطفاء الأنوار المسرحية أو إضاءتها دون أن تتأثر الإضاءة القمرية خارج المنظر، وبغير هذه الطريقة تصبح العملية شاقة ومعقدة. وقد تُستعمل مجزئات عامة لهذا الغرض حتى يمكن أن تعمل الدوائر الكهربية على مجزئاتها الخاصة أو على المجزئ العام، ولكنها باهظة التكاليف ولا تُستعمل في لوحة صغيرة كهذه.

(١٣-٦) عمل لوحة التوزيع principles of board design

لا يتسع المجال هنا لشرح الكيفية التي تعمل بها لوحة التوزيع؛ لأنها موضوع معقد يستلزم الإلمام بكثير من المبادئ الكهربية، ولكننا سنقتصر على دراسة اللوحة المبينة بشكل ٢١-٣ دراسة موجزة من حيث أهميتها لنا وتركيبها، وتشمل ثلاثة عناصر:

مساحة وجه اللوحة size of board face

ينبغي أن يكون صغيرًا بقدر المستطاع حتى يكون في مقدور شخص واحد العمل عليها والسيطرة على جميع أجزائها. فاللوحة التي يزيد طولها على أربع أقدام يلزم أن يشتغل عليها عاملان أو أكثر، وهذا يعقد الأمور أكثر من تيسيرها.

الترتيب alinement

يجب مراعاة السهولة في ترتيب الأجهزة على اللوحة بحيث يستطيع العامل العثور على أي مفتاح أو أي أداة في الحال. وهذا لا يتأتى إلا إذا كان كل نوع من أدواتها، أي المفاتيح والمجزئات والقواطع، موضوعًا في صفوف أفقية، وأدوات كل دائرة في صف رأسي واحد.

الموازنة balance

لكل دائرة كهربية باللوحة قطب سالب وقطبان موجبان. ويتحتم مراعاة كون السحب من كل قطب موجب مساويًا تقريبًا للسحب من القطب الآخر، وإلا اختل الجهاز اختلالًا بالغًا خطيرًا. وطريقة توصيل الأسلاك الموضحة بشكل ٢١-٣ تمرر السلكين الموجبين في مفتاحَي الإطفاء. وهذا يبدو معقدًا، ولكنه في الحقيقة سهل جدًّا، ويوازن بين مقادير التيار بطريقة آلية.

(١٣-٧) تنظيم اللوحة board setup

يجب ترتيب الأجهزة على اللوحة بطريقة تجعل من السهل معرفة أي مجزئ ينظم التيار المار بجهاز بعينه. والجدول الآتي (صفحة ٤١٣) يبين أربعًا من الطرق المتبعة في ذلك:

figure

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤