كامي وسارتر
«وبعد القطيعة المُثيرة، على نحو ما يحدُث أحيانًا في حالات الطلاق القاسي، بدا كلٌّ منهما وكأنه حريص على محو الآخَر من حياته، وتعاوَن كامي حتى وفاته في العام ١٩٦٠م، وسارتر حتى وفاته في العام ١٩٨٠م، وكأنهما مشترِكان في مؤامَرةٍ لمحو آثار صداقتهما.»
لم يكن غريبًا أن توطَّدت دعائم الصداقة بين «سارتر» و«كامي» حين التقيا في أواخر ثلاثينيات القرن العشرين؛ فقد كانت مُنطلَقاتهما شديدةَ التقارب فلسفيًّا وسياسيًّا، فجمعت بينهما طموحاتٌ وآمال كبيرة، وتشارَكا في التحرير والنشاط الصحفي، حتى صارا من أشهر رموز التيار الفلسفي الوجودي. سعى كلٌّ منهما إلى إيجاد «طريق ثالث» بين الشيوعية والرأسمالية، إلى أن نشبَت الحرب الباردة فأحبطَت آمالَهما، وكان على كلٍّ منهما أن يختار طريقًا مُخالفًا لطريق الآخَر، وتعمَّقت الخصومة بينهما حتى انتهت إلى القطيعة الكاملة. يتتبَّع هذا الكتاب مسارَ العلاقة المعقَّدة بين «سارتر» و«كامي»، وما صاحَبها من سِجالات فكرية، من خلال عدد كبير من الوثائق والكتابات، ابتداءً باللقاءات الأولى بينهما إلى الخلاف والقطيعة، مرورًا بنقاط التحوُّل؛ كل ذلك في شهادةٍ رائعة على حِقبة من أخصب الحِقَب الفِكرية في المجتمع الغربي المعاصر.