«كان لقاؤنا الأول هو الأخير، حاولَت أن تدعوني فما زادني هذا إلا بُعدًا، لقد فقدت هناء التي عرفتُها؛ فما خُلِقت إلا امرأة، امرأةً كاملة ولكن ليس لي فيها ذكريات ولا آمال. »
نشآ معًا يهفو كلٌّ منهما إلى الآخر دون سبب معلوم أو موعد مُرتب، إلى أن شبَّا فأصبحا رجلًا وامرأة، وتفتَّحت أعينهما على حب دفين؛ حب لم يعلنه اللسان ولكن تعرفه العيون وتنبض به القلوب، أو هكذا ظن الفتى، حب أخفاه الفتى ولم يُصرح به إلا لصديقه. وظلت الحال على ما هي عليه حتى اصطدم الحب بالمستقبل؛ فحاول الشاب أن يربط أحدهما بالآخَر، ولكن هيهات أن يمحنه القدَرُ الحبَّ والمستقبل معًا؛ فحين سافر الشاب يبحث عن مستقبله، تزوَّجت الفتاة ككل النساء. لكن القدَر قد عاد ليمنح الشابَّ الذي صار رجلًا فرصة أخيرة ليتعرف بنفسه على حقيقة حبه الطفولي، وحقيقة حكمة والده في ترجيحه المستقبلَ على الحب. فهل الحب في طفولتنا هو ذلك الذي يصيب قلوبنا حينما نكبر، أم أن هذا شيء وذاك شيء آخر؟
تعدَّدَ إنتاجُ ثروت أباظة الأدبيُّ وتنوَّعَ ليشملَ الروايةَ والقصةَ القصيرةَ والمَسْرحيَّة، إضافةً إلى ترجمتِه أكثرَ من عملٍ، وكتابةِ عدةِ بحوثٍ أدبيَّة.
ارتبطَ بعَلاقاتٍ وثيقةٍ مع كُتَّابِ وأدباءِ مصرَ الكِبار؛ فقدْ قدَّمَ له عميدُ الأدبِ العربيِّ طه حُسَين روايته «هارِب من الأيام»، وأَثْنى عليهِ نجيب محفوظ حينَ قالَ عنه: إنَّ دورَهُ في الروايةِ الطويلةِ يحتاجُ إلى بحثٍ مُطوَّلٍ بعيدًا عَنِ المَذاهبِ السياسيَّة، وقالَ توفيق الحكيم له ذاتَ مرةٍ: أنا مُعجَبٌ برِواياتِكَ في الإذاعة، لدرجةِ أنَّني حينَ أقرأُ في البَرْنامجِ أنَّ لكَ رِوايةً أمكثُ في البيتِ ولا أخرُج.
أثارتْ رِوايتُه «شيء من الخوف» جدَلًا واسعًا لقولِ بعضِ المقرَّبِينَ مِنَ الرئيسِ المِصريِّ الراحلِ جمال عبد الناصر إنَّها تَحملُ رمزيةً لفترةِ حُكمِه.
تَقلَّدَ ثروت أباظة عدَّةَ مَناصبَ رسميةٍ من أهمِّها: رئيسُ تحريرِ مجلةِ الإذاعةِ والتلفزيونِ عامَ ١٩٧٥م، ورئيسُ اتحادِ كتَّابِ مصر، وحصل على عدة جوائز من بينها جائزةُ الدولةِ التشجيعيَّة عامَ ١٩٥٨م، ووِسامُ العلومِ والفنونِ من الطبقة الأولى، وفي عامِ ١٩٨٣م حصلَ على جائزةِ الدولةِ التقديريةِ عن مُجمَلِ أعمالِه.